حكم مشاهدة الأفلام الإباحية في رمضان
لا ريب بأن مشاهدة الأفلام الإباحية من أشد المحرمات في رمضان وفي غيره، ليلاً أونهاراً، ولكنها في رمضان أشد حرمة، لأن صاحبها ينتهك حرمة هذا الشهر الكريم ويضاد الله عز وجل في مقصوده من شرعية الصيام، ولا يستجيب للنداء الكريم الذي وكل الله من ينادي به على العباد وأوحى لرسوله صلى الله عليه وسلم ليخبرنا به ففعل صلى الله عليه وسلم.
عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا كَانَ أوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ. رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة وصححه ابن خزيمة، ثم الألباني.
هل مشاهدة الأفلام الإباحية تؤثر في الصيام أو أجره؟
إن كان سؤالك: ما حكم مشاهدة الأفلام الإباحية في رمضان بعد الإفطار وهل تؤثر بنقص أجره؟ فنقول لك: ليس المقصود من الصيام هو الجوع والعطش ثم يأتي الليل فيسرح ويمرح الصائم كيفما شاء دون رقيب، وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ. رواه البخاري.
قال ابن حجر في فتح الباري: قَالَ الْبَيْضَاوِيّ: لَيْسَ الْمَقْصُود مِنْ شَرْعِيَّةِ الصَّوْمِ نَفْس الْجُوعِ وَالْعَطَشِ, بَلْ مَا يَتْبَعُهُ مِنْ كَسْرِ الشَّهَوَات وَتَطْوِيعِ النَّفْسِ الْأَمَّارَةِ لِلنَّفْسِ الْمُطْمَئِنَّةِ, فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ لَا يَنْظُرُ اللَّه إِلَيْهِ نَظَر الْقَبُولِ.
إقرأ أيضاً: ماهي الكبائر المذكورة في الدين الإسلامي؟
الأفلام الإباحية فيها ذنوب كبيرة
وهذه الأفلام الإباحية ـ حتى وإن لم تؤثر تأثيراً مباشراً في الصوم ـ فإن فيها من الذنوب الكبيرة ما سيأتي في ميزان العبد فيحبط في مقابلها الكثير من الحسنات، إن لم يتب صاحبها منها، وكذلك فالغالب على من يشاهد هذه الأفلام قلة التقوى مما يجعله يطلق النظر للنساء في نهار رمضان.
وقد تشتد الشهوة فيقع في بعض المحرمات كالاستمناء وهو مما يبطل الصوم في قول جماهير العلماء، بل قد يجامع زوجته نهاراً فيرتكب إثماً عظيماً مع وجوب الكفارة عليه وعليها إن كانت مطاوعة له، وهكذا فمن شؤم المعصية أنها تجر إلى معصية أخرى.
قال ابن القيم في كتابه الداء والدواء في بيان عقوبات المعاصي: ومنها: أن المعاصي تزرع أمثالها وتولد بعضها بعضا حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها، كما قال بعض السلف: إن من عقوبة السيئة السيئة بعدها وأن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها ولا يزال يألف المعاصي ويحبها ويؤثرها حتي يرسل الله إليه الشياطين فتأزه إليها أزا. انتهى.
هل مشاهدة الأفلام الإباحية تنقض الوضوء؟
الجواب هو: نعم.
إذا لاحظ المُشاهِد خروج مادة لزجة بعد إثارة الشهوة، لكن دون شعور باللذة أو الفتور، فإن هذه المادة تُعتبر نجسة، مثل البول، وهي تُعرف بالمذي، وبالتالي تُنقض الوضوء، ويجب الاكتفاء بالوضوء فقط.
أما إذا تلت المشاهدة لذة شديدة وتدفّق، ثم شعور بالفتور، فإن هذه الحالة تُعتبر منيًّا، وفي هذه الحالة يجب على الشخص الغسل، وبالتالي فإنها تُنقض الوضوء من باب أولى.
نصائح دينية للابتعاد عن مشاهدة الأفلام الإباحية في رمضان
يعتبر شهر رمضان فرصة ذهبية للتقرب إلى الله وزيادة الأعمال الصالحة. يمكن أن يعزز الابتعاد عن مشاهدة الأفلام الإباحية خلال هذا الشهر الفضيل من تقوى المؤمن ويزيد من أجره. فيما يلي بعض النصائح الدينية التي قد تساعدك على الابتعاد عن هذه العادة السيئة:
- الاستعانة بالله: تذكر دائماً دعاء الله عز وجل بأن يعينك على ترك هذه العادة السيئة.
- الابتعاد عن الأسباب: تجنب المواقع والأماكن التي قد تثير رغبتك في مشاهدة هذه الأفلام.
- الانشغال بالعبادة: حاول إلهاء النفس من خلال زيادة الصلاة، قراءة القرآن، والذكر لكي تملأ وقتك وتنشغل عن الأفكار السيئة.
- مصاحبة الصالحين: الإحاطة بأصدقاء صالحين يمكن أن يشجعك على الابتعاد عن المعاصي والذنوب والتقرب إلى الله.
- الرياضة والنشاطات البديلة: إن ممارسة الرياضة أو الانخراط في أنشطة أخرى يمكن أن يلهيك عن التفكير في هذه الأمور.
- التوبة والاستغفار: تشكل التوبة النصوح خصوصاً في هذا الشهر المبارك نقطة تحول لتجنب العادات السيئة والمحرمات التي نها عنها الله تعالى.
إن ستغلال هذا الشهر الكريم في ترك العادات السيئة والتقرب إلى الله يحقق للنفس الراحة والسكينة، ويزيد من الأجر والثواب في الدنيا والآخرة، فلا تجعله يمر دون أن تولد من جديد إنساناً مسلماً تقياً.
إقرأ أيضاً: مُبطلات الصيام المتفق عليها والمُختلف فيها
في الختام
فيجب على من يشاهد هذه الأفلام أن يمتنع عن ذلك في رمضان وغيره، وأن يتوب إلى الله ويستغفره، وهو سبحانه يقبل توبة العبد مهما أسرف على نفسه، بل ويبدل سيئاته حسنات، كما قال سبحانه: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً* وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا {الفرقان:70-71}
أضف تعليقاً