طفولة في زمن الحرب:
تشكل الصراعات المستمرة والظروف القاسية في فترة الحرب بيئة غير مستقرة للأطفال، فتؤثر الحرب في الأطفال كما تؤثر في البالغين، ولكن بطرائق مختلفة، ففي البداية سنتحدث عن حاجة الأطفال إلى الرعاية والاهتمام والتعاطف من قبل الأشخاص البالغين الذين يحبونهم، والتي قد يخسرونها في زمن الحرب بسبب فقدان هؤلاء الأشخاص الذين قد يكونون إما أحد الآباء أو الأخوة أو الأقارب، وفي أسوأ الأحوال قد يصبح الطفل وحيداً بلا أي أقارب، وهذا ينعكس سلباً على نفسيته.
من ناحية أخرى، قد تسبب الحرب انشغال الوالدين في حماية الأسرة وإيجاد سبل العيش البسيطة، وعدم القدرة على تقديم الدعم العاطفي والحنان اللازمَين لطفلهم في فترة الحرب.
قد يتأثر مسار حياة الأطفال في زمن الحرب سلباً أكثر بكثير من البالغين؛ وذلك بسبب فقدانهم حقوقهم بصفتهم أطفالاً، ومن بين هذه الحقوق حقهم بالتعلم، فمن الصعب تقديم فرصة التعلم للأطفال في أثناء الحرب؛ وذلك لأنَّهم يضطرون إلى الانتقال إلى مخيمات اللاجئين أو النازحين، وينتظرون لسنوات من دون سكن، في ظروف قاسية حتى يستأنفوا حياتهم.
إضافة إلى ذلك، المشكلات الجسدية التي قد يتعرض لها الأطفال في الحرب، فمن الممكن أن يتشوهوا أو يفقدوا أحد أطرافهم أو البصر، وقد ينتج عن هذه المشكلة مشكلات في المستقبل في التعليم والحياة الاجتماعية.
من الضروري الالتزام بالتوعية بشأن قضايا الأطفال في الحروب، وتعزيز الضغط الدولي لتنفيذ القوانين والاتفاقيات المتعلقة بحقوق الأطفال، كما يمكننا أن نساهم في إنشاء بيئة أكثر إنسانية وأماناً، والاستثمار في التعليم والدعم النفسي للأطفال المتضررين يشكلان استثماراً جيداً لمستقبلنا المشترك.
كيف نحمي الأطفال من الحروب؟
تعد حماية الأطفال من الحروب مسؤولية إنسانية ضرورية، وتتطلب تفكيراً عميقاً وتدخلاً سريعاً، فيعيش ملايين الأطفال حول العالم تحت ظروف صعبة بسبب الصراعات المسلحة، ويتعرضون لخطر الإصابة والتشوه، كما يعانون أيضاً من نقص في الرعاية الصحية والتعليم، وهذا يؤثر سلباً في حياتهم اليومية ومستقبلهم، وفي هذه الفقرة، سنتحدث عن كيفية حماية الأطفال خلال الحروب:
1. المحافظة على حقوق الأطفال في زمن الحرب:
ينبغي على جميع الأطراف الوفاء بالتزاماتها بحماية الأطفال وإنهاء الانتهاكات والضربات التي تقوم بها ضد الأطفال في أوقات الحرب، كما يجب على أصحاب النفوذ استخدام سلطتهم لفرض وقف الهجمات على الأطفال وتقديم الخدمات التي يعتمدون عليها، ويجب على أطراف النزاع الالتزام ببعض الأمور، وهي:
شاهد بالفديو: 13 طريقة تساعد الأبوين على علاج الاكتئاب عند الأطفال
- وضع حد للهجمات المتعمدة والعشوائية التي قد تتسبب بقتل الأطفال وتشوههم.
- إنهاء الهجمات على المراكز التعليمية، ومن ذلك الهجمات على الطلاب والمعلمين والمدارس والتهديدات الموجهة إليهم، وعدم استخدام المدارس لأغراض عسكرية.
- إنهاء الهجمات على المراكز الصحية، إضافة إلى العاملين في مجال الصحة والمستشفيات والمرافق الصحية.
- إنهاء الهجمات على مرافق المياه والصرف الصحي.
- تجنب استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان؛ نظراً لتأثيرها غير المتناسب والمدمر بشكل خاص في الأطفال.
- التمسك بالالتزامات العالمية ليكون العالم خالياً من تهديد الألغام والمتفجرات الناتج عن مخلفات الحرب والأجهزة المتفجرة.
- وضع حد لتجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل القوات والجماعات المسلحة بوصفهم دروعاً بشرية، وإنهاء احتجاز الأطفال الذين يُدَّعى أنَّهم مرتبطون بالإرهاب أو الجماعات المسلحة.
- إطلاق سراح الأطفال المرتبطين بالإرهاب أو الجماعات المسلحة، وتقديمهم إلى خدمات الحماية وإعادة التأهيل في مجتمعاتهم، إضافة إعادة الأطفال الأجانب بأمان إلى بلدانهم الأصلية.
- منع اختطاف الأطفال في الحروب.
- وقف كافة أشكال العنف الجنسي وغيره من أشكال العنف ضد الأطفال.
- عدم حرمان الأطفال من المساعدات الإنسانية في حالات الطوارئ، وإنهاء الهجمات على العاملين في المنظمات الإنسانية.
2. محاسبة كل من ينتهك حقوق الطفل:
تعد مهمة محاسبة المتورطين في انتهاك حقوق الطفل أمراً هاماً خلال فترات الحروب؛ وذلك لضمان حمايتهم، فيشهد العالم في الفترات الأخيرة تفاقماً للتحديات التي يواجهها الأطفال، ولذلك ينبغي على الدول وجميع الأطراف ذات النفوذ العمل على محاسبة كل من ينتهك حقوق الأطفال للحد منها، وضمان حياة كريمة وصحية خالية من الأضرار النفسية والجسدية للأطفال.
يحق للأطفال الاستفادة من الحماية في حالات النزاع كما تنص القوانين والأعراف تجاههم، ويعد الإهمال في أداء هذه الالتزامات فشلاً في المسؤوليات الأخلاقية والإنسانية.
3. الحفاظ على سلامة الأطفال وتقديم الدعم للتعافي من تجارب الحرب:
للقيام بهذه الخطوة يجب على الجهات المعنية والتي هي الجمعيات الخيرية المحلية والدولية زيادة أعمالها في حماية الأطفال في الصراعات، ودعم الناجين منهم وتقديم الرعاية والعلاج اللازمَين، ويشمل ذلك إعطاء الأولوية للصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي، وإعادة الإدماج، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع العنف القائم على النوع الاجتماعي والتصدي له، والرصد والإبلاغ والتواصل مع أطراف النزاع للحد من انتهاكات حقوق الأطفال.
تعد هذه الخطوات ذات أهمية حيوية لحماية الأطفال المعرضين لخطر الحروب، ولتعزيز وضمان تعافيهم من صدمات الحرب، ويظهر في جميع أنحاء العالم إصرار الأطفال والشبان المتميزين، فهم يكافحون من أجل تحقيق السلام كما يعملون جاهدين لتحقيق حياة أفضل لأنفسهم ولمجتمعاتهم.
كيف نساعد أطفال الحرب؟
يعد اتخاذ إجراءات سريعة لمساعدة أطفال الحرب من الأمور الضرورية، فهؤلاء الأطفال واقعون تحت تهديدات عديدة على حياتهم وصحتهم نتيجة الحرب، وفي هذه الفقرة، سنتحدث عن بعض الطرائق التي يمكننا من خلالها تقديم الدعم والرعاية لهؤلاء الأطفال المتأثرين بالحروب، ومنها:
- الاهتمام والعمل على إيجاد أهالي الأطفال ولم شملهم مع أسرهم.
- إنشاء مساحات صديقة للأطفال تمنحهم مساحة آمنة خالية من الحروب؛ ليتمكنوا من واللعب والتعلم والحصول على الراحة والدعم النفسي والاجتماعي.
- العمل على وقف حجز الأطفال، ومنع الاعتداء الجنسي عليهم التي تكون في زمن الحروب، فذلك من أكثر وأبشع الأمور التي تحدث، وتوفير الخدمات الطبية للضحايا.
- منع التجنيد العسكري للأطفال في زمن الحرب، وتسهيل إطلاق سراح الجنود الأطفال، وإعادة إدماجهم مرة أخرى في المجتمعات.
- دعم ملايين الأطفال في المناطق المتضررة من الألغام الأرضية والأسلحة المتفجرة؛ وذلك من خلال تدخلات الوقاية ومساعدة الناجين.
- توفر الإغاثة الطارئة للأطفال المتأثرين بالحرب، ومن ذلك الرعاية الطبية والمياه الآمنة والصرف الصحي ومستلزمات النظافة والغذائيات.
كيف يعبر الأطفال عن معاناتهم في ظل الظروف الصعبة؟
تعد مهمة تعبير الأطفال عن معاناتهم في ظل الظروف الصعبة التي يمرون بها أمراً حيوياً لإدراك تأثير الحرب في حياتهم اليومية والنفسية، ويعد الأطفال من أكثر الفئات ضعفاً وتهديداً في حالات الحروب والنزاعات، فيكونون عرضة لتأثيرات نفسية وجسدية قد تكون عميقة تستمر لفترات طويلة، فيعبر الأطفال عن معاناتهم بطرائق مباشرة وغير مباشرة، وقد تختلف ردود أفعالهم من طفل لآخر، وتعتمد على 3 عوامل، وهي:
- نوع الحدث: الطريقة التي يظهر بها الطفل تتأثر بنوع الحدث الذي يمر به.
- طبع الطفل وعمره: قد تؤدي طبيعة الطفل السلوكية وعمره دوراً هاماً في تشكيل تجربته وكيفية تعبيره عنها.
- الجو الأسري وعلاقة الطفل بأسرته: طبيعة العلاقة الأسرية والبيئة المحيطة بالطفل تؤثر بشكل كبير في تكوين ردود فعله.
يظهر التعبير المباشر بشكل واضح عبر شعور الطفل، مثل الخوف، والتوتر، والضيق، والانزعاج، والغضب، والحركات الزائدة، والتساؤلات الزائدة.
أما التعبير غير المباشر، فيظهر من خلال مشكلات قد تنشأ نتيجة للتحديات التي يواجهها، مثل اضطرابات في الكلام مثل التلعثم أو التأتأة، أو فقدان السيطرة على وظائف الجسم مثل التبول اللاإرادي أو التبرز، وقد يظهر ذلك أيضاً في سلوكات غير عادية مثل النكوص أو تغيير في نمط النوم.
لذا من الضروري توفير العلاج والدعم المناسب للمساعد على التعامل مع هذه التجارب وتقديم المساعدة اللازمة للأطفال خلال هذه الفترات الصعبة.
في الختام:
يظهر واجبنا تجاه حماية الأطفال من أضرار الحروب بوضوح، فإنَّ العمل المشترك والجهود المبذولة للتصدي للتحديات التي يواجهها الأطفال في زمن الحروب يعد أمراً هاماً وضرورياً، فينبغي أن يكون توفير الحماية والرعاية للأطفال في مركز اهتمامنا الرئيسي؛ وذلك لنتمكن من بناء مستقبل يسوده الأمان والعدالة.
أضف تعليقاً