أولاً: تعريف الذكاء الانفعالي
الذكاء الانفعالي يعني قدرة الشخص على التعبير عن عواطفه الذاتية ومشاعره الشخصيَّة تعبيراً جيداً، وإخراجها كما هي؛ ويتضمَّن هذا المفهوم أيضاً قدرة الشخص على إدارة علاقته مع غيره، وإعطاء كل شخص من المحيط نصيبه من المشاعر والعواطف الصحية والسليمة وغير المبالغ بها.
وقد عرَّف محلل النفس "بارون كوين" الذكاء الانفعالي، فقال: إنَّه "مجموعة المهارات الانفعالية والاجتماعية التي تحدد قدرتنا على فهم ذاتنا ومكنوناتنا، والقدرة على التعبير عنها كما هي، بالإضافة إلى التأقلم مع المتطلبات والضغوطات التي تواجهنا في حياتنا اليومية".
ثانياً: الذكاء الانفعالي في علم النفس
حسب علم النفس، فإنَّ الذكاء الانفعالي هو قدرة الفرد على التحكُّم بمشاعره والإحساس بها والتعبير عنها؛ وهذه القدرة قد تولَد لدى الإنسان، وقد يكتسبها ويتعلَّمها ويُعززها مع الوقت، ويُشير علماء النفس إلى وجود أربع مراحل لتكوُّن الذكاء الانفعالي وهي:
- إدراك المشاعر: لن يتمكن الشخص من فهم مشاعره إن لم يُدركها في البداية.
- تفسير المشاعر: المشاعر وسيلة تحفِّز الشخص للتفكير ثمَّ التعبير، وحتَّى نتمكن من ذلك، لا بدَّ من تفسير مشاعرنا حتَّى نتفاعل معها تفاعلاً صحيحاً؛ وذلك تبعاً لدرجة أهميتها وحسب أولويتها بالنسبة إلينا.
- فهم المشاعر: عندما نفهم مشاعرنا، نتفاعل معها تفاعلاً صحيحاً، وعندما نفهم مشاعر غيرنا، نتواصل معهم تواصلاً صحيحاً؛ إذ إنَّنا نتلقى المشاعر بأكثر من طريقة، وهذا ما يقودنا لأحكام خاطئة في بعض الأحيان؛ لذلك لا بدَّ من فهم مشاعرنا جيداً قبل التصرُّف بناءً عليها.
- التحكُّم بالمشاعر: وهو آخر مراحل الذكاء الانفعالي، ويعني قدرة الفرد على التحكُّم بمشاعره تحكُّماً صحيحاً.
ثالثاً: ما هي أهمية الذكاء الانفعالي؟
يظهر تأثير ودور الذكاء الانفعالي في حياة الناس في كثيرٍ من الجوانب؛ فالذكاء الانفعالي يرفع كفاءة الشخص في العمل؛ وذلك لأنَّه يساعد على فهم الشخصيات المختلفة مهما كانت معقدة، ومن ثم يتمكَّن الشخص من التعامل تعاملاً صحيحاً معها.
ويساهم الذكاء الانفعالي أيضاً في بناء شخصية قيادية وإيجابية، كما يرفع من صحة الفرد البدنية؛ وذلك لأنَّه عندما يمتلك مهارة الذكاء الانفعالي سيكون قادراً على ضبط نفسه وانفعالاته؛ وهذا يحسِّن صحته النفسية والجسدية؛ فمن المعروف أنَّ التوتر كالسم يجري في عروق الإنسان حتَّى يقتله ببطء؛ لذا يحمي الذكاء الانفعالي الشخص من الإصابة بالقلق والاكتئاب؛ فهو يحسِّن قدرته على فهم نفسه فهماً صحيحاً، ويُضاف إلى ذلك كلِّه دور الذكاء الانفعالي في تحسين العلاقات الاجتماعية.
رابعاً: ما هي عناصر الذكاء العاطفي؟
للذكاء العاطفي عدد من العناصر، وهي:
- التقييم الذاتي: وهذا العنصر يعني أن يمتلك الإنسان الثقة بالنفس، وفي الوقت نفسه أن يكون قادراً على تقييم نفسه ومعرفة حسناته وسيئاته؛ وذلك ليكون قادراً على اتخاذ القرارات الصحيحة في علاقاته مع غيره؛ باختصار، أن يكون قادراً على فهم نفسه ليتمكَّن من تطويرها بانتظام.
- التعاطف: القدرة على أن يضع الإنسان نفسه مكان غيره مع مراعاة مشاعرهم، وتفهُّم ظروفهم وردود أفعالهم، ومعرفة ما الذي يفرحهم وما الذي يزعجهم.
- ضبط العواطف: وهو أحد أهم عناصر الذكاء الانفعالي وتأتي أهميَّته من دوره في تنمية وتحفيز مهارة الذكاء الانفعالي؛ فهو يساعد الشخص على ضبط انفعالاته ومشاعره والسيطرة عليها وعدم الانجرار وراءها.
- بناء العلاقات: هذا العنصر ضروري للحفاظ على العلاقات، وهام أيضاً لتطويرها، ويُعَدُّ أساسياً في إيجاد النقاط المشتركة بين الأشخاص، ويشمل نبرة الصوت وتعبيرات الوجه ولغة الجسد.
- مهارة التواصل الفعَّال: فقدان هذا العنصر يؤدي إلى حدوث سوء الفهم بين الشخص وبين أفراد محيطه؛ فالتواصل الفعال يساهم في جعل الشخص قيادياً وقادراً على نشر الطاقة الإيجابية بين الآخرين، وهذا بالطبع ما يحسِّن العلاقات ويزيد فرص النجاح عملياً وعلمياً.
خامساً: مهارات الذكاء الانفعالي عند الأشخاص الناجحين
يعتمد الناجحون في حياتهم على مجموعة من مهارات الذكاء الانفعالي، التي تُعَدُّ جزءاً من روتينهم اليومي، وحتى تكون ناجحاً يمكنك تفعيل وتطوير هذه المهارات التي يتمتع بها الناجحون:
- عدم انتظار المقابل: لا ينتظر من يمتلك مهارة الذكاء الانفعالي مقابل جهوده وعمله، فيبدأ عمله وهو على ثقة تامَّة أنَّه سينال حقَّه.
- التسامح والذكاء في حلِّ الخلافات: لا ينشغلون بافتعال الخلافات والنزاعات مع الناس؛ بل على العكس، يتمتعون بالهدوء، وفي حال واجهتهم المشكلات، يتمكَّنون من حلِّها وتجاوزها.
- القدرة على التركيز: يجب التركيز على الأمور الهامة والأساسية وعدم تشتيت الانتباه في أشياء لا قيمة لها.
- الشجاعة والحكمة: هم شجعان، لكن لا يعني هذا أنَّهم متسرعون ولا يحسبون الأمور كما يجب؛ إذ يتكلمون عندما يختار الجميع الصمت، ويحتجون ويعترضون على القرارات غير المنصفة، لكنَّهم يختارون لذلك الوقت والكلام المناسبَين.
- ضبط الكبرياء: لديهم كبرياء عظيم، لكنَّهم لا يغالون فيه ولا يعطونه أكثر مما يستحق.
- عدم الشعور بالرضى: لا توجد مرحلة يشعر بها من يمتلك مهارة الذكاء الانفعالي أنَّه اكتفى؛ بل دائماً يسعى إلى التطوُّر والتحسُّن والتقدُّم.
- حلُّ المشكلات: من أهم المهارات التي يمكن التمتع بها هي القدرة على مواجهة المشكلات وإدارتها وحلِّها ومعالجتها بسرعة.
- تحمُّل المسؤولية: لا يتملَّص من أخطائه ويعترف بها ويسعى إلى حلِّها.
- مرن في التعامل مع الآخرين: الشخص الذي يتمتع بالذكاء الانفعالي محبوب ويمكن الاعتماد عليه، وإذا ما كان هناك مهمة تحتاج إلى التواصل مع الآخرين خارج العمل، فهو يستطيع النجاح بها.
- القدرة على التعامل مع الأشخاص الصعبين والسامين الذين يُعَدُّ التعامل معهم من الأمور المرهِقة.
شاهد بالفيديو: 10 علامات تدل على الذكاء العاطفي العالي
سادساً: نظريات الذكاء الانفعالي
كثير من الظروف المحيطة بنا التي نعيشها كلَّ يوم في ظلِّ العصر الحديث المتميز بنمطه المتسارع والمتغيِّر قد مهَّدت لظهور نظرية الذكاء الانفعالي؛ فالعواطف والانفعالات والمشاعر جزء أساسي من بناء النفس الإنسانية، حتى إنَّ كثيراً من الدراسات أثبتت أنَّ تأثير العواطف والانفعالات في السوك أكبر من تأثير العمليات المنطقية.
إذ إنَّ العواطف والتفكير متداخلان جداً، ولن تتمكن من اكتساب خبرة أو معلومة إذا لم تكن الظروف المحيطة مريحة وآمنة؛ باختصار شديد، نحن نتعلَّم أكثر وبإتقان إذا ما ترافق تعلُّمنا مع مشاعر فرح والعكس صحيح.
وقد أتت نظرية الذكاء الانفعالي موافقةً لبحوث ودراسات المخ، التي أكَّدت أنَّ المخ وجداني ينشط بالأمن، ويتثبَّط ويضعف ويتقلَّص نشاطه بالتوتر، مع نظرية "جاردنر" في الذكاء المتعدد الذي يتضمَّن أنواعاً مختلفة من الذكاء الشخصي؛ إذ أشارت البحوث التي أُجرِيَت في مجال الذكاء الوجداني أنَّ 80% من إنجازات البشر مردها إلى هذا النوع من الذكاء، في حين أنَّ 20% فقط مردها إلى الذكاء التحليلي.
سابعاً: الذكاء الانفعالي وعلاقته بإدارة الانفعالات
تساعد مهارات الذكاء الانفعالي المختلفة الشخص على التعامل مع مشاعره وانفعالاته تعاملاً صحيحاً ومنطقياً ودون مبالغة؛ أي تقييم الموقف تقييماً صحيحاً؛ إذ يشحذ الشخص نفسه وذاته بمزيدٍ من الطاقة والمشاعر الإيجابية، فيقضي بذلك على ما يرافق الانفعال من قلق وتوتر، ويخفف الأضرار الجسدية والنفسية عليه، ويُحقق درجة أكبر من التكيُّف النفسي ويحسِّن العلاقات الاجتماعية.
ثامناً: الذكاء الانفعالي وعلاقته بتقدير الذات
تزداد ثقة الإنسان بنفسه كما يزداد تقديره لذاته من خلال ما يؤمِّنه الذكاء الانفعالي للشخص من أفعال وسلوكات ومهارات، مثل إدارة الانفعالات والعواطف الشخصية، وفهم مشاعر الآخرين، واكتساب حبِّهم، والمساعدة على حلِّ مشكلاتهم، والاستماع لهم.
تاسعاً: الذكاء الانفعالي وعلاقته بالصحة النفسية
حسب كثيرٍ من الدراسات هناك علاقة بين الصحة النفسية والذكاء الانفعالي؛ إذ نجد أنَّ الأشخاص الذين يمتلكون هذه المهارة يتمتعون بصحَّة نفسية أفضل؛ وذلك بسبب قدرتهم على ضبط انفعالاتهم ومشاعرهم السيِّئة والسلبية؛ وذلك لأنَّ القلق والتوتر يؤثران تأثيراً سلبياً في صحَّة الإنسان، سواء البدنية أم النفسية.
عاشراً: مقياس الذكاء الوجداني (اختبار)
تُستعمَل اختبارات الذكاء العاطفي (EI) أو (EQ) لقياس قدرة الشخص على التعرُّف إلى مشاعره ومشاعر الآخرين، وقدرته في الوقت نفسه على ضبطها والتعرُّف والتكلُّم عنها بالطريقة الصحيحة. فإنَّ اختبار الذكاء العاطفي الشامل (EQ) يقيس 15 عاملاً للذكاء العاطفي، وللحصول على معلومات ورؤية واضحة عن ذكائك العاطفي بناءً على هذه المعايير، حدد مقدار انطباق كل عبارة من العبارات الآتية عليك:
- أقف بهدوء في المواقف الانفعالية أكثر من معظم الناس.
- أخوض تجارب غير متوقعة.
- أتعاطف مع الآخرين بسهولة.
- حدسي قويٌّ فيما يتعلَّق بمشاعر الآخرين.
- أرتبط ارتباطاً جيداً بحياتي العاطفية الخاصة.
- أفكِّر تفكيراً جيداً قبل التصرُّف.
- العمل التعاوني أحد مهاراتي.
- متوتر وقلق دون سبب مقنع.
- أتحدى الصعوبات حتَّى أصل إلى هدفي.
- مرَّات قليلة تكون تصرفاتي انفعالية ودون تفكير.
- نادراً ما أشعر بالسعادة.
- أنا قادر على التكيُّف.
- أصدِّق حدسي وأتَّخذ القرارات بناءً عليه.
- أفكِّر في الأمور السيِّئة دائماً.
- لا أدافع عن حقوقي.
- من الصعب عليَّ بناء العلاقات.
- أنسحب من أي نقاش أو نزاع.
- سعيد وراضٍ.
- مرتاح عموماً.
- أتكيَّف مع الظروف الجديدة.
- أفهم مشاعر غيري بسهولة.
- قادر على تحفيز غيري.
- إيجابي.
- سعيد بالوضع الذي أعيشه.
- مُؤثِّر.
- تنتهي علاقاتي بخيبة أمل.
- أحتاج إلى مكافآت للاستمرار في العمل الممل وإلَّا فقدت حماستي.
- أعبِّر عن مطالبي بسهولة.
- مزاجي متقلِّب.
- أرى أنَّ هناك طريقة واحدة لحلِّ المشكلات.
- أحتاج إلى موجِّه ومشرف لأتابع العمل.
- قلِق بشأن المستقبل.
- أغيِّر أسلوبي لأتكيَّف.
- أحتاج إلى كثيرٍ من التغيير في حياتي لأشعر بالرضى.
- لا أعبِّر عن مشاعري.
- مرِن.
- ألوم نفسي قليلاً.
- علاقاتي الشخصيَّة مُرضية.
- أنظِّم مشاعري وعواطفي بسهولة.
- قادر على إشعال حماسة غيري.
- أترك مسافة من الناحية العاطفية مع الآخرين.
- لا أفهم مستوى الضغط الذي أعانيه.
- أستشعر ما يشعر به غيري.
- سعيد بما أنا عليه بمختلف النواحي.
- صريح.
- أتعامل مع الضغوطات معاملة جيدة.
- ضعيف الثقة بالنفس وخاصَّة مع الناس الجدد.
- تظهر عواطفي من خلال تعابير وجهي وإيحاءاتي.
- لا أستسلم.
- ملول.
- أعبِّر عن مشاعري تعبيراً يمكِّن الآخرين من فهمي.
- أفكر في عواطف غيري قبل الردِّ على أحد على الرغم من انزعاجي.
- راضٍ عن حياتي.
- أفهم مشاعري فهماً جيِّداً.
- متفائل.
- رغباتي أقوى مني.
- لا أثق بقراراتي.
- لا ألاحظ ما يشعر به غيري.
- أحياناً تنتابني نوبات عاطفية لا أستطيع فهمها.
- لا أثق بمهاراتي الاجتماعية.
بناءً على إجاباتك عن هذه العبارات، ومقدار انطباقها عليك؛ ستعرف مقدار امتلاكك مهارة الذكاء العاطفي.
شاهد بالفيديو: 14 صفة للشخص الذي يتمتع بالذكاء الوجداني
في الختام: كيف تنمِّي الذكاء الانفعالي؟
تتطلَّب حقيقة تطوير الذكاء الانفعالي القيام ببعض الخطوات؛ ففي البداية، كخطوة أولى عليك أن تستكشف انفعالاتك؛ وهذا يتضمَّن أن تسجِّل ردود أفعالك على ما تمر به خلال اليوم؛ لأنَّ لهذا تأثير كبير وهام في معرفتك لطريقة تفكيرك وتعاطيك مع الأمور، وفي أثناء ذلك انتبه لجسدك وإيماءاتك وتعبيرات وجهك، وابحث عن الصلة بين سلوكك والمشاعر التي تدفعك لها.
وعندما تشعر بعاطفة قوية وتوتر، ابحث عن آخر مرَّة حصل معك الشيء ذاته، وتدرَّب بانتظام على كيفية التصرُّف واتخاذ القرارات المناسبة قبل التصرُّف وإبداء سلوك ما.
والخطوة الثانية تتضمن أن تتواصل مع الآخرين تواصلاً جيداً يُمكِّنك من تقبُّلهم وتقبُّل عواطفهم ومشاعرهم؛ لذا تدرَّب على فهم مشاعر غيرك من لغة الجسد لديهم، وفكِّر في مقدار تأثير تصرفاتك فيهم قبل أن تتصرف، وكن صادقاً في التعبير عن مشاعرك. يجب أن تكون حركاتك وتعابير وجهك متناسبة مع بعضها؛ وكخطوة أخيرة طبِّق الذكاء الانفعالي عملياً.
أضف تعليقاً