يأتي التغيير إلى حياتنا إمَّا نتيجة أزمةٍ نمُرّ بها، أو نتيجة قرارٍ اتَّخذناه، أو صدفةً؛ وفي جميع الأحوال، يجب على كلِّ شخصٍ أن يقرِّر إذا ما كان يريد أن يغيِّر حياته أم لا. من الأفضل دائماً أن تختار أنت التغيير في حياتك، عوضاً عن أن يُفرَض ذلك التغيير عليك.
بيد أنَّنا لا نستطيع تجنُّب الأحداث المفاجِئة (الأزمات) التي تطرأ على حياتنا؛ لأنَّ تلك الأحداث هي التي تمنعنا من التراخي. الشيء الذي نستطيع التحكُّم به حينما نَمُرُّ بتلك الأحداث العصيبة هو الطريقة التي نختار من خلالها التعامل مع تلك الأحداث. إنَّ قدرتنا على الاختيار تُمكِّننا من القيام بتغييراتٍ إيجابيَّةٍ في حياتنا، وتمنحنا مزيداً من الفرص لتغيير حياتنا تغييراً أفضل. فكلَّما زادَت فرص التغيير في حياتنا، ازداد إحساسنا بالرضى عن الحياة وبالسعادة فيها.
كيف تغيِّر حياتك إذاً؟ إليكَ 10 أمورٍ بإمكانك أن تفعلها الآن لتُغيِّر حياتك إلى الأبد:
1- البحث عن معنىً للحياة:
خصِّص بعضاً من الوقت لتحديد الأشياء الهامَّة في حياتك، والأسباب التي تجعل تلك الأشياء هامَّة:
- ما الإنجازات التي تريد تحقيقها في حياتك؟
- ما أحلامك؟
- ما الأشياء التي تُسعِدُك؟
يمنحك البحث عن معنىً للحياة هدفاً، ويحدِّد لك التوجُّه الذي ستسلكه في حياتك. إذ دون وجود معنىً للحياة، فإنَّك ستقضي عمرك هائماً على وجهك دون هدفٍ، ولن تتمكَّن من تحديد توجُّهاتك، أو أهدافك، أو تركيز اهتماماتك.
2- استعمال لَوح الأمنيات:
حينما كنَّا أطفالاً كنَّا نحلم طوال الوقت، وكنَّا بارعين في رؤية وتصوُّر الأمنيات التي نريد أن نُحقِّقها حينما نكبر، وكنَّا نعتقد بأنَّ كلَّ شيءٍ كان ممكناً. لكن حينما كبرنا وأصبحنا راشدين، فقدنا قدرتنا على تخيلها، وبدأنا نُحِسُّ بأنَّ تحقيقها بات مستحيلاً.
يُعَدُّ "لوح الأمنيات" طريقةً رائعةً للعودة مرةً أخرى إلى الإيمان بالأحلام، إذ تعود الحياة إلى أحلامنا مرةً أخرى حينما نراها كلَّ يومٍ على ذلك اللوح". بهذه الطريقة تتحوَّل إلى واقع، ونعود إلى الإيمان بأنَّ تحقيقها يُعَدُّ أمراً ممكناً.
3- تحديد الأهداف اللازمة لتحقيق الأمنيات:
بعد أن عرفتَ ما الأشياء الهامَّة في حياتك، وكيف يبدو شكل الحياة التي تحلم بأن تعيشها، أنت بحاجةٍ إلى تحديد أهدافك على المدى القريب، والمتوسِّط، والبعيد. فالسعي إلى تحقيق هذه الأهداف هو الذي يُمكِّنك من تحقيق أحلامك.
تذكَّر أنَّ أهدافك قد تتغيَّر، لذا تحلَّ بالمرونة في أثناء تحديد الأهداف وتحقيقها؛ لأنَّ الأشياء في الحياة تتغير، ويجب على الأهداف أن تعكس تلك التغيرات. إنَّ الخطوات الصغيرة التي تخطوها هي التي توجِد الزَخَم اللازم لبلوغ التغيير في الحياة.
4- التخلّص من مشاعر الندم:
لا فائدة من مشاعر الندم سوى أنَّها تجعلك مقيَّداً في حياتك، وهي أحداثٌ وقعَت في الماضي، وإذا قضيتَ كلَّ وقتك تفكِّر في الماضي، فستفقد الحاضر والمستقبل. لا يمكنك تغيير التصرُّفات التي قمتَ بها والتي لم تقم بها في الماضي، فانسَ تلك التصرفات. الشيء الوحيد الذي تسيطر عليه الآن هو الطريقة التي تختار أن تحيا بها حياتك في الحاضر والمستقبل.
من أجل التخلُّص من مشاعر الندم، جرِّب أن تمارس تمرين البالونات.
ما هو تمرين البالونات؟ إنَّه تمرينٌ بسيط: انفخ عدداً من البالونات، ودوِّن على كلِّ بالونٍ السبب الذي يجعلك تُحِس بإحدى مشاعر الندم، ثمَّ اترك البالون يطير، وبينما يشقُّ طريقه إلى السماء، ودِّع أنت إلى الأبد ذلك الإحساس بالندم.
يُعَدُّ هذا تمرينا بسيطاً وناجحاً وفعالاً، ويمكنه أن يغيِّر الطريقة التي تحيا بها حياتك.
5- محاولة القيام بالأشياء المخيفة:
الغاية من القيام بالأمور المخيفة هي أن تتخذ قراراً بالخروج من منطقة الراحة، وأن ترى القيود من منظورٍ مختلف. يقول أحد الأشخاص الذين يمارسون مهنة الحديث أمام الجمهور: "يُعَدُّ الحديث أمام الجمهور واحداً من أكثر الأمور المخيفة التي يمكن أن يفعلها أيُّ أحد، وقد كنت خائفاً جدَّاً من القيام بذلك، لكنَّني كنت أعلم أنَّني أريد أن أمارِس هذه المهنة؛ لذلك انضممت إلى مركز تدريبٍ لأتغلَّب على خوفي من الحديث أمام الجمهور. لقد كان خطابي الأول فظيعاً، كانت قدماي ترتجفان، وكنت أتصبَّب عرَقاً، ولم أتمكَّن من التوقُّف عن الاهتزاز؛ لكنَّني ألقيت الخطاب، وكان الإحساس بذلك رائعاً، على الرغم من أنَّ الخطاب كان فظيعاً. لقد قرَّرت أن أمضي إلى الأمام، والآن أنا أكسب قوت يومي عن طريق مهنة إلقاء الخُطَب التحفيزية. ما زلت أشعر بالتوتر حينما أصعد للحديث، بيد أنَّه توترٌ مشوبٌ بالحماسة، وأنا أحبُّه".
ضع قائمةً تتضمَّن الأشياء المخيفة التي تودُّ أن تفعلها لكنَّك تخشى كثيراً من ذلك، ثمَّ ضع خطةً للقيام بتلك الأشياء، وقم بها. لا تتوقف أبداً عن القيام بالأشياء المخيفة؛ لأنَّك إذا فعلت ذلك، فستصبح حياتك حياة تراخٍ وتهاون.
6- البحث عن حياة متوازنة:
لا تبقى صحتنا مثلما هي؛ لأنَّ حالاتنا الجسدية، والعاطفية، والروحية تتغيَّر مع تقدُّمنا في السن، لكنَّ الشيء الذي نستطيع التحكُّم به هو الغذاء الذي نُغذِّي به عقولنا وأجسامنا. يُعزِّز عَيش حياةٍ متوازنةٍ وصحيةٍ مقاومة أجسامنا للتغيُّر، وتُعَدُّ ممارسة التمرينات الرياضية أفضل طريقةٍ نستطيع من خلالها التعامل مع الحياة بسلوكٍ إيجابيٍّ.
إنَّ الحياة الصحية المتوازنة التي تمارس فيها كثيراً من التمرينات الرياضية تُعَدُّ أسلوب حياةٍ يمنحك اختياره حياةً أسعد وأكثر إثارةً للإحساس بالرضى والاكتفاء دون شك.
7- مواجهة المخاوف:
من السهل أن نتجاهل مخاوفنا ونأمل أن تختفي وحدها، لكنَّ الأمور -لسوء الحظ- لا تسير كذلك. إذا كنت تريد تغيير حياتك، فتعلَّم أن تكبح مخاوفك حتَّى لا تتمكَّن من التحكُّم بك. فمخاوفنا هي مجرَّد أفكارٍ تدور في عقولنا، وهي ليست حقيقية، لكنَّنا أصبحنا نعتقد مع مرور الوقت بأنَّها كذلك.
إنَّ مخاوفنا هي التي تمنعنا من التمتُّع بحياتنا إلى أقصى حدٍّ ممكن، وبإمكاننا أن نعرف أنَّ مخاوفنا تسيطر على حياتنا؛ لأنَّنا حينئذٍ نُحِسُّ بالاستياء، وبأنَّ حياتنا ينقصها شيء، وبأنَّنا غير راضين عنها.
حينما نقف في وجه مخاوفنا، نستعيد قدرتنا على اختيار الطريقة التي نريد أن نحيا بها حياتنا. وحينما نفعل ذلك، تتغير حياتنا إلى الأبد.
8- تقبُّل الذات:
الشخص الوحيد الذي سيصنع التغيير في حياتك هو أنت، وحتَّى تصل إلى ذلك التغيير، يجب عليك أن تُحِبَّ نفسك. ثمَّة أوقاتٌ في حياتك ستواجه فيها الرفض، وثمَّة أشخاص لن يحبوك كثيراً. يساعدك قبول نفسك مثلما أنت وإظهار الحب لها، في المضي قُدُماً في الحياة؛ أمَّا الإحساس بالإحباط طوال الوقت وتمنِّي لو أنَّك كنت شخصاً أفضل، فلن يؤدي إلَّا إلى حياةٍ من التعاسة والاستياء.
اعثر على شجاعتك المفقودة، وأحبَّ نفسك، وكن مبادِراً، وافعل ما لا يخطر على البال، ولا تخشَ من رأي أيِّ أحد، ولا تفكِّر إن كان ما تفعله صائباً أم لا. إذا كان قلبك يُحِسُّ أنَّ ما تفعله صحيح، فاستمرّ بالقيام به وعِش الحياة التي تحبُّها.
شاهد بالفيديو: 10 خطوات تعلمك كيف تحب نفسك وتعتني بها
9- تركيز الاهتمام على اللحظات التي نعيشها:
يميل عديدٌ من الناس إلى الاعتقاد بأنَّ حياة الآخرين أفضل من حياتهم، لكنَّا نكتشف غالباً حينما نطَّلع على حياة الآخرين أنَّ الوضع ليس كذلك. مصدر الدافع إلى التغيير في حياتنا هو رغبتنا بالإحساس بالسعادة، ونحن ننشغل غالباً في تركيز الاهتمام على سعينا إلى بلوغ السعادة، إلى درجة أنَّنا ننسى أن نستمتع فعلاً باللحظة التي نعيشها.
إنَّ رغبتنا بالإحساس بالسعادة في حياتنا هي رغبةٌ بالوصول إلى حالةٍ مستقبليةٍ لا علاقة للحاضر بها، فلقد انشغلنا كثيراً بجميع مشاكلنا وبمشاعر الاستياء التي نُحِس بها، إلى درجة أنَّنا نسينا اللحظات الثمينة التي نحياها في الحاضر.
إنَّ الجلوس على الشاطئ وتناول المثلَّجات مع صديقك المفضَّل أو مع زوجتك هي لحظاتٌ من السعادة، وإظهار التقدير يوميَّاً والتعبير عن الامتنان يُعَدَّان من طقوس التعبير عن السعادة باللحظات التي تعيشها، كذلك تمنحنا مساعدة المحتاجين المتعة والسعادة.
هذا ما يعنيه أن نركز اهتمامنا على اللحظات التي نعيشها. لذا لا تتجاهل هذه اللحظات لأنَّك منشغلٌ جدَّاً بتركيز الاهتمام على سعيك إلى بلوغ السعادة.
10- الإحساس بمتعة التعلُّم:
في كلِّ مرةٍ تتعلَّم فيها شيئاً جديداً تكتسب مزيداً من المعرفة، ومع مزيدٍ من المعرفة تحصل على مزيدٍ من الثقة. يساعدنا التعلُّم في التأقلم بشكلٍ أفضل مع المواقف الجديدة، والتحلي بمزيدٍ من المرونة في أثناء التعامل معها، ويشجِّعنا التعلُّم على التفكير بطريقةٍ أكثر إبداعاً وابتكاراً، وبالتالي التعامل بأريحيةٍ أكبر مع المجهول. تُعَدُّ القراءة طريقةً رائعةً للتعلُّم، وحتَّى تُحِسَّ بمتعة التعلُّم لا تتوقَّف أبداً عن القراءة، ولا عن البحث عن مزيدٍ من المعرفة. يمنح التعلُّم حياتنا معنىً، وهذا الذي يجعل حياتنا جديرةً بالاهتمام.
يجب عليك أن تقرِّر إذا ما كنت تريد أن تغيِّر حياتك أم لا، فإذا قرَّرت أنَّك ترغب بأن تغيِّر حياتك، فسيحقِّق لك اتِّباع هذه النصائح العشر رغبتك بلا شك.
فماذا تنتظر إذاً؟ قم فوراً إلى تطبيق هذه النصائح.
أضف تعليقاً