ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "إيفان تارفر" (Evan Tarver)، يُحدِّثنا فيه عن تجربته الشخصية في تحقيق النجاح.
قد يبدو أمراً منطقياً، أنَّك إذا كنت تريد أن تصبح رائد أعمال ناجحاً، فأنت تحتاج إلى بناء شبكة علاقات قوية مع الرؤساء التنفيذيين المتميزين، وإذا كنت تريد أن تُعرَف بكونك كاتباً أو موسيقياً ناجحاً في عملك، فمن المنطقي أنَّه يجب عليك بناء علاقة مع مجموعة محددة من الفنانين الناجحين، لكن عندما تفكر في هؤلاء الأشخاص الناجحين، فأنا متأكد من أنَّك تفكر في العوامل التي جعلتهم كذلك.
يُعَدُّ الرئيس التنفيذي ناجحاً عندما يُنشئ شركةً تحقق ملايين الدولارات، أو يخرج من شركة ويصبح شخصاً ثرياً، ويُعَدُّ الموسيقيون ناجحين إذا كان لديهم الملايين من العروض أو مئات الآلاف من المتابعين.
لكن ماذا سيحدث إذا أصبح هؤلاء الأشخاص الناجحون غير محبوبين؟ وماذا لو طرد مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي الذي بحثت عنه لبناء شركة تحقق مليارات الدولارات؟ وماذا لو كان ذلك الموسيقي الذي تحبه قد أصدر أغنيةً واحدةً ثم لم يتمكَّن من إصدار غيرها؟ وهل هم مختلفون عن الأشخاص الذين أردت أن تحيط نفسك بهم قبل أن يواجهوا الفشل الذريع؟
يوجد أمر يميز هؤلاء الأشخاص سمح لهم بصعود سلم النجاح وتحقيق كل ما فعلوه، وقد كان الدافع والحافز والتكتيك أموراً جذبتك إليهم؛ إذ إنَّ علامات النجاح الخارجية، هي ببساطة دليل على أنَّهم يمتلكون القوة الداخلية اللازمة لتحقيق هذا النجاح، وعندما يختفي هؤلاء الأشخاص، يبقى نفس الشخص الذي تحترمه طوال الوقت، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما هو النجاح؟
النجاح الداخلي مقابل المؤهلات الخارجية للنجاح:
وفقاً لمعجم "ميريام ويبستر" (Merriam-Webster): "النجاح هو تحقيق هدف أو غرض معين"، لكنَّني لا أتفق مع هذا التعريف، فهو ينص على أنَّ النجاح هو أمر خارجي وليس اعتقاداً أو طريقة تفكير داخلية، لكن إذا كنت قد حققت حتى ولو مستوى بسيطاً من النجاح الخارجي، فأنت تعلم أنَّ الحافز الداخلي والتركيز هما ما أوصلاك إلى النجاح؛ لذلك فإنَّ النجاح ينبع من الداخل أكثر من كونه مرتبطاً بأمر خارجي.
وهو ما يعيدنا إلى الفكرة المذكورة آنفاً، إذا كنت تريد أن تحيط نفسك بأشخاص ناجحين، فيجب أن تبحث عن الأفراد المتحمسين الذين لديهم عقلية النجاح، بدلاً من الأشخاص الذين يربطون النجاح بمؤهلات خارجية.
فكر في الأمر بهذه الطريقة: إذا أضفت مديراً تنفيذياً ناجحاً إلى المديرين الموجودين لديك، ثم خسر كل أمواله، فهل تَعُدُّه شخصاً غير ناجح؟ وهل يجب أن تتخلى عنه لأنَّه فشل؟ بالتأكيد لا، فهو ما يزال نفس الشخص الذي احترمته قبل الفشل، إنَّه نفس الشخص تماماً ولكنَّه فشل في تطبيق فكرة معينة في باله.
إنَّه أمر مثير للاهتمام، لكن يوجد العديد من الأمثلة لشخصين أو أكثر كانوا أصدقاء في سن مبكرة، ثم واصلوا تحقيق نجاح هائل وفريد في المجالات التي اختاروها، وقد يتبادر إلى الذهن على الفور الممثل "تومي لي جونز" (Tommy Lee Jones) ونائب رئيس الولايات المتحدة سابقاً "آل جور" (Al Gore)؛ فهل تعلم أنَّهما كانا رفيقَي سكن في الكلية؟
وقد يتبادر إلى الذهن أيضاً كل من كاتب السيناريوهات "بي جي نوفاك" (BJ Novak) والممثل "جون كراسينسكي" (John Krasinski)، وكلاهما كانا صديقَين في مرحلة الطفولة، ثم قدَّما دور البطولة في البرنامج التلفزيوني الناجح "المكتب" (The Office).
ماذا عن الممثل "ليوناردو دي كابريو" (Leonardo DiCaprio) والممثل "توبي ماغواير" (Tobey Maguire)؟ كذلك، هما صديقان منذ الطفولة حتى قبل نجاحاتهما المبكرة، وإذا كنت تحب الكوميديا، فالممثل الكوميدي "جو روجان" (Joe Rogan) و"جيم بروير" (Jim Brewer)، كانا صديقين مقربين عندما فشلا وحاولا الوقوف من جديد.
يمكنك العثور على معلومات لدعم أيِّ حجة، لكن ما يزال هذا الأمر يجعلك تتساءل، هل أصبح هؤلاء الأشخاص أصدقاء مقربين قبل تحقيق النجاح، ونجحوا معاً؟ أليس من المنطقي أن تحيط نفسك بأشخاص لديهم عقلية ناجحة ورغبة لا تنضب في تحقيق كل أهدافهم في الحياة؟ إذا كنت متوسط الأشخاص الخمسة الذين تقضي معظم الوقت معهم، فقد يبدو أنَّك تريد أن تكون محاطاً بأفراد ملهمين ومتحمسين للغاية.
بناء فريق ناجح:
لدي صديق يعمل "دي جي"، وآخر مقرَّب يعمل مبرمجاً للحواسيب وتقني وشريك مؤسس في مجال التكنولوجيا؛ يمثِّل كلاهما مصدراً كبيراً للإلهام بالنسبة إليَّ، وهما يدفعانني لتحقيق النجاح الذي أريده، ويساعدانني على التفكير الجيد، فكلاهما لديه أهدافاً نبيلةً تجعلني أرغب في الحصول على أهداف نبيلة أيضاً؛ لذلك يزيد هذان الشخصان من سقف إنجازاتي ويمنحانني الحافز اليومي لرفع هذا السقف.
لكن إذا سألت أيَّاً منهما، لا أعتقد أنَّهما سيخبرانك أنَّهما ناجحان، وإذا سألتني ذلك، فلن أعدَّ نفسي ناجحاً أيضاً، ومع ذلك، أعلم أنَّ صديقيَّ سيحققان في النهاية النجاح الذي يريدانه، وإذا بقيتُ قريباً منهما من بين أشخاص آخرين في حياتي فأنا أعلم أنَّني سأحقق أهدافي أيضاً.
الأمر المضحك، أنَّه بعد 10 سنوات من الآن عندما نكوِّن مجموعة قوية من الفنانين الناجحين ورجال الأعمال والموسيقيين والرياضيين وما إلى ذلك، سيظن الناس أنَّنا وجدنا بعضنا بعضاً بعد أن حققنا نجاحاتنا، وسيظنون أنَّنا استخدمنا نفوذنا ومكانتنا للقاء في حفلة هوليوود فاخرة، أو أمر من هذا القبيل، لكنَّ هذا الأمر أبعد ما يكون عن الحقيقة، فأنا أعرفهما قبل أن نفكر في تحقيق أحلامنا وأهدافنا حتى.
لذا إذا كنت تريد أن تكون ناجحاً، فأحط نفسك بأشخاص يرغبون في تحقيق نجاح يضاهي نجاحك أو يفوقه؛ وهذا لا يعني أنَّه لا ينبغي أن يكون لديك خبراء استشاريون يشغلون مناصب رفيعةً؛ إنَّه يعني أنَّ الدافع الداخلي هو الذي يحقق النجاح الخارجي؛ لذلك بدلاً من التركيز على الأشخاص الذين لديهم مؤهلات خارجية لتحقيق النجاح، ابحث عن الأشخاص الأكثر تحفيزاً أو إلهاماً أو أكثر انضباطاً منك.
ابحث عن الأشخاص الذين يتمتعون بالجودة التي تريدها وليس المال؛ وذلك لأنَّ الجودة هي التي سمحت لهم باكتساب ذلك المال.
الخلاصة:
فكر في الأمر بهذه الطريقة: هل تظن أنَّك ستنجح وأنَّ نجاحك سيستمر في الازدياد مع مرور الوقت؟ وهل حققت النجاح أساساً؟ إذا أجبت بـ "نعم" على كلا السؤالين، فمن الآمن افتراض أنَّك ستكون إضافة جيدة لخمسة أشخاص آخرين.
لكن إذا كنت تظن أنَّك شخص ذو جودة عالية يمكنه مساعدة الآخرين على النجاح، ولم تحقق بعد المستوى المطلوب من النجاح، فمن المنطقي أنَّه يوجد أشخاص آخرون يمكنهم فعل نفس الأمر من أجلك؛ أعني أنَّه من الممتع أن تبني أمراً ما من الصفر مع مجموعة من الأصدقاء، بدلاً من محاولة الاعتماد على ما بناه الآخرون.
أضف تعليقاً