العوامل الداخلية المؤثرة في اختيار المسار المهني
العوامل الداخلية هي تلك العوامل التي تنبع من داخل الفرد نفسه، وتشمل مجموعة متنوعة من الخصائص الشخصية والنفسية.
1. المؤهلات والقدرات
تؤدي المؤهلات والقدرات دوراً حاسماً في اختيار المسار المهني، فهي تحدد ما يمكن للفرد فعله وما لا يقدر على فعله. وتشمل هذه العوامل:
- التعليم: يؤثر المستوى التعليمي والتخصّص الأكاديمي بشكل كبير على فرص العمل المتاحة.
- المهارات: سواء كانت مهارات تقنية أو شخصية، فإنَّها تحدد قدرة الفرد على أداء وظائف معينة.
- الخبرات: تساهم الخبرات السابقة (المهنية منها أو التطوعية) في تشكيل المسار المهني.
- القدرات الذهنية: مثل الذكاء والإبداع والقدرة على حل المشكلات، وهي عوامل مهمّة في بعض المِهن.
- القدرات البدنية: تتطلب بعض المهن قدرات بدنية معينة، مثل القوة أو المرونة أو التحمل.
من المهم أن يقيّم الفرد مؤهلاته وقدراته بشكل واقعي عند اختيار مساره المهني. هذا لا يعني الاقتصار على ما يمتلكه حالياً، بل يمكن أيضاً النظر في إمكانية تطوير مهارات وقدرات جديدة لتحقيق أهدافه المهنية.
2. الاهتمامات والميول
الاهتمامات والميول هي من أهم العوامل المؤثرة في اختيار المسار المهني، فهي تحدد ما يستمتع به الفرد ويشعر بالرضا وتحقيق الذات عند القيام به. دعنا نذكر بعض هذه العوامل:
- الهوايات: غالباً ما تكون الهوايات مؤشراً على المجالات التي قد يستمتع بها الفرد في حياته المهنية.
- المواضيع المفضلة: قد تشير المواد الدراسية أو المجالات التي يجد فيها الفرد متعة ويتفوق فيها إلى المسار المهني المناسب.
- القيم الشخصية: ما يعتبره الفرد مهماً في الحياة قد يؤثر على اختياراته المهنية.
- الأنشطة التي تجلب الشعور بالإنجاز: قد تدل الأعمال التي تجعل الفرد يشعر بالرضا والإنجاز على طبيعة المسار المهني المناسب.
- الرغبة في التحدي: بعض الأفراد يفضلون المهن التي تقدم تحديات مستمرة، بينما يفضل آخرون الاستقرار والروتين.
3. القيم والأخلاقيات
من المهم أن يفكر الفرد ملياً في قيمه وأخلاقياته عند اختيار مساره المهني، فالعمل في مهنة تتوافق مع القيم الشخصية يمكن أن يؤدي إلى شعور أكبر بالرضا والإنجاز في الحياة. تتضمن هذه العوامل:
- القيم الشخصية: مثل الصدق، الإخلاص، العدالة، الاحترام، وغيرها.
- الأخلاقيات المهنية: قد تتطلب بعض المهن اتخاذ قرارات أخلاقية صعبة، وقد يجد بعض الأفراد صعوبة في التعامل مع مثل هذه المواقف.
- المسؤولية الاجتماعية: يفضل بعض الأفراد المهن التي تساهم بشكل مباشر في خدمة المجتمع.
- التوازن بين العمل والحياة: من المؤكد أن قيمة الوقت الشخصي والعائلي تؤثر على اختيار المسار المهني.
4. الشخصية
الشخصية هي مجموعة من السمات والخصائص التي تميز الفرد عن غيره، ولا شك في دورها المحوري هنا وذلك بكونها أهم العوامل المؤثرة على اختيار المسار المهني. ومن الأمثلة حول أهميتها:
- الاجتماعية أم الانطوائية: قد يميل الأشخاص الاجتماعيون إلى المهن التي تتطلب تفاعلاً اجتماعياً كبيراً، بينما قد يفضل الانطوائيون المهن التي تتطلب العمل بشكل مستقل.
- الاستقرار العاطفي: وتعني القدرة على التعامل مع الضغوط والتحديات.
- الانفتاح على التجارب: الأشخاص المنفتحون على التجارب الجديدة من المؤكد أنهم سيستمتعون بالمهن التي تتطلب الإبداع والابتكار.
شاهد بالفيديو: خطوات تبديل المسار المهني
العوامل الخارجية المؤثرة في اختيار المسار المهني
لا تقل العوامل الخارجية أهمية عن تلك الداخلية فهي تتصدر العوامل المؤثرة على اختيار المسار المهني. وهذه العوامل تأتي من البيئة المحيطة بالفرد وتشكل الفرص والتحديات التي يواجهها في سوق العمل.
1. الظروف الاقتصادية
لا يمكن إنكار أهمية الظروف الاقتصادية في تشكيل خيارات المسار المهني، ومن المهم أن يكون الفرد على دراية بالاتجاهات الاقتصادية والتغيرات في سوق العمل عند اختيار مساره المهني. وينطوي ذلك على:
- حالة سوق العمل: يتغير الطلب على مهن معينة مع تغير الاقتصاد، فبعض المهن قد تكون مطلوبة بشدة في فترة معينة، بينما قد تتراجع في فترات أخرى.
- مستوى الدخل: مما لا شك فيه أن الرواتب والمزايا المالية المرتبطة بمهن معينة تترك أثراً كبيراً على قرار اختيار المسار المهني.
- فرص النمو: قد تقدم بعض المجالات فرصاً أكبر للتقدم الوظيفي والنمو المهني.
- استقرار الوظيفة: في أوقات عدم اليقين الاقتصادي، قد يميل الأفراد إلى اختيار المهن التي توفر استقراراً وظيفياً أكبر.
2. الأسرة والمجتمع
للأسرة والمجتمع تأثير كبير على اختيارات الفرد المهنية، سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر. ويكون ذلك من خلال:
- توقعات الأسرة: قد يكون لدى الوالدين أو أفراد الأسرة الآخرين توقعات معينة حول المسار المهني للفرد.
- التقاليد العائلية: تمتلك بعض العائلات تقاليد معينة في اختيار المهن، مثل العمل في الأعمال العائلية.
- الضغط الاجتماعي والقيم الثقافية: قد يكون هناك ضغط من المجتمع لاختيار مهن معينة تعتبر مرموقة أو مقبولة اجتماعياً وتمتلك تقديراً أكثر من غيرها عند بعض الثقافات.
- النماذج المهنية: الأشخاص الذين يحترمهم الفرد أو يعجب بهم في مجتمعه قد يؤثرون على اختياراته المهنية.
3. التوجيه المهني
التوجيه المهني هو عملية مساعدة الأفراد في اكتشاف وفهم وتطوير مساراتهم المهنية. يمكن أن يكون له دور كبير في اختيار المسار المهني الخاص بك من خلال:
- تقييم المهارات والاهتمامات: يمكن للمرشدين المهنيين مساعدة الأفراد في تحديد نقاط قوتهم واهتماماتهم.
- توفير معلومات عن سوق العمل: يستطيع المرشدون تقديم معلومات حديثة عن فرص العمل واتجاهات سوق العمل الحالية.
- المساعدة في وضع الأهداف: كما يساعدون الأفراد أيضاً في وضع أهداف واقعية وخطط لتحقيقها.
- اكتشاف خيارات جديدة: قد يساعد المرشدون في تعريف الأفراد بمهن أو مسارات مهنية لم يكونوا على دراية بها من قبل.
- تقديم الدعم النفسي: من أهم أدوار التوجيه المهني هو مساعدة الأفراد في التعامل مع الشكوك والمخاوف المتعلقة باختيار المسار المهني.
من المهم الاستفادة من خدمات التوجيه المهني عند الحاجة، سواء كان ذلك في المدرسة أو الجامعة أو من خلال خدمات مهنية متخصصة. ومع ذلك، من المهم أيضاً تذكر أن القرار النهائي يجب أن يكون قرار الفرد نفسه.
4. التجارب العملية
توفر التجارب العملية فرصة لاختبار الافتراضات حول مهنة معينة والتأكد من مدى ملاءمتها للفرد. كما أنها تساعد في بناء شبكة من العلاقات المهنية وتطوير المهارات العملية التي تعزز فرص التوظيف. لنذكر بعض الأمثلة على ذلك:
- التدريب الداخلي: يوفر فرصة للتعرف على مهنة معينة عن قرب.
- العمل بدوام جزئي: يمكن أن يقدم نظرة واقعية على عالم العمل في مجال معين.
- التطوع: يمكن أن يساعد في اكتشاف اهتمامات جديدة وتطوير مهارات مفيدة.
- برامج تبادل الطلاب في الخارج : يمكن أن توسع آفاق الفرد وتعرضه لفرص وثقافات جديدة.
كيفية اتخاذ قرار بشأن المسار المهني
يمكن لاتخاذ قرار بشأن المسار المهني أن يكون عملية معقدة ومرهقة، ومع ذلك، هناك بعض الخطوات التي يمكن اتباعها لتسهيل هذه العملية:
1. ابحث عن المعلومات
البحث عن المعلومات هو خطوة أساسية في عملية اتخاذ القرار المهني. لنذكر بعضاً منها:
- استكشاف مختلف المهن: تعرف على مجموعة واسعة من المهن، بما في ذلك تلك التي قد لم تفكر فيها من قبل.
- دراسة متطلبات المهن: تعرف على المؤهلات والمهارات اللازمة للمهن التي تهمك.
- البحث عن اتجاهات سوق العمل: تعرف على المهن التي من المتوقع أن تنمو أو تتراجع في المستقبل.
2. تحدث إلى الآخرين
إذ يمكن أن يوفروا لك رؤى قيّمة حول مختلف المهن والمسارات المهنية. وذلك من خلال:
- التحدث مع المهنيين: حاول التواصل مع أشخاص يعملون في المجالات التي تهمك للحصول على نظرة من الداخل.
- مناقشة الأمر مع العائلة والأصدقاء: قد يكون لديهم رؤى مفيدة أو يعرفون أشخاصاً يمكنك التحدث إليهم.
- حضور المعارض المهنية: توفر فرصة للقاء ممثلي الشركات والتعرف على فرص العمل المختلفة.
3. جرب أشياء جديدة
فهذه التجارب يمكن أن تساعدك في اكتشاف اهتمامات وقدرات جديدة لديك قد تؤثر على اختيارك المهني. ومن الأمثلة على ذلك:
- التطوع: يمكن أن يوفر فرصة لتجربة مجالات مختلفة دون التزام طويل الأمد.
- التدريب الداخلي: يعطيك نظرة عملية على مهنة معينة.
- المشاركة في مشاريع جانبية: يمكن أن تساعدك في اكتشاف شغفك وقدراتك.
- السفر أو العمل في الخارج: يوسع آفاقك ويعرضك لفرص وثقافات جديدة.
في الختام
إلى هنا نكون قد تجولنا بين العوامل المختلفة المؤثرة على اختيار المسار المهني المناسب لك، لتستند إليها في تقييم خياراتك، والوصول إلى مجال شغفك، والتطور فيه.
أضف تعليقاً