11 نصيحة تحفزك على الدراسة عندما تكون مشغولاً

لقد كنتُ أُحضِّر أغراضي للتوجه إلى صالة الألعاب الرياضية في الساعة الخامسة صباحاً، وفي طريقي للخروج من المنزل، لاحظتُ ضوءاً من غرفة نوم ابنتي "كينزي" (Kinsey)، فقلتُ في نفسي، ليس من عادتها أن تستيقظ باكراً، فقررتُ أن أُلقي نظرةً سريعةً لأرى ما الأمر، وعندما فتحتُ الباب، رأيتُها جالسةً على السرير وجهاز الحاسوب المحمول بين يديها، وقد بدا على وجهها علامات الحيرة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "ريك أورنيلاس" (Rick Ornelas) والذي يُحدِّثنا فيه عن بعض النصائح للتحفيز على الدراسة في أثناء الانشغال في أمور أخرى.

  • سألتُها: ماذا تفعلين؟
  • فأجابت: أدرس على عجل قبل امتحان علم الأدوية.
  • فسألتُها: ولمَ تدرسين في هذا الوقت المبكر؟
  • فأجابت: يجب أن أنتهي من دراستي قبل الذهاب إلى العمل، فلدي يوم عمل طويل، ولن أقدر على الدراسة بعد ذلك.

"كينزي" طالبة رائعة، وتعمل في وظيفةٍ بدوام كامل وتذهب إلى المدرسة، لذلك لم أرغب في التشكيك بأفعالها، ومع ذلك، أذهلَتني إجابتها، فقد كانت هذه إحدى الطرائق التي منحَتها الحافز للدراسة رغم أنَّها مشغولة جداً بالعمل.

لم أرغب في إزعاجها أكثر، لذلك أغلقتُ الباب بهدوء، وتابعتُ طريقي وأنا ما زلتُ أفكر في السؤال، "كيف يحافظ المرء على دافعه للدراسة عندما يكون مشغولاً جداً بالعمل؟".

الدافع موضوع شائق درسه علماء النفس، وعلماء الاجتماع، والعلماء من كافة الاختصاصات لعقود من الزمن، وقد كُتِب عنه عدد لا يُحصَى من الكتب والمقالات، ويستمر الحديث عنه كل عام، لكن ما الذي يُحفِّزنا في مواقف معيَّنة؟ وكيف نحافظ على الدافع عندما يكون لدينا الكثير من الأشياء الأخرى في أذهاننا، مثل العمل؟

للإجابة عن هذه الأسئلة، نحتاج أولاً إلى فهم الدافع نفسه، وتحديداً نوعان من الدافع: داخلي وخارجي.

الدافع الداخلي، هو حافز للمشاركة في نشاط معيَّن ينبع من الاستمتاع بالنشاط نفسه وليس بسبب أي مكاسب خارجية يمكِن الحصول عليها، فيبدو الأمر كما يلي: "سأعمل بجد للحصول على هذه الترقية حتى أشعر برضا أكبر في العمل".

أما الدافع الخارجي، فهو حافز خارجي للمشاركة في نشاط معيَّن، وخاصة الحافز الناشئ عن توقُّع العقوبة أو المكافأة، ويبدو الأمر كما يلي: "أريد حقاً أن أحصل على هذه الترقية في العمل لكسب المزيد من المال".

يعتمد الدافع فعليَّاً على مصدره؛ فهو إمَّا أن ينبع من داخل نفوسنا وإمَّا أن يكون خارجيَّاً، ونميل جميعاً إلى الانجذاب نحو أحد المصدرين أكثر من الآخر، لكن قد يعتمد هذا على موقف معيَّن.

لنلقِ نظرةً على الحقائق التي يمكِن استنباطها من الموقف الذي جرى تحديداً مع ابنتي، وندرسها دراسةً مُفصَّلة لفهمها فهماً أفضل:

  • تعمل "كينزي" وتذهب إلى المدرسة مثل الكثير من طالبات الجامعة.
  • كانت "كينزي" تُقدِّم امتحانها في وقت مبكر جداً من الصباح قبل وقت استيقاظها المعتاد.
  • كانت تُقدِّم الامتحان قبل الذهاب إلى العمل.
  • كان لديها يوم عمل حافل لاحقاً.
  • اعترفَت بأنَّها لن ترغب في الدراسة لاحقاً.

تشير الحقائق أعلاه كلها إلى شخص متحفز، ولكنَّها لم تخبرنا على وجه التحديد ما إذا كان دافع "كينزي" داخلياً أم خارجياً، إلا أنَّني أميل إلى الدافع الداخلي كونه لا يوجد هناك أيَّة مكافأة واضحة.

يُقدِّم هذا المثال بعض الدلائل الأقل وضوحاً للطرائق التي قد تساعد أشخاصاً مثلك، فلقد جمعتُ الأسرار المستوحاة من هذه الدلائل، بالإضافة إلى بعض الحكم الإضافية التي تعلَّمتُها في حياتي لمساعدتك في الحفاظ على دافعك للدراسة.

فيما يلي 11 نصيحة حول كيفية تحفيز نفسك على الدراسة حتى عندما تكون مشغولاً جداً بالعمل.

إقرأ أيضاً: الدراسة والعمل في آن واحد: مزاياها، وعيوبها، وكيفية التوفيق بينهما

1. ثِق بنجاحك:

يبدأ كل شيء من هنا، حيث يمكِن للعقلية الإيجابية أن تُحدث فرقاً كبيراً، فكن واثقاً بأنَّك ستُحقِّق أهدافك، وركِّز على الأشياء الجيدة التي فعلتَها؛ إذ تشير الدراسات إلى أنَّ التفاؤل يؤدي إلى تحقيق مزيد من الإنجازات والتمتع بصحة نفسية وجسدية أفضل عموماً.

2. تصوَّر النجاح:

بمجرد أن تُهيِّء عقليتك للتفاؤل، فإنَّ الخطوة التالية هي تصوُّر نجاحك، فابدأ برؤية واضحة لما تريد تحقيقه، ثمَّ اختبِر الشعور بالنجاح، على سبيل المثال: إذا كنتَ تريد الحصول على درجة عالية في الامتحان، فقسِّم خطوات دراسة المادة لضمان النجاح.

3. قسِّم أهدافك إلى مهام صغيرة قابلة للإنجاز:

في بعض الأحيان، قد يبدو الهدف صعباً، مثل التخرج من الكلية بدرجة امتياز، ففكِّر في أهدافك وقسِّمها إلى خطوات بسيطة يمكِن تحقيقها بدلاً من ذلك.

على سبيل المثال: إذا كنتَ تريد الحصول على درجة عالية في أحد الاختبارات، فابدأ بجمع الموارد المناسبة للدراسة، ثمَّ حدِّد ما تحتاجه من كل مورد، وعندما تُركِّز أكثر، يصبح تحقيق كل شيءٍ ممكِناً.

شاهد بالفديو: 8 أمور عليك معرفتها عن الأهداف

4. كافئ نفسك:

تساعد المكافآت في الحفاظ على الحافز طالما أنَّها صحية، وبمجرد وضع هدف، حدِّد مكافأةً صغيرة لدفعك إلى تحقيقه، سواء كان ذلك طعاماً تحبه أم مشاهدة برنامجك المفضل، فقد يساعد هذا النوع من المحفزات الخارجية في الحفاظ على حافزك ودفعك نحو تحقيق أهدافك الأكبر.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح لتحفيز قدرتك على تحقيق أهدافك

5. استخدِم تقنية "بومودورو":

إنَّ تقنية بومودورو (Pomodoro) هي أداةٌ لإدارة الوقت تُشجعك على العمل ضمن الوقت المحدد، وليس خارجه، فقسِّم الوقت الذي تحتاجه للمذاكرة إلى أجزاء مدتها 25 دقيقة مفصولة بفواصل زمنية مدتها 5 دقائق، حيث يساعدك كل فاصل زمني أو "بومودورو" على مقاومة حالات التوقف عن العمل، ويُدرِّب عقلك على التركيز، وستجد أنَّ الشعور بالإلحاح الذي تخلقه هذه التقنية محفز رائع.

6. قِس التقدم:

بمجرد أن تبدأ بإنجاز الأهداف، وتنجح في تطبيق تقنية "بومودورو"، فأنت بحاجة إلى قياس كل ما أحرزتَه، وإذا لم تَقِس تقدُّمك وتفهمه، فأنت على الأرجح لا تُحرز أي تقدُّمٍ يُذكَر، ووفقاً لقانون "بيرسون" (Pearson)، يتحسن الأداء عند قياسه، ولكنَّه يتحسن أضعافاً مضاعفة عندما يُقاس ويُفهَم.

7. تنافَس مع الآخرين:

المنافسة الصحية مفيدة لتُحافظ على تقدُّمك، وهي رائعة لتعزيز الرغبة في الدراسة، حيث يمكِنك التنافس تنافساً إيجابيَّاً مع الآخرين لتشجيع بعضكم بعضاً على تحقيق النجاح، وإذا لم يكن لديك أحد تتنافس معه، فتنافَس مع نفسك، على سبيل المثال: انظر كم "بومودورو" يمكِنك أن تفعل دون فقدان التركيز والنظر إلى هاتفك، واستمِر في رفع سقف طموحاتك، وسوف تبذل كل ما في وسعك لتحقيقها.

8. اعثر على منتور:

طريقة أخرى لاكتساب الحافز والحفاظ عليه من أجل الدراسة هو أن تجد منتور، حيث يُعَدُّ وجود منتور طريقةً رائعةً للتحفيز والتواصل مع شخص تحبه أو شخص يعمل في مجال دراستك، كما يُوفِّر لك المنتور فائدةً مزدوجة حيث يمكِنه تقديم المساعدة لك وتشجيعك في طريقك إلى النجاح.

9. احصل على صديق للمساءلة:

في حين أنَّه بإمكان المنتور أداء هذا الدور أحياناً، ولكن يمكِنك أيضاً أن تتخذ شخصاً آخر يدرس الشيء نفسه كصديق أو شريكك في المساءلة، فمع تركيز كل منكما على النتيجة نفسها، تستطيع مشاركة الأفكار التي ربما لم تُفكر فيها وفهم وجهة نظر صديقك.

تشير الدراسات إلى أنَّ التعهد العلني بتحقيق أهدافك أمام شخص ما يمنحك فرصةً لا تقل عن 65% لتحقيقها، كما يزيد وجود شريك مساءلة معيَّن من فرصتك في النجاح إلى 95%.

10. اختر الوقت المناسب:

سواء كنتَ تدرس مع مجموعة أم بمفردك، ما تزال بحاجة إلى إيجاد الوقت المناسب لاحتياجاتك ودماغك، حيث يُفضِّل بعض الناس الصباح، ويُفضِّل آخرون الدراسة بعد الانتهاء من العمل والاسترخاء، فمن خلال قياس نجاحك وكفاءة "البومودورو"، يمكِنك تحديد الوقت الأمثل لك.

إقرأ أيضاً: استراتيجيات تساعد الطلاب في الحصول على وقت أطول للدراسة

11. مارِس الرياضة:

تُعَدُّ ممارسة الرياضة أمراً بالغ الأهمية لتحقيق أهدافك، فلا يهم إذا كنتَ تدرس على مكتب أو على السرير أو على الأرض، فلا تزال بحاجة إلى التمرن؛ لذا، خذ استراحات قصيرة لمدة خمس دقائق بعد كل "بومودورو" ناجح للوقوف والتمدد والمشي، حيث ستساعد زيادة تدفُّق الدم في أنحاء جسمك في الحفاظ على اليقظة وفي نقل الأوكسجين إلى دماغك.

بعد الانتهاء من أربع جلسات متتالية، يحين الوقت لاستراحة أطول تمتد من 15 إلى 20 دقيقة، وهذه الاستراحة هي الوقت الأمثل لاستنشاق بعض الهواء النقي، وممارسة التمرينات الرياضية القصيرة في الخارج، فهذا الوقت القصير سيُحدِث فرقاً كبيراً في مستوى تحفيزك.

أفكار أخيرة:

يمكِن لأي من النصائح المذكورة أعلاه بمفردها أن تساعد في بناء الحافز والحفاظ عليه عند تطبيقها، فاختر منها ما يناسبك واجعلها عادةً، وبمجرد الانتهاء من ذلك، لن تحتاج إلى دافعٍ خارجي لأنَّك تأقلمتَ داخلياً على تحقيق النجاح.

أتمنى أنَّني ربَّيتُ "كينزي" على الانضباط الذاتي الجيد، وتشير درجاتها إلى ذلك أيضاً، فعندما عادت إلى المنزل من العمل حوالي الساعة 7 مساءً، جاءت إلى مكتبي وسألَت عما إذا كان يمكِنها استخدامه لفترة من الوقت:

  • قلت: بالتأكيد! ماذا تريدين أن تفعلي؟
  • قالت: سأُقدِّم امتحان علم الأدوية.
  • قلت: ألم تنتهي منه هذا الصباح؟
  • قالت: كنتُ سأفعل ذلك، لكنَّ وقت افتتاح الامتحان كان خاطئاً، لذلك لم يبدأ حتى ظهر اليوم بدلاً من منتصف الليل.
  • قلت: فهمتُ الآن، بالتأكيد، دعيني أخرج، حتى تنعمي بالسلام والهدوء.

أغلقتُ الباب وتركتُها في مكتبي الهادئ، ومع أنَّني كنتُ محقاً بأنَّها ستحصل على درجة جيدة في امتحانها، لكنَّني لم أكن كذلك بشأن مصدر دافعها للدراسة في ذلك الصباح.

عندما خرجَت "كينزي" من المكتب بعد حوالي 30 دقيقة، فتحَت التلفزيون بسرعة لأنَّها لا تريد تفويت برنامجها المُفضَّل، فاكتشفَت أنَّ دافعها كان خارجياً أكثر مما توقَّعَت.

 

المصدر




مقالات مرتبطة