وبالتوازي مع التطور الذي شهدته وتشهده الحضارة الإنسانية، قد تطورت التِّجارة بالوتيرة ذاتها أيضاً؛ حيث توسَّع نطاقها لتصبح بين دولتين أو أكثر، وهكذا ظهر مفهوم التِّجارة الدوليَّة.
وكان للانفتاح الاقتصادي دور بالغ الأهمية في حدوث تطوُّر كبير في هذا النوع من التِّجارة، وقد شرعت البنوك بتقديم التسهيلات المصرفية، وهذا ما أدى إلى تسهيل وزيادة التِّجارة والتبادل الدولي.
ولمزيد من المعلومات حول التِّجارة الدوليَّة، سنتطرق في هذا المقال إلى الحديث عن النقاط التالية:
- مفهوم التِّجارة الدوليَّة.
- أهمية التِّجارة الدوليَّة.
1. مفهوم التجارة الدولية:
تُعَّرف التِّجارة الدوليَّة بأنَّها:
العملية التي يتم فيها تبادل السلع والخدمات، ولكن عبر الحدود والمناطق المختلفة، وبين الدول الموجودة فيها والدول التي تحتاج إليها؛ أي أنَّ هناك دولة مصدِّرة وأخرى مستوردة، وتُشكِّل حصة كبيرة من الناتج المحلي الإجمالي في مختلف البلدان، وتختلف عن التِّجارة المحلية التي تتم كلياً داخل البلد الواحد؛ وقد يطلق على التِّجارة الدوليَّة أحياناً اسم التِّجارة العالمية أو التِّجارة الخارجية.
وللتجارة الدوليَّة مجموعة من القوانين تُطبَّق على هذا النوع من العلاقات التجارية، وتشمل هذه القوانين: الاعتمادات المصرفيَّة، والنقل والتأمين، والملكيَّة الصناعية، وعقود نقل التكنولوجيا، والشركات المتعددة الجنسيات والاستثمارات.
وتُمثِّل التِّجارة الدوليَّة أحد فروع التِّجارة الذي يختص بمجال المعاملات التجارية التي تتم بين الدول، والتي يتم تبادلها بين البلد المصدر (الدولة البائعة) والبلد المستورد (الدولة المشترية).
ولنا أن نعلم أنَّ منظمة التِّجارة العالمية هي التي تقوم بدعم التِّجارة الدوليَّة، وتأخذ على عاتقها كل ما يتعلق بها من قوانين ناظمة لها بين مختلف البلدان.
وإنَّ منظمة التِّجارة الدوليَّة: هي منظمة عالمية، لها مقر في مدينة جنيف بسويسرا، وكانت نشأتها نتيجة للمفاوضات التجارية الدوليَّة متعددة الأطراف، وإنَّ مهمتها الأساسية هي ضمان انسياب التِّجارة الدوليَّة انسياباً سلساً وسهلاً ويسيراً، وتضم 164 دولة من مختلف أنحاء العالم.
وتعود نشأت قانون التِّجارة الدوليَّة في البداية إلى أواخر القرون الوسطى؛ حيث بدأ ذلك عبر التبادل التجاري الذي حصل في غرب أوروبا ابتداءً من القرن الحادي عشر في المدينة الإيطالية جينوا، فقد اشتهرت هذه المدينة بحركة نشطة من المبادلات التجارية بين جهات مختلفة من العالم.
شاهد بالفديو: أكبر 5 تحديات في الاقتصاد العالمي الجديد وطرق مواجهتها
ويعدُّ القانون حديث النَّشأة؛ وذلك لأنَّ المجتمع الدولي تحرَّك في أواخر القرن الثامن عشر من أجل وضع قانون تجاري دولي، من خلال عقد اتفاقيات دوليَّة في مجال المبادلات التجارية، وكانت تراتبية هذه الاتفاقيات كما يلي:
- اتفاقية (الجاتGATT) سنة 1947: وهي اتفاقية خاصَّة بالتعريفة الجُمرُكيَّة.
- اتفاقية لاهاي: وهي اتفاقية خاصَّة بالبيع الدولي للمنقولات الماديَّة عام 1964.
- اتفاقية روما: وهي اتفاقية خاصَّة بالبيع الدولي للبضائع عام 1980.
- المُنظمة العالميَّة للتجارة ابتداءً من عام 1993 وحتى عام 1995.
وغيرها الكثير من الاتفاقيَّات.
وترتبط الخاصيَّة التابعة لاتفاقية لاهاي بنشأة أحكام وقواعد قانون التِّجارة الدوليَّة، الذي كان في بدايته مجموعة من الأحكام التي كانت متداولة بين الممتهنين في مجال التِّجارة الدوليَّة؛ وهذه الخاصيَّة تُحدد القانون المُختص بالعلاقات التعاقدية ذات العنصر الأجنبي، ومن ثمَّ فإنَّ أحكام قانون التِّجارة الدوليَّة تُنظِّم تنظيماً مباشراً تلك الموضوعات، بشروط واقعيَّة وقواعد موضوعية موحَّدة، تندرج تحت العلاقات والمُعاملات التجارية الدوليَّة كُل مجال على حدة، وهذه القواعد تُنظم البيوع الدوليَّة، والتأمين والنقل، والأوراق والوثائق والمستندات والاعتمادات المصرفية.
2. أهمية التجارة الدولية:
لقد ازدهر وتطوَّر الاقتصاد في كافة دول العالم نتيجة ازدهار وتطوُّر التجارة الدولية وقوانينها؛ ولنا أن نرى أهميتها البارزة في الدور الذي تلعبه في دعمها للمنافع التي تخلقها لدى الدول التي تكون نشطة لديها؛ حيث إنَّها تدعم استفادة كل دولة من المميِّزات التي تُقدِّمها الدول الأُخرى؛ وينتج ذلك بسبب عدم قدرة بعض الدول على توفير حاجات مجتمعاتها بالاعتماد على مواردها المحليَّة فقط، كما من الممكن الاستفادة من هذه الموارد في حال استخدامها بطرائق جديدة ومبتكرة تتميز بالإبداع؛ بهدف تصديرها إلى دول العالم، ويمكننا توضيح أهمية التِّجارة الدوليَّة توضيحاً دقيقاً إلى حدٍّ ما بناءً على النقاط الآتية:
- لها دور أساسي في ظهور الاقتصاد العالمي، فمن خلال العرض والطلب وتباين الأسعار تأثرت الأحداث العالمية تأثراً كبيراً.
- ساهمت ولا زالت تساهم هذه التِّجارة في تعزيز وجود اقتصاد دولي يتأثر ويُؤثر في الطلب والعرض والأسعار الدوليَّة.
- تعدُّ الوسيلة المُباشرة لتعزيز العلاقات الدوليَّة؛ وذلك بسبب دورها في ربط الدول معاً.
- تُساهم في توفير الكثير من الخدمات والسلع بالاعتماد على مبدأ التخصص، الذي يُوفر المُنتجات بأقل الأسعار.
- تدعم القدرة التسويقية للبلد؛ وذلك من خلال إنشاء العديد من الأسواق الجديدة للمُنتجات المتنوعة في البلدان الأخرى.
- تُساعد على رفع مُعدَّل الرفاهيَّة لأفراد المُجتمع؛ وذلك عن طريق توفير العديد من المُنتجات التي تؤدي إلى تنوُّع خيارات الأفراد سواء للاستهلاك أم الاستثمار أم حتى في بعض الأحيان للادخار.
- تُصنَّف على أنَّها من المؤشِّرات المهمة لقياس القدرات الخاصة بالدول على المُنافسة، وتسويق المُنتجات، والإنتاج، في الأسواق العالميَّة والدوليَّة.
- تُشارك الدول في بناء أنظمةٍ اقتصاديَّة قويَّة، وتُعزِّز من التنمية المُستدامة فيها؛ وذلك عن طريق توفير المعلومات الرئيسة، والوسائل التكنولوجيَّة المُناسبة.
- تدعم التنمية الاقتصاديَّة؛ وذلك من خلال تطوُّر الدَّخل القومي، الذي يساهم في تحسين التنمية الخاصة بكل دولة.
- تساهم في دعم النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل.
- تساهم في دعم المُنشآت المحليَّة، وتزويدها بالخبرة الكافية لتقديم المُنتجات للأسواق العالميَّة الخارجيَّة.
- تساهم في حصول المُنشآت على ميِّزةٍ تنافسيَّةٍ في مجال التِّجارة الدوليَّة.
- تساهم في زيادة الاهتمام بالمُنافسة الأجنبيَّة المُعتمِدة على الواردات في تقليل أسعار المُنتجات على المُستهلكين.
- تساعد على توفير أصناف متنوِّعة للأفراد من الخدمات والسلع.
- تعدُّ أكثر الوسائل المناسبة لاستغلال الموارد الموجودة في العالم استغلالاً جيداً.
- المحفِّز الأول للدول والأقطار المختلفة على زيادة إنتاجيَّتها من السلع، ومن ثمَّ إشباع الاحتياجات السوقية المحلية والعالمية.
- تعمل على تقوية العلاقات السياسية بين البلدان وتوطيدها؛ حيث تعزز من العلاقات الدبلوماسية بين الدول، فتقوم الدول بإبرام العديد من الاتفاقيات والصفقات من خلال الاستيراد والتصدير للسلع والخدمات.
- تعدُّ بمنزلة شريان الحياة للدول، فمن خلالها يتم تبادل ونشر الثقافات والحضارات بين الدول.
- تساهم في تعزيز ميزان المدفوعات للدولة المصدِّرة؛ حيث إنَّ زيادة الصادرات عن الواردات ستؤدي إلى وجود فائض في ميزان المدفوعات ومن ثمَّ زيادة فائض وثروة الدول.
- تؤدي إلى زيادة الدخل القومي للدولة المصدِّرة، وتؤدي زيادة الإنتاجية بدورها إلى زيادة الدخل القومي ومن ثمَّ تحقيق التنمية الاقتصادية.
- تساهم في الاستفادة وتبادل الخبرات بين الدول، سواء كانت خبرات مادية أم بشرية أم تكنولوجية.
- تساعد الشركات على اكتساب المزيد من الخبرة، وإتاحة الفرص للتطوير واعتماد التقنيات والمعايير الصناعية من منافسيها الأجانب.
- المساهمة في زيادة نقل التكنولوجيا؛ وذلك لأنَّها تنتقل من مؤلفها إلى المستخدم الثانوي، وغالباً ما يكون هذا المستخدم الثانوي دولة نامية.
- تؤدي التِّجارة الدوليَّة إلى زيادة الكفاءة، بالإضافة إلى أنَّها تسمح أيضاً للدول بالمشاركة في الاقتصاد العالمي، مما يشجِّع فرص الاستثمار الأجنبي المباشر، والذي يشير إلى مقدار الأموال التي يستثمرها الأفراد في الشركات والأصول الأجنبية.
- تمكين الاقتصاد من النمو بكفاءة أكبر وجعله مشاركاً اقتصادياً منافساً.
- يعدُّ الاستثمار الأجنبي المباشر بالنسبة إلى الدول المستوردة وسيلة يمكن من خلالها الاستفادة من دخول العملات الأجنبية والخبرة إلى البلد.
- تساعد على رفع مستويات التوظيف والتخفيف من البطالة مساعدة كبيرة.
- تساهم في إعادة تخصيص القدرة التصنيعية؛ حيث إنَّه عندما تقوم إحدى الشركات بالتعهد بمصادر خارجية لمنتجاتها السلعية المنخفضة، فإنَّها تحرر القدرة التصنيعية للشركة لزيادة إنتاجها على كفاءتها الأساسية.
في الختام:
ليس منَّا إلَّا أن نتوجه لك أيُّها القارئ العزيز طالبين كل العناية والاهتمام والتركيز على مثل هذه الموضوعات، فهي تبث في النفس روح الاجتهاد وطلب العلم والمعرفة لكي تنهل المزيد من فيض هذا البحر الواسع، فإنَّ عالم التجارة والاقتصاد وبالتحديد التجارة الدولية والعالمية فيه الكثير من المعلومات والفوائد، والكثير من الفروع والأبواب، واقتصر مقالنا على توضيح وذكر ما تقدَّم منها.
أضف تعليقاً