أظهرت الأبحاث مراراً وتكراراً كيف أنَّ مشاركة الموظفين لها تأثير إيجابي في إنتاجية الشركة، ومن الأمثلة التوضيحية النموذجية عن ذلك كيف وجدت دراسة أُجرِيت عام 2015 حالات زادت فيها الشركات من مشاركة موظفيها بنسبة 5% فقط، وشهدت نمواً في الإيرادات بنسبة 3% في العام التالي. يوضح هذا الأمر أنَّه يجب متابعة مستويات أعلى من مشاركة الموظفين؛ وذلك بسبب تأثيرهم الإيجابي في الإنتاجية.
الدافع الأساسي وراء مشاركة الموظفين يكاد يكون حصرياً من اختصاص قسم الموارد البشرية في الشركة؛ ومن ثم يتحمل المديرون والمديرون التنفيذيون للموارد البشرية القسم الكبير من المسؤولية عندما يتعلق الأمر بتعزيز مستويات مشاركة الموظفين بكفاءة وفاعلية. ومع ذلك، فإنَّ هذا الأمر يطرح مشكلة - ألا وهي كيف يمكن تحسين "المشاركة"، التي تُعَدُّ مقياساً ذاتياً لرضى الموظف - عندما يكون هناك العديد من التحديات الكامنة في تحديد هذا المتغير.
مع أهمية مشاركة الموظفين، إلا أنَّه من الصعب قياسها؛ إذ إنَّ تحويل المشاعر الإنسانية إلى بيانات قابلة للتطبيق أمر صعب. ومع ذلك، فقد صنفت مؤسسات مثل "إي بي كيو سي" (APQC) المشاركة على أنَّها مزيج من ولاء الموظفين لشركتهم والالتزام بالمنصب الذي يشغلونه وأخلاقيات العمل عموماً.
لكنَّ السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو عن كيفية تصميم وتطبيق سياسات واستراتيجيات الموارد البشرية، التي تزيد من الالتزام وأخلاقيات العمل وتنظيم موظفي الشركة، أما على المستوى الاستراتيجي، فيمكن تحقيق ذلك من خلال التركيز الكبير على جهود بناء الفريق.
إنَّ بناء الفريق الفعال له نتائج إيجابية ومحددة للموظفين الذين لديهم تأثير مباشر في المشاركة؛ إذ تعمل الأحداث والنشاطات المصممة خصيصاً لتعزيز التواصل الثنائي الفعال على تحسين مستويات المشاركة؛ أي تعمل على تكوين روابط شخصية بين الموظفين، وبالإضافة إلى ذلك، تظهر الدراسات أنَّ وجود أصدقاء في العمل يؤدي إلى نتائج إيجابية.
دور الموارد البشرية:
إنَّ دور الموارد البشرية - بحد ذاته - من شأنه أن يجعل بناء الفريق طريقة فعالة جداً من حيث التكلفة لتحفيز المشاركة، لكنَّ الأدلة لا تتوقف عند هذا الحد؛ إذ وجدت دراسة من منصة "لينكد إن" (LinkedIn)، أنَّ 46% من المهنيين وجدوا أنَّ إنشاء صداقات في العمل جزء لا يتجزأ من سعادتهم العامة؛ وهذا يوضح أنَّ نحو نصف القوى العاملة المهنية العالمية تسعى إلى المشاركة في بيئات عمل تفضي إلى تفاعل إيجابي بين الأفراد.
نتيجة لذلك، يحتاج المديرون والمديرون التنفيذيون للموارد البشرية إلى أن يدركوا استراتيجيات بناء الفريق الفعالة جداً، وكيف يمكن تطبيقها عبر الشركة، وفي أغلب الأحيان، تقع مسؤولية هذه العمليات على عاتق فرق محددة من موظفي الموارد البشرية، لكنَّ هؤلاء الأفراد يحتاجون إلى تعليمات محددة بوضوح لاختيار الأحداث والنشاطات المناسبة التي ستعزز الهدف المتمثل في تحفيز مستويات أعلى من المشاركة.
شاهد بالفديو: 6 خطوات لبناء فرق العمل الفعالة
بناء الفريق عبر الاستعانة بمصادر خارجية:
بعض أنواع التوجيه الأكثر فاعلية التي يمكن لقيادة الموارد البشرية تقديمها هي تلك التوجيهات التي تكون على المستوى الكلي للشركة، ومن أهم الأمور التي يجب التأكد منها هو ما إذا كانت الشركة ستستعين بشركة خارجية للمساعدة على بناء الفريق؛ ففي أغلب الأحيان، تكون الاستعانة بمصادر خارجية في هذه الحالة خياراً فعالاً جداً من حيث التكلفة؛ إذ إنَّه يخفف الضغط الذي قد يُفرَض على موظفي الموارد البشرية الحاليين لوضع وتنفيذ نشاطات وسيناريوهات بناء الفريق، كما أنَّه يوفر نوعاً من الخبرة الذي لا تمتلكه كل منظمة.
هناك بالطبع تحديات تطرح نفسها عند التعامل مع طرف ثالث؛ إذ تفتقر المؤسسة الخارجية إلى المعرفة الوثيقة بشركة ما، التي قد تكون مطلوبة لتوفير نشاطات بناء الفريق المصممة خصيصاً، والتي سيكون لها التأثير الإيجابي الأكبر في العاملين في الشركة؛ وهذا يتطلب من أقسام الموارد البشرية العمل جنباً إلى جنب مع أي مؤسسة تدريب مُستعان بها خارجياً لضمان تحقيق أفضل النتائج.
إنَّ الالتزام الواضح بالتواصل والتبادل المنفتح للأفكار على مستوى المدير يحدد نمط التفاعلات بين فرق الموارد البشرية ومقدمي التدريب، مع التركيز على المشاركة التي تعزز الإنتاجية، التي تُعَدُّ هدفاً تنظيمياً نهائياً لبناء الفريق في المقام الأول.
لقد وُضِّحت أهمية مشاركة الموظفين في الإنتاجية الإجمالية للشركة مراراً وتكراراً؛ إذ تعمل نشاطات بناء الفريق المجدولة بانتظام على إقامة روابط شخصية بين الموظفين يمكن أن تزيد من مشاركتهم - أحياناً بدرجة كبرى - لذلك، يجب أن تضع قيادة الموارد البشرية في الشركة أولوية عليا لبناء الفريق بوصفه وسيلة لزيادة مشاركة الموظفين عموماً، وتعزيز الإنتاجية التنظيمية.
أضف تعليقاً