10 طرق للتعامل مع الإرهاق الناجم عن العلاقات

هل شعرت يوماً بأنَّك ترغب في إبعاد أحبائك وعائلتك عنك، أو التخلص من جميع أجهزتك لتحصل على مساحة بعيداً عن زملائك في العمل، وذلك لتجد وقتاً خاصاً لنفسك؟ لست الوحيد الذي يشعر بذلك؛ فقد ضغطت علينا جائحة كورونا جسدياً ونفسياً بشكل كبير.



قد يدفعنا قضاء الكثير من الوقت معاً إلى الغرق في دوامة الإرهاق من العلاقات، والذي يعني الشعور بحالة من الإرهاق النفسي والجسدي، واستنفاذ الطاقة العاطفية الناجمة عن الإجهاد الذي يسببه التفاعل مع الآخرين، وتقديم يد العون لهم؛ وهذا كلُّه على حساب الاهتمام والعناية بأنفسنا.

عندما تتواصل مع زملائك وأفراد عائلتك عن طريق البريد الإلكتروني أو برنامج زووم (Zoom) طوال الوقت؛ فمن المحتمل أن يختلف ما تقوله أو تقرره في ذلك الوقت عن قراراتك بعد أن يستريح دماغك؛ ويعزى السبب إلى أنَّ الإرهاق الناتج عن العلاقة يرهق الدماغ ويستنزف الطاقة العقلية، وبذلك يصبح من الصعب على العقل المرهَق اتِّخاذ حتى أبسط القرارات العادية مثل: ماذا نرتدي أو أين نأكل أو حتى كم ينبغي أن ننفق فضلاً عن ترتيب أولويات مشاريع العمل؛ كما يغمرنا شعور أنَّ المسؤوليات المهنية والشخصية أصبحت عبارة عن مطالب والتزامات إضافية، تسبب لنا الاستياء والسخط، ذلك أنَّه من شأن الإرهاق الناجم عن العلاقات أن يدفعنا إلى إهمال التفاعلات الهامة، أو الصراخ على الآخرين، أو حتى اتخاذ سبلٍ مختصرة، أو تجنُّب اتخاذ أي قرارات في العمل أو المنزل؛ وهذا من شأنه أن يعرِّض الأداء الوظيفي للخطر ويهدد إيرادات الشركة.

علامات الإرهاق الناجم عن العلاقات:

تُظهر الدراسات أنَّ علاقات الزمالة الصحية، تُسفر عن قدر أكبر من الرضى الوظيفي والمعنويات والأداء الجيد في العمل، كما يتقاسم زملاء العمل المعلومات المتعلقة بالعمل على نحو أسرع وأدق، عندما تكون علاقات الزمالة، سواء أَمع الأقران أم المشرفين أم المرؤوسين. وكلَّما كانت العلاقات المهنية أفضل، كان الناس أكثر اطلاعاً على المسائل المتعلقة بمكان العمل وأكثر ارتياحاً في وظائفهم.

ولكن يمكن للإرهاق الناجم عن العلاقات أن يؤول إلى المرارة والصراع؛ وإليك العلامات:

1. التفكير المشوَّش:

تُعد صعوبة التركيز وتشويش التفكير من أهم العلامات المميزة للإرهاق الناجم عن العلاقات، ومن الشائع أن يكون هناك إرهاق وفقدان المعنى سواءً في الحياة المهنية أم في الحفاظ على العلاقات.

2. قلة الصبر:

قد تفقد الصبر في تحمُّل الأخطاء العادية، والقدرة على العمل كعضو في الفريق، وقد تصبح مزاجياً وسريع الغضب وتفاجئ زملاءك وأفراد الأسرة بثورة غضبك، ولا تستطيع تحمُّل أي طلب يطلبه منك زملاء العمل.

3. الأنانية:

حيث تصبح متمسكاً بوجهة نظرك، ومن الصعب أن تتعاطف مع وجهة نظر زميل العمل، وتتعامل مع مشاعرك على أنَّها حقائق لا يمكن إنكارها، فضلاً عن رفضك للنظر من منظور آخر، وتضرب عرض الحائط بالأفكار الأُخرى؛ لأنَّك سبق وأن اتخذت قرارك، كما تفرض وجهة نظرك إما بالأمر أو النقد.

شاهد بالفيديو: 8 أمور تجعل علاقاتك تستمر بنجاح

4. الانعزال:

استنفاذك للاحتياطات العاطفية لديك، يُصعِّب عليك الاستمتاع عندما تكون بصحبة الآخرين، لذا تلجأ إلى الانسحاب من المناسبات الاجتماعية والابتعاد عن الزملاء.  وتُظهر الدراسات بأنَّ سعادة زملاء العمل تزداد، وتتوطد أواصر علاقاتهم، عندما يجتمعون لقضاء وقت ممتع سويةً، إلا أنَّ عزلتك تجعل من المتعة أمراً بعيد المنال.

5. الخوف:

يؤدي الخوف إلى فقدان الدافع الذي يحفزك على الخروج من منطقة راحتك، كما يزداد رفضك للتجارب الجديدة خوفاً من المجازفة، ويمكن أن تكون العلاقات مرهقة؛ لأنَّها تتطلب درجة من التواضع والأريحية في التعامل.

10 خطوات لإعادة تعزيز علاقات الزمالة الصحية:

من المرجح أنَّك لا تعلم بأنَّك تعاني من الإرهاق الناجم عن العلاقات عندما تعمل، فقد تغرق في التزامات من دون إدراكك للخسائر النفسية والجسدية على حد سواء.

وبما أنَّه لن يكون بإمكانك طَرد مديرك أو تولِّي رئاسة الشركة وإعادة هيكلتها، فينبغي أن تتولى زمام إدارة علاقاتك الشخصية؛ وإليك عشر نصائح لإعادة تعزيز صحتك النفسية عندما تنهال ضغوط العمل عليك:

1. ضع حدوداً:

إنَّ وضع حدود هو مهارة أساسية، تحمي عملك وتقلِّل من حدة الصراع بين الأشخاص، كما أنَّها تحسِّن التواصل الفعَّال. إذا كان عملك من المنزل فيجدر بك أن تضع حدوداً واضحة حول مساحة العمل المخصصة لك، والتي ينبغي التَّعامل معها وكأنَّك تجلس على بُعد مسافة طويلة من منزلك، واطلب من القاطنين في المنزل أن يعتبروها كذلك، أي بعبارة أخرى: ينبغي ألا يقاطعوك عندما تكون مستغرقاً في العمل، ما لم تكن حالة طارئة.

2. خفف يوم عملك:

تأكد من أن تعرف بأنَّك قد وصلت إلى حافَّة الانهيار قبل أن تبدأ علامات الإرهاق في الظهور، وبدلاً من نكرانها حاول أن تخفف يوم عملك لتقليل الإجهاد وتجنَّب وضع مواعيد تسليم نهائية غير واقعية. كما يمكنك أَخذ استراحة أو إجازة مرَضية، ووضع مهام عملك في أطر زمنية معقولة.

إقرأ أيضاً: كيف تحول الضغط إلى نجاح؟

3. تنفس من بطنك:

هناك ترياق ثمين يقبع أمامك مباشرة للتخلص من الإجهاد الناجم عن العلاقات؛ فعندما يسرقك الضغط؛ حاول أن تأخذ نفساً عميقاً من بطنك مع العد إلى الرقم ستَّة، ثم زم شفتيك وازفر ببطء من خلالهما، وذلك لأنَّ جسدك لا يستطيع الحفاظ على نفس مستوى الإجهاد، مع وجود كمية إضافية من الأكسجين الذي يسري في دمك عندما تتنفس من بطنك.

4. اتَّبع قاعدة "هالت" (H-A-L-T):

عندما تبدأ علامات إرهاق العلاقات بالظهور، فعليك التوقف برهة وسؤال نفسك ما إذا كنت جائعاً (Hungry) أم غاضباً (Angry) أم وحيداً (Lonely) أم متعباً (Tired)، فقد يكون لإشارة التنبيه هذه دور في إعادتك إلى حالة التوازن، ولكن إذا كانت إحدى هذه الحالات أو مزيج منها هي السائدة، فعليك التمهل والتقاط أنفاسك وأخذ استراحة.

إن كنت تشعر بالجوع، تناول وجبة من الطعام، أمَّا إذا كنت غاضباً، فينبغي أن تعالج الأمر بطريقة صحية، وإذا كنت تشعر بالوحدة، فيمكنك الاتِّصال بشخص تثق به، وأخيراً إذا كنت متعباً، فخذ قسطاً من الراحة.

5. احصل على بعض الهواء:

 عليك الانتباه لما حولك والتَّركيز على اللحظة الحالية، لتوَلِّد مزيداً من الطاقة، لأداء وظيفتك الشاقة. إذا كانت لديك نافذة مفتوحة، فحاول تركيز حواسك في الطبيعة: مثل سماع صوت زقزقة العصافير أو استنشاق عبير الزهور الفواحة أو تأمل الحيوانات، وخصص دقيقة يومياً للتعرف على الأصوات من حولك مثل؛ حركة المرور أو صدى الأصوات البعيدة، ثم لاحظ كيف يتباطأ معدل ضربات قلبك، وتسترخي عضلاتك، ويصفى ذهنك.

6. غيِّر المشاهد التي تنظر إليها:

ابتعد عن أي أماكن مغلقة أثناء العمل، وخصص وقتاً للحصول على الاسترخاء، وحاول الخروج حتى لو كان لمدة قصيرة لا تتعدى الخمس عشرة دقيقة، حيث إنَّ له دور في إراحة عقلك المنهك وتعزيز مزاجك، ويمكنك أن تجرِّب تناول الطعام، بعيداً عن مكتبك أو تتجول في الحي أو في الحديقة قبل العودة إلى العمل.

7. مارِس التأمل:

ابحث عن مكان تستطيع الحصول فيه على أوقات قصيرة من العزلة لتصفية ذهنك، حتى لو كان لمدة خمس دقائق، وذلك لأنَّ هذه الاستراحات القصيرة في مكان هادئ والتأمل والتفكير، من شأنها إصلاح ما أفسده الإرهاق، ومساعدتك على الاسترخاء وإعادة ضبط عقلك وجسمك.

إقرأ أيضاً: كيف يحسِّن التأمل قدرتنا على التركيز؟

8. تحلَّ بالمبادرة:

جرب الاتِّصال بزميلك في العمل أولاً، بدل انتظاره ليقوم هو بذلك، وذلك للحفاظ على تفاعلك معه، كما تستطيع أن ترسل له بريداً إلكترونياً أو رسالة نصية مع وجه مبتسم إذا كنت تعمل معه عن بعد.

وتذكَّر أن تتواصل مع زميل في العمل لا تربطك به صلة وثيقة ولا تعرفه جيداً، وذلك عن طريق تطبيق زووم (zoom) مثلاً، وتعرف على مهاراته الخاصة أو أهدافه المهنية.

ومن شأن الانفتاح المهني بطريقة مناسبة، وإشراك زملائك في العمل بجوانب صغيرة من حياتك اليومية؛ أن يبني شبكة من العلاقات المتينة.

9. اعتنِ بنفسك أكثر:

لن يفيدك إهمال نفسك في شيء وسينقلب ضدك في النهاية، وذلك لأنَّ اهتمامك بنفسك يجعلك تستثمر وقتك بصورة أفضل، كما يزودك الأكل الصحي وأخذ قسط من الراحة والتمرين المنتظم، بالقدرة على تحمل ومواجهة التحديات، مما يوفر المزيد لاستثماره في العلاقات والأهداف الوظيفية.

10. كن صادقاً:

استخدم الرسائلَ التي تحوي ضمير المتكلم عوضاً عن ضمير المخاطب مثل: "لم أكن واثقاً من قدرتنا على العمل معاً بشكل جيد، ولكنَّني مدرك الآن كم تعلمت منك" أو "لقد استمتعت حقاً بالتعاون معك في هذا المشروع، رغم صعوبته والتقلبات التي مررنا بها على طول الطريق".

عندما تكون صادقاً، فإنَّك توضِّح أين تقف، وتنشئ روابط عمل متينة؛ لأنَّ العلاقات التي تستنزف طاقتك، تتهاوى في نهاية المطاف مثل بيت من الأوراق، ولكنَّ العلاقات النزيهة والشفافة تزودك بالطاقة لبناء علاقات مهنية.

في الختام:

فكر في علاقاتك المهنية كحساب مصرفي، واسأل نفسك: "هل أدير هذه الاستثمارات المهنية بصورة جيدة؟"

تتطلب العلاقات ودائع ومنتظمة كما هو الحال في الحساب المصرفي، وتتلخص هذه الودائع في الوقت والدعم والتفاهم والمحادثات الصادقة والتشجيع، والتي تعوِّضنا عن الصعوبات التي تواجهنا مثل: المواعيد النهائية لتسليم المهام والمتطلبات العاطفية وضغوطات العمل والنقد وسوء الفهم والخلافات التي تحدث بصورة طبيعية في أماكن العمل، والتي قد يكون لها دور في التخفيف من الإرهاق الناتج عن العلاقات.

المصدر




مقالات مرتبطة