يكمن سر نجاحك في عاداتك وروتينك اليومي؛ أي بصرف النظر عن ظروف حياتك الخاصة أو تعريفك الشخصي للنجاح، لا يمكنك أن تصبح ناجحاً بين عشية وضحاها، بل بمرور الوقت ونتيجة عاداتك اليومية.
يتعرض المرء للفشل بنفس الطريقة أيضاً؛ فتتراكم الإخفاقات اليومية البسيطة، التي لا تتعلم منها ولا تحولها إلى فرص لتطوير الذات، مؤديةً إلى فشل ذريع، لنفترض أنَّك تطلق مشروعاً، وتفشل بسبب أمور تتجاهلها مثل:
- التحقق من الحسابات.
- إجراء الاتصالات الضرورية.
- الإصغاء لعملائك.
- الابتكار.
- القيام بالأشياء البسيطة الضرورية.
فجأة تكتشف أنَّ مشروعك قد فشل تماماً، والسبب هو عاداتك اليومية، وليس حدوث كارثة غير متوقعة.
سنتحدث في مقالنا هذا عن 10 عادات يومية شائعة تؤثر سلباً في حياة كثير من الناس، وهي أمور بسيطة يفعلونها باستمرار، وتضيع وقتهم وطاقتهم.
10 عادات يومية تضيع معظم وقتنا:
1. توقع نتائج مختلفة دون تغيير أي شيء:
يُقال إنَّ تعريف الجنون هو فعل ذات الشيء مراراً وتكراراً وتوقع نتائج مختلفة؛ فاعلم أنَّك إذا واصلت فعل ما اعتدت عليه، فلن تغير أي شيء في حياتك، فما يميز الناجحين عن الذين لا يحققون إلا تقدماً ضئيلاً هو ليس قدراتهم العالية؛ بل الشجاعة التي يتمتعون بها للثقة بأفكارهم وخوض مخاطر محسوبة واتخاذ خطوات مناسبة باستمرار، فينتظر بعض الناس الفرصة السحرية طويلاً، بينما ينهض غيرهم ويباشرون العمل فوراً.
2. انتظار الوقت المناسب:
حتى لو كنا ننوي العمل وتحقيق الإنتاجية المطلوبة، فيُضيع كثيرون منا الوقت في انتظار الفرص المثالية؛ لكنَّها لا تظهر أبداً، لأنَّنا ننسى أنَّ ما نريده يتحقق بالعمل وليس بالانتظار؛ لذا توقف عن ذلك.
فكر بأنَّ يومك هو بداية حياة جديدة، وتستطيع أن تفعل في الفترة المقبلة ما يحلو لك، فلا تضيع ذلك سدى، واختر الشخص الذي تريد أن تكونه.
نظن أنَّه يتعين علينا الشعور بالثقة قبل اتخاذ الخطوة التالية، في حين أنَّ الخطوة التالية هي ما تُكسب المرء الثقة الحقيقية، وتساعده على تحقيق النمو في الحياة.
3. الاعتقاد بأنَّ الأهداف الهامة تتحقق بسرعة وسهولة:
الهدف هو إنجاز يتطلب بذل الجهد والتضحية، فلا توجد أهداف هامة تستحق وقتك إلا وتتطلب مستوى معيناً من الجهد والتضحية، فبعد عقود من الآن، لن تتذكر الأيام التي كانت سهلة، بل ستقدِّر اللحظات التي تجاوزت فيها الصعوبات وتغلبت على تحديات الحياة، وستحلم بالقوة التي وجدتها في نفسك والتي جعلتك تحقق ما كان يبدو مستحيلاً في السابق.
لذا، لا تركز على الأمور الهينة فحسب، بل على ما أنت قادر على فعله، وفاجئ نفسك بقدراتك، وإذا واجهت أي صعوبات، تذكَّر أنَّ الشعور بالإرهاق نتيجة بذل بعض الجهد والتعلم هو أفضل من الشعور بالسأم لعدم فعل أي شيء على الإطلاق؛ فالجهد لا يضيع سدى أبداً، حتى لو أدى إلى نتائج غير مُرضية؛ لأنَّه يكسبك قوة وخبرة أكبر على الأمد الطويل.
4. عدم خوض المخاطر الضرورية:
تتطلب الحياة التعلم دوماً، وهي محفوفة بالمخاطر؛ فكل قرار تتخذه وتفاعل تجريه وخطوة تخطوها هي مخاطرة صغيرة، ولتحيا حياة هادفة، عليك أن تدرك وتثق بأنَّك تستطيع التعامل مع هذه المخاطر، أمَّا الانزواء والتمسك بأوهام الأمان، فيعني الموت البطيء دون أن تتلذذ بطعم الحياة.
إذا تجاهلت حدسك وسمحت للخوف من المجهول بأن يعوقك باستمرار، فلن تتأكد من أي شيء إطلاقاً، وأحياناً عدم معرفة النتيجة أسوأ من اكتشاف أنَّ حدسك كان خاطئاً؛ لأنَّك تستطيع تغيير بعض الأمور والاستمرار في حياتك في حال أخطأت، دون التحسر والتساؤل عمَّا كان يمكن أن يحدث.
5. التأثر بالرفض الذي تلقيته في الماضي:
تقبَّل ضرورة الابتعاد عندما يحين الوقت؛ فيعلمنا الرفض أنَّه علينا ألا نقبل بأمر لا يعزز سلامتنا النفسية، فلن يكون الأمر سهلاً دوماً، ولكن علينا أن ننهي بعض الفصول في حياتنا دون أي جدال أو نقاش، فلا فائدة من خسارة نفسك في محاولة إصلاح ما لا يمكن إصلاحه.
نسمح أحياناً للرفض الذي تلقيناه في الماضي بأن يؤثر في كل خطوة نتخذها، فلا نعي أنَّنا أفضل من كلام شخص أعطى رأيه فينا ذات يوم، أو أنَّنا أفضل مما كنا عليه في ظروف خاصة مررنا بها، بالطبع، لا يعني تلقي الرفض في الماضي أنَّنا لسنا جيدين بما يكفي، بل يعني أنَّ ما قدمناه في ذلك الوقت لم يناسب ذلك الشخص أو ذلك الظرف، وهذا يعني أنَّ لدينا مزيداً من الوقت لتحسين أنفسنا وأفكارنا ومهاراتنا، والتركيز على العمل الذي يثير شغفنا.
6. عدم تحمل المسؤولية:
أنت لست مسؤولاً عن كل ما حدث لك، ولكن عليك التخلص من الأفكار والسلوكات السلبية التي نتجت عمَّا حدث، وتغيير استجابتك تجاهه والمضي قدماً، بدلاً من إلقاء اللوم على الماضي.
لقد أدَّت قراراتك والعوامل الخارجية التي لم تستطع التحكم بها إلى ما أنت عليه اليوم، ولن يتغير أي شيء إذا واصلت إلقاء اللوم على الآخرين أو على ظروف الماضي؛ بل حينما تتحمل مسؤولية الخطوة التالية في طريقك للأمام، فانسَ أمر الماضي، فأنت لا تستطيع تغييره على أي حال، وركز على الحاضر؛ لأنَّ فيه تكمن جميع الفرص التي تبحث عنها، وتحمَّل مسؤولية حاضرك، واستقبل هذه الفرص بذهن منفتح.
شاهد بالفيديو: 10 طرق لتحسين مهارات ادارة الوقت لديك
7. عدم تقبُّل الأفكار ووجهات النظر الجديدة:
لا يعتمد النجاح في الحياة على إثبات أنَّك على حق دوماً، ولا يجب ألا تفترض بأنَّك تعرف كل شيء، وحتى حينما تزداد حكمة مع تقدمك في العمر، عليك أن تتذكر بأنَّ معارفك ليست مطلقة، فالحقائق السائدة حالياً قد يتبين أنَّها خاطئة لاحقاً؛ لذا عدم تغيير وجهات النظر هو أخطر وهم قد نتوهم به.
لذا، استمر في التعلم واستثمر في نفسك دوماً، واقرأ، وتفاعل مع الناس، حتى أولئك الذين تختلف طريقة تفكيرهم عن طريقة تفكيرك، واطرح الأسئلة، وأصغِ باهتمام، ولا تركز على تعزيز معلوماتك فحسب؛ بل شارك ما تتعلمه أيضاً، واستخدمه لإحداث فرق حقيقي في العالم.
8. السماح للأشخاص السلبيين بتشتيتك:
عقلك هو ملاذك، فلا تسمح لمعتقدات الآخرين السلبية بأن تشغله، وتؤثر بك، وضع حدوداً شخصية، وانتبه للأفكار التي تأخذها من الآخرين.
بالطبع، لا بد أن تواجه أشخاصاً ينتقدونك بصرف النظر عمَّا تفعله أو مدى نجاحك في القيام به؛ فإذا أردت تأسيس مشروع تجاري جديد، فسيخبرونك بجميع الأسباب التي قد تؤدي إلى فشله؛ لأنَّهم يفترضون أنَّك لا تملك ما يلزم، لكنَّهم مخطئون تماماً.
التفكير السلبي أسهل بكثير من التفكير الإيجابي، والانتقاد أسهل بكثير من التكلم بصراحة، وحينما تنوي تأسيس مشروع جديد، لا تصغي إلى الناقدين الذين سيحاولون تشتيت انتباهك، بل تحدث إلى الأشخاص المستعدين لدعم جهودك وتقدير إمكاناتك بكل احترام.
9. التمسك بالأوهام:
ليس من المفترض أن يتحقق كل شيء؛ أحياناً عليك أن تعيد النظر في التفاصيل والتفكير بجدية وتقبُّل حقيقة أنَّك كنت مخطئاً، فقد كان مجرد وهم يختلف عمَّا كنت تتصوره.
يصعُب تقبُّل الخسارة، حتى لو خسرت ما لم يكن لك أصلاً، يكمن الحل في إدراك ذلك والتعلم منه ونسيان أمره، والمضي قدماً إلى الأمام.
10. وضع توقعات صارمة:
تصبح الأمور البسيطة معقدة حينما نبالغ في توقعاتنا، فالتوقعات الصارمة هي أساس خيبة الأمل والألم، ويدفعنا كل موقف صعب يمر علينا إما لليأس أو النمو، ويعتمد هذا على كيفية تعاملنا معه؛ لذا علينا التخلي عن الأفكار والتوقعات التي لا تخدمنا.
لا يضر ارتكاب الأخطاء أو تلقي الرفض مثلما تضر التوقعات المبالغ فيها، فالعقل يشبه ساحة المعركة، فتكمن فيه صراعاتنا والأمور التي كنا نخشى حدوثها، ولم تحدث أبداً، وفيه تؤدي توقعاتنا إلى إحباطنا، ونقع ضحية أفكارنا مراراً وتكراراً؛ لذا لا تخفض معاييرك، لكن اعلم أنَّ التخلص من توقعاتك الصارمة في الحياة هو أفضل طريقة لتجنب الشعور بخيبة الأمل من الناس ومن كل ما تواجهه.
إنَّ أهم اللحظات في الحياة هي تلك التي تجد فيها الشجاعة للتخلي عمَّا لا يمكن تغييره؛ لأنَّك عندما لا تكون قادراً على تغيير موقف ما، فأنت مضطر لتغيير نفسك لتجاوز ما لا يمكن تغييره.
تمرين لاتباع عادات أفضل:
إذا كنت تشعر بأنَّك ضيعت كثيراً من الوقت في الماضي في القيام بعادة أو أكثر من العادات المذكورة آنفاً، فسوف نختم مقالنا بهذا التمرين السريع والعملي، فاختر أي جانب ترغب في تحسينه في حياتك، ثم قم بما يأتي:
- اكتب التفاصيل المحددة لظروفك الحالية: ما الذي يزعجك؟ وما الذي يشعرك بالعجز؟ وما الذي تود تغييره؟
- حدد بصدق العادات اليومية التي أدت إلى ظروفك الحالية.
- اكتب بعض التفاصيل المحددة عن الظروف الأفضل التي ترغب بتوفيرها، وحدد ما قد يجعلك سعيداً ويحسن وضعك.
- حدد العادات اليومية التي ستغير وضعك للأفضل، وفكر في الخطوات اليومية البسيطة التي ستساعدك على التغيير تدريجياً.
في الختام:
لا تستسلم وتعُد إلى عاداتك القديمة لمجرد أنَّها أكثر راحة وسهولة، لقد حان الوقت للتخلص من بعض العادات والمواقف لتحسين حياتك؛ لأنَّك لن تستطيع المضي قدماً إذا واصلت التراجع إلى الوراء، ولا شك أنَّ الوقت قد حان أيضاً لاستعادة وقتك والاستفادة منه خير استفادة.
أضف تعليقاً