من فكرة بسيطة نشأت في حرم جامعة ييل إلى إنشاء إمبراطورية عالمية، تحمل قصة سميث دروساً قيمة حول الإبداع، الإصرار، والقدرة على تحويل التحديات إلى فرص. في هذا المقال، نستعرض كيف قادته رؤيته الفريدة إلى ثورة حقيقية في عالم الشحن، وكيف أصبح اسمه مرادفاً للابتكار والنجاح.
من هو فريد سميث؟
فريدريك دبليو سميث، رجل الأعمال الأمريكي الذي أحدث ثورة في عالم الشحن، هو مؤسس شركة فيديكس (FedEx Corporation) المتعددة الجنسيات والمتخصصة في خدمات التوصيل عبر البريد السريع. وُلد سميث في 11 أغسطس 1944 في مدينة ماركس، ميسيسيبي، في عائلة مرموقة تتسم بالثراء، إذ كان والده يمتلك شركة خطوط حافلات ومشروعات أخرى، لكنه توفي عندما كان سميث في الرابعة من عمره.
على الرغم من هذه الخسارة المبكرة، واصل سميث دراسته وتخرج من جامعة ييل عام 1966 حاملاً درجة البكالوريوس في الاقتصاد. لم تغب فكرة مشروعه الكبير عن ذهنه، فبعد التخرج، انضم إلى سلاح المشاة البحرية الأمريكية حيث خدم لمدة أربع سنوات، بما في ذلك فترة في فيتنام. وعند تركه للجيش، صرح قائلاً: "أردت أن أفعل شيئاً مثمراً بعد تفجير الكثير من الأشياء"، مما أدى به إلى اتخاذ خطوات جريئة في مجال النقل السريع، والتي ستغير مفهوم الشحن إلى الأبد.
تأسيس شركة فيديكس
في عام 1971، أطلق فريد سميث شركته المبتكرة تحت اسم "فيدرال إكسبرس للبريد"، برأس مال قدره 4 ملايين دولار. لم يمض وقت طويل على تأسيس الشركة حتى بدأت تتوسع بسرعة في أنحاء الولايات المتحدة، حيث تمكنت من الوصول إلى 25 مدينة خلال عامين فقط. كانت رؤيته الطموحة تشمل توسيع خدمات الشحن لتشمل البريد الجوي، فأسس أسطولاً من 14 طائرة فالكون لدعم هذه الخدمة. في عام 1994، تم تغيير اسم الشركة رسمياً إلى ما نعرفه اليوم بفيديكس. ومع بداية عام 1996، اتخذ سميث خطوة جريئة أخرى بتوسيع نشاط الشركة لتقديم خدمات الشحن عبر الإنترنت، مما ساهم في تعزيز مكانتها كأحد الرواد في صناعة الشحن والتوصيل.
شاهد بالفيديو: كيف تبدأ مشروعاً تجارياً ناجحاً؟
كيف لمعت فكرة فيديكس؟
أثناء دراسته لعلوم الاقتصاد في جامعة ييل، كُلِّف فريد سميث بكتابة مقال حول فرصة عمل جديدة. خلال هذه الفترة، لاحظ سميث أن عملية توصيل الطرود كانت تعاني من عدم الفعالية، حيث كانت تتطلب تنسيقاً بين عدة شركات لإتمام العملية. كان هناك حاجة لشركة لتجميع البضائع، وأخرى لتغليفها، وثالثة لنقل الطرود. من هنا، خطرت له فكرة إنشاء شركة واحدة تتولى جميع هذه المهام، مما سيؤدي إلى زيادة الإنتاج وسرعة أكبر في تقديم الخدمات. بعد تخرجه، تمسّك سميث برؤيته وأطلق شركته في ليتل روك، أركنساس، عام 1971، لتصبح نقطة انطلاق نحو تغيير صناعة الشحن إلى الأبد.
معلومات تسمعها لأول عن شركة فيديكس
تُعد فيديكس إكسبريس إحدى أكبر شركات النقل السريع في العالم، فهي توفر خدمات توصيل سريعة وموثوقًا بها إلى جميع العناوين في الولايات المتحدة وإلى أكثر من 220 دولة وإقليماً. تستخدم فيديكس إكسبريس شبكة أرضية وجوية عالمية لتسريع تسليم الشحنات الحساسة للوقت خلال مدة تتراوح عادةً بين يوم إلى يومين عمل مع ضمان وقت التسليم. ولكن هناك معلومات تسمعها للمرة الأولى عن شركة فيديكس:
1. الولايات المتحدة الأمريكية كانت أول من حصل على خدمة الشحن الجوي
عندما نجح فريد سميث في دمج خدمات الشركات المختلفة لشحن الطرود تحت مظلة واحدة، كانت فكرته ثورية وغير مسبوقة. أدركت فيديكس أن العملاء كانوا يتوقون لتوصيل طرودهم بأسرع وقت ممكن، وهو ما استطاعت تحقيقه بامتياز. كما فهم سميث أنه يمكن تحسين الخدمة بشكل أكبر من خلال استخدام الطائرات لنقل الطرود إلى المناطق البعيدة. وهكذا، أسست الشركة أسطولاً خاصاً بها، لتكون أول من يقدم خطوطًا جوية مخصصة للشحن في الولايات المتحدة. سرعان ما بدأت الشركات الأخرى تحذو حذوها، مما جعل فيديكس رائدة في صناعة الشحن، ومؤسسة تضع معايير جديدة في هذا المجال.
2. أعطت الشركة مكافآت مالية لعدم تحطيم الشحنة
يقدم فيديكس لموظفي التوصيل حوافز مالية تشجيعية عندما ينجحون في توصيل الطرود إلى وجهاتها بحالة سليمة. تعتبر هذه المكافآت دافعاً قوياً للموظفين لبذل قصارى جهدهم في الحفاظ على سلامة الطرود، مما يعزز من جودة الخدمة ويضمن رضا العملاء. من خلال هذا النظام، لا يقتصر الأمر على تحفيز الأداء الفردي فحسب، بل يعكس أيضاً التزام فيديكس بتقديم خدمات عالية الجودة.
3. استخدمت الشركة نظام تتبع الشحنات
على مدى نحو 45 عاماً، سعت فيديكس إلى قياس فعالية نظام الشحن الخاص بها ومعرفة حالة كل شحنة على حدة. من هنا، ابتكرت الشركة نظام تتبع الشحنات الذي أصبح معياراً تستخدمه جميع شركات الشحن حول العالم اليوم. بفضل هذا الابتكار، يمكنك متابعة حالة شحنتك في كل مرحلة، بدءاً من لحظة إيداعها وحتى وصولها إلى وجهتها النهائية. لقد كانت فيديكس رائدة في تقديم هذه الخدمة، مما أضاف قيمة حقيقية لتجربة العملاء ورفع مستوى الشفافية في صناعة الشحن.
4. ما يزال فريد سميث موظفاً في الشركة
تُقدَّر ثروة فريد سميث، مؤسس فيديكس، بحوالي 6.5 مليار دولار، ولا يزال يعمل في شركته حتى اليوم، مما يميزه عن العديد من مؤسسي الشركات الآخرين الذين غالباً ما يتقاعدون. يتقاضى سميث راتباً سنوياً مع حوافز إضافية، حيث بلغ راتبه في عام 2017 نحو 15 مليون دولار، مما جعله يحتل المركز السادس بين أعلى الموظفين دخلاً في العالم. تعكس هذه الأرقام ليس فقط نجاحه المالي، بل أيضاً التزامه الدائم بتطوير الشركة وقيادتها نحو مزيد من الابتكار والنمو.
5. لعبة بلاك جاك أنقذت فيديكس من الإفلاس
أسس فريد سميث شركته باستخدام الأموال التي ورثها، بالإضافة إلى القروض والاستثمارات التي جمعها. في السنوات الخمس الأولى، كانت الشركة على حافة الإفلاس، حيث واجه سميث صعوبة في دفع رواتب الموظفين. في خطوة يائسة، قرر سميث استخدام ما تبقى في خزينة الشركة للعب البلاك جاك في لاس فيغاس. وبالفعل، تمكن من تحويل المبلغ إلى 27 ألف دولار.
ورغم أن هذا المبلغ قد يبدو صغيراً، إلا أنه كان كافياً لتغيير مسار الشركة. استخدم سميث الأموال لدفع رواتب الموظفين لمدة أسبوع واحد، واستثمر الباقي في جذب استثمارات كبيرة، مما ساهم في إنقاذ الشركة ووضعها على الطريق الصحيح نحو النجاح.
6. قامت امرأة بمقاضاة فيديكس والسبب كان طرد ماريجوانا
في عام 2013، تلقت امرأة من ولاية ماساتشوستس طرداً من فيديكس، لكنها فوجئت بمحتوياته التي لم تكن كما توقعت، حيث احتوى الطرد على 3.5 كيلوغرام من نبات الماريجوانا المخدر. أدركت المرأة أن الطرد وصل إليها عن طريق الخطأ، فقامت بإبلاغ فيديكس بالحادثة. وفي نفس اليوم، جاء المهربون إلى منزلها مطالبين باستعادة الطرد، وعندما سألته عن كيفية معرفتهم بمكانها، ذكروا أن الشركة هي من أعطتهم عنوانها. نتيجة لذلك، حاولت السيدة مقاضاة فيديكس، لكن القضية أُسقطت في النهاية.
7. تقوم فيديكس بإرسال طائراتها حتى لو كانت فارغة
تلتزم فيديكس بدقة مواعيدها في إرسال طائرات الشحن إلى وجهاتها المحددة، حتى لو كانت الطائرات فارغة. تعكس هذه السياسة التزام الشركة بتوفير خدمات موثوقة واستعدادها الدائم لتلبية أي عملية شحن في أي وقت. من خلال هذه الاستراتيجية، تؤكد فيديكس على كفاءتها وقدرتها على تلبية احتياجات العملاء بشكل فعال، مما يعزز ثقة العملاء في خدماتها.
8. فيديكس أمام منافس جديد
لطالما كانت فيديكس منافساً قوياً لشركة يو بي إس، حيث يتصدر العملاقان قائمة شركات التوصيل العالمية. ومع ذلك، تتجه الأنظار الآن نحو شركة أمازون التي تخطط لإطلاق خطوط شحن خاصة بها، مما سيمكنها من توصيل منتجاتها بسرعة أكبر وتوفير خدمة التوصيل خلال يومين لجميع بضائعها. هذه الخطوة قد تغير قواعد اللعبة في صناعة الشحن وتزيد من حدة المنافسة بين الشركات الكبرى، مما يضع ضغطاً إضافياً على فيديكس ويو بي إس للابتكار وتحسين خدماتهما.
شاهد بالفيديو: 3 أنواع للميزة التنافسية و4 خطوات لتحديد ميزتك
9. حصلت الشركة على غرامة لاشتراكها في النقل الغير شرعي للأدوية
في عام 2015، واجهت فيديكس اتهامات بالمشاركة في عمليات نقل غير مشروعة للأدوية مع عدد من الشركات الأخرى. حيث تمكن بعض الأفراد من الحصول على وصفات غير قانونية لأدوية خطيرة، مثل أدوية القلق والمواد الأفيونية، والتي كانت تُرسل إليهم عبر فيديكس. وقد وُجهت إلى الشركة اتهامات بأنها كانت مسؤولة عن توصيل هذه الأدوية. ومع تزايد الضغط، أكدت فيديكس أنها لم تكن على دراية بالنشاطات غير القانونية. في نهاية المطاف، قررت النيابة العامة الأمريكية إسقاط الغرامة الموجهة ضد الشركة، مما سمح لها بالاستمرار في عملياتها دون أي تبعات قانونية.
10. فيديكس هي الناقل الرسمي للباندا
تُعتبر فيديكس الناقل الرسمي لجميع حيوانات الباندا في العالم، حيث يتم نقل هذه الكائنات الرائعة عبر طائرات الشركة ضمن برنامج خاص يُعرف باسم "باندا إكسبريس". تُعطى هذه المهمة المهمة لأفضل الطيارين في فيديكس، مما يضمن سلامة وراحة الباندا أثناء رحلاتها. تُظهر هذه المبادرة التزام فيديكس ليس فقط بتقديم خدمات شحن عالية الجودة، بل أيضاً برعاية هذه الحيوانات النادرة خلال تنقلاتها حول العالم.
في الختام
لقد أثبتت فيديكس أنها ليست مجرد شركة شحن، بل رمز للابتكار والتفاني في خدمة العملاء. اليوم، تستمر الشركة في الريادة، حيث تضع معايير جديدة في صناعة الشحن، مما يجعلها الخيار المفضل للعديد من العملاء حول العالم. إن تجربة فريد سميث تلهم الكثيرين، وتؤكد أن العزيمة والإبداع يمكن أن يفتحا الأبواب لفرص غير محدودة.
أضف تعليقاً