بداية انتشار العملات الرقمية بين المؤسسات:
أخذَت العملات الرقمية (الكريبتو) بالانتشار عندما صرَّح "مايكل سايلور" (Michael Saylor)، الرئيس التنفيذي لشركة "مايكروستراتيجي" (MicroStrategy) لخدمات الأعمال والبرمجة عن اعتماده عملة البيتكوين (Bitcoin)، وبالنظر لثقل شركة "مايكروستراتيجي" (MicroStrategy) في السوق وتاريخها العريق الذي يعود إلى عام 1989، وامتلاكها احتياطي رأس مال كبير، ثمَّ إعلان "سايلور" (Saylor) دخول العملات الرقمية سوق الأعمال مصرحاً أنَّها "تفوَّقَت على العملات النقدية"؛ فأثار هذا الأمر بعض الدهشة بين المؤسسات، وخلقَ أثراً تراكمياً.
استثمار شركة "تسلا" 1.5 مليار في "البيتكوين" (Bitcoin):
تصدَّر اسم "إيلون ماسك" (Elon Musk) المتربع على عرش عالم التكنولوجيا، والمدير التنفيذي لشركة "تسلا" (Tesla) للسيارات الصديقة للبيئة مؤخراً عناوين الأخبار، فانطلاقاً من كونه أول من اعتمدَ عملة دجكوين (Dogecoin)، وربما دوره الكبير في انتشار "البيتكوين" (Bitcoin) بعد أن غرد على تويتر (Twitter) عن هذه العملة، ومن ثمَّ شراء ما يعادل 1.5 مليار دولار لشركة "تسلا" (Tesla)، مهَّد كلٌّ من "ماسك" (Musk) و"سيلور" (Saylor) طريق المؤسسات نحو التحول إلى التعاملات الرقمية، وفي الآونة الأخيرة، أعلنَت "تسلا" (Tesla) أيضاً أنَّه يمكِن للعملاء شراء سياراتهم باستخدام "البيتكوين" (Bitcoin)، ثمّ ما لبثت أن تراجعت عن ذلك بحجة أنّ تعدين بيتكوين هو عملية غير صديقة للبيئة.
تجربة شركة "بايبال" (PayPal) مع العملات الرقمية:
كانت شركة الدفع الإلكتروني "بايبال" (PayPal) واحدةً من الشركات الرائدة في بدء التعامل بالعملات الرقمية، نظراً لتاريخها في الترويج وتبسيط المعاملات بين دول العالم في غضون دقائق، كان من المنطقي بالنسبة إليها أن تكون من السبَّاقين للحصول على العملات الرقمية.
في الآونة الأخيرة، بدأ الشراء وإجراء المعاملات باستخدام العملات الرقمية مثل: بيتكوين (Bitcoin)، وإيثيريوم (Ethereum)، ولايت كوين (Litecoin)، وبيتكوين كاش (Bitcoin Cash). وصحيح أنَّ "بايبال" (PayPal) تعرَّضَت لانتقاد أنصار العملات الرقمية لعدم سماحها للمستخدمين بنقل عملاتهم المعدنية إلى محفظة خاصة؛ لكنَّها ربما تفعِّل هذه الميزة في المستقبل وتوجهها في الاتجاه الصحيح.
تجربة شركتَي "فيزا" (Visa) و"ماستر كارد" (Mastercard) مع العملات الرقمية:
أخذَت اثنتان من أكبر منصات إجراء عمليات الدفع في جميع أنحاء العالم للسماح باستخدام "بيتكوين" (Bitcoin) للعامة، على سبيل المثال: تسمح "فيزا" (Visa) بالمعاملات مع العملات المستقرة على سلسلة كتل الإيثيريوم (Ethereum blockchain).
حذَت "ماستركارد" (Mastercard) حذوها وأعلنَت مؤخراً أنَّ عملاءها سيبدؤون معاملاتهم مع العملة الرقمية خلال عام 2021، مع لحاق اثنتين من عمالقة الدفع الكبيرين الركب، يبدو أنَّ الأبواب مفتوحة الآن للاعتماد العام والأوسع للاستخدام العملي لهذه العملات ضمن الشركات في المستقبل.
تسهيل عملية دفع الرواتب والمستحقات:
قد يُمثِّل الاضطرار إلى التعامل مع كشوف مرتبات للموظفين الذين يعملون عن بُعد في أجزاء مختلفة من العالم مشكلة كبيرة لرب العمل، فتخيَّل أن تضطر إلى تحويل الأموال إلى عشرات العملات الدولية لدفع رواتب موظفيك.
إنَّ إجراء المعاملات الدولية ليس أبداً بصعوبة رسوم تحويل العملة، لكن مع العملة الرقمية، أصبحَت المعاملات الفورية الدولية برسوم قليلة أو معدومة حقيقة واقعة الآن، ونظراً لأنَّ معاملات "بيتكوين" (Bitcoin) عامة، يمكِن لجميع الأطراف عرضُ تفاصيل المعاملة ومعرفة الحالة على الفور، ويؤدي الاستغناء عن البنوك إلى توفير أموال كلٍّ من رب العمل والموظف، ويمكِن أن يكون مكسباً كبيراً للقوى العاملة كلِّها.
أصبح التمويل الجماعي وجمع رأس المال أكثر شفافية:
يحب الناس استخدام منصات الإنترنت لجمع الأموال؛ فبهذه الطريقة، تُجمَع التبرعات بشفافية، كما أنَّه يتيح القدرة على طلب الأموال من عامة الناس وشرح السبب، وفي المستقبل، من المحتمل أن يستمر استخدام مثل هذه المنصات.
ومع ذلك، فإنَّ التمويل الجماعي باستخدام محفظة سلسلة كتل (blockchain) مخصصة سيبقي مبلغ التبرعات الكلي مكشوفاً للجمهور، وسيسمح كذلك لجامعي التبرعات بتجنُّب الرسوم من منصات الطرف الثالث دون خسارة ثقة المانحين، حيث تتيح محفظة العملات الرقمية أيضاً لجميع الأطراف معرفة مقدار التبرعات المجموعة.
العملة الرقمية طريقة دفعٍ مُجدية:
إحدى الانتقادات الرئيسة الموجهة للعملات الرقمية هو عدم وجود قيمة متأصلة. وفي الواقع، القيمة التي تتمتع بها هي القيمة التي يوفرها العالم، ومع ذلك، يمكِن قول الشيء نفسه عن العملات الورقية العالمية التي ابتعدَت لفترة طويلة عن الغطاء الذهبي.
لقد عرَّف المدافعون الأقوياء عن الاحتفاظ بالذهب لسنوات أنَّ المبالغة في طباعة النقود سيؤدي إلى انخفاض قيمة العملة؛ فنظراً لأنَّ الذهب موردٌ محدود نسبياً وكان يُعدُّ على مر التاريخ ذا قيمة، فإنَّهم يستخدمونه كوسيلة احتياطية تحول دون حدوث التضخم، وتجنُّب تدخُّل الحكومات في أموالهم.
ومن المثير للاهتمام، أنَّ بعض مستخدمي العملات الرقمية الأقوى لديهم مخزون عملات ورقية لأسباب مشابهة لتخزين الذهب، ويتمثل الاختلاف الرئيس بين الاثنين في أنَّ العملة الرقمية لا زالت في بداياتها، حيث لا يوجد تاريخ مثبت لامتلاكها قيمة على الأمد البعيد.
تمنحك العملة الرقمية القدرة على الحفاظ على عملاتك آمنةً باستخدام محفظة غير متصلة بالإنترنت، والحصول على عرض محدود يحفز النمو المتسارع للقيمة مع زيادة الطلب، من خلال القدرة على تحويل العملات على الفور إلى أيِّ مكان في العالم، فإنَّ التغيير في الطلب والقيمة الإجمالية للعملات الرقمية يمكِن أن يجعلها وسيلة دفعٍ شائعة في عالم الأعمال، ومن زميل عمل إلى نظيره.
استخدام العملات الرقمية لتجارة الأسهم:
أحد الاتجاهات الشائعة الذي نراه في عالم الأعمال الحديث هو منحُ أوائل الموظفين حصصاً من أرباح الشركة، بالنظر إلى النمو الهائل للعملات الرقمية في العقد الماضي، فإنَّ تزويد الموظفين الجدد بحصص على شكل عملات رقمية من أرباح الشركة يمكِن أن يكون اتجاهاً جديداً نوعياً.
على أيِّ حال، سيكون من المثير للاهتمام الاستمرار في مراقبة مستقبل العملات الرقمية، فقد نشهد ثورةً في المجال المالي، أو كارثةً هائلة للمستثمرين الذين حققوا ثروةً من نمو العملة الرقمية.
أضف تعليقاً