مع تطور الحقبة التي نعيشها لقد بات الذكاء العاطفي واحداً من أهم معايير التفوق في الحياة، ولكنَّ السؤال الأهم هو لماذا هذا الاهتمام بالذكاء العاطفي، وما هي عناصر الذكاء العاطفي؟
للإجابة عن السؤال لنتوقَّف قليلاً ونتأمل الأسئلة الآتية:
- هل يمكنك أن تتخيَّل عالماً لم تفهم فيه أياً من المشاعر التي تعتريك؟
- هل يمكن لك أن تتخيَّل أنَّك لا تعرف سبب غضب شريكك أو ابنك من نظرة عينه، أو من تصرفه؟
- هل يمكن لك أن تتخيل نفسك خالياً من العواطف تجاه الآخرين؟ أو يكون الآخرون غير متعاطفين معك؟
كثيرة هي الأسئلة التي تدفعنا إلى إدراك مدى أهمية مهارات الذكاء العاطفي في حياتنا اليومية، وتدفعنا أيضاً إلى اكتساب تلك المهارات والتعرُّف إلى عناصر الذكاء العاطفي، ونستطيع القول بكل جرأة إنَّ الذكاء العاطفي بات في كل مكان ننظر إليه أو نتعامل معه، ودون مهارات الذكاء العاطفي سنكون أشخاصاً خالين من جزء أساسي من التجربة الإنسانية الخاصة بنا.
ما هو تعريف الذكاء العاطفي؟
يُشير الذكاء العاطفي إلى قدرة الشخص على إدارة مشاعره والتحكم بها وامتلاك القدرة على التحكُّم بمشاعر الآخرين أيضاً، وبعبارة أخرى يمكنه التأثير في مشاعر الآخرين أيضاً، وأمَّا عناصر الذكاء العاطفي فتتألف من خمسة مكونات أساسية وهي: الوعي الذاتي، والتنظيم الذاتي، والتحفيز، والتعاطف، والمهارات الاجتماعية.
وقفة تأمُّل:
قد تخطر في بالك عزيزي القارئ بعض من الأسئلة الهامة وهي:
- هل ينطوي الذكاء العاطفي على كفاءات محددة؟
- هل الذكاء العاطفي مرتبط بسمات شخصية محددة؟
يمكن لك أن تستنتج الأجوبة عن هذه الأسئلة من خلال الاطِّلاع على عناصر الذكاء العاطفي.
ما هي عناصر الذكاء العاطفي؟
1. الوعي الذاتي:
يشير الوعي الذاتي إلى قدرة المرء على التعرُّف إلى المشاعر وفهمها والحصول على إحساس بكيفية تأثير أفعال المرء ومزاجه وعواطف الآخرين، ويتضمن الوعي الذاتي أيضاً تتبُّع المشاعر وملاحظة ردود الفعل العاطفية المختلفة، بالإضافة إلى القدرة على تحديد المشاعر بشكل صحيح.
كما يتضمن الوعي الذاتي أيضاً الاعتراف بأنَّ ما نشعر به وما نقوم به مرتبط بمدى وعي الفرد بنقاط القوة والقيود الشخصية له؛ إذ يرتبط الوعي الذاتي بالانفتاح على التجارب المختلفة والأفكار الجديدة والتعلُّم من التفاعلات الاجتماعية؛ فعلى سبيل المثال حينما تعاني من الغضب، احتفِظ بتلك اللحظة وفكِّر فيما جعلك غاضباً جداً، وفكر في المشاعر التي رافقتك في تلك اللحظات، وكيف كانت ردود أفعالك وسلوكاتك حينها، فإنَّ هذا الأمر سيجعلك تعرف كيف تتعامل مع مثل تلك المواقف بحكمة ومنطقية أكبر.
2. التنظيم الذاتي:
يتضمن هذا الجانب من عناصر الذكاء العاطفي التعبير المناسب عن العاطفة؛ إذ يشمل التنظيم الذاتي المرونة والتعامل مع التغيير وإدارة الصراع، كما يشير إلى كيفية التعامل مع المواقف الصعبة أو المتوترة وإدراك كيفية تأثير أفعال المرء في الآخرين بطريقة إيجابية وليس سلبية؛ فعلى سبيل المثال حاسِب نفسك في حالة ارتكاب خطأ، وحاوِل أن تظل هادئاً في كل موقف.
3. المهارات الاجتماعية:
يشير هذا المكوِّن من عناصر الذكاء العاطفي إلى التفاعل الجيد مع الأشخاص الآخرين، ويتضمن هذا المفهوم تطبيقَ فهمِ مشاعرنا ومشاعر الآخرين للتواصل والتفاعل مع الآخرين على أساس يومي؛ إذ تشمل المهارات الاجتماعية المختلفة الاستماع النشط ومهارات الاتصال اللفظي ومهارات الاتصال غير اللفظي والقيادة وتطوير العلاقة مع الآخرين.
4. التعاطف:
يشير التعاطف إلى القدرة على فهم شعور الآخرين، ويمكِّن هذا المكوِّن الفرد من الاستجابة بشكل مناسب إلى الأشخاص الآخرين بناءً على التعرُّف إلى مشاعرهم وفهم مسبباتها ودوافع سلوكاتهم؛ إذ إنَّ هذا المكوِّن من مكونات الذكاء العاطفي يمكِّن الناس من الشعور بديناميكيات القوة التي تؤدي دوراً في جميع العلاقات الاجتماعية، فهو يوضِّح كيفية تأثير المشاعر في السلوك، إضافة إلى إدراك المواقف العاطفية للآخرين.
شاهد بالفيديو: 6 قواعد أساسية لتعزيز الذكاء العاطفي
5. الدوافع:
إنَّ المقصود من الدوافع كونها عنصراً من عناصر الذكاء العاطفي هو الدافع الجوهري الذي يعني امتلاك الفرد للدافع الذي يحركه من أجل تلبية احتياجاته وأهدافه الشخصية، بدلاً من أن يكون مدفوعاً إلى ذلك من خلال إغرائه بمكافآت ودوافع خارجية مثل المال والشهرة والسمعة وغيرها من الدوافع والمحفزات الأخرى.
إنَّ الأشخاص الذين لديهم دوافع جوهرية داخلية دائماً ما يكون لديهم اندفاع كبير إلى الانغماس في الأنشطة التي يقومون بها.
من المرجَّح أن تكون حياتهم ذات منحى عملي بوجود أهداف واضحة، وهم دائماً ما يكونون من الأشخاص الأكثر التزاما وتقديماً للمبادرات، كما أنَّهم دائماً ما يبحثون عن طرائق لتحسين ذاتهم والارتقاء بمهاراتهم من أجل تحقيق أهدافهم.
في الختام:
لكي تصبح شخصاً ذكياً عاطفياً؛ عليك أولاً أن تعرف المقصود من الذكاء العاطفي، وأن تتعرَّف إلى عناصر الذكاء العاطفي لكي تتمكن من فهم مهاراته وكيفية تطبيق تلك المهارات على أرض الواقع، وهذا أمر لم يَعُدْ من كماليات الحياة ومهاراتها الاستثنائية؛ بل بات أمراً لا بدَّ للمرء من تعلمه واكتسابه؛ وذلك لما له من فوائد عظيمة على كافة مناحي الحياة، وهذا يتطلب من كل فرد منا أن يخرج من دائرة راحته التي تعوَّد عليها، لينطلق في رحلة تغيير ذاته وتسطير النجاح من خلال امتلاك مهارات حياتية جديدة في الذكاء العاطفي؛ ليقود نفسه أولاً قبل أن تقوده، وليكون مؤثراً في الآخرين وقائداً وليس منقاداً إليهم، وليكون قادراً على التحكُّم بعواطفه والسيطرة عليها؛ لتكون طوعاً له بدلاً من أن يكون المرء أسيراً لسلطان العواطف التي تقوده كيفما تشاء.
المصدر: برينيكور
أضف تعليقاً