تنويه للقارئ: هذا المقال مترجم للكتاتب Leon Ho مؤسس ومدير تنفيذي لموقع LifeHack.org.
إنَّه لمنَ المؤكَّدِ أنَّ هذا السيناريو شائع، لكن ما يزيد الأمر سوءاً هو حقيقة أنَّه من غير المرجّح أن يكون ذلكَ وضعاً استثنائيَّاً. فكثير من الناس يمرُّن بهذا في كلِّ يوم عمل! لا عجبَ إذاً أنَّ غالبية النَّاسِ يشعرون بإرهاق العمل، وبالإجهاد من متطلبات الحياة. يشعرون أنَّهم لا يمتلكون الوقت أو الطاقة الكافية لإنجاز ما يريدون، وللقيام بأشياءَ يريدون القيام بها.
في الواقع، كنتُ أذهب إلى أبعد من ذلك، وأقول إنَّ معظم الناس لا يستطيعون إيجاد الوقت للقيام بما يتوجَّب عليهم القيام به حتى، فما بالكَ بوقتٍ يُخَصِّصُوه للعائلة والأصدقاء والهوايات.
لإعطائك مثالين على ذلك، فكِّر للحظة فقط، في الضغوط التي يتعرض لها الآباء الذين يعملونَ بدوام كامل. بالإضافة إلى كثيرٍ من النَّاس الذين يُجبرون على العمل في أكثر من وظيفة من أجل الاستمرار في إطعامِ عائلاتهم.
هل أنت واحد منهم؟
إذا أجبت بنعم، فلا تقلق، إذ سأعرض عليك بعضَ الطُّرق البسيطة من أجلِ ترتيب حياتك، بحيث يكون لديك الوقت الكافي للقيام بالأمورِ التي تريد القيامَ بها حقاً. ستجعلك تلك الخطوات البسيطة، تتحكَّم بجدولك الزمني. فمثلَ المالِ تماماً؛ يجب أن تُخَصِّصَ ميزانيَّةً لوقتك. وذلك لأنَّ الوقت ليسَ مصدراً متجدداً؛ بمعنى أنَّه بمجرد ما إن تنفقه، لن يعودَ بمقدوركَ استرداده. لهذا السَّبب من المهم أن تفهم أين يذهب وقتك، وأين يمكن أن تُحسّن إنفاقكَ له، خاصَّة إذا كنتَ غارقاً إلى أذنيكَ بمشاغلك.
الاحتمالات هي؛ أنَّكَ تقضي وقتاً في القيامِ بأمورٍ قد لا تستدعي منكَ القيامَ بها بنفسك (تفويضها)، أو ينبغي عليك القيامَ بها أقلَّ من ذلك (تحديد الأولويات)، أو يمكنك التَّخلص منها جملةً وتفصيلاً (استبدال العادات السَّيئة بأحسنَ منها).
تحديد الأولويات:
قد تفاجأ عندما تعلم أنَّك تعالجُ ما يصل حجمه إلى 34 جيجابايت من المعلومات كل يوم. هذا بالإضافة إلى 50000 فكرة تأتي بها في اليوم الواحد. ومع هذا القدر من النشاط الذهني والضغط، من السَّهل أن تعرفَ سبب شعورك بالإرهاق من هذه الكميَّة التي لا تنتهي من المعلومات والبيانات التي تعترضُ طريقك.
لحسن الحظ، هناك طريقة بسيطة لاستعادة السَّيطرة على عقلك. وهي تنطوي على استخدام شيء أكادُ أجزمُ أنَّكَ تحمله بالفعل معك كل يوم... هاتفك الذكي.
نعم، يمكن أن يعمل هاتفك الذكي كذاكرة وكأداةٍ مثاليَّةٍ للتنظيم. دعني أشرح لكَ ذلك.
بدلاً من أن تحاولَ -وتفشل بِكُلِّ تأكيد- أن تتذكر كل الأمور الهامَّة، يمكنك أن ترمي بهذا الحمل على هاتفك الذَّكي. إذ يمكن أن يساعدك هاتفكَ أيضاً في التَّخطيط للمهام وتتبعها لأيامٍ وأسابيع وشهور وسنوات.
ربما تكون لحدِّ الآن، قد فكرت في استخدام هاتفك الذكي فقط من أجل وسائل التواصل الاجتماعي والتنبيهات الإخباريَّة والمكالمات الهاتفية والصور الشخصية! ولكن، يمكن أن يفعل هاتفك ما هو أكثر بكثير من هذه الأشياء، خاصة إذا ما قمت بتثبيت التطبيقات المناسبة. لذا أوصيك بتثبيت تطبيق إيفرنوت على هاتفك. إذ يُسَهِّل عليك هذا التطبيق تدوين الملاحظات والأفكار، من أي مكان وفي أيِّ وقت. فيمكنك مثلاً كتابة الملاحظات يدوياً، أو يمكنك التقاط الصور أو حفظُ روابط مواقع صفحات الانترنت حتَّى. كما أنَّ البحث عن الأشياء والعثور عليها في ملاحظاتك أمرٌ سهل أيضاً، وذلكَ بفضل خيارات التبويب والتصنيف الذكية.
لقد استخدمتُ هذا التَّطبيق منذ عدة سنوات، ويمكنني أن أقول وبكلِّ صراحة، أنَّه قد وفَّرَ عليَّ مئاتِ الساعات. إذ اعتدت في السابق على تدوين الأشياء في تطبيق المفكرة المحمَّل مسبقاً على الهاتف، لكنني كثيراً ما وجدت نفسي أهدرُ وقتاً في البحث عبرَ الملاحظات القديمة، لأنَّها كانت غير مُنظَّمَة وصعبة الاسترداد في بعض الأحيان. أمَّا مع ايفرنوت، فيَتُمُّ تخزين ملاحظاتك بشكل آمن في السَّحابة، لذا حتى إن فقدت هاتفك الذكي - فلن تفقدَ ملاحظاتك.
أمَّا التَّطبيق الآخر الذي أوصي بتثبيته، هو تقويم غوغل. هذا التطبيق متاح لنظام تشغيل آي أو إس و آندرويد وأيُّ متصفح.
فإذا لم تستخدمه من قبل، فدعني أُخبركَ لمَ عليك القيامُ بذلك:
- بإمكانكَ تسجيل التواريخ الهامة، مثل الاجتماعات وأعياد الميلاد وما شابهها.
- بإمكانكَ تعيين التذكيرات والتنبيهات للمواعيد والتواريخ الهامَّة.
- بإمكانكَ وبسهولة معاينة الأيام والأسابيع والشهور القادمة.
- بإمكانكَ مشاركة التقويم الخاص بك مع أشخاص آخرين، مثل أصدقائك أو زملائك.
- لا يكلفكَ مليماً واحداً (مجاني 100% !!).
لقد ساعدني تقويم غوغل على تبسيط وترشيد حياتي اليومية. وأنا واثقٌ بأنَّه سيُساعدك أنتَ أيضاً. ولكي تحصل بالطَّبع على أقصى استفادة من هذين التطبيقَين، عليكَ أن تتعوَّدَ على استخدامهما. (انظر إلى فقرة تحسين العادات أدناه).
تفويض المهام:
مهما بلغت قوة إرادتك وحجم طاقتك واندفاعك، فأنت مجرد شخص واحد. وهذا يعني أنَّه لديك وقتاً محدوداً للعمل على الأشياء التي تسعى لتحقيقها. وهذا ما يجعل من توكيل المهام جزءٌ مهم من حياة صحيَّة وناجحة. فما هو تفويض المهام على وجه الدِّقة؟
أفضِّلُ أن أصفه بأنَّه تسخيرُ وقتِ مصدرٍ خارجي لكي تعطيَ لنفسك الفرصةَ بأن تزيدَ أوقاتك المميَّزة.
دعني أضرب لك مثلاً لأُريك ما أقصد:
أنت لست من محبي البستنة، لكنَّكَ تكره أن ترى الحشائش في حديقة منزلك تنمو لتصبح غابة! لذا، تتوجهُ كلَّ أسبوعٍ تقريباً إلى كوخ التخزين في الحديقة، لكي تُخرج آلة جزِّ العشب القديمة الصدئة. لم يعد جزُّ العشب بالأمر الرَّائعِ بعد الآن، لكن مع المثابرة، فإنَّه يفي بالغرض. تقضي في ذلكَ ما يقارب الساعتين من بداية العمل إلى نهايته، لتجعلَ حديقتك تبدو نصف لائقة. لكن وكما ذكرت لك، ليست البستنة اختصاصك، وقد أصبح الاضطرار إلى قطع العشب بانتظام واجباً مؤلماً يستنزفُ من وقت فراغك في عطلات نهاية الأسبوع.
حسناً، هنالك حلٌّ لمشكلتك ...
يمكنك أن تستعين ببستانيٍّ محترف، أو حتى أحد أولاد الجيران لمساعدتك على ذلك. إذ كل ما تحتاجه هو أن يأتي شخص كُلَّ أسبوع لكي يجزَّ العشب ويعتنيَ بأحواض الزهور لديك و..... إلخ. لن يوفر عليكَ هذا مشقة قيامك بالعمل بنفسك وحسب، بل سيمنحك أيضاً بضع ساعات إضافيَّة من وقت الفراغ كلَّ الشهر. يمكنك استخدام ذلك لأي شيء قد تتخيله، مثلَ تعلم آلة موسيقية أو تأليفِ كتابٍ ما، أو في مجرَّد لقاء الأصدقاء والعائلة حتَّى.
ليست البستنة وحدها بالطبع ما قد ترغب في تفويضه لشخصٍ آخر؛ بل فكِّر في توكيل المهامِ التي تندرج ضمنَ الفئات الثلاث التالية:
- المهام التي لا تستمتع بالقيام بها: مثلَ غسل سيارتك أو إعداد إقراراتك الضريبية.
- المهام التي لستَ مضطراً للقيام بها: قد تستمتع بإصلاح غسالتك مثلاً، لكن على الأغلب أن يستغرق ذلكَ وقتاً أطول بكثير من الاستعانة بخبيرٍ لإصلاحها بسرعة.
- المهام التي لا تقدر على القيام بها: فمثلاً، إذا كنتَ ترغبُ في إنشاء موقع إلكتروني لعملك، لكنَّكَ لا تمتلكُ أيَّ مهاراتٍ تقنية، فعلى الأرجح أنَّك ستضطرُّ للاستعانة بمطور مواقع للقيامِ بذلك.
بمجرد ما أن تقرر ما الذي ستقوم بتفويضه، ابدأ حينئذٍ بِتفويضه! وستبدأ من الآن وصاعداً، برؤية الفوائد الملموسة في حياتك. إذ سيكون لديك المزيد من الوقت والطاقة، وسوف تشعر أيضاً أنَّك أكثر حرية وسعادة مما كنت عليه منذ وقتٍ طويل.
تحسين العادات:
كلنا لدينا عاداتنا الخاصة، بعضها جيد والآخرُ سيء! إلا أنَّك قد لا تعلم مقدار العادات السيئة التي يمكن أن تتسبب بإضاعةِ وقتك. أحد الأمثلة السريعة على ذلك يتعلق ببداية اليوم.
في حال كنت تستيقظ صباحاً باستخدام المنبه، فهل تقومُ من فراشك حالما يرنُّ، أم تضغط على زر الغفوة ( عدة مراتٍ ربما)؟
قد تبدو الغفوة شيئاً جيداً في ذلك الوقت، لكنَّها وبكلِّ تأكيد عادةٌ سيئة. إذ حتى لو كنت تغفو لمدة 10 دقائق فقط في كلِّ صباح، فهذه عبارةٌ عن ساعة في الأسبوع يمكنك استخدامها لممارسة هواياتك أو حتى للمساعدة في تكوين حياتك المهنية.
إنَّ الغفوة ولحسن الحظ، هي مجرد عادة، ويمكن للعادات أن تتغيَّر. لذا دعنا نرى كيف يتم ذلك. ولكن أولاً، عليك أن تفهم كيف تتشكل العادات.
تخيل في ذهنك عندما تعلمت القيادة. في البداية، لم يكن الأمر أقلَّ من كابوس: كُل تلك الدَّواسات والمرايا، وصعوبة المناورة و رَكنِ السيارة! بعد الدروس القليلة الأولى، لربما تكون قد فكَّرتَ في التَّخلي عن الأمر برمَّته. لكن عزيمتكَ كانت قوية، لذا استمرَّيتَ في دروسك. وبعد ذلك بشهرين، تمخَّضت جهودك عن اجتياز اختبار القيادة. على الرَّغم أنَّ الدروس التي قد تعلمتها كانت مفيدة بكل تأكيد، إلا أنَّ السَّبب الحقيقي وراء تحولك إلى سائق ماهر هو قوة العادات. فكر فقط في عدد المرات التي تدربت فيها على تغيير السرعة، وقيادة السيارة للوراء من أجل أن تَركِنها، وما إلى ذلك. فقد اتَّضحَ أنَّ المرَّات القليلة الأولى كانت سيئة بشكل محرج، لكن مع مواظبتكَ على ذلك، أصبحت أفضل؛ وفي النهاية أصبحت المهارات والتقنيات المطلوبة مُجرَّد عادات لديك.
إذاً هذه هي الطريقة التي تتشكل بها جميع العادات: التكرار المستمر لسلوك معين. وبمجرد تبَنّي هذه العادات، يصبح من الصعب جداً تركها (فكِّر فقط في الصعوبات التي يواجهها النَّاس عندما يقررون الاقلاعَ عن التَّدخين).
ولكن، يوجد طريقة للقيام بذلك ...
فبدلاً من محاولة تركِ عادةٍ ما، اعمل على استبدالها بشيء أكثرَ إيجابية. وبالعودةِ إلى مثالنا عن الغفوة، إذا ما أجبرتَ نفسك على الخروج من السرير عندما يرنُّ المنبه، فيمكنك عندئذٍ تسخيرُ تلك الدقائق العشر لممارسة بعض التَّمارين البسيطة. صحيحٌ أنَّه قد يصعبُ عليك الأمر كثيراً في الأيام القليلة الأولى، لكن استمر، ولن يَسهُلَ عليك وقتئذٍ استبدال الغفوة بالتمارين الرياضية وحسب، بل ستصبح هذه عادةً بالنسبة لكَ بعد بضعة أسابيع. أي بمعنىً آخر، سوف تستبدل عادتك القديمة السَّلبية بأخرى إيجابيَّة.
استردَّ وقتكَ من جديد:
بتَّ الآن تعرِفُ أسرار زيادة أوقات فراغك. استخدم هاتفك الذَّكي لتحسين إدارة وقتك، وجدولة مهامك، واستبدال العادات التي تُهدر وقتكَ فيها ببدائل مثمرة. وكل ما تبقى الآن هو أن تُبادر لاتخاذ تلك الإجراءات.
وكما يقول المثل الشهير: "رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة". لذا خُذ أولى خطواتك الآن.
أضف تعليقاً