هل هو النعاس أم التعب؟
"الشعور بالتعب" و"الشعور بالنعاس" عباراتٌ تُستخدَم في السياق نفسه غالباً، وفي حين أنَّ هناك بعض أوجه الشبه بين الاثنين، فإنَّ هذه التجارب مختلفةٌ بطبيعتها. إذاً، ما هي الاختلافات بين الشعور بالتعب والشعور بالنعاس؟
النعاس:
يتميَّز النعاس بالرغبة في النوم، فمثلاً: تخيَّل أنَّك انتهيت للتو من الاستمتاع بغداءٍ كبيرٍ مصحوبٍ بكثيرٍ من المشروبات والعصائر، ستشعر بالاسترخاء وأنت جالسٌ في غرفةٍ دافئةٍ على كرسيٍّ مريح، وسوف تنام في أثناء مشاهدة التلفاز. يعدُّ هذا مثالاً بسيطاً على الشعور بالنعاس، وهو يختلف عن الشعور بالتعب.
يمنحك التعب والإرهاق الشعور بالثقل في عظامك وعضلاتك، وغالباً ما يجد الأشخاص الذين يعانون من الإرهاق أنَّه من الضروري التوقُّف وأخذ قسطٍ من الراحة، ولكنَّه لا يتسبَّب دائماً بنوم الشخص، وقد لا تتخلَّص منه عن طريق النوم.
بالنسبة إلى أولئك الذين يعانون من النعاس، فإنَّ أفضل طريقةٍ لتخفيف هذا الشعور هي الحصول على ساعاتٍ كافيةٍ من النوم ليلاً.
بشكلٍ عام، يُحرَّض النوم من خلال عمليتين: دافع النوم، وإشارة التنبيه اليومية.
يتجلَّى دافع النوم من خلال حقيقة أنَّه كلَّما استيقظ الشخص لفترةٍ أطول، زادت رغبته في النوم؛ وسبب هذه الزيادة في النعاس هو تراكم ناقلٍ عصبيٍّ يسمَّى الأدينوزين، والذي يتراكم بين الخلايا العصبية وفي نظام التنشيط الشبكي لجذع الدماغ، والنوم جزئياً هو عملية طرد هذا الناقل العصبي والمنتجات الثانوية الأيضية الأخرى من أنسجة المخ.
إنَّ الشعور بالنعاس أمرٌ طبيعي، ولكن إذا استمر الأمر أو كان مفرطاً، فقد يشير إلى مشكلةٍ أكثر خطورةً مرتبطةً بمجموعةٍ متنوعةٍ من اضطرابات النوم والحرمان من النوم.
التعب:
على غرار وصف الإرهاق، يمكن تمييز أعراض التعب، إذ يحدث الشعور بالتعب في أعماق العظام والعضلات؛ كما يمكن تحديد التعب من خلال بعض السمات التالية:
- الشعور بثقلٍ في الرأس.
- التهاب العينين.
- تدميع العينين.
- الشعور بثقل الجفون.
- ثقلٌ في الرِجلين.
- ضعفٌ عام.
- الشعور بالبرد.
- الحساسية للضوضاء.
- التثاؤب.
- فقدان الاهتمام.
- ضعف التركيز.
- الانفعال.
- ضعف الرغبة بالتحدث مع الآخرين.
- الاستعجال.
وفي حين أنَّ الشعور بالتعب يمكن أن يكون أمراً طبيعياً -خاصةً بعد يوم طويل- فقد يشير التعب المستمر بعد الاستيقاظ إلى مشكلات في النوم.
أسباب الشعور بالتعب عند الاستيقاظ:
1. خمول النوم:
يشير خمول النوم إلى الرغبة بالعودة إلى النوم فور الاستيقاظ، ويسبِّب مشاعر التململ والتعب؛ ممَّا يجعل العمل صعباً. كما يمكن أن يسبب خمول النوم ضعفاً إدراكياً ونفسياً أيضاً؛ ممَّا يجعل أنشطةً مثل قيادة السيارة خطرةً بعد الاستيقاظ.
سبب خمول النوم غير مفهومٍ بالكامل، حيث تشير إحدى الفرضيَّات إلى أنَّ الأدينوزين يتراكم في الدماغ في أثناء النوم، ويحول دون الوصول إلى مرحلة حركة العين السريعة؛ ممَّا يجعل من الصعب الشعور باليقظة الكاملة بعد الاستيقاظ.
2. اضطرابات النوم:
هناك مجموعةٌ متنوعةٌ من الاضطرابات الجسدية التي تحدث عند النوم، فتسبِّب اضطرابه، وتزيد من الشعور بالتعب بعد الاستيقاظ وعلى مدار اليوم. يرتبط كلٌّ من: توقُّف التنفس في أثناء النوم، واضطراب حركة الأطراف، والاضطرابات البيولوجية، والنوم القهري بشكلٍ خاصٍ؛ بأعراض التعب عند الاستيقاظ.
3. متلازمة انقطاع التنفس في أثناء النوم:
تسبِّب متلازمة انقطاع التنفس توقفاً مؤقتاً في التنفس خلال النوم؛ ممَّا يؤدي إلى الاستيقاظ المتكرِّر وسوء النوم.
ينقسم توقُّف التنفس في أثناء النوم إلى نوعين رئيسين:
كما يعدُّ فرط النعاس من الأعراض الشائعة لانقطاع التنفس في أثناء النوم.
عندما قيَّم المرضى الذين يعانون من توقُّف التنفس في أثناء النوم أعراضهم الأكثر بروزاً، اختار 22% منهم النعاس، بينما اختار 40% منهم نقص الطاقة. يرتبط التعب والإرهاق ارتباطاً وثيقاً بانقطاع التنفس في أثناء النوم، وهما من الأعراض الهامَّة التي يجب مراعاتها مع التشخيص.
4. حركة الأطراف خلال النوم:
اضطراب حركة الأطراف الدورية (PLMD) هو حالةٌ تؤثِّر في الجهاز العصبي، وتسبِّب الرجفان اللاإرادي للأطراف في أثناء النوم، وخاصةً الساقين. لا يتذكَّر الشخص الذي يعاني من حركة الأطراف الدورية في أثناء النوم (PLMS) الحركات التي تحدث.
5. اضطراب الساعة البيولوجية:
هناك ست فئاتٍ من اضطرابات الساعة البيولوجية:
- متلازمة اضطراب طور النوم المتأخر.
- متلازمة اضطراب طور النوم المتقدِّم.
- اضطراب النوم والاستيقاظ اللايوماوي.
- عدم انتظام إيقاع النوم.
- اضطراب الرحلات الجوية الطويلة.
- اضطراب النوم الناتج عن العمل بنظام الورديات.
قد تسبِّب هذه الاضطرابات صعوبةً مفرطةً في النوم والاستيقاظ في الأوقات المناسبة، ويرجع ذلك إلى سوء انتظام الساعة البيولوجية الداخلية التي تتحكَّم بالعديد من العمليات، بما في ذلك: الرغبة بالنوم بحلول الليل، وقد يَضْعُفُ هذا الأداء في الحياة الطبيعية. وفي متلازمة اضطراب طور النوم المتأخر، قد تؤدِّي صعوبة النوم والاستيقاظ إلى النعاس الشديد؛ ممَّا يساهم في الشعور بالتعب والإرهاق عند الاستيقاظ وطوال اليوم.
6. النوم القهري:
يحدث النوم القهري عندما يكون الفرد غير قادرٍ على الاستقرار في حالات النوم واليقظة، حتَّى وإن بدى وكأنَّه قضى ليلته في نومٍ عميق؛ حيث يتعرَّض الشخص الذي يعاني من النوم القهري إلى تبدلاتٍ مفاجئةٍ في اليقظة، وهناك أربع خصائص للنوم القهري:
- النعاس المفاجئ في أثناء النهار.
- الهلوسة التنويمية التي تحدث في أثناء النوم.
- شلل النوم.
- الجمدة (ضعفٌ مفاجئٌ في الاستجابة العاطفية).
بعد هذه النتائج، قد يكون الإرهاق من الأعراض التي يعاني منها أولئك الذين يعانون من النوم القهري.
التعامل مع عدم كفاية النوم:
بشكلٍ عام، سيؤدِّي عدم الحصول على كمية نوم تكفي لتلبية احتياجات الجسم إلى أعراض التعب والإرهاق؛ كما ويسبِّب الفقد المتراكم للنوم بسبب قلَّته مقابل احتياجات الجسم له، الحرمان منه.
يؤدِّي الحرمان من النوم إلى النعاس وأعراضٍ أخرى مرتبطةٍ بالتعب والإرهاق، مثل: مشاكل الذاكرة والتفكير، وضعف الوظائف الحيوية، وحتَّى آلام الجسم، وعدم الراحة.
كيفية تخفيف التعب الصباحي:
في النهاية، أفضل طريقةٍ لتخفيف التعب هي الحصول على قدرٍ كافٍ من النوم للشعور بالراحة وعلاج اضطرابات النوم الأساسية التي قد تؤثِّر في جودة النوم.
1. تلبية احتياجات النوم:
بالنسبة إلى البالغين الأصحاء، يُنصَح بسبع إلى تسع ساعاتٍ من النوم -بمعدَّل ثماني ساعاتٍ وسطياً- في الليلة الواحدة؛ إذ قد تناسب سبع ساعاتٍ فقط بعض الأشخاص، بينما يحتاج الآخرون إلى أكثر من ثماني ساعات؛ وطالما جرى تلبية احتياجات الجسم من النوم، يجب أن ينخفض الشعور بالتعب.
بالإضافة إلى ذلك، لجعل الاستيقاظ أسهل ولمواجهة آثار التعب، يمكن أن يكون الكافئين والتعرُّض إلى ضوء الشمس طرائق مفيدة.
2. الكافئين:
يعدُّ الكافئين الذي تتناوله عند الاستيقاظ في الصباح طريقةً رائعةً للمساعدة في التخلُّص من أيِّ نعاسٍ متبقٍّ، حيث يزيد الكافئين من اليقظة ويحسِّن المعالجة العقلية، والتي يصعب الحفاظ عليها عند الشعور بالتعب أو الإرهاق. وعلى الرغم من أنَّ الكافئين مادةٌ كيميائيةٌ مفيدة، إلَّا أنَّه يمكن أن يثير القلق ويؤثِّر في جودة النوم؛ ممَّا قد لا يساعد بدوره في تخفيف التعب؛ لذلك تجنَّب الكافئين بعد الساعة 12 مساءً من أجل نومٍ أفضل ليلاً، حيث يستغرق الجسم أربع ساعاتٍ حتَّى يتخلَّص من نصفه.
3. أشعة الشمس الصباحية:
يمكن أن يساعد التعرُّض إلى أشعة الشمس في الصباح في تحقيق اتزانٍ يوميٍّ وضبط أنماط نومنا، حيث يمكن أن يساعد قضاء 15 إلى 30 دقيقة في ضوء الشمس المباشر بعد الاستيقاظ فوراً، دون ارتداء قبعةٍ أو نظَّارةٍ شمسية، في الاستيقاظ بالكامل والتخلُّص من التعب. وإذا كان ضوء الشمس المباشر غير متاحٍ بسبب الموسم أو الموقع الجغرافي، فيمكن أن تكون منبِّهات شروق الشمس أو صناديق الضوء بدائل رائعة. حيث أنَّ هذه الأجهزة هي مصادر ضوءٍ اصطناعية، وتكون أحياناً متوافقةً مع ساعات المنبه التي تزيد من شدة الضوء بشكلٍ ثابتٍ على مدار 30 إلى 40 دقيقة؛ ويمكن أن يساعد الضوء في الوقت المناسب في ضبط أنماط النوم واليقظة.
كما أنَّ الإجراءات الأخرى، مثل تجنُّب الحبوب المنوِّمة، أو ممارسة النشاطات في الصباح، أو الاستحمام مباشرةً بعد الاستيقاظ؛ مفيدةٌ أيضاً في أثناء اليقظة.
كلمةٌ أخيرة:
على الرغم من أنَّنا غالباً ما نستخدم كلماتٍ مثل النعاس والتعب، إلَّا أنَّ هذه التجارب لها اختلافاتٌ واضحةٌ ودقيقة؛ ففي حين يمكن أن يتسبَّب التعامل مع القصور الذاتي في النوم، واضطرابات النوم، وعدم كفاية النوم عند الاستيقاظ - بالشعور بالتعب؛ فإنَّ معالجة الأسباب التي قد تجعلك تستيقظ متعباً، وتنفيذ إجراءاتٍ وقائية مثل التعرُّض إلى ضوء الشمس وتناول الكافئين في روتينك الصباحي؛ مفيدٌ جداً في تخفيف التعب.
إذا كنت لا تزال تواجه صعوبات في التعب والإرهاق، فتحدَّث مع طبيبك حول الحصول على تقييمٍ إضافيٍّ لاضطرابات النوم المحتملة من أخصائي نومٍ معتمد.
أضف تعليقاً