أكثر ما تحتاجه النباتات على اختلافها، جرعات محدَّدة من أشعة الشمس لتقوم بالتمثيل الضوئي، كما تحتاج إلى الري المستمر والمعتدل، وتحتاج التقليم باستمرار للتخلُّص من الأطراف والأفرع الذابلة والمريضة، وتتيح الفرصة لنمو أفرع خضراء جديدة، كما تحتاج إلى تنظيف التربة الموجودة فيها من الأعشاب الضارة والحشائش التي تنافسها على الماء والغذاء، وتحاول إيذاء جذورها والنمو بدلاً منها.
لا يمكن للنبات النمو إلَّا بالحصول على العناصر الغذائية التي يحتاجها، ومهمَّتنا تقديمها له عن طريق التسميد، وتُستخدم لذلك الأسمدة الكيميائية المصنَّعة التي ينصح كثيراً بتقليل استخدامها أو الابتعاد عنها نهائياً، لما تتركه من آثار سلبية في النبات والتربة والبيئة المحيطة عموماً، ويفضَّل استبدالها بالأسمدة العضوية التي تضمُّ مواداً طبيعية غير مؤذية للنبات، وتساعد على إغناء التربة بكلِّ ما ينقصها من عناصر غذائية، ومقالنا اليوم سيحدثك عن كيفية استخدام السماد العضوي وأهميته الكبيرة، فتابع القراءة.
السماد العضوي وأنواعه:
جميع الأسمدة الطبيعية التي تأتي من مصادر طبيعية، هي سماد عضوي وتأتي من خلال عمليات كيميائية حيوية تحدث في الطبيعة دون تخطيط الإنسان أو تدخله، بخلاف الأسمدة الاصطناعية المكوَّنة من المواد غير العضوية، أمَّا المواد المكوَّن منها السماد العضوي، فهي من أصل عضوي طبيعي حصراً، والسماد العضوي يعدُّ أفضل أنواع الأسمدة، وينقسم السماد العضوي وفقَ مصادره إلى عدة أنواع كما يأتي:
1. السماد البلدي:
هو أشهر أنواع السماد العضوي في العالم، وهذا السماد هو روث الحيوانات عموماً، وروث الماشية خصوصاً، والتي تُربَّى ضمن المزرعة مع الإشراف على نوع الطعام الذي تتناوله لضمان أنَّ الروث الناتج لا توجد فيه أية مواد مصنَّعة، ويُستعان بالسماد البلدي في تسميد الأراضي الزراعية في الزراعة لإغناء التربة، لزيادة الإنتاجية في المحاصيل المزروعة.
يُستخدم السماد البلدي بنسبة متوازنة ومعروفة تُحدَّد وفقَ نوع التربة أو نوع المحصول المزروع فيها، ويُعرف بأنَّه سهل التوفر، لأنَّ الماشية متوفِّرة بكثرة فيسهل الحصول عليه عندما يحتاجه المزارع، أمَّا بالنسبة للتركيب الكيميائي للسماد البلدي فهو غير موحَّد، وإنَّما تختلف المواد الداخلة في تركيبه ونسبة كلٍّ منها باختلاف نوع الحيوان وعمره ونوع الغذاء وكميته وعدة عوامل أخرى أيضاً.
2. سماد السبلة:
هو السماد المستخرج من روث الخيل حصراً ويُعتَمَد عليه في تسميد أشجار الفاكهة، ويُعرف سماد السبلة بأنَّه أغنى من السماد العضوي البلدي، وذلك بالمواد التي تدخل في تكوينه، فيحتوي سماد السبلة على نسبة أعلى من البوتاسيوم والنتروجين والفسفور مقارنة بالسماد البلدي.
3. السماد الأخضر:
أيضاً نوع مشهور من أنواع السماد العضوي والمعروف بالفوائد الكثيرة والقدرة على إمداد التربة بما تحتاجه من عناصر، ويُحصَل على السماد الأخضر من زراعة النباتات البقولية المتنوعة، ومن ميِّزاته أيضاً أنَّه سهل الامتصاص ولا تعاني التربة عندما تريد الاستفادة منه، ويُستعان بالسماد الأخضر عندما يرغب المزارع في تغيير المحاصيل التي يزرعها عادة، فيساعد على التخلُّص من بقايا المحاصيل المزروعة سابقاً في التربة.
4. سماد الدواجن:
ينتشر بكثرة في المناطق التي توجد فيها مزارع الدواجن المختلفة، وذلك لسهولة الحصول عليه وهو مخلَّفات الدواجن، ويُعرَف سماد الدواجن بفوائده الكبيرة للخضار والفاكهة أيضاً، ويساعد على نمو النباتات لتصبح بأعلى جودة، كما يساعد على زيادة المحاصيل الناتجة.
5. سماد البيوجاز:
نوع من الأسمدة العضوية التي تعدُّ طريقة صناعتها أفضل وسيلة طبيعية تُخمَّر فيها المخلفات العضوية ضمن وحدات وأماكن مخصَّصة، وذلك بهدف الحصول على مصدر للطاقة غير تقليدي وهو غاز البيوجاز، ولكنَّ سماد البيوجاز لا يُستخدم بكثرة، بالرغم من أنَّه غني جداً بالعناصر المفيدة للتربة، ربَّما لصعوبة الحصول عليه، وأغلب الاستخدامات له الآن تكون بهدف الإنارة أو إشعال الأفران أو الآلات.
6. السماد العضوي الطبيعي:
هو خليط من مخلفات النباتات والحيوانات، وأحياناً يُضاف إليه الفوسفور والفلسبار والدولوميت والكبريت وغيرها من المواد التي لا تمتلك آثاراً كيميائية سلبية في التربة والنبات.
7. السماد العضوي الصناعي:
هو السماد الذي يحتوي على نسب متوازنة ومتعادلة من الأسمدة المعدنية المضاف إليها الفوسفور والكربونات والآزوت، وميِّزات هذا السماد أنَّه قادر على المحافظة على نسب المياه الموجودة في التربة والتي تُفقد بالارتشاح، ونقصد بالأسمدة المعدنية أنَّها مصنَّعة من معادن موجودة في الطبيعة، مثل الرمل الأخضر المصدر الممتاز للبوتاسيوم، والحجر الجيري الذي يحتوي نسباً عاليةً من كربونات الكالسيوم، والفوسفات الصخري المصدر الطبيعي الممتاز للفوسفور القابل للذوبان ببطء، وأيضاً غبار الصخور الناتج عن طحن الصخور التي تستخرج من المناجم وتحويلها لمساحيق ناعمة تحسِّن صحة وقوام التربة.
أهمية السماد العضوي:
تمتلك الأسمدة العضوية مجموعة من الفوائد التي تميِّزها عن الأسمدة الاصطناعية غير العضوية، وأبرز تلك الفوائد ما يأتي:
- الأسمدة العضوية سهلة الاستخدام، يمكن إضافتها للنباتات في كثير من الأوقات، بخلاف غير العضوية التي يجب الالتزام بالمواعيد المحددة لإضافتها.
- تؤمِّن الأسمدة العضوية للتربة العناصر الغذائية الناقصة فيها، فتمدُّ النباتات بما تحتاجه من عناصر غذائية هامة للقيام بالعمليات الحيوية التي تحتاجها لتنمو نمواً طبيعياً.
- الأسمدة العضوية تؤدي دوراً هاماً في مساعدة التربة على الحفاظ على المياه الموجودة فيها لفترات أطول، وخاصة التربة الرملية، وهذا يجعلها تفيد النباتات في دورة حياتها، وتؤمِّن لها الماء اللازم لمتابعة النمو.
- عند استخدام الأسمدة العضوية لا تتسرَّب مواد كيميائية إلى المياه الموجود في التربة، أي لا تتسرَّب إلى التربة أو النبات ولا تصل للإنسان أو الحيوان وتترك آثاراً سلبياً فيهم كما الأسمدة الاصطناعية.
- يساعد استخدام الأسمدة العضوية دائماً وبكميات مناسبة على زيادة وجود البكتريا النافعة على سطح التربة، وكذلك الفطريات المفيدة التي تفيد النباتات المزروعة إفادةً كبيرةً.
- يجعل استخدام الأسمدة العضوية التربة ذات تهوية أفضل من خلال تفكُّك حبيبات التربة وخاصة الثقيلة، فتؤمِّن للنبات نمواً جيِّداً وسريعاً أيضاً.
- تؤدي الأسمدة العضوية إلى زيادة عجلة الإنتاج عموماً، وذلك لأنَّها تزيد من كمية المحاصيل الناتجة من الزراعة.
- تؤدي الأسمدة العضوية دوراً فعالاً في إمكانية الحصول على نباتات ذات جودة عالية، بخلاف ما ينتج عندما تُستخدَم الأسمدة الكيميائية التي تقلِّل جودة الثمار تقليلاً ملحوظاً.
- تعمل على الحفاظ على النظام الحراري في التربة لتوفير ظروف بيئية مناسبة لنمو النباتات.
- تساعد على الحفاظ على درجة حموضة التربة، وتزيد من امتصاص العناصر الغذائية من قبل المزروعات.
- يقلِّل السماد العضوي من الأخطار الناتجة عن فرط التسميد، فتستخدم النباتات الأسمدة العضوية استخداماً بطيئاً بخلاف الأسمدة الكيميائية التي تسبِّب فرط التسميد.
طرائق استخدام السماد العضوي:
يُستخدم السماد العضوي بطرائق بسيطة وسهلة تشمل عدة نقاط أهمها ما يأتي:
- يفضَّل استخدام الأسمدة العضوية قبل عدة أشهر من موعد الزراعة، لتأخذ الوقت الكافي لتتحلَّل فتستفيد منها النباتات أكبر استفادة.
- لا يحتاج وضع السماد العضوي إلى حَفْر عميق، بل يمكن نشره على سطح التربة.
- تُحدَّد الكميات المستخدمة وفقَ نوع التربة وجودتها، وكذلك وفقَ عمر النبات وحجمه.
- السماد السائل يُضاف إلى المياه عادة، فمثلاً يُضاف 30 غرام لكل 10 ليتر ماء، ومن ثمَّ تُسقى النباتات فيها، وأحياناً تُرشُّ النموات الخضرية والأفرع الهوائية وذلك وفقَ نوع السماد السائل، ويُفضَّل أن تسأل المختصين قبل القيام بذلك.
- الوقت المفضَّل لإضافة الأسمدة العضوية للنباتات، هو فصلَي الربيع والصيف، فهي الفترة التي ينشط فيها النبات فينمو ويزهر ويعطي الثمار، فيستهلك ما يوجد في التربة من عناصر غذائية ويجب تعويضها فوراً.
- يفضَّل عدم وضع السماد على النباتات المريضة أو الذابلة، فقد يزيد السماد العضوي أو الأسمدة عموماً وضعها سوءاً.
في الختام:
يزداد الاتجاه يوماً بعد يوم نحو استخدام السماد العضوي، لكونه آمناً إلى حدٍّ كبير على التربة، مقارنة بالأسمدة الكيميائية المصنَّعة غير العضوية، فالسماد العضوي ناتج إمَّا عن روث الماشية أو النباتات البقولية، وهو السماد الأخضر أو من مخلَّفات الدواجن، أو قد يكون سماداً عضوياً صناعياً مصدره المعادن الموجودة طبيعياً في التربة.
يمتلك السماد العضوي مجموعة كبيرة من الفوائد التي تُبرر الأهمية العالية له، فيحسِّن من قوام التربة ويزيد التهوية، كما يساعد على الحفاظ على الماء في التربة، ولا يسبِّب تسرُّب مواد كيميائية للمياه والنبات، كما يساعد على زيادة البكتريا النافعة على سطح الترب، وفضلاً عن ذلك كله فإنَّ السماد العضوي يعمل على توفير العناصر الغذائية التي تحتاجها النباتات لتنمو وتعطي محاصيل بجودة عالية، وأمَّا استخدامه فليس بالأمر الصعب في أي وقت يريد المزارع.
أضف تعليقاً