أنَّه من الضروري جداً أن نجيب على بعض الأسئلة التي لا يمكن أن تخطر في بال الجميع، وهي:
- هل أنت سعيدٌ في عملك؟
- ما هي الأسباب التي تدفعك لكي تستمر في عملك الحالي؟
- ما الأسباب التي تجعل مكان عملك مكاناً رائعاً بالنسبة إليك؟
- هل الامتيازات التي تحصل عليها في عملك هي التي تدفعك نحو الاستمرار في الوظيفة التي تقوم بها؟
- هل يلبي موقعك الوظيفي طموحاتك المالية والاجتماعية؟
- هل التعويض الذي ستحصل عليه عند التقاعد هو ما يحثّك نحو الاستمرار في العمل؟
كثيرة هي الأسئلة التي يمكن طرحها في هذا المجال، إلا أنَّه من الثابت أنَّ مفتاح نجاح أي منظمة أعمال، كبيرةً كانت أم صغيرة، يكمن في تهيئة بيئة عمل صحية لموظفيها. تعمل جميع قطاعات الأعمال، التي تهتم بالنجاح على الأمد الطويل، جاهدةً لتوفير بيئة عمل صحية للكادر الذي يعمل فيها، مهما كان الموقع الوظيفي لكل فرد من أفرادها.
كيف تبدو بيئة العمل الصحية؟
يصنف الباحثون بيئات الأعمال إلى فئات مختلفة، فمنها البيئة الإبداعية، والبيئة الاجتماعية، والبيئة الموجهة نحو الهدف، والبيئة التقليدية، إلا أنّ البيئة الصحية هي البيئة التي تجمع وتمزج كل الصفات الإيجابية الموجودة في البيئات السابقة؛ إذ تشجع على الابتكار سواءً كان فردياً أم جماعياً، كما تشجع على التعاون في ذات الوقت، وتزود موظفيها بالمرونة والاستقلالية التي يحتاجون إليها لتحقيق أهدافهم الخاصة وأهداف العمل جميعها.
كما تتميز بيئة العمل الصحية بتوفير الأمان النفسي والجسدي للموظفين، فالمؤسسات التي توفر بيئة عمل صحية للموظفين توفر كل أنواع الدعم الصحي، والنفسي لهم؛ بل تعدُّ هذا الدعم قيمة من قيمها التي تتبناها.
7 طرائق فعّالة لبناء بيئة عمل صحية
في ظل التنافسية التي تشهدها قطاعات الأعمال في عالم اليوم، بات بناء بيئة عمل صحية ضرورة استراتيجية للمؤسسات من أجل استمرارية تحقيق أهدافها واستمرار وجودها في قطاع الأعمال الذي تقوم به، وفي ما يلي أهم 7 طرائق فعالة يمكن العمل عليها من أجل بناء بيئة عمل صحية، وهذه الطرائق هي:
1. الاستماع لصوت الموظفين داخل المؤسسة
من الهام جداً لكل مؤسسة تريد أن تؤسس لبيئة عمل صحية أن تبقى على تواصل مع موظفيها، حتى ولو كان العمل عن بُعد، وإنَّ مقدار حرية التعبير التي يتمتع بها الموظفون في المؤسسة، تُعد مقياساً هامَّاً من مقاييس نجاحها. كلما كان الموظفون قادرين على المشاركة في تقديم الاقتراحات، والمشاركة في اتخاذ القرارات، كان النجاح من نصيب المؤسسة، وذلك بسبب امتلاك الموظفين مقدرة على كسر الجليد الذي قد يكون موجوداً في مستويات عمل المؤسسة؛ إذ إنَّ المؤسسات التي تحرص على إيجاد بيئة عمل صحية تكون حريصة على وجود قنوات تواصل فعّال بين الإدارة والموظفين، وبين الموظفين أنفسهم، الأمر الذي يؤثر إيجاباً على نفوس الموظفين لمجرد أنّهم يشعرون بأهميتهم، وأنّ لهم صوتاً مسموعاً.
إنّ المرونة الفكرية وحرية الرأي التي تعطيها المؤسسة لموظفيها، تعني بناء ثقة متبادلة بين الإدارة وموظفيها، وهذا ما يحقق نتائج مبهرة ومضمونة على مستوى المؤسسة، وتشجيع الموظفين على تبنّي طريقة التفكير خارج الصندوق وتقديم اقتراحات وأفكار إبداعية من شأنها أن تنقل المؤسسة إلى مستويات أعلى من النجاح والتقدم.
شاهد بالفيديو: 10 نصائح لتعزيز إنتاجية موظفي شركتك
2. إظهار الثناء والتقدير للموظفين
إنّ غالب الموظفين الذين يعملون في مختلف المؤسسات، دائماً ما يطمحون إلى الحصول على تقدير الإدارة أو ثنائها، وهذا أمر هامّ بالنسبة للمؤسسات التي تطمح إلى بيئة عمل صحية؛ حيث إنّ الثناء على الموظفين المجتهدين، وتقدير عطائهم، يعزز من الطاقة الإنتاجية للموظفين، ويحسن مشاركتهم في تطوير العمل وتقديم أفضل ما لديهم. في دراسة لمؤسسة زفولكنغر وجدت أن 4% فقط من الموظفين يقومون بتقديم جهد إضافي عندما يكون التشجيع قليلاً، وإن 67% من الموظفين يحتاجون إلى الدعم والتشجيع للقيام بمهام إضافية.
تتمثل إحدى طرائق الحفاظ على الروح المعنوية عالية لدى الموظفين، من خلال إبداء التشجيع العلني وتوزيع المكافآت، وليس شرطاً أن تكون المكافأة مالية؛ إذ يمكن لبريد شكرٍ إلكتروني أن يعبِّر للموظفين عن بمدى روعة أدائهم وجودة إنتاجهم. كما قد يكون شرب فنجان قهوة مع المدير، على سبيل المثال، أحد الإيماءات التي تدل على إظهار التقدير والثناء للموظف المتميز.
3. العناية بمكان العمل
إنّ المؤسسات التي تعني بإيجاد بيئة عمل صحية لا تغفل أمراً هامَّاً مثل العناية بمكان العمل؛ إذ أثبتت في دراسة إحصائية أنّ تصميم مكان العمل الجيد يسهم بنسبة 33% في زيادة سعادة الموظفين، فتوفُّر الكراسي المريحة للعمل، والحواسيب التي تلبي احتياجات العمل، وتهوية مكان العمل، وتوفر الأدوات المناسبة، كلّها تساهم بصورة فعَّالة في إيجاد بيئة عمل صحية تشجع الموظفين على الارتقاء بأدائهم.
كما لا يمكن إغفال ضرورة وجود بعض النباتات الخضراء والأزهار التي تضفي جواً من الارتياح النفسي للموظفين، إضافة إلى دورها الصحي في تنقية الهواء؛ إذ إنَّ لجودة الهواء دور مؤثر وفعّال في زيادة الإنتاج وكفاءته. فمن غير المعقول للموظف الذي يشم رائحة كريهة في مكان عمله، أن يؤدي بذات الجودة التي يؤديها مَن يشم رائحة جميلة وعطرة أثناء العمل. كما تُظهر الدراسات أنّ اللون الأخضر مرتبط بالإبداع، ولذلك فإنَّ هذا اللون يمكن أن يحفز الموظفين كي يكونوا أكثر حماسة لأداء مهمّاتهم وأعمالهم.
4. توضيح رسالة المؤسسة ورؤيتها
يعني إيجاد بيئة عمل صحية في المؤسسة أن تكون رسالتها وقيمها ورؤيتها المستقبلية واضحة لجميع الموظفين، وهذا يعني أن تكون الرسالة سهلة الفهم والتذكُّر بالنسبة للموظفين. يجب أن تدفع المؤسسة التي تسعى إلى خلق بيئة عمل صحية داخل أروقتها الموظفين نحو الالتزام بتلك الرسالة وتجسيد قيم المؤسسة في أفعالهم وأعمالهم، وهذا الالتزام ينتقل إلى جميع الموظفين؛ إذ يعني التزام موظف واحد، انتقال الالتزام تلقائياً إلى الآخر، وهكذا حتى يصبح جميع الموظفين ملتزمين بقيم المؤسسة ومتبنين لفلسفة العمل الخاصة بها.
5. إيجاد بيئة عمل صحية مشروط بالسلامة النفسية للموظفين
إنَّ المؤسسة التي تطمح إلى إيجاد بيئة عمل صحية يجب أن تكون مقرونة بتوفير مناخ نفسي مريح للموظفين الذين يعملون في المؤسسة؛ إذ إن توفير مثل هذه الأجواء المريحة تنعكس على الموظفين، ممّا يؤدي إلى تلاشي الضغط النفسي الذي يمكن أن تسببه بيئة العمل. بالإضافةً إلى يجب توفير جو الثقة التي يحتاجها الموظفين من أجل حرية التعبير عن أفكارهم ومقترحاتهم، وتبنّي مباديء السلامة النفسية في بيئة العمل الصحية على أساس تقديم الرعاية الحقيقية للموظفين، من خلال تقديم برامج الدعم الصحي، وبرامج الدعم النفسي والعاطفي بتوفير نظام المكافآت ونظام الإجازات السنوية المدفوعة، وكذلك من خلال الاهتمام بالمناسبات الخاصة للموظفين. الأهم من ذلك، بالنسبة للمؤسسات التي تطمح إلى تبنّي بيئة عمل صحية داخل أروقتها، هو أن تدرِّب المديرين وقادة الفرق على تبنّي مبادئ الرعاية النفسية والصحية للموظفين من أجل تعزيز بيئة العمل الصحية وترسيخها داخل العمل.
6. وضع معايير توظيف تناسب إيجاد بيئة عمل صحية
إنَّ الثقافة التنظيمية داخل المؤسسة أمر هامٌّ جداً لإيجاد بيئة عمل صحية؛ إذ يؤدي الأشخاص الذين توظفهم المؤسسة دوراً كبيراً في تبنّي ثقافة المؤسسة والحفاظ عليها، وعليه فإنّ معايير التوظيف في المؤسسة يجب أن تضع في حساباتها قدرة القوة العاملة المراد توظيفها على تبنّي ثقافة المؤسسة ورؤيتها، ويُعد هذا أمراً هامَّاً جداً على صعيد الإنتاج الفردي للموظف، وعلى صعيد الإنتاج الكلي للمؤسسة. بالتالي، فإنّه من الضروري لأي مؤسسة تسعى إلى تبني إيجاد بيئة عمل صحية أن تفحص المرشحين إلى الوظائف بعناية كبيرة والتأكُّد من أنّ المتقدمين إلى الوظائف لديهم رؤية متشابهة مع رؤية المؤسسة وأهدافها ولديهم الحماسة الكافية لتبني تلك الرؤية والعمل على تنفيذها.
7. دعم احتياجات الموظفين
يتطلب إيجاد بيئة عمل صحية داخل المؤسسة، تقدير احتياجات الموظفين ودعمها، من أجل استخراج أفضل إمكاناتهم. يتجلى هذا الدعم من خلال برامج التطوير والتدريب التي تقدمها المؤسسة لموظفيها، من أجل تمكينهم من القيام بكافة أعمال المؤسسة بكفاءة عالية، وإنَّ معرفة احتياجات الموظفين لا يكون إلا من خلال وجود قنوات اتصال مفتوحة بين المستويات الإدارية والمستويات الأدنى في العمل، إضافةً إلى وجود تقارير تقييم دورية فعّالة من أجل تحديد نقاط القوة ونقاط الضعف الخاصة بالموظفين من أجل تعزيز نقاط القوة، وتحسين نقاط الضعف من خلال تطوير القدرات والمهارات.
في الختام
على كل مؤسسة وصاحب عمل ألا يتردد حتى يتبنّى سياسة بناء بيئة عمل صحية في أروقة المؤسسة؛ بل يجب عليه البدء فوراً بانتهاج هذه السياسة، وذلك من أجل الحفاظ على استمرارية عمل المؤسسة وبقائها في دائرة المنافسة القوية في ظل التطور المعرفي والتقدم التقني الحاصل.
إنَّ المؤسسات التي يدرك فيها الموظفون أنّهم يحصلون على الرعاية النفسية والصحية، وأنَّ صوتهم مسموع عند المستويات الإدارية في العمل، هي مؤسسات ناجحة بكل تأكيد.
كما أنّ الموظفين الذين يدركون رؤية المؤسسة وقيمها ويتبنون تلك القيم، لا بد من أن يكون عملهم وإنتاجهم متوافقاً تماماً مع ما تطمح إليه المنظمة من أهداف، كما أنَّ عمل المؤسسة وفق الخطوات السبع السابقة، يعني أنَّها تسير باتجاه تبنّي بيئة عمل صحية تحفظ حقوقها وتقودها نحو تحقيق الأهداف والارتقاء بالأداء في سوق الأعمال. كذلك، عليها إيجاد بيئة من الموظفين المهتمين والمتحمّسين لتقديم أفضل القدرات، واستخراج أفضل الطاقات الكامنة بما يخدم تلك المؤسسة.
أضف تعليقاً