1. عدم تحميل الطفل مسؤولية خياراته وسلوكاته:
يعفي الكثير من الآباء أطفالهم من تحمُّل مسؤولية الأخطاء التي ارتكبوها، بدافع التعاطف معهم، على سبيل المثال: طلبت طفلة من والديها هاتفاً جديداً، وعندما قيل لها إنَّها لا تحتاج إلى واحد لأنَّ هاتفها يعمل جيداً، أسقطت الهاتف في الماء ليتعطَّل، وبعدها اشترى والديها هاتفاً جديداً لها.
تنتشر في المدارس حالات كثيرة عن طلاب لا يبلون بلاءً حسناً في دراستهم؛ إلا أنَّهم يلقون اللوم على معلِّميهم، والحوار التالي هو مثال:
- الأب: بُنيَّ، سمعت من المدرسة أنَّك ضعيف في مادة الرياضيات، ما الذي يحدث معك؟
- الابن: يهزأ المعلِّم دائماً بي ويكرهني أيضاً.
- الأب: ماذا فعلت ليغضب منك معلِّمك هكذا؟
- الابن: يكره كل الأولاد ويحب الفتيات أكثر.
- الأب: يجب أن تتحدث معه عن الصعوبات التي تواجهها في مادة الرياضيات.
- الابن: إنَّه أحمق، وسيتجاهلني.
- الأب: حسناً، سوف أتحدَّث إلى المدير لينقلك إلى فصلٍ آخر.
اكتشف الأب بعد التحدث إلى المدير أنَّ ابنه لم يقم بأي واجبات منزلية خلال الفصل الدراسي، وكان يفشل لهذا السبب؛ إذ حاول الأب إقناع المدير بتغيير فصل الرياضيات لابنه؛ وذلك لأنَّه اختار حماية ابنه بدلاً من تحميله مسؤولية عدم أداء واجباته المدرسية، وتدنِّي درجاته، وإلقاء اللوم على معلِّمه.
هذا النمط من إلقاء اللوم على الآخرين بدلاً من تحمُّل المسؤولية هو سمة من سمات اضطرابات الشخصية النرجسية، وسيرسِّخ الأب من خلال إعفاء ابنه من هذه المسؤولية آلية التكيف هذه في ذهنه.
التصرُّف الصحيح للأب هو تحميل ابنه مسؤولية خياراته وسلوكاته، وفي هذه الحالة؛ اختيار عدم القيام بواجباته المنزلية، وقد يبدو الحوار كالتالي:
- الابن: أبي، هل نقلتني من فصل الرياضيات؟
- الأب: بُني، لماذا لم تخبرني بأنَّك لم تكن تؤدي واجباتك المنزلية قبل أن ألتقي بمدير المدرسة؟
- الابن: هل تُلقي اللوم عليَّ يا أبي؟
- الأب: أريد أن أفهم لماذا لم تُنجز واجباتك المنزلية.
- الابن: لقد أخبرتك أنَّ المعلِّم يكرهني.
- الأب: وهل هذا سبب كي لا تُنجز فروضك؟
- الابن: هل نقلتني من الفصل؟
- الأب: لا، سنلتقي بمعلمك والمدير، ونكتشف أفضل الخطوات التالية.
لن يستمتع الابن بالجلوس مع والده ومعلِّمه ومديره، لكنَّه سيتعلم كيف يتحمَّل مسؤولية خياراته وسلوكياته وإيجاد حلٍّ بناء، وستتاح له الفرصة للقيام بذلك في بيئة داعمة (أي المدرسة) مع مساعدة والده، وسوف يتعلَّم من هذا الدرس إلى الأبد.
2. تشجيع التجنُّب:
يعلِّم بعض الآباء الأطفال التجنُّب في أثناء محاولة حماية أطفالهم من المواقف المؤلمة أو غير المريحة، وغالباً ما يتخذ هذا شكل توفير أماكن إقامة خاصة لطفلهم لتجنُّب الانزعاج.
المثال الشائع هو الآباء الذين يعبِّر أطفالهم عن عدم ارتياحهم لركوب الحافلة للذهاب إلى المدرسة؛ ربما لأنَّهم لا يحبون سائق الحافلة أو الأطفال الآخرين أو الحافلة نفسها؛ حيث يؤكد الاستسلام لرغبات الطفل وتوصيلك له إلى المدرسة بأنَّه لا يستطيع تحمُّل المواقف غير المريحة التي يستطيع أقرانه تحمُّلها، ليرى نفسه بعدها غير قادر على العمل في ظروف مختلفة عما يريد أو ما اعتاد عليه، الأمر الذي يتميَّز به الأفراد الذين يعانون من سمات الوسواس القهري.
النهج الأكثر صحة هو تشجيع الطفل على تغيير الموقف أو تغيير منظوره لتقليل شعوره بعدم الارتياح، ومثال على تغيير الموقف هو أن يأخذ الطفل مقعداً مختلفاً أو حافلة أخرى، وإذا لم يكن ذلك ممكناً، فيمكن للطفل تغيير وجهة نظره من خلال مشاهدة ركوب الحافلة كفرصة لمناقشة واجباته المنزلية مع أصدقائه أو النوم.
3. تعزيز شعور الطفل بأنَّه ضحية:
في محاولة للتعاطف والحنان، يعزِّز العديد من الآباء شعور الطفل بأنَّه ضحية كلما تعرَّض للأذى، وعادة ما يُفرطون في ذلك الشعور لدعمه.
الأمثلة الشائعة هي محاولة الآباء إبعاد أطفالهم عن مواجهة الفشل أو الإحباط؛ فعندما لم يُقبَل انضمام إحدى الفتيات إلى فريق كرة القدم، قالت لها والدتها: "إنَّهم يحبون تلك الفتيات الأخريات أكثر، ولا يعرفون كم أنتِ بارعة"، مما عزز شعورها بأنَّها تتعرَّض للتنمُّر أو التمييز، بدلاً من تقبُّل حقيقة أنَّ أداء الفتيات الأخريات كان أفضل من أدائها في أثناء التدريب.
سيزداد شعور الطفل بأنَّه ضحية من إحساسه بالعجز ومشاعر الألم؛ حيث يمكن أن تؤثر هذه المشاعر سلباً في تقديرهم لذاتهم، ويعزز الخوف من كل شيء وكل شخص، وهذا هو نمط التفكير أو الشعور الذي غالباً ما يُلاحَظ في الأفراد الذين يعانون من سمات اضطراب جنون العظمة واضطرابات الشخصية الحديَّة.
جميع أخطاء التربية التي ناقشناها في هذا المقال عادة ما يرتكبها الآباء الذين يحبون أطفالهم ويتصرفون وفقاً لما يعتقدون أنَّه لمصلحة الطفل، ومع ذلك يتعلَّم الأطفال من تجاربهم؛ لذلك دعونا نعلِّمهم بصورة صحيحة.
أضف تعليقاً