إنّ معضلة أحمد مشكلةٌ شائعةٌ بالنّسبة للعديد من المنظّمات، وهو نموذجٌ يعكس نموذج القيود الثّلاثية لإدارة المشروع (يُشار إليه أيضاً باسم "المثلّث الحديديّ"). في الواقع، يعبّر النّموذج عن أنّه: "يمكننا أن نفعل ذلك بسرعة. يمكننا أن نفعل ذلك بثمنٍ بخس. يمكننا أن نفعل ذلك بشكلٍ جيّد. لكن لا يمكننا أن نفعل كلّ الأمور الثّلاثة. لذلك، اختر أيّ اثنين". إنّ المشاريع الّتي يتمّ تنفيذها بسرعةٍ وبتكلفةٍ منخفضةٍ على سبيل المثال، من غير المرجّح أن تكون ذات جودةٍ عالية. ولكن في ضوء ميزانيّةٍ أكبر وموارد أفضل، يمكن تحقيق عمل عالي الجودة بشكلٍ أسرع. وفي الوقت نفسه، فإنّ الوظائف الّتي يجب أن تكون ذات جودةٍ عالية، ولكن ذات ميزانيّةٍ منخفضة، سوف تستغرق وقتاً طويلاً حتّى تكتمل. ومع ذلك، لا يراها العملاء دائماً بهذه الطّريقة. يصرّ البعض على المطالبة بأعلى مستوى من العمل بسرعةٍ فائقة، بأقلّ تكلفةٍ ممكنة. لذا ما الّذي يمكنك فعله لإدارة التّوقعات غير الواقعيّة مثل هذه وإبقاء عملائك سعداء في نفس الوقت؟ في هذه المقالة، سننظر إلى نهج من ثلاث خطوات يمكن أن يساعدك في التّعامل مع طلبات العملاء غير الواقعيّة.
الخطوة الأولى، فهم مشكلة العميل:
عندما تتلقّى طلباً غير معقول من عميل، قد يكون ردّك الأوّل هو الارتباك أو التّعجّب. ربّما يكون العميل قد غيّر رأيه فجأةً، أو يطلب منك أن تفعل أكثر مقابل نفس التّكلفة.
تذكّر أنّ عميلك لا يحاول أن يكون صعباً عن عَمَد، فهو لا يفهم التّأثير الّذي سيؤثّر به طلبه على الجودة أو الميزانيّة أو الوقت. أنت تعلم أنّ مطلبه غير واقعيّ، لكنّه لا يفعل ذلك.
لذا حتى لو كنت محبطاً، ابذل قصارى جهدك لتظلّ هادئاً ومهنيّاً. إنّ إدارة مشاعرك بشكلٍ استباقيٍّ بهذه الطّريقة ستمكّنك من البقاء تحت السّيطرة، ومنع الأمور من التّصاعد إذا أصبحت التّبادلات أو المفاوضات متوتّرة.
حاول أن تفهم لماذا يعتقد عميلك أنّ طلبه معقول. استمع له بفاعليّة وانظر إلى المشكلة من وجهة نظره. هل هو تحت ضغط كبار القادة؟ هل هو على درايةٍ كاملةٍ بالإجراءات الّتي يجب عليك اتّباعها؟
ابذل مجهوداً حقيقيّاً لحلّ مشكلته وأظهر التّعاطف. أخبره مثلاً أنّك تستطيع تفهّم سبب رغبته في فعل الأمور بهذه الطّريقة، وأنّك آسفٌ لأنّ طلبه لا يتوافق مع الجدول الحاليّ. تابع بالسّؤال عمّا إذا كان هناك أيّ شيءٍ آخر يمكنك القيام به لتحسين الأمور (توقّف قليلاً للاستماع إلى مطالبه).
سيساعدك إنشاء العلاقة بهذه الطّريقة مع العميل على تدبير توقّعاته بشكلٍ أفضل وزيادة فرصك في إيجاد حلّ مرضٍ. يمكن أن يساعد أيضاً في منع علاقتك من الانهيار وحماية سمعتك. يمكن للعملاء غير الرّاضين أو الغاضبين نشر تعليقات سلبيّة أو تعليقات عنك على وسائل التّواصل الاجتماعيّ على سبيل المثال.
الخطوة الثّانية، اشرح موقفك:
إذا تلقّيت طلباً للقيام بشيءٍ لا تعتقد أنّه بإمكانك تقديمه، فإنّ أوّل ما عليك فعله هو التّأكّد من صحّة افتراضاتك الأوّليّة.
تحقّق من أنّ رفضك لا يخالف شروط اتفاقيّتك الأصليّة، والفت نظر عميلك إليه إذا كان كذلك. إذا كنت لا تزال غير متأكّد، احصل على رأي ثانٍ من زميلٍ أقدم منك. فقد يكون لديه حلٌّ بديل لم تفكّر به بعد.
إذا رأى زميلك أيضاً أنّه لا يوجد ما يمكن فعله، فعليك العودة إلى العميل وتبرير قرارك له. كن ودوداً وحازماً في الوقت ذاته. كي لا تبدو وكأنّك تصرف النّظر عن طلبه أو أنّك غير متعاطفٍ معه.
اشرح موقفك بطريقةٍ يفهمها. تجنّب استخدام المصطلحات أو الأعذار العامّة مثل "أنا آسف، لكنّ أنظمتنا لن تسمح بذلك". فهو لن يعرف أيّ شيءٍ عن أنظمتك، أو يهتمّ بها بشكلٍ خاصّ. شاركه أكبر قدرٍ ممكنٍ من المعلومات حول العمليّات الّتي تستخدمها وأكّد على أهميّة الوقت الّذي تحتاجه.
إذا كانت المشكلة تتعلّق بالميزانيّة، فكن شفافاً قدر الإمكان فيما يتعلّق بالتّكاليف المترتّبة واشرح سبب تكلفة بعض الموارد بهذا الشّكل. ولكن، لا تبالغ في مشاركة المعلومات! توقّف عن مناقشة أشياء مثل هوامش الرّبح أو الحدّ الأدنى الّذي يجب أن تحقّقه في منتجاتك أو خدماتك.
إذا كان لا يزال لا يفهم لماذا لا يمكنك فعل ما يريد، ويصبح غير معقول أكثر أو غير مهذّب، فاحرص على التّصرّف المهنيّ وتجنّب التّصرّف بالمثل. إنّ تجنّب الطّابع الشّخصي للوضع يمكن أن يساعد هنا. على سبيل المثال، تجنّب استخدام عبارات "أنا" أو "إنّني". بدلاً من ذلك، قل "اتفاقنا المبدئيّ لم يُغَطِّ هذا، ولكن إذا كان بإمكانك الانتظار أسبوعاً آخر، فيمكننا تسليم المواد إليك بحلول يوم الجمعة المقبل".
الخطوة الثّالثة، حلّ المشكلة:
بمجرّد توضيح الموقف لعميلك، حاول حلّه باستخدام إحدى الاستراتيجيّات التّالية:
1. العثور على الحلّ المربح للجانبين:
عندما تفهم مشكلة العميل ويقبل موقفك، يمكنكما البدء في العمل معاً لإيجاد حلّ مربح للجانبين. اسأله عمّا إذا كان المنتج يحتاج حقّاً إلى جميع "الأجراس والصّفارات" التي طلبها في الأصل واعرض عليه بديلاً. هل يمكن أن تنتج له منتجاً أقلّ تعقيداً في وقتٍ أبكر، أو بتكلفةٍ أقلّ؟
تأكّد من أنّ البدائل الّتي تقدّمها قابلةٌ للتّحقيق قبل اقتراحها. على سبيل المثال، إذا قمت بتقديم الموعد النّهائيّ، فما تأثير ذلك على عبء العمل لفريقك؟ كيف سيؤثّر ذلك على الميزانية؟
تجنّب اقتراح حلّ يضمّ الفئات الثّلاث من المثلّث الحديديّ (الوقت والميزانيّة والجودة). أنت لا تريد أن تجعل الموقف الحسّاس بالفعل يزداد سوءاً. من المحتمل أن يفهم عميلك الآن أنّ ما يريده غير واقعيّ، لكن من غير المرجّح أن يتراجع عن جميع جوانب طلبه. تأكّد من الحفاظ على كرامته في هذه المرحلة!
2. تقديم عرض "لمرّة واحدة فقط":
قد يكون عميلك مهمّاً بما يكفي لشركتك حتّى تفكّر في وضع استثناء للقاعدة، حتّى لو كان ذلك يعني مطالبة الموظّفين بالعمل في عطلة نهاية الأسبوع أو أن تطلب معروفاً من مورّديك.
ومع ذلك، إذا قرّرت السّير بهذه الطّريقة، فكن حذراً. هناك خطر من خلال موافقتك على مطالبه، أنّك ستفتح الباب أمام طلباتٍ مماثلة في المستقبل. إذا علم العملاء الآخرون بشأن المعاملة الخاصّة التي تقدمّها له، فقد يتوقّعون منك نفس الشّيء أيضاً.
كن واضحاً تماماً أنّ هذا الأمر لمرّة واحدة فقط. في معظم الحالات، سيقدّر العميل جهدك، لا سيما إذا أوضحت مدى استثنائيّة الصّفقة. قد يساعدك ذلك حتّى في تقوية علاقتك.
3. ارفض بأدب:
إذا كان ما يطلبه عميلك يتجاوز ما يمكنك تقديمه بالفعل، فكن صريحاً معه. سيؤدّي الالتزام بطلبٍ لا يمكنك الوفاء به إلى زيادة الأمور سوءاً وقد يؤدّي إلى تلف علاقتك على المدى الطّويل.
تذكّر أنّك لست بحاجةٍ إلى أن تكون عدوانيّاً عندما ترفض طلبه فقط كن حازماً، واشكر العميل على التزامه المبدئيّ تجاهك، وأكّد على أنّه إذا أمكنك تحقيق ما يطلبه، فأنت ستفعل ذلك بكلّ تأكيد.
إنّ رفض طلب العميل غير الواقعيّ بهذه الطّريقة لا يعني بالضّرورة نهاية صفقتك. في الواقع، يمكن أن يكون مجرّد بدايةٍ لمرحلةٍ أخرى من التّفاوض.
4. اعرف متى يجب أن تنسحب:
قد تأتي نقطة تدرك فيها أنّ عميلك ببساطةٍ لن يتفهّم السّبب. إذا استمرّ في مطالبتك بأكثر ممّا تتحمّل، أو أصبح عدائيّاً أو وقحاً، فقد يكون من الأفضل إكمال عقد العمل المسبق بأفضل ما لديك، ثمّ إنهاء العلاقة.
كن مهذّباً ولكن حازماً، واقترح أن يجد العميل مورداً بديلاً. حتّى في هذه المرحلة المتأخّرة، قد يكون رفضك كافياً لحثّه على إعادة النّظر في طلبه. لذا، اترك الباب مفتوحاً لأطول فترةٍ ممكنة بمجرّد شرح الموقف. من الضّروري أن تحصل دائماً على دعم مديرك إذا كنت بحاجةٍ إلى القيام بذلك.
المصدر موقع "مايند تولز".
أضف تعليقاً