سنستكشف في هذا المقال دور القيادة العُليا في الشركات في إدارة الأزمات، والدروس التي يمكننا أن نتعلَّمَها من مديري الأزمات الناجحين الذين تنقَّلوا بين الأزمات وخرجوا أقوياء منها.
ما هي إدارة الأزمات؟
بمجرد أن يكون لديك فهم واضح لماهية القيادة، ستكون قادراً على فهم إدارة الأزمات بشكل جيد، ومع ذلك، تشير إدارة الأزمات إلى تحديد تهديد يواجه شركة وأصحاب المصلحة الخاصة بها، ويتم ذلك خصيصاً لتنفيذ استجابة فعالة ضدها.
تكون الأحداث العالمية غير قابلة للتنبؤ، لكن تحاول بعض الشركات الحديثة تحديد الأزمات المحتملة، وتقوم بذلك لوضع خطط يمكن من خلالها التعامل معها، وعند حدوث أيَّة أزمة كبيرة، يجب أن تتمتع المنظمات بالقدرة على تغيير مسارها للبقاء على قيد الحياة.
إذا كنت ما تزال تفكر في ماهية إدارة الأزمات، يجب أن تلاحظ بعض الأمور؛ فأولاً إدارة الأزمات هي تطبيق نماذج استراتيجية مصممة خصيصاً لمساعدة الشركات على التعامل مع أحداث سلبية معينة، ويجب أن تلاحظ أنَّ الأزمة قد تحدث نتيجة لعواقب غير متوقعة أو أحداث مفاجئة.
لتحديد ما هي إدارة الأزمات، يمكننا القول إنَّها عملية التعامل مع التغييرات المفاجئة وغير المتوقعة؛ إذ تهيئ أساساً جميع الأفراد لمواجهة ظروف ضارة داخل الشركة بشجاعة وتصميم ملحوظَين، والأهم من ذلك، يتكيف الموظفون بشكل جيد مع جميع التغييرات المفاجئة التي تحدث داخل الشركات.
كيفية إدارة الأزمات مع أمثلة لقادة تمكَّنوا من إدارة أزماتهم بفاعلية؟
1. الاتصال الواضح هو المفتاح:
يفهم مديرو الأزمات الناجحون أهمية التواصل الواضح والشفاف، فخلال الأزمات، قد يفضي عدم اليقين إلى الخوف والذعر، ويمكن للقادة الذين يقدِّمون معلومات دقيقة وصادقة أن يساعدوا على التخفيف من القلق وبناء الثقة.
خذ مثالاً من "جاسيندا أرديرن" رئيسة وزراء "نيوزيلندا" السابقة، خلال حادث إطلاق النار في مسجد "كرايستشيرش" في عام 2019، كان تواصلها التعاطفي والواضح يطمئن الأمة والعالم.
2. الحزم في وجه عدم اليقين:
غالباً ما تتكشف الأزمات بسرعة تاركةً قليلاً من الوقت للتحليل الوافر، والقادة مثل "إيلون ماسك" أظهروا قيمة اتخاذ قرارات حاسمة، حتى عندما يكون المسار غير واضح؛ إذ تُظهِر الاستجابة السريعة لـ "ماسك" لتحديات التصنيع في "تيسلا" و"سبيس إكس" كيف يمكن لقدرة القائد على اتخاذ قرارات صعبة أن تنقذ الشركة من الكوارث.
3. التعاطف والرحمة:
يدرك مديرو الأزمات الفاعلون العنصر الإنساني في كل أزمة؛ إذ يُظهِرون التعاطف والرحمة تجاه الأشخاص المتأثرين بالوضع، وقائد مثل "أنجيلا ميركل" خلال الأزمة المالية الأوروبية أكدت على أهمية العمل المشترك وفهم التحديات التي تواجه الأفراد والمجتمعات.
4. التكيف والابتكار:
يجب أن يكون مديرو الأزمات قابلين للتكيف ومنفتحين للابتكار، فقد واجه "جيف بيزوس" خلال السنوات الأولى لشركة "أمازون" عدداً من الأزمات، وإرادته لتغيير استراتيجية الشركة واستقبال الفرص الجديدة تشهد على قيمة القدرة على التكيف، واليوم أصبحت "أمازون" قوة عالمية بسبب قدرتها على الابتكار في مواجهة الصعوبات.
5. بناء فريق قوي:
لا يمكن لأي قائد التعامل مع الأزمات وحده؛ إذ يبني مديرو الأزمات الناجحون فِرقاً قوية يمكنها دعمهم في اتخاذ قرارات حاسمة، وخلال أزمة عام 2008، اعتمد "وارن بافيت" على فريق من المستشارين الموثوقين له في التنقل في عالم الأمور المالية المعقدة، وخرجت مجموعته "بيركشاير هاثاواي" مع مرور الوقت دون أضرار كبيرة.
شاهد بالفيديو: 15 نصيحة في الإدارة و القيادة الحكيمة
6. الحفاظ على منظور طويل الأمد:
غالباً ما يتعرض مديرو الأزمات لضغوطات هائلة لتحقيق نتائج فورية، ومع ذلك، فإنَّ تحقيق توازن بين الإجراءات على الأمد القصير والأهداف طويلة الأمد أمر أساسي؛ فقد كانت قيادة "إندرا نوي" في "بيبسيكو" خلال أزمة الركود في عام 2008 مركِّزة على الاستدامة طويلة الأمد، وهذا ما أدى إلى استمرار نمو الشركة وصمودها.
7. المساءلة والشفافية:
أخذ المسؤولية عن الأخطاء والشفافية تجاهها أمر أساسي في إدارة الأزمات، فقد كان التعامل مع أزمة التسمم بالتايلينول في عام 1982 من قِبل "جيمس بيرك" مثالاً نموذجياً للمساءلة والشفافية، وقد اتخذت "جونسون أند جونسون" تحت قيادته إجراءات سريعة، وقامت بسحب المنتجات وإعادة هيكلة تدابير السلامة، ووضعت سابقة للمسؤولية الشركاتية.
8. المرونة والصمود:
غالباً ما تكون الأزمات معارك طويلة، فالقادة مثل "نيلسون مانديلا" الذي تحمَّل 27 عاماً في السجن وظهر بوصفه رئيساً لجنوب أفريقيا، يُظهِرون قوة المرونة والصمود في وجه الصعاب، فإنَّ التفاني الثابت له في التصالح والعدالة أدى إلى انتقال سلمي من فترة الفصل العنصري.
9. الاستفادة من الأخطاء:
توفِّر كل أزمة فرصة للتعلم والنمو، فقادة الأزمات الناجحون مثل "ستيف جوبز" الذي واجه عدداً من الانتكاسات في (Apple) أظهروا القدرة على الاستفادة من الأخطاء والعودة بقوة؛ إذ إنَّ إعادة انتعاش "آبل" في أواخر التسعينيات وأوائل الألفية الجديدة تشهد على تفاني "جوبز" في التحسين المستمر.
10. الحفاظ على الأمل وتحفيز الآخرين:
أخيراً، يجب أن يكون مديرو الأزمات شعلات للأمل والإلهام، فقد أظهرت قيادة "فرانكلين د. روزفلت" خلال فترة الكساد الكبير والحرب العالمية الثانية كيف يمكن لقدرة القائد على غرس الأمل أن تجمع الأمة.
تظل مقولته الشهيرة: "الشيء الوحيد الذي يجب علينا أن نخشاه هو الخوف ذاته" تذكيراً قوياً بالدور الذي يؤديه القادة في تشكيل التصورات خلال الأزمات، فإنَّ القيادة في الأزمات هي مهمة معقدة وصعبة، ولكنَّ الدروس التي قد نتعلمها من مديري الأزمات الناجحين لا تُقدَّر بثمن.
الاتصال الواضح، والحزم، والتعاطف، والقدرة على التكيف، وبناء الفِرق، والنظرة الطويلة، والمساءلة، والمرونة، والاستفادة من الأخطاء، وإلهام الأمل، هي جميعها مكونات حاسمة لإدارة الأزمات بشكل فعال، فمن خلال دراسة وتطبيق هذه المبادئ، يمكن للقادة الحاليين والمستقبلين التنقل في الأزمات بثقة وقيادة منظماتهم نحو أيام أفضل.
دور القيادة العليا في الشركات في إدارة الأزمات:
تكون الأزمة عادةً سلسلة من الأحداث غير المخطط لها، وفجائية، وغير متوقعة تؤدي إلى عدم استقرار داخل المنظمة، إضافة إلى ذلك، يُعرَف أيضاً الاضطراب الكبير بين الأفراد باسم "أزمة"، وفي حين تنشأ الأزمات فجأة وبسرعة، إلا أنَّها تحمل معها اضطرابات كبيرة في مكان العمل.
فيما يأتي دور القيادة العليا في الشركات في إدارة الأزمات:
- يجب أن يكون لدى المديرين السيطرة الكاملة على موظفيهم.
- من الأمور الحاسمة أن يقود القادة الأزمة بشكل مباشر.
- يجب على القادة بذل قصارى جهدهم لتجنب الأزمات بكل السبل الممكنة.
- يتعين على القادة أن يكونوا يقظين، وخاصةً في أماكن العمل.
- التفاعل المتكرر مع الموظفين ضروري.
- توجيه الموظفين لكيلا يندلع الذعر خلال فترات الأزمات.
- يساعد التخطيط الدقيق على التعامل مع جميع حالات الطوارئ.
- يساعد تحديد جميع الأنظمة والعمليات الهامة على سير الشركة بسلاسة.
- يجب ألا يتجنب القادة الأطراف الخارجية، وأصحاب المصلحة، ووسائل الإعلام.
- يجب على القادة أن يبذلوا قصارى جهدهم حتى يتمكنوا من الوصول إلى حلول في أقرب وقت ممكن.
- يُنصَح القادة بعدم فقدان الأمل، وبدلاً من ذلك أن يكونوا الركيزة القوية لأفراد فريقهم.
- يجب ألا يتسلل اليأس داخل أيَّة شركة، ويجب على القادة أن يحفزوا موظفيهم للثقة بأنفسهم وبالشركة.
ما هي المهارات التي تحتاجها بصفتك مدير أزمات؟
قبل كل شيء، يحتاج مدير الأزمات إلى البقاء هادئاً تحت الضغط، وأن يكون قادراً على التعامل مع الضغوطات والمواقف المجهدة، سواء كانت له أم للآخرين، كما يجب عليه أن يكون قادراً على التفكير بوضوح والتحرك بسرعة، ورؤية ما يحدث وفهم ما يجب القيام به لتحقيق أفضل مصلحة لمنظمته.
المهارات في التفكير النقدي ضرورية، وكذلك المهارات القوية في القيادة والتواصل بين الأفراد، مع القدرة على تحفيز الموظفين لاتخاذ إجراءات حاسمة في أصعب الظروف، ومع ذلك، يجب الحفاظ على هدوئهم بما يكفل فاعليتهم.
يجب على مدير الأزمات الجيد أن يمتلك مهارات اتصال رائعة، ولكنَّه أيضاً يحتاج إلى أن يكون دبلوماسياً، فعندما يكون الضغط موجوداً، قد يضطر إلى إخبار بعض الحقائق الصعبة لأعلى مستويات الإدارة، وبصرف النظر عن حساسية الوضع، يجب عليه التأكد من أنَّ الرسائل تصل بوضوح وسرعة، ويتم فهمها بسرعة.
في الختام:
يظهر بوضوح أنَّ دور القيادة العليا في الشركات في إدارة الأزمات يؤدي دوراً حيوياً وحاسماً، فالقادة برؤيتهم الاستراتيجية واتخاذهم للقرارات الصعبة يمثلون عمق الأمان والتوجيه في وجه التحديات، وإنَّ إدارة الأزمات تتطلب ليس فقط الاستجابة السريعة والفعالة، لكن أيضاً رؤية طويلة الأمد وإشراك جميع أفراد الشركة.
عندما يكون القادة قادرين على دمج التفكير الاستراتيجي مع التحلي بالصبر والتأقلم مع التغيرات، يتحولون إلى عوامل حيوية في بناء مرونة الشركة، فإنَّ نجاحهم في توجيه الفِرق والحفاظ على الثقة يسهم في النهاية في استعادة الاستقرار والنجاح المستدام للشركة.
لذا، يتعين على القيادات العليا أن تكون دائماً على أتم الاستعداد، مستفيدين من الدروس المستمدة من مديري الأزمات الناجحين ومسلحين بالتكنولوجيا والاستراتيجيات الحديثة، وبتوجيه حكيم واتخاذ قرارات صائبة، يمكن للقيادة العليا أن تحول التحديات إلى فرص، وتحقق نجاحاً يتجاوز حدود الأزمات الراهنة، وتبني مستقبلاً قوياً ومستداماً للشركة.
أضف تعليقاً