- يسعى الإنسان جاهداً لتجنب التغييرات، ويغلبه الحنين للماضي.
- يريد الإنسان أن تجري حياته وفق طريقة معيَّنة.
- يتمسك الإنسان بمبادئه وقيمه الشخصية حتى عندما تؤذيه.
تؤكِّد التجارب أنَّ نزعة التعلق هي المصدر الرئيس للتوتر، والصعوبات، والتعقيدات في الحياة الإنسانية، وذلك عندما يتأمل الإنسان أن تجري حياته كما يخطط ويتمنى، ويعجز عن تقبُّل واقعه إذا تعارض مع هذه التصورات المسبقة، فيتعلق الإنسان بكثير من الأشياء التي لا توجد فعلياً في حياته، أو قد تكون موجودة لكنَّها معرَّضة للتغير والزوال مع مرور الوقت.
يوفِّر الإنسان على نفسه كثيراً من المعاناة عندما يفهم هذه الحقيقة ويتقبلها، ويمكن تشبيه هذه التجربة الإنسانية بشخص معصوب العينين عالق في منتصف حوض سباحة كبير ويحاول جاهداً أن يصل إلى الحافة، ويعتقد هذا الشخص أنَّه يقترب من الحافة لكنَّه بعيد عنها، وتؤدي محاولاته الفاشلة إلى إرهاقه، وشعوره بالتوتر والضياع لأنَّه متعلق بوهم.
تخيَّل الآن أنَّك تتوقف وتأخذ نفساً عميقاً، وتدرك أنَّه لا يوجد ما يمكنك أن تتشبَّث به، وأنت محاط بالمياه من جميع الجهات، فحاوِلْ أن تتقبَّل حقيقة أنَّك محاط بالمياه من جميع الجهات، وتسترخي، وتطفو بدل أن تستسلم لأوهامك وتسعى خلف شيء غير موجود على أرض الواقع.
حاوِلْ أن تجيب عن السؤالين الآتيين:
- ما هي الأشياء التي تسعى جاهداً للتمسك بها؟
- كيف يؤثر هذا التعلق في حياتك؟
تخيَّل الآن أنَّ الأشياء التي تسعى جاهداً للتمسك بها لا توجد على أرض الواقع؛ بل هي مجرد أوهام، ثمَّ حاوِلْ أن تطلق سراحها، وتتحرر منها، وتمضي في حياتك، فلتفكر في التغييرات التي ستحدث في حياتك بعد اتخاذ هذا القرار المصيري. فيما يأتي
10 فوائد للتخلص من نزعة التعلق
1. تحقيق أقصى فائدة ممكنة من الفرص المتاحة
تعتمد قدرة الفرد على تحقيق النجاح وبلوغ السعادة على مدى تقبله لظروف حياته ووضعه الراهن، واستثمار الفرص المتاحة أمامه بدل أن يتمسك بفرضيات وتصورات وهمية عما يجب أن تكون عليه الأحوال ويتحسر عليها، ويتسنَّى للفرد مزيد من الوقت والعزيمة لتغيير العوامل التي يستطيع أن يتحكم بها عندما يتوقف عن القلق بشأن الظروف الواقعة خارج نطاق سيطرته.
2. استثمار الموارد المتاحة بفاعلية
التعلق هو حالة يسعى فيها المرء جاهداً للتحكم بالظروف الخارجة عن إرادته عبثاً دون جدوى، في حين يقتضي التخلي ألَّا تحاول التدخل في هذه الظروف وتتركها تحدث حدوثاً طبيعياً، وتساعد هذه العقلية على تلبية الاحتياجات، وتوفير الجهد، وتقليل حجم المسؤوليات الواقعة على عاتق الفرد، وهذا يتيح له مزيداً من الوقت والعزم للتركيز على الأمور التي يستطيع أن يتحكم بها مثل العادات اليومية مثلاً.
3. التخلص من الهموم
كثيراً ما يخلط الفرد بين همومه وواقعه، وينسى أنَّها مجرد أفكار اختلقها بنفسه، لهذا السبب يُنصَح بالتركيز على اليقظة الذهنية، والتوقف عن التفكير الزائد، وإدراك الظروف الراهنة، وتقبلها، وتجاوز الماضي، واستثمار الفرص المتاحة في الوقت الحالي.
4. اكتساب الخبرات الحياتية
يتأمل الإنسان أن تسير حياته بطريقة معيَّنة ويتعلق بهذه الأفكار والأوهام، وهذا يمنعه من إدراك الفرص المتاحة أمامه واستثمارها في تحسين وضعه، ويرفض الفرد في هذه الحالة واقعه وظروفه بدل أن يتكيف معها ويستثمر الفرص المتاحة لصالحه، ويقتضي المنطق السليم أن تدرك ظروفك الحالية وتحقِّق أقصى فائدة ممكنة من الفرص والموارد المتاحة.
5. قبول اختلافات الآخرين
ينجح الإنسان في حياته عندما يتفهم اختلاف وجهات النظر، وأنماط الحياة، والآراء، ويكون منفتح الذهن، ويتقبَّل أحبته دون أن يطالبهم بتغيير أنفسهم على هواه ومزاجه.
شاهد بالفيديو: نصائح لعلاج اضطراب التعلق المرضي
6. الترفع عن حاجة نيل رضى الآخرين
كثيراً ما تؤثر إساءات الفهم والأحكام الظالمة فيما يحدث في حياة الإنسان، وغالباً ما تكون المصدر الرئيس للتوتر والتعب النفسي بسبب سعيه المستمر للتحكم في نظرة الناس تجاهه عبثاً دون جدوى، لا داعي لأن تشغل بالك بنظرة الآخرين تجاهك، لأنَّك لن تقدر على التحكم بها مهما فعلت، فأنت مسؤول عن السعي والاجتهاد في تجربتك الحياتية، ولا فائدة تُذكَر من القلق بشأن آراء الآخرين ورضاهم عما يحدث معك.
7. النمو والتعافي
يصعب على الفرد أن يتعافى من الصدمات النفسية التي يتعرض لها في علاقاته، ولكن يمكنه أن يتجاوزها عندما يتقبل ما جرى ويتصالح مع الظرف الصعب ويمضي في حياته، فلا يجب أن تتحسر على ما فات أو تلوم نفسك على قراراتك وأفعالك السابقة، لأنَّك لا يمكن أن تغير الماضي، ولقد حدثت التجربة، وليس بوسعك إلَّا أن تتقبل ما جرى، وتتصالح مع واقعك وتمضي في حياتك.
8. غفران الأخطاء الشخصية
كثيراً ما يلوم الفرد نفسه على أخطاء عفا عليها الزمان ولم يعد يتذكرها أحد سواه، وتلاحق هذه الذكريات الإنسان حتى لو غفر له الآخرون أخطاءه، ويقتضي الحل في مثل هذه الحالة قبول ما جرى، وإدراك التطور الشخصي الذي حدث بفضل هذه التجربة، فأنت تستحق أن تغفر لنفسك أخطاءها وتحبها في كافة الظروف والأحوال.
9. الاستمتاع بمفاجآت الحياة
الحياة حافلة بالمفاجآت السعيدة واللحظات الطيبة، ولكن كثيراً ما يغفل الفرد عن الجمال الكامن في العالم من حوله، وقد يصعب عليه أن يستوعب الأفراح والانفراجات المفاجئة، فيجب أن تستمتع بالجمال الكامن في الكلام، والكتابات، والمؤلفات، والمعزوفات كلما أتيحت لك الفرصة، وتتوقف عن التفكير الزائد، وتنتبه لما يحدث معك في الوقت الحاضر.
10. عيشُ حياة هانئة
يقتضي العيش الهانئ الامتنان لجميع التجارب السعيدة، والحزينة، وتقدير دورها ومساهمتها في نموك وتطورك وزيادة خبراتك في الحياة، وهذا يستدعي تقدير كل شيء سبق أن حظيت به في حياتك، والسعي لاستثمار كافة الفرص التي تتاح لك في المستقبل القريب، وتقبُّل التغيرات، واتباع الحدس، والتعلم من التجارب، وإدراك قيمتها وأهميتها، والمضي قدماً إلى الأمام.
فيما يأتي تمرين عملي مؤلف من خطوتين ويهدف لتخفيف التعلق:
- ملاحظة عملية التنفس، والقدرة على التحكم في سرعة الشهيق والزفير، أو التنفس تنفُّساً طبيعياً، وثمة سكينة في عملية التنفس بحد ذاتها دون أن تحاول التحكم بها، والآن تخيَّل أنَّ بقية أعضاء جسدك تتنفس أيضاً، واترك جسدك يقوم بوظائفه الحيوية ولا تحاول أن تتحكم به.
- ملاحظة الأشياء الموجودة حولك في الغرفة، واختيار أحدها، وعليك أن تتخيَّل شيئاً أو شخصاً موجوداً في الغرفة، أو المنزل، أو المبنى، أو الحي وهو يتنفس.
يمكنك أن تعيد التمرين وقت الحاجة، وهو يُعدُّ تطبيقاً عملياً لمفهوم التخلي الذي يقتضي قبول الأشياء والأشخاص على طبيعتهم دون أن تحاول تغييرهم أو التحكم في تصرفاتهم، فالتنفس هو عملية تسمح للأشياء والأشخاص بالتعبير عن كينونتها دون قيود.
في الختام
لقد قدَّم المقال مجموعة من المعلومات عن فوائد التخلي في التعلم والنمو، ويقتضي هذا التخلي الانفتاح على الحياة، والتعايش مع الظروف التي لا يمكن تغييرها، وهو يتطلب بعض التدريب والممارسة اليومية، ويزوِّد الفرد بالإمكانات التي يحتاج إليها للتعامل مع جميع المشكلات والصعوبات التي يمكن أن تطرأ في حياته.
أضف تعليقاً