سُلِّط الضوء على المبدأ في عام 1992م في تقريرٍ أعَدَّه برنامج الإنماء التابع للأمم المتحدة، إذ أظهر أنَّ 80% تقريباً من الثروات الموجودة في العالم يملكها 20% من البشر. وذَكَرَتْ الشركات أنَّ 80% من البضائع التي تبيعها تذهب إلى 20% من الزبائن، واكتشفَتْ شركة مايكروسوفت أيضاً أنَّها إذا أصلحت 20% من أبرز الأعطال التي يجري الإبلاغ عنها ستتخلّص من 80% من المشاكل الموجودة في برامجها.
يبدو إذاً أنَّ مبدأ باريتو موجودٌ في كل مكانٍ حولنا، وحينما يتعلّق الأمر بالإنتاجية يقول المبدأ أنَّ 80% من النتائج التي نحققها سببها 20% من الجهود التي نبذلها، فالذكاء هو أن نكتشف الأمور التي نقوم بها عند بذل تلك النسبة من جهودنا، بحيث نستطيع تسخير كل قوانا للقيام بتلك الأمور، ونتخلص قدر الإمكان من الأمور التي لا تساهم في تحقيق النتائج التي نريدها. فكيف نفعل ذلك؟
بيِّن بوضوحٍ تام الأهداف التي ترغب في تحقيقها:
الطريقة الأسهل والأكثر فعالية للقيام بذلك هي أن تذكُر بوضوحٍ تام الأمور التي تحاول تحقيقها.
ما النتيجة التي ترغب في الحصول عليها؟ لا يبيِّن معظم الناس بوضوحٍ الإنجازات التي يودون تحقيقها، ومن ثمَّ ينشغلون بأمورٍ لا تُساهم بشكلٍ كبيرٍ في تحقيق الهدف العام الذي يودون تحقيقه.
إذا كنت تخطط مثلاً للانتقال إلى منزلٍ جديد، لن يُسْهِم قضاء وقتٍ طويل في الحديث عن لون الجدران الذي تريده، والأثاث الذي تود شرائه، والنباتات التي ترغب في زراعتها في حديقة المنزل بشكلٍ كبيرٍ في مسألة الانتقال إلى منزلٍ جديد.
إنَّ تحديد عدد الغرف الذي تريدها أن تكون موجودةً في المنزل، والموقع الذي تودّ أن يكون المنزل فيه، عوضاً عن ذلك سيوفر لك معلوماتٍ أهم تستطيع استخدامها عند الذهاب إلى سمسار العقارات، وستعثر على المنزل المناسب بشكل أسرع.
قبل البدء بأي مشروع ضع قائمةً تتضمن جميع المهام الضرورية لإنجاز المشروع، ثم حدد المهام التي سيكون لها النصيب الأكبر من المساهمة في إنجازه. ستشكل المهام التي حددتها الـ 20% من المهام التي ستُنْجِز لك 80% من المشروع لذلك ركّز اهتمامك عليها.
شاهد بالفديو: 8 أخطاء شائعة في تحديد الأهداف
ما العناصر الأساسية والعناصر الثانوية بالنسبة لك؟
لقد كان "جيم رون" هو من صاغ هذا السؤال، وهو يعني بشكلٍ أساسي أنَّ ثمَّة أجزاءً من العمل الذي تؤديه كل يوم تُسْهِم إسهاماً مباشراً في تحقيق الهدف العام الذي تحاول الوصول إليه، وأنَّ الأجزاء الأخرى من عملك لا تُسْهِم مباشرةً في تحقيق الهدف، ويمكن أن يُطلَق عليها اسم المهام التنظيمية، والذكاء هو أن تعرف المهام التي تندرج تحت كل صنف.
تحدَّث "برايان تريسي" كثيراً عن هذا الموضوع في سياق عمليات البيع، حيث ذَكَرَ أنَّ الوقت الأساسي هو الذي تقضيه أمام الزبائن متحدثاً معهم، والوقت الثانوي هو الذي تسافر فيه لمقابلة الزبائن أو الذي تقضيه في الاجتماع مع مدير المبيعات في المكتب. يُعَدُّ كلٌّ من السفر لمقابلة الزبائن والاجتماع مع مدير المبيعات أمرين مهمين بكل تأكيد، لكنَّهما لا يساهمان مساهمةً مباشرة في تعزيز الأداء لذلك صُنِّف الوقت الذي تقضيه فيهما وقتاً ثانوياً.
حينما كنت أعمل في مجال المبيعات قبل عدة سنواتٍ مضَتْ تعلَّمت أنَّه حتى لو كنت تحظى بشعبيةٍ ضمن فريق الإشراف على المبيعات، فلن تعزز كتابة تقارير المبيعات بأعلى درجات الدقة والإتقان كل يوم أدائك في مجال المبيعات. ولاحظْتُ أنَّ أفضل مندوبي المبيعات في شركتنا كانت سمعتهم سيئة في الجانب الإداري، ولم يكونوا يحظوا بشعبيةٍ داخل المكتب، لكنَّهم كانوا أفضل مندوبي المبيعات، لأنَّهم فهموا أن الوجود أمام الزبائن يؤدي إلى مبيعاتٍ أكثر وهذا يؤدي بدوره إلى الحصول على رواتب أعلى في النهاية.
ألقِ نظرةً على جدول أعمالك خلال الأسبوع الماضي، وحدد المهام التي أديتها وكان لها الأثر الإيجابي الأكبر في تحقيق أهدافك. ثم اسعَ إلى القيام بمزيدٍ من هذه المهام في الأسبوع المقبل بحيث تعكف على القيام بالـ 20% من المهام التي تعلم أنَّها ستحقق لك 80% من النتائج المرجوة.
توقّف عن التفكير وابدأ العمل:
لقد رأيْتُ ذلك لدى العديد من العملاء حينما كنت أدرِّبهم على تطوير شركاتهم، حيث كانوا يقضون الكثير جداً من الوقت في التخطيط والتفكير.
إنَّ التخطيط وتطوير الأفكار يُعَدَّان مهمين عند إنشاء الشركة، لكن ثمَّة حدوداً لذلك فإذا كنت تقضي 80% من وقتك في التفكير والتخطيط لن ترى شركتك النور.
إليك هذا المثال البسيط، حينما أطلقت قناتي على اليوتيوب قبل 3 سنوات فقط، قضيْتُ أسبوعاً في تحديد نوع الفيديوهات التي سأنتجها ثمَّ بدأت التسجيل. كان الفيديو الأول كارثياً لكنَّ نشر الفيديوهات أسبوعياً جعلني أتعرف إلى طرائق أفضل لإنتاج الفيديوهات عززَتْ انتشار القناة.
لقد رأيت العديد جداً من الأشخاص الذين يخططون ويفكرون في الأمور التي يريدون أن يفعلوها دون أن ينتجوا أي محتوى. إذا قضيْتَ 80% من وقتك في إنتاج محتوى و20% منه في إعداد خطط تنظم عملية الإنتاج، سترى نتائج إيجابية مهما كان الوسيط الذي تستخدمه لعرض المحتوى. أمَّا إذا عكسْتَ هذه النسبة لن تحصل على الكثير من ناحية النتائج.
توقف الآن لحظةً واسأل نفسك: "ما الذي أستطيع أن أفعله اليوم لأحصل على 80% من أبرز النتائج التي أرجو تحقيقها؟".
استخدم جدول أعمالك لتعرف كيف تقضي وقتك:
يُعَدُّ جدول أعمالك أقوى أداةٍ تحليليةٍ حينما يتعلق الأمر بالتعرف إلى الطريقة التي تقضي بها وقتك كل أسبوع، فإذا رأيْتَ أنَّك تقضي الكثير من الوقت يومياً في حضور الاجتماعات وحل مشاكل الزملاء ستجد أنَّك لا تركز الاهتمام على الـ 20% من الوقت الذي يقدم لك النتائج الفعلية.
إذا خصصْتَ وقتاً لتدوين الأنشطة التي تحقق لك 20% من النتائج، عُد إلى جدول أعمالك في نهاية الأسبوع لترى أين تقضي وقتك والتعديلات التي يمكن أن تقوم بها على جدول الأعمال، بحيث تركز مزيداً من الاهتمام على الأنشطة التي تعطيك أفضل النتائج الإيجابية، وخصص وقتاً كل يوم لإنجاز هذه المهام.
وحاول أن تتخلص من المهام التي لا تقدم الكثير فيما يتعلق بالنتائج، فإذا كنت تستطيع فعل ذلك فوّض القيام بها لأشخاصٍ آخرين أقْدَرَ على إنجاز تلك المهام عوضاً عنك، حتى تتمكن من قضاء مزيد من الوقت كل أسبوع في إنجاز المهام التي تحقق لك 80% من النتائج، فهذا سيجعل وقتك أكثر فائدة.
من أجل أن تستفيد فعلاً من مبدأ 80:20 أنت في حاجةٍ إلى أن تعرف أين تقضي وقتك كل يوم. فإذا كنت منتج محتوى أنت في حاجةٍ إلى إنتاج المحتوى ولا يجب عليك أن تضيع وقتك في التحليل. لا شك في أنَّ التحليلات تُعَدُّ مهمةً إذا كنت تريد أن يزدهر عملك، لكن من دون المحتوى لن يكون لديك أيَّة أرقام تحللها وتبني على أساسها المحتوى الذي ستنتجه مستقبلاً، لذلك يجب عليك أن تقضي 80% من وقتك في إنتاج المحتوى.
أمَّا إن كنت تعمل في مجال المبيعات وكنت تقضي 80% من وقتك في وضع خطط تنظم الاتصالات التي ستُجريها، وتقضي 20% من الوقت فقط أمام الزبائن لن يكون أداؤك في المبيعات جيداً جداً. اعكس النسبة واقضِ 20% من وقتك في إعداد خطط لترتيب الاتصالات و80% منه أمام الزبائن.
النتائج الأساسية:
من أجل أن تستفيد من قاعدة 80:20 تذكر هذه النقاط:
- بيِّن بوضوحٍ الأهداف التي تريد تحقيقها وحدد شكل النجاح بالنسبة إليك، ثمَّ حدد الـ 20% من الخطوات التي ستحقق لك 80% من النجاح.
- ما العناصر الأساسية والعناصر الثانوية بالنسبة إليك؟ وما الأنشطة التي يمكنك القيام بها يومياً لتحقق أيَّة نتيجةٍ تريد تحقيقها؟ مارس هذه الأنشطة كل يوم.
- قلل الوقت الذي تقضيه في التفكير بالقيام بأمرٍ ما وابدأ القيام به فوراً. فإذا كنت تقضي 80% من وقتك في التفكير و20% منه في العمل يجب عليك أن تعكس النسبة.
- حدد الخطوات العملية التي قمت بها في الأسبوع الماضي والتي كان لها الأثر الإيجابي الأكبر في تحقيق الأهداف. مارس هذه الخطوات بشكلٍ أكبر في الأسبوع القادم، وضعها ضمن قائمة أولوياتك، وخصص لها وقتاً في جدول أعمالك.
أضف تعليقاً