تقعُ على عاتق القادة مسؤوليَّة تقديم تغذية راجعة صريحة وبنَّاءة في نفس الوقت، ومن الخطأ أَنْ نعتقدَ أنَّ التغذية الراجعة تتعلَّق بتوجيه النقد، أو اللوم، بل الهدف منها هو مساعدة بعضنا بعضاً على تطوير أدائنا، والارتقاء بمستوى عمل الفريق، كما يمكن أَنْ تساهمَ التغذية الراجعة الفعالة في تعزيز ثقة أعضاء الفريق، وتحسين العلاقات فيما بينهم.
أهمية تقديم التغذية الراجعة للموظَّفين:
تؤدِّي التغذية الراجعة الفعالة إلى عديدٍ من الفوائد للموظَّفين، فبالدَّرجة الأولى، تؤدِّي التغذية الراجعة، بنوعيها؛ الإيجابية والبنَّاءة إلى تعزيز ثقة الموظف بأدائه الفردي، وأهميَّته بالنسبة إلى فريق العمل، إضافة إلى الدور الذي تؤديه التغذية الراجعة الفعالة في تسليط الضوء على مكامن القصور التي ينبغي للموظف التعامل معها، ويمكن عدها أداة توجيه وإرشاد لفريق العمل، تساعد على تلافي الأخطاء، وتحسين الأداء.
سنتناول في هذا المقال نوعين أساسيين من التغذية الراجعة التي يتم تقديمها للموظَّفين، وهما التغذية الراجعة الإيجابية، والتغذية الراجعة البنَّاءة، وفي حين قد يتم الخلط بين هذين النوعين من التغذية الراجعة إلَّا أنَّ لكلٍّ منهما ما يميِّزه عن الآخر:
1. التغذية الراجعة الإيجابية:
تركِّز التغذية الراجعة الإيجابية على الإشادة وتعزيز السلوكات والأداء الفعَّال الذي يقوم به الموظَّف، لنفترض - مثلاً - أنَّه أُسنِدت إلى أحد أعضاء الفريق مهمَّة جديدة للقيام بها إضافة إلى أعباء عمله الحالية، وبدأ الموظَّف بتعلُّم كيفية تنفيذ هذه المهمَّة الجَّديدة، وإتقانها، ستؤدِّي التغذية الرَّاجعة الإيجابية المتعلِّقة بهذه المهمَّة إلى تحفيز الموظَّف للمثابرة في أداء المهمة على نحوٍ مُتقَنٍ.
2. التغذية الراجعة البنَّاءة:
تركِّز التغذية الراجعة البنَّاءة - من حيث هدفها النهائي - على حثِّ الموظَّف على التخلِّي عن السلوكات، والنشاطات التي لا تُحقِّق مصلحة الشَّركة، مع الأخذ في الحسبان ضرورة مراعاة أَنْ يتمَّ تحقيق هذا الهدف من خلال عبارات إيجابيَّة وداعمة للموظف، وبعبارة بسيطة، يجب ألا تتحوَّل التغذية الراجعة البنَّاءة إلى انتقادٍ قاسٍ للموظَّف، بلْ يجبُ أنْ تتمحوَرَ حول تقديم النصائح والأفكار التي تساعد المتَّلقي على إجراء التغييرات، وتلافي الأخطاء، وتحسين الأداء.
مثلاً، إذا كان يعاني أحد موظَّفيك من صعوبة في فهم آليَّة عملٍ جديدة مُتَّبعة في الشركة، فستتمثَّل التغذية الراجعة البنَّاءة في هذه الحالة بتشجيعه على الالتحاق ببرنامج تدريب توفِّرَه الشركة، أو منحه بعض النصائح المفيدة للتعامل مع المشكلة التي تواجهه.
إذاً، التغذية الراجعة الإيجابية منها أو البنَّاءة على نفس القدر من الأهميَّة، فهما يمنحان الموظَّف التشجيع، والإشادة بالأداء المُتقن، والدعم، والنصائح، والإرشاد اللازم لتحسين أي جانب من جوانب القصور في الأداء، فيؤدِّي هذا المزيج إلى تغذية راجعة فعالة وهادفة، وهو ما تبيَّن أنَّه إجراء هام للموظَّفين، خصوصاً عندما يركِّز قادة الشركة في تغذيتهم الراجعة على مفاهيم العمل الجماعي، ونقاط قوَّة الموظَّف، والإشادة بالعمل المُتقن.
شاهد بالفيديو: 8 نصائح لتقديم تغذية راجعة بنَّاءة ومؤثرة
3 نصائح هامَّة يجب مراعاتها عند تقديم التغذية الراجعة للموظَّفين:
ضعْ في حسبانك أَنْ تكونَ التغذية الراجعة التي تقدِّمها للموظَّف هادفة وفعالة، وإليك 3 نصائح رئيسة يجب مراعاتها عند تقديم التغذية الراجعة:
1. كُنْ دقيقاً وصريحاً:
تجنَّبْ الحديث بشكلٍ عام، وكُنْ مباشراً في تناول القضايا التي تريد لفت انتباه الموظَّف إليها، وتكون التغذية الراجعة الإيجابية أكثر فاعلية عندما تتسم بالدِّقَّة، وتشير بوضوح إلى السلوك أو الفعل أو المشكلة المستهدفة.
تجنَّبْ استخدام تعابير عامة، وطَرح أفكار مجرَّدة، وكُنْ مباشراً في الإشارة إلى مكامن القصور أو الجوانب الإيجابية؛ لأنَّ من شأن ذلك أن يوضِّح بشكلٍ جليٍّ الفكرة التي تريد إيصالها للموظف.
تجنَّب مثلاً أَنْ تقولَ للموظف شيئاً من قبيل: "كان أداؤك في المهمَّة الأخيرة رائعاً" واذكرْ بدقَّة بدلاً من ذلك شيئاً أو شيئين يستحقَّان الإشادة في عمله، كتولِّيه لقيادة مشروعٍ ما، وتحقيقه لنتائجَ فارقةٍ على مستوى الروح الجماعية لدى الفريق والأرباح النهائيَّة للشركة.
2. قدِّمْ التغذية الراجعة عند حدوث الموقف أو بعد حدوثه بفترة وجيزة:
تكونُ التغذية الراجعة أكثر فاعلية عندما تُقدَّم في الوقت المناسب، فمن غير المجدي تقديم تغذية راجعة عن موقف ما بعد مضي عدَّة أشهر على حدوثه، حتى لو اتَّسمتْ هذه التغذية الراجعة بالإيجابية، أو بكونها بنَّاءة، فإنَّها تفقدُ تأثيرها عندما تُقدَّم بعد وقتٍ طويلٍ من الحدث؛ لأنَّها تصبح غير ذات صلة، على خلاف التغذية الراجعة التي تُقدَّم عند حدوث الموقف أو بعده بمدَّة وجيزة.
الرائع في عصرنا الحالي؛ سهولة تقديم التغذية الراجعة في الوقت المناسب، نظراً لتوفُّر التكنولوجيا الحديثة التي تتيح لنا البقاء على تواصل طوال الوقت.
في حين أنَّه من الأفضل دائماً تقديم التغذية الراجعة وجهاً لوجه، لكن قد يتعذَّر القيام بذلك أحياناً، فيكون الحل في مثل هذه الحالات؛ استخدام تقنية المؤتمرات بواسطة الفيديو بوصفها بديلاً للتغذية الراجعة الشخصيَّة، ويمكنك في الحالات الأخرى التي لا يكون من الضروري فيها الاجتماع بالشخص المعني وجهاً لوجه استخدام الرَّسائل النصيَّة، أو رسائل البريد الإلكتروني، أو تطبيقات المراسلة الفوريَّة.
3. كُنْ موضوعيَّاً:
يجب ألا تتسم التغذية الراجعة التي تُقدَّم للموظف بكثير من العاطفة، بل أن تُركِّز في المقام الأوَّل على السلوك أو الفعل الذي قام به الموظف، وليس الموظف شخصيَّاً، فقد يشعرُ بعض الموظفون بالإحراج أو القلق عند تلقيه التغذية الراجعة؛ لذلك من الضروري أَنْ تتجنَّب العواطف المبالغ فيها إذا أردْت تقديم تغذية راجعة صادقة وفعالة.
يمكنك - مثلاً - بدلاً من القول للموظَّف أنَّه لا يندمج مع الفريق كما يجب، أو أنَّه عاجز عن التماهي بالمطلق مع الهدف المشترك للفريق، يمكنك أَنْ تستخدمَ عبارات من قبيل: لاحظْتُ أنَّك غير منسجمٍ مع باقي أعضاء الفريق، أو يمكنك أن تقول له: لديَّ بعض النصائح التي ستساعدك على تركيز جهودك على الهدف النهائي للشركة، وباختصار؛ حاولْ أَنْ تُقدِّم الحلول لا أَنْ تثير العواطف.
في الختام:
تتضمَّن التغذية الراجعة الفعالة ما هو أكثر من مجرد الحديث، وتحتاجُ كي تضمنَ تحقيق الفائدة المرجوَّة منها أَنْ تستخدم أسلوب الإصغاء النشط؛ بمعنى أنَّه يجب أنْ تكونَ الاجتماعات المخصَّصة لتقديم التغذية الراجعة أشبه بحوار أو نقاش بين طرفين، وليس خطاباً أو سرداً للقناعات والأفكار.
من الطبيعي أن يتحفَّظ الشخص الذي يتلقَّى التغذية الراجعة، أو يبدي نوعاً من عدم الأريحيَّة وخاصَّةً في التغذية الراجعة البنَّاءة؛ لذلك يجب أن يتحلَّى الموظف في هذه الحالات بروحٍ رياضيَّةٍ تُمكِّنه من تقبُّل الملاحظات، والنَّظر إليها بوصفها فرصة لتطوير الذات والارتقاء بمستوى أدائه.
إضافة إلى كل ما سبق، ينبغي أكثر من أيِّ وقتٍ مضى أن تُكرَّس في الشركة ثقافة التغذية الراجعة المتبادلة، إضافة إلى اتِّباع نهجٍ محددٍّ وشاملٍ على مستوى الشركة لتقديم التغذية الراجعة.
اعملْ على تشجيع موظفيك على تقديم أفكارهم، وطرح رؤاهم، وإبداء ملاحظاتهم، فهذا يساعد على تكريس بيئة عمل تتَّسم بالصراحة والاحترام المتبادل والسعي الدائم إلى تحسين الأداء.
أضف تعليقاً