ماهي تكنولوجيا الاستدامة البيئية؟
تكنولوجيا الاستدامة البيئية هي مجموعة التطبيقات والتقنيات التي تأتي بها التكنولوجيا الحديثة لحماية البيئة وما نشهده فيها باستمرار من تحديثات، بما يحقِّق التوازن بين تلبية الحاجات البشرية وضمان استدامة الحماية والصحة البيئية، لأنَّ الهدف الرئيس للتكنولوجيا في الاستدامة البيئية هو ضمان هذا التوازن بين كفَّتي التنمية الاقتصادية ومتطلباتها ومتطلبات حماية البيئة، وذلك يكون من خلال المجموعة المتنوعة من الأدوات والحلول التي تشملها تكنولوجيا الاستدامة البيئية من تقنيات الطاقة النظيفة إلى التعامل مع النفايات وغيرها كثير، وهنا يأتي دور التكنولوجيا في الاستدامة البيئية بأنَّها تأتينا باستمرار باختراعات ورؤى تقنية لمعالجة وحلِّ القضايا البيئية التي نقف أمامها، ونذكر هنا بعض المشكلات التي تُعنى بها تكنولوجيا الاستدامة البيئية:
- التلوُّث الحاصل من نواتج حرق الوقود الأحفوري، بوصفه مصدراً رئيساً للطاقة.
- التلوث الحاصل من النفايات، وطرائق تصريفها.
- الاحتباس الحراري.
- تلوث المياه وقلة جودتها، وارتفاع نسب هدر الموارد المائية.
- تحديات الإنتاج الزراعي وجودته.
وغيرها كثير، لذا دعنا نبدأ رحلة الاطلاع على حلول وتقنيات التكنولوجيا في الاستدامة البيئية.
كيف تؤثر تطبيقات التكنولوجيا في الاستدامة البيئية؟
كما عرفنا فإنَّ دور التكنولوجيا في الاستدامة البيئية يأتي من سعة التطبيقات التقنية التي تسخِّرها لمواجهة وحل التحديات الكثيرة التي تواجهنا كل يوم للوصول للاستدامة البيئية، فما هي التقنيات التي تطرحها التكنولوجيا في الاستدامة البيئية في عصرنا هذا؟
1. تقنيات الطاقة النظيفة
هي أبرز التطبيقات التي تساهم فيها التكنولوجيا في الاستدامة البيئية، وتضمُّ هذه التقنيات ألواح الطاقة الشمسية، عنفات طاقة الرياح، الطاقة الكهرومائية، الطاقة الحرارية الأرضية، والطاقة الحيوية، وإنَّ جميع هذه التقنيات تتحدث بنفسها عن دور التكنولوجيا في الاستدامة البيئية؛ لأنَّها تقدِّم بدائل نظيفة ومستدامة للطاقة، وهذا يقلِّل كثيراً من الاعتماد على الوقود الأحفوري الأمر الذي يخفِّف من انطلاق الغازات الدفيئة إلى الغلاف الجوي، ومن ثم الحد من مستويات التلوث الحاصلة فيه.
2. تقنيات التعامل مع النفايات
إنَّ تسخير التكنولوجيا في الاستدامة البيئية أدى دوراً كبيراً في جانب إدارة النفايات من خلال تطوير طرائق جمع النفايات ومعالجتها والابتعاد عن مراكمتها في المكبَّات وحسب، وإنَّما الاستفادة منها أيضاً، وتشمل هذه الطرائق الحديثة إعادة التدوير، وتقنيات تحويل النفايات إلى طاقة، والمعالجة البيولوجية للنفايات، وكل ذلك يقلِّل من كمياتها المرسلة للمكبات والتلوث المحدث منها، فمثلاً تقنيات المعالجة الحيوية تحوِّل النفايات العضوية إلى سماد يساعد على تخصيب التربة ويقلِّل حاجتها للأسمدة الكيميائية، وهذه التقنيات أيضاً توضح دور التكنولوجيا في الاستدامة البيئية.
3. تقنيات الحد من انبعاثات الكربون
إنَّ استخدام التكنولوجيا في الاستدامة البيئية جعلنا نحصل على اختراعات متطورة لتخزين الكربون واحتجازه، والحد من انبعاثاته من المصانع ومحطات الطاقة والمركبات في النقل، إضافة إلى رفع كفاءة وانتشار استخدام الطاقة النظيفة في المنازل والصناعة.
أحدثت هذه التقنيات المتنوعة انخفاضاً ملحوظاً في مستويات الكربون في غلافنا الجوي الأمر الذي ساعدنا على التخفيف من التغيرات الكبيرة التي شهدها المناخ، فمثلاً من هذه التقنيات أتت صناعة السيارات الكهربائية لتقوي دور التكنولوجيا في الاستدامة البيئية باستحداثها لمركبات كهربائية ذات انبعاثات معدومة، وهذا ساهم كثيراً في خفض تلوث الهواء.
4. التقنيات الزراعية والمائية
إنَّ التكنولوجيا الزراعية والمائية طرحت كثيراً من الأدوات المتطورة لتقويم إدارة الموارد المائية وترشيد استهلاكها والحد من هدرها، إضافة إلى كثير من التقنيات لتطوير الإنتاجية الزراعية، وتضمُّ هذه الأدوات التقنيات الذكية للري، ومنهجيات ووسائل الزراعة الدقيقة، وتطوير مستشعرات تحدد الحاجات الدقيقة للنباتات من مياه وأسمدة ممَّا يقلِّل هدرها، فمثلاً إنَّ أنظمة الري الذكية أعطت حلاً مناسباً لتأمين الماء بطريقة كافية وفعالة دون هدره، وهذا يضمن القدرة الدائمة على توفير متطلبات الاستدامة الزراعية، وهذا كله يبيِّن أهمية دور التكنولوجيا في الاستدامة البيئية.
5. تقنيات المراقبة وتحليل البيانات
إنَّ دور التكنولوجيا في الاستدامة البيئية أبرز حضوراً هائلاً في مجال جمع البيانات عن البيئة وتحليلها من خلال أدواتها المتطورة جداً والتي مكَّنتنا من أخذ قرارات مستنيرة أكثر لحماية البيئة وإدارة مواردها، وتشمل هذه التقنيات حسَّاساتٍ ذكية، وأدوات الذكاء الاصطناعي القادرة على تحليل بيانات ضخمة عن كافة التغيرات البيئية والتي ترصدها جميعاً بدقة الأقمار الصناعية المتطورة، وكلُّ هذه الوسائل تساعد على تكوين سياسات استدامة بيئية أعلى كفاءةً، فبالحديث عن دور الأقمار الصناعية نجد أنَّها ترصد نسب امتداد التصحر ومستويات التدهور في الغابات وأحوال المسطحات المائية، فتجمع كل هذه البيانات باستمرار لمعرفة كل تغير، واتخاذ الإجراءات المناسبة.
شاهد بالفيديو: 8 حلول للحد من ظاهرة التلوث البيئي
دور التكنولوجيا في رفع وعي الاستدامة البيئية
إنَّ دخول التكنولوجيا في الاستدامة البيئية بوصفها مفهوماً مرتبطاً جداً بمستوى وعي الفرد والوعي الجمعي للمجتمعات والبلدان، كان قوياً وهاماً في تفعيل ورفع هذا الوعي لمراحل متقدمة، بدءاً من العمل على تكوين فهم الأفراد للقضايا والتحديات البيئية وجميع تبعاتها وعواقبها التي ستلحق بكل أرجاء كوكبنا ما لم نتعامل معها بطرائق واعية، وكان ذلك من خلال السهولة في الوصول للمعلومات والبيانات البيئية التي وفَّرتها التكنولوجيا للجميع، وأيضاً من خلال نشر الفيديوهات العلمية وحملات ووثائق التوعية البيئية من خلال التلفاز وجميع منصات الإنترنت، وانتقالاً من تكوين الفهم إلى نشر العلم بالممارسات الصديقة للبيئة وتشجيع الأفراد على تطبيقها، الأمر الذي كان فيه دور التكنولوجيا في الاستدامة البيئية محورياً لأنَّه وحَّد السياسات ونشر الحلول البيئية على مستوى الأفراد والدول، وصولاً لأهمية وسائل ومنصات التواصل التي قدَّمتها التكنولوجيا، لأنَّها مكَّنت أكثر من تبادل الخبرات والعلوم البيئية بين البلدان، فيستطيع اليوم خبراء وأخصائيو البيئة طرح رؤيتهم في التدابير الواجب اتباعها في أي بلد من أي مكان هم فيه وعن بُعد.
كل ذلك ساهم في رفع الوعي بالاستدامة البيئية وعزز التصرفات الإيجابية للأفراد تجاهها.
التحديات التي تواجه دور التكنولوجيا في الاستدامة البيئية
تواجه قطاعات التكنولوجيا في الاستدامة البيئية تحديات كبيرة على جبهات كثيرة حقيقة، وذلك رغم كل فوائد تطبيقاتها في حماية البيئة واستدامتها، ونذكر من هذه التحديات:
- التكاليف المالية المرتفعة جداً لتطبيق هذه التقنيات الحديثة وتطويرها.
- التكاليف العالية في عمليات صيانة وضبط أدوات وآلات هذه الوسائل المتطورة.
- الحاجة إلى بنى تحتية مناسبة لتنفيذ الخطط وبناء الأدوات التقنية المطلوبة والتي تفتقر لها عدة بلدان نامية.
- المقاومة للحداثة في الوسائل البيئية من بعض الإدارات التقليدية.
- محدودية الوعي البيئي في كثير من المجتمعات النامية، وأيضاً نقص الوعي بدور التكنولوجيا في الاستدامة البيئية.
الجدير بالذكر أنَّ التحديات المالية هي أكبر العوائق التي تعاني منها اقتصاديات معظم الدول؛ لأنَّ الأبحاث البيئية وامتلاك تقنيات الاستدامة البيئية وسبل تطويرها المستمر، يحتاج إلى استثمارات ضخمة.
الحلول والخطط لتطوير تكنولوجيا الاستدامة البيئية
إنَّه من الهام جداً التوجه للحلول والخطط للتغلب على تلك التحديات التي تعرقل دور التكنولوجيا في الاستدامة البيئية، والتي تبدأ من وضع الهدف الرئيس أمامنا ألا وهو تحقيق البيئة المستدامة، ثمَّ العمل على إيجاد أسهل وأيسر الطرائق المتاحة للوصول إليه، وذلك يكمن بالحلول والرؤى الآتية:
- تسخير البحث العلمي والاستثمار فيه للوصول إلى التقنيات الأقل تكلفة والتي تحقق حماية البيئة.
- تفعيل السياسات الحكومية التي تدعم القطاعات البيئة واستخدام التكنولوجيا في الاستدامة البيئية.
- تقوية الشراكة بين القطاعَين العام والخاص، وتفعيل استثمارات القطاع الخاص في تقنيات الطاقات النظيفة من خلال طرح تحفيزات مالية للشركات.
- توسيع نطاق حملات التوعية البيئية، وتخصيص حملات من قبل هيئات بيئية دولية تتوجه بها للمجتمعات النامية لرفع وعيها وفهمها للقضايا البيئية والممارسات الإيجابية.
هكذا نعرف أنَّ استخدام التكنولوجيا في الاستدامة البيئية لا يكمن فقط بتوفير تقنيات حماية البيئة، وإنَّما أيضاً بتوفير تقنيات للتعامل مع التحديات التي تواجه العملية ككل.
دور التكنولوجيا في الاستدامة البيئية في السعودية
أخذ دور التكنولوجيا في الاستدامة البيئية نصيباً كبيراً من تطلعات المملكة العربية السعودية، لأنَّ المملكة تبنَّت رؤية 2030 التي تهدف إلى جعل التنمية المستدامة واقعاً لها، وذلك من خلال الوصول لجملة من الأهداف منها:
- دعم استخدام الطاقات النظيفة والحلول البديلة للطاقة بما يشمل مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية، فتسعى المملكة إلى أن تشكِّل الطاقة المتجددة 50% من الطاقات المستخدمة لديها في رؤية 2030.
- تطوير كفاءة إدارة الموارد بما فيها الموارد المائية.
- تعزيز تطبيق إعادة التدوير، وأيضاً تبنِّي ما يُعرف بالاقتصاد الدائري الذي يعني إعادة الاستفادة من المورد ذاته واستخدامه بدلاً من هدره، وهذا ما يحقِّق تطوراً في إدارة النفايات.
- حماية البيئة وحماية التنوع البيولوجي.
- التغلب على تحديات التغيرات المناخية من خلال تبنِّي ما يعرف بمبادرات تدوير الكربون.
- توفير مساحات واسعة خضراء تقوي الاتصال مع الطبيعة.
من أمثلة تطبيقات هذه الرؤية تأتي المشاريع في منطقة "نيوم" التي تسعى لتحقيق اكتفاء ذاتي من الطاقة من خلال الطاقة الشمسية المتجددة.
في الختام
لقد وجدنا كم أنَّ دور التكنولوجيا في الاستدامة البيئية حاسم في تحقيق جميع أهدافها، فلا بدَّ إذاً من سعي عالمي لتطويره والتغلب على عقباته.
أضف تعليقاً