1. الأُلفة الثقافية:
تلعب الألفة دورها على جميع الأصعدة، وتبدأ من المستوى الثقافي؛ فإذا كُنت تتعامل تجاريّاً على الصعيد العالمي، فَكُن على حذرٍ ودرايةٍ بالثقافة التي ستتعامل من خلالها مع زبائِنك. فالبريطانيون -مثلاً- يَتقبَّلون الفكاهة ويستخدمونها في المقابلات البيعيَّة، في حين ينظرُ معظم مواطني الدول الأوروبية إلى إلقاء النكات في أيّ اِجتماع على أنَّه "ضربٌ مِن الغباء".
كما أنَّ للشركات الكبرى -وللزبائن أيضاً- ثقافتهم الخاصة، وأنت بِحاجةٍ إلى الإلمام بها إذا ما أردت النجاح في التعامل معهم.
2. الأمان:
طالما أنَّك لا تبدأ حديثك بالمناقشات التي تتناول الموضوعات المُثيرة للجدل مِثل العقيدة والسياسة والرياضة، فمن غير الممكن أنْ تُشكِّل تهديداً شخصياً للزبون؛ حتى وإنْ شكَّلَ مُنتجك ذلك التهديد.
ومن المفارقات المضحكة أنَّه كلما كان منتجك جيداً، زاد حجم التهديد؛ ذلك لأنَّ الشراء يمثل تغييراً، وكثيراً من الناس يشعرون بالتهديد من جرَّاء التغيير. فعندما تُنجزُ صفقة بيعٍ كبيرة، فقد يؤدي ذلك إلى زعزعة استقرار المصالح الثابتة.
إحدى أفضل الطرائق لتقليل التغيير إلى الحَدّ الأدنى هو أنْ تُركِّز على كيفية جعل مُنتجك يتيح إلى الزبائن فعل ما اعتادوا أنْ يفعلوه دائماً، ولكن بطريقةٍ أفضل. فمثلاً: في حين قد يكون نظامٌ جديدٌ للحاسب الآلي شيئاً مختلفاً تماماً، بيد أنَّه سيُؤدي نفس العمل بصورةٍ أسرع.
3. الأُلفة الشخصية:
يعني هذا بناء حالة من الثقة المتبادلة أثناء أيَّة مقابلة تجري وجهاً لوجه. ونحن نُحقق التواصل مع النَّاس ونؤثر عليهم من خلال ثلاث قنوات رئيسة هي:
- لغة جسدنا التي نوحي بها.
- نَبرة صوتنا التي نَنْطِق بها.
- كلماتنا التي نُعَبِّر من خلالها.
إنَّنا نُحقق الأُلفة ونُحافظ عليها منْ خلال تحقيق التوازن بين هذه القنوات الثلاث، فعندما يتشابه الناس يَتحابون فيما بينهم؛ فالطيور على أشكالها تقع.
كما يُعدُّ التوافق مع لغة الجسد بهدف إقامة علاقةٍ منَ الثقة والمصداقية مهارةً يُمكن اكتسابها وصقلها من خلال عملية التعلَّم، ذلك بالإضافة إلى كونها مهارةً فطريّةً يستخدمها المحاورون المتفوقون في كلّ مهنة.
4. لغة الجسد:
4. 1. المظهر الخارجي:
إنَّ مَلبسك ومَظهرك الخارجي هما أول ما يلاحظه الآخرون. لذا تُعدُّ طريقة اللبس المقبولة في ثقافة الأعمال إحدى طرق التوافق مع تلك الثقافة؛ فنحن نُشكِّل اِنطباعات الآخرين عنَّا خلال فترةٍ قصيرةٍ جداً (أقل من 10 ثوان)، وتؤخذ هذه الانطباعات الأولى بصفةٍ رئيسةٍ على أساس الملبس والمظهر الخارجي.
لا يُدرك أحدٌ على وجه الدِّقة ما تحمله الأحكام الشخصية والانطباعات الماضية في تلك اللحظات الأولى من اللقاء؛ إذ يُصدِر بعض الناس أحكاماً سريعة لا تقبل النقاش بأنَّ الذي يحظى بالقبول فقط هو رجل أبيض قصير الشعر في منتصف العمر، ويرتدي ثياباً باهظة الثمن.
لذا لا تدع العادة تتغلّب على كيفية اِرتدائِك لزيِّك والعناية بنفسك، وكُن أنيقاً ومتوافقاً مع الثقافة التي ستباشر عملك من داخلها. واعمل على المزج بين نمط ثقافة زبائنك، وبين نمطك الشخصي والأشياء التي تفضلها.
يَدل مظهرك الشخصي على ما تشعر به نحو نَفسك. وكلّما كنت راضياً عن نفسك، زادت فرصة رضا الآخرين عنك أيضاً.
ومع ذلك؛ فإذا أحسست بأنَّك مرفوضٌ مقدماً وبطريقةٍ غير عادلة، فَتذكَّر أنَّ العيب ليس فيك؛ بل في أنَّ أُفُقَ الشخص الآخر ضَيِّق جداً بحيث لن يسمح لك بالولوج فيه.
4. 2. وضع الجسم وحركته:
لتحقيق الأُلفة والثقة في إحدى المناسبات التي تحضرها، يتعيَّنُ عليك أنْ تنظر حولك وتراقب من تعتقد أنَّهم على وئامٍ مع بعضهم بعضاً، ومن هم ليسوا كذلك.
تكون بعض حالات توافق لغة الجسد واضحة، فإذا كان الزبون جالساً فَعَلْنا ذلك أيضاً، فإذا هبَّ واقفاً، فإنَّ وقوفنا سيمنحه إحساساً أكبر بالراحة.
أما إن كان يصدرُ عن الشخص الآخر الكثير من الإيماءات، فقد تَجِد أنَّه مِنَ الصَّعب عليك أنْ تظلَّ ساكناً. وانتبه إلى أنَّك إذا أكثرت من التواصل البصري فقد لا تتحقق الأُلفة بالضرورة، لذلك انظر إلى الزبون بالقدر نفسه الذي يَنْظُرُ فيه إليك. واجعل لغة جسدك في حدود التوافق مع الوضع العام للجسم وسرعة الإيماء ومقدار التواصل البصري. حقق ذلك التوافق تدريجياً وليس في الوقت نفسه.
تذكَّر أنَّ تحقيق التوافق لا يعني أبداً "التقليد الأعمى" فذلك أمرٌ مكشوف يعطي عكس النتيجة المرجوّة تماماً.
كما تُعدُّ طريقة استخدامنا للحَيِّز المحيط بنا جزءاً من لغة الجسد؛ فجميعنا يحتاج إلى حَيِّزٍ يحيط به، والذي يشعر بعدم الراحة إذا ما تم اِختراقه من دون السماح بذلك.
تبلغ المسافة التقريبية للحيِّز الشخصي هذا بحدود 18 بوصة (45 سم) حولنا في حالة الوقوف، لذا سيبتعد الناس عنك لاشعورياً عندما تخترق ذلك الحاجز.
هنالك تحذيران في هذا الصدد:
- أنْ تبدأ في العمل على التوافق مَعَ لُغة الجسد ضمن مواقف آمنة مع الأسرة والأصدقاء والزملاء، قبل أن تستخدمه مع الزبائن.
- أنْ تُحقق حالة الأُلفة التي يُعدُّ التوافق مع لغة الجسد جزءاً منها؛ والتي تنبع مِن الاِهتمام الخالص بالزبون والرغبة الحقيقية في معرفته.
إنَّه لمن المفيد أن تدرك أنَّ الأُلفة ليست بأسلوب مبيعات يمكن تطبيقه على الزبائن، وإنَّما هي طريقةٌ قويّةٌ تتيح إليكَ الولوج إلى عالمهم، والتَوصُّل إلى معرفتهم على نحوٍ أفضل.
5. ماذا تعني لغة الجسد؟
ترى بعض المدارس الفِكريَّة أنَّ هناك أوضاعاً أو إيماءاتٍ مُعينة لها نفس المعنى دائماً، فقد قرأنا -على سبيل المثال- أنَّه حينما يَعقِدُ زبونٌ ما ذراعيه فوق صدره، فإنَّه يكون غير مكترث لما يستمع إليه. أما حينما يعود مرتكزاً إلى الخلف؛ فهو بذلك يتراجع مُنسحباً. ومن يَفرُك جانباً من أنفه فهو يَكذب.... وهكذا.
والأمر ليس كذلك حقيقةً، إذ لا يمكنك القول أنَّ صدورَ إيماءةٍ عنْ شَخصٍ ما ستعني نفس الشيء في كلّ مرة. لذا أنت بحاجةٍ إلى مشاهدة ما يفعله الزبون الذي أنت بصدد التعامل معه.
إنَّ الكلمات التي يقولها الناس والإيماءات التي تصدر عنهم ذات مغزىً فرديّ وشخصيّ. وفهم المغزى وراء إيماءات معينة تصدر عن زبائن معينين؛ يُعرف علمياً باِسم "المعايرة" ويتطلب منك دقة الملاحظة، وليس حفظ قائمة من السِّمات المعدَّة مُسبقاً.
6. نبرة الصوت:
تُمثل نبرة الصوت ثاني أهَمّ قناة منْ قنوات التواصل؛ فلكي تَكتسب الأُلفة مع الزبون، يجب أنْ يتوافق صوتك مع صوته: أي أنْ تُنصِتَ لما يقوله وتستخدم بعضاً منْ كلماته وعباراته الهامة على نفس القدر من الاِهتمام بالتوافق مع مظاهر صَوتِه؛ مثل سرعة التحدُّث وعُلوّ الصوت وشِدَّتِه.
تصوَّر عازِفَيْن يرتجلان عزْفاً مزدوجاً، فكلما حَققا قدراً أكبر منْ الإيقاع والتناغم معاً كلما كان صوت المعزوفة أكثر إطراباً وإرضاءً. ولتحقيق ذلك فإنَّ كلاًّ منهما يُنصت إلى الآخر، وذلك لتحقيق مزيجٍ من الأصوات تكوِّنُ النغمات المطلوبة.
ابدأ بالتوافق مَع درجة الصوت وسرعته؛ إذ يتحدّث الشخص بنفس القدر من السرعة والدرجة التي يرتاح إلى سماعها. وأيَّاً تكن درجة إعدادك للعرض المكتوب ودرجة إلمامك بالتفاصيل الفنيّة قويّة، فلن يستجيب الزبون إذا ما تسبب له صوتك بأن ينفر منك (والعكس بالعكس).
7. المجاراة والقيادة:
إنَّ التوافق هو أحد الأمثلة لما يعرف بـِ (المجاراة) وهو أنْ تصاحب الزبون إلى داخل عَالمِه، من خلال تقدير وجهة نظره.
يعدُّ التوافق مع لغة الجسد ونبرة الصوت مجاراةً خاليةً من التعبيرات اللفظية؛ كأن تمشي بجوار شخصٍ بنفس سرعته بينما تتجاذبا الحديث، فإذا تَخلَّفت عنه أو سبقته بمسافةٍ كبيرةٍ توقف عن الكلام.
وعندما توضِّح للزبون أنَّك سمعت ما يقوله وتنظر إليه بعين التقدير مع استخدام نفس كلماته عند التأكد منْ موافقته، فسوف يكون أكثرَ ميلاً إلى الخوض في المناقشة. لكن تَذَكّر مع ذلك أنَّ تفهُّمك لوجهة نظره لا يَعني أنَّه يتعيَّنُ عليك أن توافق عليها.
وإذا تعذَّر عليك في أيِّ وقت أثناء جلسة المبيعات معرفة الخطوة الآتية التي ينبغي عليك اِتِّخاذها، فركِّز انتباهك على مجاراة لغة جسد الزبون ونبرة صوته ودعه يقودك للحظات؛ فبمَجرد معرفتك الوجهة التي تتجه إليها الأمور، ستعلم ما يتعيّن عليك قوله.
8. الكلمات المستخدمة:
الكلمات هامة، لكن ليس بالقدر الذي نطنُّه؛ فقد وجدت التجارب أنَّ الناس يميلون إلى سماع حوالي 50% فقط مما تقوله، ويتذكرون فقط 10% من كلماتك.
كما يميل الإنسان إلى تذكّر ما يجري في بداية الجلسات ونهايتها جيداً، لذا عليك التركيز على إيصال رسائلك في تلك الأوقات تحديداً؛ ذلك بالإضافة إلى استخدام نَبْرة صوتك في التركيز على ما تريد من الزبون أنْ يَتذكَّر من كلامك. ركِّز أيضاً على إبراز كلماتك بإيماءة، ونفِّذ ذلك بطريقةٍ مُنتظمةٍ مع استخدام نَفس الإيماءة عند تكرار رسالتك.
9. الانصات والاِستدراك:
يُعدُّ الاستدراك دليلاً مسموعاً للزبون على أنَّك تُنصِت إليه؛ فإنَّ ذلك يُؤدِّي إلى تحقيق الأُلفة. لكن كيف يمكنك أنْ تعرف كلماته الهامَّة؟ هو سوف يُؤكِّد عليها بنبرات صوتِه، وربَّما يُبرِزها بإيماءةٍ من رأسه، وهو ما ستفعله أنت بالتحديد بطريقةٍ لاشعوريّة، وتعيد إبرازها بالطريقة التي يفعلها الزبون نفسها.
يساعد الاستدراك على تحقيق الأُلفة والاتفاق، فلا تفترض أبداً أنَّك تفهم ما يقوله الزبون، فهو يعيش في عالمٍ مختلفٍ عن عالمك، ويمتلك تصوراتٍ مختلفةٍ عن تصوراتك.
المراجع: البرمجة اللغوية العصبية والبيع الناجح (جوزف أوكونر وروبن بريور).
أضف تعليقاً