دور الفيلة في النظم البيئية:
1. ناقلاتٌ للبذور:
الفيلة هي أكبر الحيوانات العاشبة في العالم وتأكل كميةً كبيرةً من المواد النباتية كل يومٍ، ونظراً لأنَّها تتغذى كثيراً على الفاكهة، فإنَّ بذورها تمر عبر جهازها الهضمي ثم تسقطها مع الروث، وبهذه الطريقة تنتشر البذور على بعد أميالٍ عديدةٍ؛ إذ يمكن لكل فيلٍ أن يمرر آلاف البذور يومياً.
في الواقع، وجدت إحدى الدراسات أنَّه عندما يبحث الذكور عن إناث، فإنَّهم يتحركون أكثر من 40 ميلاً، وهكذا تصبح الفيلة مفيدة في نثر البذور، وهذا يوفر فرصةً للنباتات لاستعمار مناطق جديدةٍ، وهذا في النهاية يكوِّن مواطن وطعاماً جديداً للحيوانات الأخرى.
في غابة "تاو" في ساحل العاج، تم تكييف نحو 21 نوعاً من أصل 71 نوعاً نباتياً بقوةٍ مع انتشار الفيلة في المنطقة التي تبتلع البذور ومن ثم تطلقها على بعد أميالٍ من مكان أكلها.
في "أوغندا"، يعتمد نبات (Balanites Wilson) كلياً على فيلة السافانا (Loxodonta africana) لاستهلاك بذورها ونشرها، فلا يمكن لأيَّة حيواناتٍ أخرى القيام بذلك، ومن بين ثلاثة أنواعٍ من الفيلة، تُعَدُّ فيلة الغابات الإفريقية (Loxodonta cyclotis) أكثر ناقلات البذور فاعليةً.
2. مهندسات النظم البيئية:
إنَّها حقيقةٌ معروفةٌ أنَّه عندما يحدث الجفاف، يمكن أن تستمر الفيلة لمدة تصل إلى أربعة أيامٍ دون ماء، وحين تصبح المياه شحيحةً للغاية، تستخدم الفيلة أنيابها وخراطيمها وأقدامها لحفر آبار المياه، ومن خلال القيام بذلك، لا تساعد أنفسها فحسب؛ بل توفر أيضاً الماء للحيوانات الأخرى.
في بعض الأحيان، تقوم أيضاً بتوسيع فتحات الري بحيث تكون كبيرةً بما يكفي لاستخدامها في الاستحمام، وتعني حفرة الري الكبيرة أنَّ العديد من الأنواع يمكنها مقاومة موسم الجفاف من أجل البقاء.
3. مغناطيس السياحة:
تساعد الفيلة بوصفها مغناطيساً للسياحة على جذب الأموال للمجتمعات المحلية، فوفقاً لدراسةٍ تبلغ قيمة السياحة الدائمة لرؤية الفيلة 1.6 مليون دولار أمريكي سنوياً، وهذا مبلغٌ ضخمٌ، فيمكن رؤية أحد أفضل الأمثلة عن سياحة الفيلة الناجحة في "بوتسوانا".
"بوتسوانا" هي أكثر دول الجنوب الإفريقي ازدهاراً، وهي موطن لأكبر عددٍ من الفيلة الإفريقية؛ إذ تمثل سياحة الحياة البرية نحو 10% من اقتصاد "بوتسوانا"، ويُخصَّص جزءٌ من الإيرادات لتوسيع المجتمعات المحلية وتحسين حياتهم، ويمكن أيضاً استخدام الإيرادات المتأتية من سياحة الحياة البرية لحماية المناطق البرية.
4. تشكيل المناطق الطبيعية:
كونها من الأنواع الأساسية، تؤدي الفيلة دوراً حيوياً في تشكيل المناطق الطبيعية والحفاظ على التنوع البيولوجي لأنظمتها البيئية.
ففي الغابات الاستوائية، تنشئ الفيلة مساحاتٍ وفجواتٍ عن طريق الدوس على الغطاء النباتي، وهذا بدوره يسمح لمزيدٍ من ضوء الشمس بالوصول إلى أرضية الغابة، وهذا يمنح النباتات القريبة من الأرض فرصةً أفضل للنمو.
كما تسمح الفجوات الموجودة في الغابات المظللة كالغابات المطيرة الكثيفة أيضاً بتجديد النباتات والأشجار وتوفير موطنٍ للأنواع القاطنة في الفجوة، تعمل الفيلة أيضاً على توسيع هذه الفجوات، وفي هذه العملية تفتح مساحةً أكثر إنتاجيةً لمجموعةٍ من الفقاريات الأخرى، بما في ذلك الغوريلا وخنزير الغابة وخنازير الأدغال والبونجو والجاموس.
في السافانا، تساعد الفيلة على الحفاظ على تنوع الأنواع عن طريق تقليل غطاء الأدغال، فهي تقطع الأشجار الكبيرة وتدمر الشجيرات الشائكة، ومن ثمَّ تنشئ مكاناً مناسباً للحيوانات التي ترعى هناك.
5. مساعدة الأنواع الأخرى على البقاء على قيد الحياة:
يوجد ما يقرب من 100 نوعٍ يعتمد على الفيلة، وتشمل هذه القائمة أيضاً خنفساء الروث الصغيرة؛ وخنفساء الروث مخلوقٌ ربما لا يفكر فيه كثيرٌ من الناس عندما يفكرون في نظامٍ بيئيٍ كبيرٍ، لكن على الرغم من أنَّها صغيرةٌ ومزعجةٌ للغاية، إلا أنَّها هامةٌ أيضاً؛ وذلك لأنَّ خنافس الروث تجعل الروث يصل إلى طبقات التربة.
ناهيك عن أنَّ روث الفيل هو سمادٌ ممتازٌ غنيٌ بالمعادن والألياف؛ هذا لأنَّ نصف ما يأكله الفيل يتم هضمه جيداً، ومن ثمَّ يؤدي روث الفيلة دوراً رئيساً في إعادة تدوير المغذيات، وهذا يسمح بالإنبات والنمو السريع، كما تُنزل الفيلة أغصاناً مرتفعة جداً، وهذا يتيح للحيوانات الصغيرة الوصول إلى المزيد من الطعام.
6. حماية الفيلة تزيد من الأمن:
يقوض الصيد الجائر للفيلة والاتجار بالعاج سلامة القرى المحلية من خلال التسبب في العنف، وبالتعاون مع المتخصصين في الحفاظ على الحياة البرية والحراس المدربين في الدوريات، يمكن للسكان المحليين الدفاع عن المجتمع والحياة البرية من الغزاة.
آثار الصيد الجائر في النظام البيئي:
يتم صيد الفيلة على نطاقٍ واسعٍ؛ إذ يتم القضاء على الآلاف من مواطنها الأصلية، بالإضافة إلى القتل من أجل شهوة العاج، كما يستهدف الصيادون الفيلة الإفريقية لمنعها من تدمير المحاصيل، والصيد الجائر له عواقبٌ وخيمةٌ على الحياة البرية والنظام البيئي ويتجاوز الأمر الموت الفردي للفيل.
1. أثره في حياة الإنسان:
يؤثر الصيد الجائر في الناس تأثيراً مأساوياً، ففي إفريقيا قُتل ما يقرب المئات من الحراس المكلفين بحماية الحياة البرية على أيدي الصيادين غير المشروعين في العقد الماضي.
2. أثره في المجتمعات المحلية:
إنَّ الرغبة في الحصول على العاج ليست مجرد كارثةٍ على الفيلة، لكن أيضاً على المجتمعات المحلية، فوفقاً للتقارير يقتل الصيادون أكثر من 30 ألف فيلٍ إفريقيٍ سنوياً، ويعتقد الخبراء أنَّ الفيلة ستنقرض إذا استمر القتل، وفي حالة الانقراض، ستعاني المطاعم والفنادق وأماكن الإقامة وغيرها من عوامل الجذب بسبب ضعف الإيرادات من سياحة الحياة البرية.
3. أثره في تخزين الكربون:
يؤكد علماء النبات والباحثون في الحياة البرية أنَّ ثمة ارتباطاً وثيقاً بين حجم البذور وكثافة الأخشاب في الغابات الاستوائية، واتضح أنَّ الأشجار ذات البذور الكبيرة تخزن كميةً أكبر من الكربون لكل وحدة حجمٍ من الخشب مقارنةً بالأشجار ذات البذور الأصغر، ونظراً لأنَّ الفيلة تعمل بصفتها ناقلاتٍ للبذور، فهي ضروريةٌ للحفاظ على معدلاتٍ عاليةٍ من الكربون في الغابات الاستوائية.
4. أثره في مستويات النيتروجين في الغابات:
يُعَدُّ انخفاض النيتروجين مصدر قلقٍ متزايداً في العديد من غابات وسط إفريقيا، وتساعد الفيلة على معالجة ذلك عن طريق نقل العناصر الغذائية بما في ذلك النيتروجين عبر الطبيعة في أثناء التبرز، فإذا تقلصت أعداد الفيلة بسبب الصيد الجائر، فلن يكون هذا النيتروجين متاحاً بما يكفي، وهذا سيحدُّ من نمو النبات في الغابات في المستقبل، إضافةً إلى ذلك، تم ربط الصيد الجائر بزيادة معدلات الجريمة والفساد وغسيل الأموال.
ما الذي يمكن فعله لإنقاذ الفيلة من الصيد الجائر؟
يُعَدُّ الفيل من الأنواع الرئيسة، والتهديد أو الانقراض لأي نوعٍ أساسيٍ يعني تعطيل سلامة النظام البيئي، وقد تؤدي الخسارة أو عدم التوازن في النظام البيئي إلى الإضرار بصلاحية كوكبنا للسكن، إذن ما الذي يمكن عمله؟
1. تحسين حالة موطنها:
لعكس الانخفاض في تعدادها وتأمين المواطن الطبيعية، من الضروري تحسين طريقة حياة الحيوان؛ إذ توفر العديد من البلدان حراس الحياة البرية والكشافة المجتمعية لمنع القتل غير القانوني للفيلة، كما يتم بذل الجهود لتقليل فقدان مواطنها والغزو البشري لها.
2. عدم شراء أو بيع أو ارتداء العاج:
على الرغم من حظر العاج بشكلٍ صارمٍ، يمكن أن يكون العاج العتيق متاحاً قانونياً للشراء في العديد من البلدان؛ إذ تم استخدام العاج تقليدياً للمجوهرات وكرات البلياردو ومفاتيح البيانو والحلي المنحوتة وغيرها، ويُعَدُّ قول "لا" للعاج العتيق طريقةً سهلةً لتضامننا مع الفيلة.
3. دعم جهود الحفظ:
يمكننا دعم المنظمات الملتزمة بحماية الفيلة وإنهاء تجارة العاج، وتوجد الكثير منها، ومن بينها:
- مؤسسة الفيل الدولية.
- الصندوق الدولي لرعاية الحيوان.
- مبادرة حماية الفيلة.
- مؤسسة الحياة البرية الإفريقية.
- أنقذوا الفيلة.
- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
- مؤسسة الحياة الكبيرة.
4. تبنِّي فيل:
تنقذ العديد من المنظمات غير الربحية فيلةً يتيمةً ثم تعيد تأهيلها مرةً أخرى إلى البرية عندما تكبر بما يكفي، ويمكن للناس أن يتبنوا فيلاً مقابل الحد الأدنى من الرسوم.
5. زيارة الفيلة في البرية:
تؤدي السياحة دوراً هاماً في دعم الحفاظ على الفيلة، وتُستخدم الرسوم للمساعدة على حماية الحيوانات وتمويل مبادرات مكافحة الصيد الجائر وتتبع الفيلة للتأكد من سلامتها.
تشمل بعض أفضل الأماكن التي يمكن زيارتها لدعم الحفاظ على الفيلة ومشاهدة الفيلة وهي تتجول بحريةٍ في البرية، منتزه "أمبوسيلي" الوطني في "كينيا"، ومنتزه "تشوبي" الوطني في "بوتسوانا"، ومنتزه "كروجر" الوطني في "جنوب إفريقيا".
6. ممارسة السياحة المسؤولة:
كما هو الحال مع جميع الحيوانات، من الهام تجنب أي شيءٍ ينطوي على تشجيع الحبس، وفي حالة الفيلة، يمكن أن يشمل ذلك ركوب الفيلة أو الرقص في السيرك؛ إذ لا يتم ترويض الفيلة بشكلٍ طبيعيٍ في السيرك ويتم وضعها في الحبس والتدريب المتعسف والتعذيب لتعليمها مهاراتٍ خاصةٍ.
7. التبرع للقضية:
تعتمد العديد من المنظمات التي تكافح لمنع انقراض الفيلة على التبرعات فقط للقيام بعملها، وتستخدم التبرعات في كل شيءٍ بدءاً من تثقيف المجتمعات المحلية والرعاية البيطرية انتهاءً بالدعاوى القانونية.
8. ارتداء دعمك:
تمتلك العديد من مؤسسات الحياة البرية قمصاناً وملصقاتٍ للسيارات وأساور وغيرها للتواصل مع المزيد من محبي الحياة البرية، فيمكنك المساعدة على نشر الكلمة بمجرد ارتدائها.
9. تثقيف السكان المحليين:
تثقيف الناس هو أحد الطرائق لوضع حدٍّ للصيد غير المشروع، ففي إفريقيا تنظم الحركات الدولية لحماية الحياة البرية ورش عملٍ وندواتٍ لتعليم السكان المحليين عن الفيلة الإفريقية والصيد الجائر الذي يحدث حولها، كما توجد مجموعاتٌ تركز على وحشية وعواقب البحث عن العاج.
في الختام:
لقد تحدَّثنا في هذا المقال عن دور الفيلة في النظام البيئي وفائدتها للأرض وأحيائها، وعددنا معاً آثار الصيد الجائر للفيلة في البيئة ومدى خطورته، بالإضافة إلى الوسائل والطرائق التي يجب علينا اعتمادها لإنقاذ الفيلة من هذه المشكلة الخطيرة، على أمل تحقيقه للفائدة المرجوة منه.
أضف تعليقاً