وفقاً لموقع "مايو كلينيك" (Mayo Clinic)، فإنَّ التهاب السحايا التهابٌ يصيب الأغشية المحيطة بالدماغ والحبل الشوكي التي تُدعَى بـ "السحايا"؛ والذي قد يُسبِّبه فيروسٌ أو طفيليٌّ أو فطرٌ أو بكتيريا.
كما تُوضِّح "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" (CDC) أنَّ التهاب السحايا من نوع (B) -على وجه التحديد- ينتج عن عدوى بنمطٍ فرعي من بكتيريا "النيسيريا السحائية" (N.meningitidis)، حيث يشير الحرف "B" إلى سلالةٍ أو نمطٍ مصلي مُحدَّد لهذه البكتيريا.
هناكَ خمسُ سلالاتٍ مصليةٍ أخرى للنيسيريا السحائية، وهي: A وC وW وX وY؛ إذ يمكن أن تسبب هذه السلالات أيضاً التهاب السحايا الجرثومي، على الرغم من أنَّها لا يمكن أن تسبب التهاب السحايا (B)؛ ويُشار إلى هذا النوع من التهاب السحايا عموماً باسم "مرض المكورات السحائية"، لتمييزه عن التهاب السحايا الناجم عن الفيروسات.
إنَّ التهاب السحايا من النوع (B) خَطِرٌ بما فيه الكفاية؛ لذا من الهامِّ للغاية فهم كيفية انتشاره، ومتى يكون أطفالك أكثر عرضةً إلى الخطر، ومعرفة الأعراض التي يجب الانتباه إليها، وكيفية الوقاية من المرض في المقام الأول.
ينتشر التهاب السحايا من النوع (B) عن طريق اللعاب:
وفقاً لـ "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" (CDC): تتواجد بكتيريا النسيريا السحائية بشكلٍ طبيعي في أجسام بعض الناس -حوالي واحد من كلِّ 10 أشخاص- دونَ أن تُسبِّب للجسم أيَّ ضرر، ولا توجد وسيلةٌ لمعرفة ما إذا كان أحدهم ناقلاً للمرض بالفعل؛ ذلك لأنَّ البكتيريا تتعايش بسلامٍ في أجسادهم دون أن تصيبهم بالمرض. ومع ذلك، يمكن للناقلين الذين لا يعانون من أيِّ أعراض أن ينقلوا هذه البكتيريا إلى الآخرين من خلال إفرازات الجهاز التنفسي والحلق.
حتَّى لو تلقيت هذه البكتيريا من شخصٍ آخر، يتمكَّنُ جهازك المناعي غالباً من منع إصابتك بالعدوى؛ لكن قد تُسبِّبُ هذه البكتيريا العدوى في بعض الأحيان، وبالتالي ستظهر عليك أعراضُ المرض التي قد تكون شديدةً جداً.
تُوضِّح "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" (CDC) أيضاً أنَّ انتقالَ بكتيريا المكورات السحائية يتطلَّبُ عادةً اتصالاً وثيقاً أو طويلاً بين الأشخاص، مثل: التقبيل، أو مشاركة الطعام، أو التواجد في الغرفة نفسها مع شخصٍ يسعل لفترةٍ طويلة من الوقت؛ على عكس أمراض أخرى مثل: نزلات البرد، أو الإنفلونزا.
يعدُّ الأطفال والمراهقون من أكثر المجموعات المعرضة إلى خطر العدوى بالتهاب السحايا من النوع (B):
الجميعُ مُعرَّضون إلى العدوى بالتهاب السحايا من النوع (B)، إلَّا أنَّ هذه المجموعات هي الأكثر عرضةً إلى الخطر:
- الرضَّع بعمر أقل من سنة واحدة.
- الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و23 عاماً.
- الأشخاص الذين يعانون من ضعف الجهاز المناعي.
- أيُّ شخصٍ في منطقةٍ فيها تفشٍّ للعدوى.
- علماء الأحياء الدقيقة الذين يعملون عادةً مع بكتيريا النيسيريا السحائية.
إنَّه لمن السهل معرفة سبب تعرُّض معظم هذه المجموعات إلى خطرٍ متزايد للإصابة بهذا المرض، باستثناء المراهقين والأشخاص في أوائل العشرينات؛ إذ لا يفهمُ الباحثون بشكلٍ كاملٍ حتى الآن سبب زيادة مخاطر إصابة هذه المجموعات من الفئات العمرية، لكنَّهم يعتقدون أنَّ ذلك قد يرتبط بتغيرات نمط الحياة التي تحدث عادةً في هذه الفترة؛ حيث يذهب هؤلاء الأشخاص إلى الجامعة، ويتنقَّلون كثيراً، ويعيشون في أماكن مُغلقةٍ مع أشخاص جدد.
يقولُ الدكتور "آدم ج. راتنر" (Adam J. Ratner)، مدير قسم الأمراض المعدية للأطفال في جامعة نيويورك والأستاذ المساعد في كُلٍّ من قسم طب الأطفال وقسم علم الأحياء الدقيقة في جامعة نيويورك - لانغون: "يميلُ تفشِّي مرض المكورات السحائية إلى الحدوث في أماكن مثل الجامعات أو الثكنات العسكرية، حيث يأتي الناس من أماكن مختلفة ويتجمَّعون معاً في أماكن ضيقة ومغلقة؛ كما قد تنتشر انتانات الجهاز التنفسي الأخرى بشكلٍ أكبر في تلك المجتمعات، حيثُ تزيد الإصابة بالإنفلونزا من خطرِ الإصابة بمرض المكورات السحائية؛ ذلك لأنَّها تُضعِف الدفاعاتِ المناعية للأفراد".
يمكن أن تتفاقم أعراض التهاب السحايا من النوع (B) بسرعة:
قد يكون تأثيرُ هذا المرض خطيراً للغاية دون علاج، هذا إن لم يكن مُهدِّداً للحياة.
تشيرُ "مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها" (CDC) إلى أنَّ 10 إلى 15% من حالات الأمراض التي تسببها المكورات السحائية قد تنتهي بالوفاة، حتَّى مع العلاج؛ وستؤدي الإصابةُ إلى عقابيلَ دائمةٍ عند 10 إلى 20% من الناجين، بما في ذلك: فقدان السمع، وبتر الأطراف، وتلف الدماغ؛ لذا فإنَّ معرفة الأعراض أمرٌ ضروري جداً للتصرُّف بأسرعَ ما يمكن.
فيما يأتي الأعراضُ الأكثر شيوعاً لالتهاب السحايا من النوع (B)، وجميع أنواع أمراض المكورات السحائية؛ وذلك وفقاً لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC):
- الحمى.
- الصداع.
- تصلُّب الرقبة.
وقد يكون هناك أيضاً:
- غثيان و/أو إقياء.
- تخليط ذهني.
- ألم، أو زيادة الحساسية للأضواء الساطعة.
في حين أنَّ العديد من الأعراض الأخرى لالتهاب السحايا يمكن أن تتشابه مع أعراضِ أمراضٍ مثل الإنفلونزا، إلَّا أنَّ وجود حساسية للأضواء الساطعة إشارةُ تحذيرٍ رئيسة على التهاب السحايا بالنسبة إلى الأطباء؛ وذلك وفقاً للدكتورة "جاتين فياس" (Jatin Vyas)، الأستاذة المساعدة في كلية الطب بجامعة هارفارد، والتي تعمل أيضاً في قسم الأمراض المعدية في مستشفى ماساتشوستس العام.
توصي "مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها" (CDC) أيضاً بالبحث عند الأطفال والرضع عن:
- الخمول أو انخفاض النشاط.
- التهيُّج.
- التقيؤ.
- رفض الرضاعة.
- انتباج اليافوخ الأمامي للطفل، وهي البقعة اللينة في مقدمة الجمجمة عند الأطفال بعمر أقل من سنة ونصف.
- اضطراب المنعكسات.
تُحذِّر الدكتورة "فياس" من أنَّ شدة أعراض التهاب السحايا يمكن أن تختلف في البداية، لكنَّها يمكن أن تتفاقم بسرعةٍ كبيرة؛ وتقول: "غالباً ما تكون البداية مفاجئةً إلى حدٍّ ما، وعادةً ما يكون الأمر مقلقاً جداً، بحيث يبحث الناس عن الرعاية الطبية بأقصى سرعة؛ لكن هناك قصصٌ مأساوية، حيث يكون شخصٌ ما بصحةٍ جيدةٍ تماماً، ثمَّ يشعر بتوعكٍ ويخلد إلى النوم، وينتهي به الأمر مطروحاً في فراشه غير قادرٍ على الاتصال بالطوارئ، ويفقد حياته في شقته أو مسكنه دونَ سابقِ إنذار".
إذا شككتَ بإصابة طفلك بالتهاب السحايا، فعليك أخذه إلى قسمِ الطوارئ على الفور؛ حيث يعتمد المرض على بدء العلاج في أقرب وقتٍ ممكن. تقول الدكتورة "فياس": "كلَّما تلقيت العلاج في وقتٍ مبكّرٍ من دورة المرض، كان ذلكَ أفضلَ كي تبقى بصحةٍ جيدة".
اللقاح هو أفضل طريقة للحماية من التهاب السحايا من نوع (B):
يعني ظهور الأعراضِ بشكلٍ مُفاجئ، وخطر الوفاة المرتفع نسبياً، ووجود مضاعفاتٍ للإصابةِ بمرض المكورات السحائية؛ أنَّ الوقاية مُفضلةٌ على علاج المرض بعد وقوعه.
لهذا السبب، توصي "مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها" (CDC) مجموعاتٍ مُعينة بأخذ لقاح التهاب السحايا من نوع (B) وهذه المجموعات تضمُّ:
- الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و23 عاماً، خاصة أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و18 عاماً.
- الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 سنوات وما فوق، والذين يعانون من بعض الاضطرابات المناعية، أو زيادة خطر الإصابة بالعدوى.
- أيُّ شخصٍ ينتمي إلى المجموعات الأكثر عرضةً إلى خطر تفشي التهاب السحايا من نوع (B)، مثل: طلاب الجامعات، والعاملين في مجال الرعاية الصحية.
يقول الدكتور راتنر: "إنَّ اللقاحَ يمنعُ مرضاً قد يكون خطيراً للغاية؛ إذ إنَّنا نعلمُ أنَّ اللقاحَ آمنٌ وفعَّالٌ في إحداثِ الاستجابةِ المناعية الملائمة".
إذا كان لديك أيّ استفساراتٍ حول لقاح التهاب السحايا من نوع (B)، فتوصي الدكتورة "فياس" بالتحدث إلى طبيب الرعاية الأولية خاصتك للحصول على مزيدٍ من المعلومات، إلى جانب معلوماتٍ حول اللقاحات الأخرى، مثل: التلقيح ضد أشكالٍ أخرى من أمراض المكورات السحائية التي يحتاجها طفلك ليبقى سليماً.
ربَّما لن تتوقَّف عن القلقِ بشأن صحة طفلك، لكنَّ معرفة أعراض ومخاطر الأمراض النادرة والخطيرة سيمكِّنك من الحصول على العلاج المنقذِ لحياة لطفلك إذا احتاج إليه، وحمايته من خلال اللقاحات الآمنة.
أضف تعليقاً