"لوريس براون" (Lawrese Brown)، مؤسِّسة شركة "سي تراك تريننغ" (C-Track Training)، وهي شركة تقدِّم خدمات التعليم في مكان العمل، وتعكس كيفية تعامُل الناس مع الخلافات خياراً أساسياً في أولوياتهم. تقول "براون" لـ "هاف بوست": "يتعلق نهجنا أيضاً فيما إذا كنا نريد الحفاظ على علاقة ما، أو كنا نريد ضمان نتيجة ما".
لا يوجد نهج مثالي في إدارة الخلافات؛ وذلك لأنَّ طريقتك المفضلة في النقاش قد تجلب مزايا تجعلك ناجحاً في عملك، لكنَّها ربما تجعل مَن حولك يشعرون بالنفور، أو تتسبب في تدمير مهنتك؛ لذا اختر أي أسلوب في الخلاف يناسبك مما يأتي:
1. المتنافس:
يمتلك المنافسون أسلوباً في النقاش "حازماً وغير متعاون"، وذلك وفقاً لما ذكره العالمان السلوكيان "كينيث توماس" و"رالف كيلمان"، واللذين طوَّرا أداةً معروفة لتقييم حل الخلافات.
تقول "براون" إنَّ المنافسين من المحتمل أن يكونوا متفوقين على أقرانهم، وأن يتبنوا أفكار غيرهم وينسبوها لأنفسهم على سبيل المثال.
وتقول: "عندما يدخلون في خلاف، تكون المسألة أشبه بـ "إما أنا أو أنت"، ومن المفيد أنَّهم أناس صريحون، لكنَّ غير المفيد هو أسلوبهم الحاسم والعدائي؛ حيث من الممكن أن يقوموا بنوع من التسلط على الآخرين".
وبالنتيجة، ربما يستسلم زملاؤهم لأنَّهم يشعرون بعدم وجود مجال للمفاوضة، وقد يفكر المنافسون بأنَّهم حصلوا على النتيجة التي كانوا يرجونها، وبأنَّهم قد أبلوا حسناً، ولكنَّ أسلوبهم في إدارة الخلاف، يمكن أن يضحي بالعلاقات في العمل، التي تُعَدُّ ضرورية للفكر الخلَّاق.
إن كان هذا الأسلوب ينطبق عليك، فتقترح "براون" بأن تسأل نفسك: "هل هناك حل أفضل مما أقترحه؟ ربما يكون بحوزة أحدهم فكرة أفضل لتحقيق المطلوب".
2. المتعاون:
يسعى المتعاونون عادة إلى تحقيق إجماع، تقول "براون": "يشعر الناس حينها أنَّهم مسموعون، وهو أمر رائع؛ حيث إنَّ أفكار الجميع تُوضَع في الحسبان".
ولكنَّها تحذِّر من المبالغة في تقديس التعاون وعدِّه أفضل أسلوب لإدارة الخلافات؛ حيث إنَّ أسوأ ما في المتعاونين أنَّهم يمكن أن يتلاعبوا بفكر الآخرين؛ وذلك لأنَّهم يريدون لكل فرد أن يشعر وكأنَّه قد انتصر، ويمكن للمتعاونين أن يتمتعوا بالشفافية فيما يخصُّ أنَّ أفكار الجميع سيستفاد منها، أو بخصوص الميزانية أو قيود الموارد المتاحة.
عندما تكون من النوع المتعاون، ستقطع وعوداً لا يمكنك الوفاء بها، وسيزعزع ذلك ثقة الناس بك.
قالت "لارا هوجان" (Lara Hogan)، مؤلفة كتاب "الإدارة المرنة" (Resilient Management)، وإحدى المشاركات في تأسيس شركة الاستشارات الإدارية "وير ويذ أول" (Wherewithal): "الاتفاق على أمرٍ، ثم عدم الالتزام به؛ يعني أنَّك لم تحقق ما تريده بعد؛ حيث إنَّك بذلك تسبب تأخيراً في أي شيء تريده، إما أن تتذمر منه، أو الشيء الذي تريد حقاً رؤيته يحدث".
قالت "براون" إنَّه يجب على المتعاونين أن يسألوا أنفسهم ما إذا كانوا يضعون بالفعل توقعات مناسبة، أم أنَّهم يودون أن يكسبوا قبول الآخرين بالنتيجة التي يريدونها دون الكشف عنها.
شاهد بالفديو: 15 قاعدة بسيطة لكسب احترام الآخرين
3. المتساهِل:
يضحِّي المتساهلون أو يقللون من شأن احتياجاتهم لتجاوز الخلافات، ويشعر زملاؤهم بالدعم منهم حتى عندما يجادلونهم.
ولكن يمكن للمتساهلين أن يصبحوا خصوماً ضعفاء إن كانوا كريمين أكثر مما ينبغي، كما تقول "براون" في كتابها الإلكتروني "دليل الدعم الذاتي" (A Guide To Self-Advocacy)، التي تتكلم فيه عن هذا الأسلوب بالخلاف: "يعتمد التساهل على الإذعان للآخرين، ولكن يمكن لتقدير الآخرين لجهودك أن يتحول إلى توقُّعٍ بأنَّك ستفعل دائماً أكثر مما يُطلَب منك".
إن كنتَ متساهلاً أكثر من اللازم لتتجاوز الخلافات، فحاول أن تقول: "هذا لا يناسبني"؛ وذلك طبقاً لما تنصح به "براون"؛ حيث تقول في كتابها: "ستجنبك هذه العبارة الرفض الصريح، وتجعل الآخرين يدركون كيف تُتجاهَل".
4. المساوم:
سيساوم هؤلاء لكي ينالوا النتائج المرجوة؛ فهم يركزون بدرجة أقل على الاستفادة مما هو ممكن، وأكثر على استعمال المعاملات لتجاوز الخلافات.
تقول "براون" هم بطبيعتهم مساومون يفكرون بطريقة: "هذا ما لدي، وهذا حسب علمي ما لديك، ولا يمكن لأي منا الحصول على كل ما يريده بالضبط، فلماذا لا نلتقي في المنتصف؟ ويجب أن ينجَز العمل".
تقول "براون" إنَّ أسوأ ما في المساومين أنَّ دافعهم للوصول إلى النتائج يمكن أن يؤدي لعدم نزاهتهم فيما يتعلق بمعاني الوعود التي يقطعونها على الأمد الطويل، مثل "بعد 30 يوماً من الآن، سنُسند إليك المزيد من المسؤوليات".
إذا وقعت في خلاف مع شخص مساوم، فتأكد من الاطلاع على التفاصيل الدقيقة في عروضه.
5. المتهرب:
ترى "هوغان" أنَّ مَن يملك هذا النوع من الشخصية لا يتواجه مع زملائه مباشرة، ولكنَّهم يذهبون إلى شخصٍ ذي سلطة أعلى، وتؤكِّد "هوغان" بأنَّ المتهرب يمكن أن يكون متأثراً بفكرة أنَّك عندما ترفع مشكلاتك لمَن هو في منصب أعلى سيكسبك بعض النفوذ والقوة، وتقول: "كل ما يريدونه هو أن تُحل مشكلاتهم على الفور؛ حيث يعتقدون بأنَّ إشراك شخصٍ ذي نفوذ أعلى سيسرع من حل المشكلة".
ولكن لن تعجب أحدهم فكرة أنَّ زميلهم قد وشى بهم؛ حيث إنَّ هذه الطريقة تدمِّر الثقة بين الزملاء وتأتي بنتائج عكسية، وتوجد عادة حالات يخشى فيها المرء من تصعيد الموقف وتحويل بيئة العمل إلى بيئة غير صحية ومشحونة؛ لذا تقول "هوجان": "ولكن من عادة المجادل المتهرب ألا يحقق نتيجته التي يرجوها؛ حيث إنَّه يتسبب بإطالة عمر المشكلة، ويُشرِك فيها أناساً بنفوذ أكثر من اللازم، ولم يكن حرياً بهم أن يضيعوا وقتهم على خلافاتك".
شاهد بالفيديو: ما هي أنواع الشخصيات التي تختلف معها في العمل؟
6. المجادل المسالم:
الأمر الجيد في المجادل المسالم هو أنَّه يحاول حماية العلاقات ضمن العمل بسبب قابليته لتجاهل الخلافات، تقول "براون": "من جهة يمكنك القول إنَّهم يقللون من شأن بعض الأمور، ولكنَّهم في الوقت نفسه يفكرون بأنَّ "ما يحصل ليس بأمرٍ جللٍ"؛ وهذا موقفٌ مفيدٌ أحياناً في بيئة العمل"، ولكنَّ عدم قابليتهم للانخراط في الخلافات؛ تعني أيضاً أنَّ أفكارهم القيِّمة لن تروق للآخرين.
"سيسلي هورشمان بريثويت" (Cicely Horsham-Brathwaite)، هي كوتش تنفيذي ونفسي، تقول لموقع "هاف بوست": "أرى الناس عادة يتجنبون الخلافات في مكان العمل، إما لأنَّهم يخشون أن يسبب ذلك المزيد من المشكلات، وهم على صواب في ذلك، أو بسبب قلة الاستثمار في ذلك الوضع، ولكن في بعض الأوقات يجب أن تُرى مساهماتهم ويُسمَع صوتهم؛ وذلك للمساعدة على تغيير الفكر أو تعزيز وجهات النظر".
الحزم عكس التهرب؛ حيث تقول "براون": "هل صادفتَ شخصاً يقول: "كنتُ أفكر في أمر ولكنَّني لم أقله"؟ هكذا يكون المجادل المسالم".
أحياناً يأتي ذلك التجنُّب للخلافات على شكل صمت عندما تدبُّ تلك الخلافات في مكان العمل؛ حيث تقول "هوجان": "إنَّهم يبحثون عن طريق للهروب منه، فينسحبون بشكل كلي"؛ لذا إن دخلتَ في خلاف مع شخص يتَّبع هذه الطريقة، فاسأل سؤالاً لتعلم ما يحتاجون إليه حتى تتمكن من التقدُّم.
7. موقِظ الفتنة:
يجادل هذا النوع من الزملاء ضد أمر ما فقط لغاية الجدال، وليس بسبب ما يؤمنون به، تقول "هوجان": "سيأتونك بأمثلة مزيفة، وفرضيات كثيرة، والكثير من الحالات الافتراضية وجمل من قبيل: "ماذا لو"؛ وهذا لا علاقة له بما تتحدثون عنه، أو لا يمكن تطبيقه على أرض الواقع، وفي بعض الأحيان، يصبح الأمر مضيعة للوقت، ولكن عادة لا يعلم هذا الشخص نفسه لماذا يعترض".
تقول "هوجان": إذا وجدتَ نفسك تدخل في متاهة مع موقظ فتنة، فاسأله أسئلةً على غرار: "من الواضح أنَّ خلافنا غير مرضٍ، أو أنت لم تتقبَّل الموضوع بعد، ما الذي يجري وراء ذلك؟"؛ وبهذا تكون قد أتحت له الوقت والمجال ليفكر في العوائق التي وضعها ولم يفصح عنها بعد.
أضف تعليقاً