سنحاول في هذا المقال تضييق نطاق معنى الحياة، ونتعرَّف كيف نجعل لحياتنا معنى إضافياً، لذا تابعوا معنا.
لماذا أنت شغوف بالبحث عن معنى الحياة؟
نحن نُولد في هذا العالم لا نعلم شيئاً ونناضل للعثور على طريقنا خلال الحياة حتى النهاية، ولكن نريد بين بداية ونهاية الحياة معرفة هدفنا على هذا الكوكب، وكيف يمكننا جعل أيامنا ذات معنى، والطريقة التي نفعل بها ذلك هي محاولة معرفة ما هو معنى الحياة؟ أو لماذا نحن موجودون؟ وما الذي يمكننا فعله لجعل أوقاتنا تحمل أقصى قدر من القيمة؟
نحن نعتقد أنَّنا سنجد السلام مع من نحن ومع حقيقة أنَّه لدينا تاريخ انتهاء صلاحية من خلال الإجابة عن هذا السؤال.
ما هو معنى الحياة؟
كنا نتمنى لو أنَّنا نستطيع إخبارك بأنَّ ثمة معنى محدداً للحياة، ولكن الحقيقة هي أنَّه لا يوجد، ويعتمد ذلك حقاً على نظرتك للحياة والأمور التي تجدها هامة.
يمكنك النظر إلى ذلك بطريقتين، الأولى واضحة تماماً، وهي أنَّ معنى الحياة يكمن في تطوير الكون، لذا افهم ذلك، وستفهم لماذا نحن موجودون، ولكن هذا ليس ما نريد التركيز عليه، لذا سنركز بدلاً من ذلك على النهج الثاني لمعنى الحياة، وأنفسنا وتجاربنا المعيشية؛ لأنَّ معنى الحياة ليس هو شيئاً متماثلاً عند كل شخص؛ بل إنَّه تجربة شخصية تتأثر في عوامل فريدة.
كيف تجعل لحياتك معنى إضافياً؟
يمكنك اتباع بعض الخطوات لإضافة معنى إضافي لحياتك:
1. تحديد الأهداف والقيم:
حدد أهدافاً واضحة، وقيماً توجه حياتك، فتحديد ما تسعى إلى تحقيقه يمنحك هدفاً واتجاهاً.
2. تطوير مهاراتك:
استثمر في تطوير مهاراتك الشخصية والمهنية، فهذا يمكن أن يفتح آفاقاً جديدةً، ويعزز شعورك بالإنجاز.
3. تقديم المساعدة للآخرين:
تعزز المساهمة في تحسين حياة الآخرين الروابطَ الاجتماعية وتضيف معنى لحياتك.
4. استكشاف الاهتمامات الجديدة:
وسِّع دائرة اهتماماتك واكتشف أشياء جديدة، فهذا يثري تجربتك الشخصية.
5. الاستمتاع بلحظات الصفاء:
كن حاضراً واستمتع بلحظات الصفاء والجمال في الحياة اليومية.
6. بناء علاقات قوية:
قم ببناء علاقات صحية ومستدامة مع الأصدقاء والعائلة؛ لأنَّ الدعم الاجتماعي يمنح حياتك قيمة إضافية.
7. تحفيز نموك الشخصي:
كن مستعداً للتطور وتحسين نفسك باستمرار؛ لأنَّ النمو الشخصي يعزز الشعور بالكمال.
8. الاستماع إلى نفسك:
كُن واعياً لاحتياجاتك ورغباتك الشخصية؛ فالاهتمام بنفسك يؤدي دوراً كبيراً في إنشاء حياة ذات معنى إضافي.
9. الاستماع لقلبك:
اختصر الضوضاء من حولك واستمع إلى صوت قلبك، لأنَّ فهم احتياجاتك الحقيقية يمكن أن يوجهك نحو اتخاذ القرارات التي تعزز رضاك وسعادتك.
10. الاستكشاف الروحي:
اكتشف الجوانب الروحية في حياتك، سواء من خلال التأمل، أم القراءة، أم الانخراط في مجتمع ديني.
11. تحدي الراحة:
تجاهل منطقة الراحة وتحدَّ نفسك؛ لأنَّ تجربة الأشياء الجديدة تفتح أبواباً لتجارب جديدة وتحفز النمو الشخصي.
12. تحديد معنى شخصي:
ضع تعريفً شخصياً للنجاح والسعادة، فما الذي يعنيه بالنسبة إليك؟
فهم تلك القيم يمكن أن يوجه حياتك نحو مسار ذي معنى.
13. الابتعاد عن السلبية:
ابتعد عن الطاقة السلبية وحاول التفاؤل في حياتك؛ لأنَّ النظر بإيجابية يحوِّل تجاربك إلى فرص للنمو.
14. اكتشاف الفنون:
استمتع بالفنون والثقافة؛ لأنَّ زيارة المعارض الفنية، والحفلات الموسيقية، أو الاستمتاع بالأعمال الأدبية يثري حياتك الروحية.
ستجد نفسك بتجربة هذه الخطوات تضيف لحياتك طابعاً أعمق ومعنى إضافياً يعكس قيمك وتطلعاتك الشخصية.
فوائد اكتشاف معنى الحياة:
اكتشاف ما يمنح حياتك معنى يفتح أمامك العديد من الأبواب، ويناقش "سايمون سينيك" في كتاب "ابحث عن هدفك" ثلاث فوائد لمعرفة هدفك، ويناقش الهدف فيما يتعلق بالعمل، ولكن رسائله يمكن تطبيقها على نطاق أوسع.
- عندما تعرف هدفك، يمكنك تحديد ما يمنحك الإشباع؛ أي يجعلك تشعر وكأنَّك جزء من شيء أكبر، وأنَّ عملك له أهمية؛ إذ يعتقد "سينيك" أنَّ الجميع بصرف النظر عن دورهم أو وضعهم يستحقون أن يجدوا الإشباع.
- معرفة هدفك تجعلك أكثر إقناعاً بأنَّ طاقتك واهتمامك بالغرض مناسبَين، لذا سواء أردتَ أن تجعل الناس يوظفونك أم يشترون منك أم يعملون معك، فإنَّ وجود هدف واضح يساعدك على تقديم أفكارك بطرائق تبدو أكثر أهمية وجاذبية للآخرين، وعلى سبيل المثال تلهم الجمعيات الخيرية التي تنقل هدفها بفاعلية الأشخاص الذين يؤمنون بها لتقديم وقتهم ومهاراتهم بصفتهم متطوعين. في سياق خارج العمل، قد يقنع هدفك الآخرين بأنَّك تستحق مساعدتهم إذا طلبت المساعدة في شيء هام أو يستهلك الوقت.
- معرفة هدفك تساعدك على اتخاذ قرارات أفضل؛ إذ يعمل هدفك بوصلةً توجيهيةً توجِّهك نحو الفرص الصحيحة، وتلك التي تعزز هدفك، وتحميك من فقدان الوقت والموارد، وعلى سبيل المثال بدلاً من تولي عميل يصعب التعامل معه ويضر سمعتك، ستدرك مسبقاً أنَّ قيمه لا تتناسب مع قيمك، ومن ثم ستتجنبه. أرسطو يقول: إنَّ السعادة هي معنى الحياة البشرية
شاهد بالفيديو: 5 أسباب تجعلك تمتلك هدفاً في الحياة
ماذا لو لم تكن متأكداً مما يمنح حياتك معنى؟
يقول أرسطو في عمله: "أخلاق نيكوماخية" إنَّ السعادة هي ما تمنح الحياة معنى، وقد وصل إلى هذا الاستنتاج من خلال فحص طبيعة الفعل البشري؛ إذ يزعم أرسطو أنَّ هدف جميع الأعمال البشرية هو تحقيق نوع من الخير؛ أي إنَّنا نقوم بالأشياء لأنَّنا نعتقد أنَّها الشيء "الصحيح" أو "الأفضل" للقيام به في ظروف معينة، ومع ذلك هذه "الخيرات" توجد في تسلسل هرمي: إذا كانت السبب وراء قيامنا بالفعل "أ" هو لكي نقوم بالفعل "ب"؛ لذلك فإنَّ الفعل "ب" هو أفضل من الفعل "أ"، فالفعل "أ" مجرد وسيلة للغاية.
يختتم أرسطو بأنَّ رأس التسلسل في "الخيرات" هو وسيلة أيضاً، وهو نهاية شيء نريده لحد ذاته، ويقول إنَّ هذا الخير النهائي هو السعادة، ونظراً لأنَّ السعادة هي الخير الأعلى، فيتابع أنَّ سبب كل فعل يؤدي بالضرورة إليها، فإذا سألت شخصاً لماذا يريد أن يكون سعيداً، فلن يتمكن من تقديم سبب آخر أكبر؛ لأنَّ السعادة هي الخير الأعلى، ويتابع أنَّ الحياة الجيدة هي حياة سعيدة ونقيض ذلك صحيح.
تعريف السعادة:
يعترف أرسطو بأنَّ الكثيرين يتفقون على أنَّ السعادة هي هدف الحياة البشرية، والتحدي الحقيقي هو تحديد السعادة، ويعرِّف السعادة على أنَّها نشاط عقلي يتماشى مع الفضيلة، ولشرح هذا التعريف سننظر إلى كل جزء من أجزائه: العقل، والفضيلة، والنشاط.
العقل:
يزعم أرسطو أنَّه لتقييم مدى جودة شيء، فيجب عليك معرفة "النشاط المحدد" له: فما الذي يفعله (وحده)؟ على سبيل المثال: قول إنَّ شخصاً ما هو "جيد" في العزف على الكمان هو تقدير لقدرته على العزف على الكمان، فالنشاط هو الذي يقوم به عازف الكمان (وحده).
العقل هو القدرة على التفكير بشكل منطقي واتخاذ قرارات استناداً إلى ذلك المنطق، وهو النشاط المحدد للبشر، وجميع أفعالنا الأخرى ليست فريدة لنا، ولنذكر بعضها: قدرتنا على التحرك، والتكاثر، وتلبية الاحتياجات الأساسية، أو تصور العالم من حولنا هي أيضاً أشياء يمكن أن تقوم بها حيوانات أخرى، وفي بعض الحالات النباتات، ومع ذلك لا يمكن لحيوان أو نبات آخر التفكير بشكل منطقي أو اتخاذ قرارات منطقية، فالبشر (وحدهم) قادرون على ذلك؛ وهذا يجعل التفكير هو نشاطنا المحدد، ومن ثمَّ المعيار الذي يمكننا استخدامه لتقييم جودة الإنسان، فالإنسان الجيد هو جيد في التفكير، والإنسان الجيد بحد ذاته يعيش حياة جيدة، والحياة الجيدة هي حياة سعيدة، لذا فالعقل ضروري للسعادة.
الفضيلة:
يحذِّر أرسطو من أنَّ التفكير وحده لا يكفي لتحقيق السعادة، لذا يجب أيضاً أن يكون التفكير صحيحاً؛ لذلك إذا كان الشخص يتخذ دائماً أسوأ قرارات ممكنة، فلن يعيش حياة سعيدة حتى لو كان يفكر على الرغم من سوء تفكيره، وما يقصده أرسطو بالتفكير الصحيح هو التفكير المتماشي مع "الفضيلة".
نظراً لأنَّ "التفكير" يعني اتخاذ القرارات، و"التفكير المتماشي مع الفضيلة" يعني اتخاذ القرارات الصحيحة، وإذا اتخذنا القرارات الصحيحة في الحياة؛ فيعني ذلك أنَّنا جيدون في التفكير، ومن ثم نحن سعداء.
يقسم أرسطو الفضيلة إلى فئتين رئيستين:
1. الفضيلة الأخلاقية:
هي الفضيلة التي تحدد ما هو "صحيح" في التفاعلات الاجتماعية، وتحدد من ثم ما يعني القيام بالشيء الصحيح أو أن تكون شخصاً جيداً، وأمثلة على الفضائل الأخلاقية تشمل العدالة والشجاعة والاعتدال.
2. الفضيلة الفكرية:
هذه الفضيلة هي نوع مختلف من المعرفة تتيح لنا اتخاذ القرارات الصحيحة، وإتقان بعض المهارات، وعلى سبيل المثال النَّجار الممتاز لديه الفضيلة الفكرية للمعرفة التقنية، وهذه المعرفة تسمح له باتخاذ القرارات الصحيحة في عمله وإنشاء أثاث جيد.
النشاط:
التفكير المتماشي مع الفضيلة لا يكفي لتحقيق السعادة، لذا يجب على الإنسان أن يتصرف أيضاً بشكل متسق وفقاً لهذا التفكير؛ إذ يشرح أرسطو أنَّ الخير لا يمكن أن يكون مستقلاً عن الأشياء أو الأفعال، ولا يمكن أن يكون من المنطق قول إنَّ النجار جيد إذا لم يكن قد بنى أي شيء على سبيل المثال، لذا العمل ضروري للحياة الجيدة، ومع ذلك لا يكفي فعل واحد أو عدة أفعال، ويزعم أرسطو أنَّ السعادة تتطلب أفعالاً جيدة بشكل متسق على مدى الحياة بأكملها.
في الختام:
يظهر السعي إلى إضافة معنى إضافي لحياتنا بوصفه خطوة حاسمة نحو تحسين الرفاهية الشخصية، وتحقيق السعادة الدائمة، فمن خلال فهم أهمية الغاية الشخصية والسعي إل تحقيق التفوق في الأفعال والتوجه نحو الفضيلة، يمكننا تعزيز نوعية حياتنا وجعل كل يوم له قيمة فعَّالة، وذلك باتخاذ القرارات الصحيحة، والتفكير في أفعالنا بعمق، والسعي إلى التوازن بين جوانب الحياة المختلفة؛ إذ نستطيع إضفاء معنى إضافي يمتد عبر رحلتنا الشخصية، وفي نهاية المطاف تكمن مفاتيح إثراء حياتنا في توجيه طاقتنا نحو الأهداف الراقية وبناء صلات أعمق، وبذلك نصبح محركين للإيجابية في حياتنا وحياة الآخرين.
أضف تعليقاً