ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب ديفيد د. بيرنز (David d. Burns)، ويتحدَّث فيه عن كتابه الجديد "الشعور الرائع"، بعد النجاح الباهر الذي حققه كتابه السابق "الشعور الجيد" في علاج حالات الاكتئاب.
أهمية كتاب "الشعور الجيد":
أحد أسباب استمرار شعبية كتابيَّ هو البحث الرائد الذي أجراه الدكتور فورست سكوجين (Dr. Forrest Scogin) وزملاؤه في كلية الطب بجامعة ألاباما (University of Alabama School of Medicine)، فقد أفاد هذا البحث بأنَّه إذا تم إعطاء نسخة من كتاب "الشعور الجيد" (Feeling Good) إلى الأشخاص الذين يسعون إلى الحصول على علاج للاكتئاب المعتدل إلى الشديد، فإنَّ أكثر من 50% منهم سيتحسنون كثيراً في غضون أربعة أسابيع، لدرجة أنَّهم لن يريدوا العلاج أو يحتاجوه حتى، والأمر الهام هو أنَّ المرضى الذين تم إجراء البحث عليهم لم يتلقوا أي علاج نفسي أو مضادات للاكتئاب طوال مدة الدراسة وهي 4 أسابيع.
كما أشارت دراسات المتابعة الدورية طوال 3 سنوات أنَّهم لم ينتكسوا بل على العكس استمروا في التحسن بعد "العلاج بالقراءة" الأولي مع "الشعور الجيد" (Feeling Good)، لهذا السبب ما يزال كتاب "الشعور الجيد" (Feeling Good) هو الكتاب الأعلى تقييماً والأكثر مبيعاً عن الاكتئاب.
شاهد بالفيديو: 6 طرق تساعدك في التغلب ذاتياً على الاكتئاب
تكملة كتاب "الشعور الجيد":
أمَّا الآن فقد كتبت أول تكملة حقيقية لكتاب "الشعور الجيد" (Feeling Good)، وذلك لسبب معيَّن؛ كان الكتاب بشكل رئيسي يدور حول العلاج السلوكي المعرفي (CBT) والذي كان إنجازاً عظيماً غيَّر مسار تاريخ الطب النفسي وعلم النفس.
عندما كتبتُ "الشعور الجيد" (Feeling Good) لم يكن سوى عدد قليل من المعالجين المعرفيين موجودين في العالم، وقد اعتُبرنا حينها دجالين، لكن منذ نشر "الشعور الجيد" (Feeling Good) أصبح العلاج السلوكي المعرفي أكثر أشكال العلاج النفسي شيوعاً والأكثر بحثاً على نطاق واسع في التاريخ.
بالرغم من أنَّ العلاج السلوكي المعرفي كان رائعاً إلا أنَّه لم يكن مثالياً، وفي الواقع تكشف دراسات النتائج لجميع العلاجات الحالية للاكتئاب أنَّ نصف المرضى أو أقل بقليل يعانون من انخفاض بنسبة 50% في أعراض الاكتئاب بعد أشهر من العلاج.
في الحقيقة إنَّ التحسن بنسبة 50% ليس أمراً جيداً، فالمرضى لا يرغبون في الشعور بالاكتئاب بشكل خفيف أو متوسط بل يريدون التخلص التام من أعراضه، ويريدون أن يشعروا بزيادة كبيرة في الشعور بالسعادة والفرح أيضاً، لكنَّ الكثير منهم – ويمكن القول معظمهم - لا يصلون إلى هذه النتائج ببساطة من خلال أي من العلاجات الحالية.
تجربة سريرية:
تجربتي السريرية (مع أكثر من 40 ألف جلسة علاجية مع مرضى الاكتئاب والقلق) والأبحاث المنشورة طوال العقود الأربعة الماضية عن كيفية عمل العلاج بالفعل، قد قدمت أدلة هامة عن سبب تحسن بعض المرضى بينما لا يتحسن بعضهم الآخر، ويبدو أنَّ الإجابة تنطوي على بُعد هام ولكنَّه مُهمَل إلى حد ما، وقد أطلق عليه طبيب الأعصاب سيغموند فرويد (Sigmund Freud) اسم "المقاومة" العلاجية.
تعني المقاومة أنَّ لدى معظمنا مشاعر مختلطة عندما يتعلق الأمر بالتغيير، فمن ناحية قد نرغب بشدة في التغيير ولكنَّنا نبدو بالمقابل وكأنَّنا نقاومه، وقد عبَّر المعالج النفسي أنتوني ديميلو (Anthony DeMello) عن الأمر بهذه الطريقة: "نحن نتوق إلى التغيير ولكنَّنا نتشبث بما هو مألوف لدينا".
ربما تكون قد اختبرت هذا بنفسك، فمثلاً نقول إنَّنا سنتوقف عن المماطلة والتأجيل، أو نريد بشدة إنقاص وزننا أو أنَّنا يجب أن نتوقف عن جلد أنفسنا بأفكار النقد الذاتي، ولكن لا يبدو أنَّ هذا يحدث أبداً.
سبب المقاومة:
حسناً، يوجد أمر رائع ستسرُّك معرفته: طوال الـ 15 عاماً الماضية وخلال عملي مع مجموعتي التدريبية الأسبوعية للعلاج النفسي في ستانفورد (Stanford)، أعتقد أنَّني اكتشفت أخيراً سبب "المقاومة"، وهو لغز حاول فرويد (Freud) حلَّه لكنَّه فشل في ذلك، وأمر رائع آخر هو أنَّ أعراض الاكتئاب والقلق التي تعاني منها ومقاومتك للتغيير ليست نتيجة عيب ما فيك بل هي نتيجة قيمك وصفاتك الحميدة.
الاكتئاب والقلق ليسا في الواقع من ضمن "الاضطرابات العقلية" التي تنتج عن "اختلال التوازن الكيميائي في عقلك"، وإنَّما يُعبِّران عن أجمل ما فيك وعن قيمك الأساسية، وفي اللحظة التي "تبصر فيها هذا" فجأة، فستختفي مقاومتك فجأة أيضاً، وسيكون التعافي قاب قوسين أو أدنى منك.
في الختام:
يمكنك معرفة كل شيء عن هذه التقنيات القوية في كتابي الجديد "الشعور الرائع" (Feeling Great) (سبتمبر/أيلول 2020) وهو غير مخصص للمعالجين فقط، بل لكل من يريد تعديل طريقة تفكيره حتى يتمكن من التغلب على الاكتئاب والقلق ويريد أن يشعر بالروعة، وأنا مقتنع بأنَّ هذا هو "العلاج" الذي يبحث عنه معظمنا.
أضف تعليقاً