فمن الرائع أن نستقل الطائرة ونسافر إلى المكان الذي نريده، أو شراء بضائع رخيصة الثمن ملفوفة بأكياس بلاستيكية، أو رمي الأشياء بدلاً من إصلاحها؛ إذ إنَّ جميع هذه السلوكات تزيد من أزمة المناخ، فنحن بحاجة إلى إعادة التفكير في سلوكاتنا وابتكار أسلوب عيش يساعد على الحفاظ على الحياة في كوكبنا بدلاً من تشكيل تهديد عليها، فكل واحد منا مسؤول بشكل أو بآخر عن مستقبل الكوكب، لكن ما هي الأمور التي يمكننا القيام بها بشكل إفرادي بصفتنا أشخاصاً وبشكل جماعي بصفتنا مجتمعات؟
سلوكات تحقق الاستدامة البيئية:
نحن نقوم بمعظم أفعالنا بشكل غير واعٍ، فأنت بالطبع لا تفكر كثيراً في كيفيَّة تنظيف أسنانك كل صباح، أو عندما تربط حذاءك، أو تتفقد هاتفك المحمول خلال اليوم، لكن علينا البدء بهذه الأفعال البسيطة كي نجعل سلوكاتنا صديقة للبيئة ومستدامة، على سبيل المثال، ممَّا يتكون معجون الأسنان الذي تستخدمه؟ وممَّا صُنِعَ حذاؤك؟ وكم مرة تشتري هاتفاً جديداً في كل سنة؟
قد تفكر هل هذا هام؟ نعم، إنَّه كذلك وأكثر مما تتصور؛ ولهذا السبب عليك القيام بالأمور الآتية:
1. تسجيل نشاطاتك اليومية:
كيف يسير يومك الاعتيادي؟ وما هي النشاطات والأفعال التي يتضمنها؟ سجِّل جميع التفاصيل الصغيرة والأفعال البسيطة حتى.
2. التدقيق في النشاطات كل واحد على حدة:
ابدأ بكيف تنظف أسنانك في الصباح؛ فما نوع معجون الأسنان الذي تستخدمه؟ وهل تترك صنبور الماء مفتوحاً طوال وقت تنظيف أسنانك؟ وما هي كمية الأدوات البلاستيكية المتضمنة لهذه العملية؟ دقِّق في كل فعل ونشاط لمعرفة كيف يمكنك تحسينه.
3. البدء بإجراء التغييرات:
كيف يمكنك تغيير سلوكك كي يصبح صديقاً للبيئة ومستداماً أكثر؟ كيف يمكنك تقليل كمية الأدوات البلاستيكية المُستخدمة؟ وكيف يمكنك تقليل انبعاثات الكربون الناتجة عن أسلوب حياتك؟
قد يبدو هذا تدقيقاً غير هام في التفاصيل الصغيرة لجميع أفعالك وسلوكاتك، ولكنَّ سلوكاتك بصفتك مستهلكاً، ومشترياً، ومواطناً فعَّالة في إحداث تغيير في النظام البيئي، فالحكومات والشركات والمجتمعات الكبيرة لن تكون قادرة على إحداث تغيير ما لم تُظهر أنت التغيير من خلال سلوكاتك وخياراتك الاستهلاكية.
شاهد بالفديو: أنواع التلوث البيئي وطرق علاجه
والآن دعنا نلقي نظرة على الأنظمة المُستدامة بيئياً:
الأنظمة المستدامة بيئياً:
إنَّ تغيير سلوكاتنا بصفتنا أفراداً ليس كافياً من أجل إحداث تغيير؛ إذ علينا التصرُّف سوية بصفتنا مجتمعات متعاونة من أجل حل الأزمة المناخية؛ ولهذا علينا إحداث تغييرات في الأنظمة؛ إذ إنَّ الأنظمة التي ننتمي إليها لها تأثير كبير في حياتنا، على سبيل المثال يشكِّل النظام التعليمي سلوكنا ويؤثر بشكل هائل في طريقة تفكيرنا، وبقدر ما نكون أكثر أو أقل حرية وإبداعاً واجتماعية في المدرسة؛ بقدر ما نصبح أكثر أو أقل حرية وإبداعاً واجتماعية في طريقة تفكيرنا وأفعالنا لاحقاً في الحياة.
لكنَّ النظام التعليمي هو فقط واحد من الأنظمة المتعددة التي تشكِّل سلوكنا في الوقت الحالي، وإليك بعض الأمثلة:
1. النظام السياسي:
يؤثر في قدر المسؤولية التي نشعر بها، وفي قدر التأثير الذي يمكننا إحداثه في مجتمعاتنا، وفي قدر مشاركتنا في هذه المجتمعات، وما هي الحقوق التي نمتلكها، والقيم التي نتشاركها وما إلى ذلك.
2. النظام الاجتماعي:
فهو يؤثر في نظرتنا إلى مفهوم العائلة والعلاقات بشكل عام، وكيف نتفاعل مع بعضنا، وكيف نتواصل ونشعر، وطبيعة معاملة المسنين والأطفال، ومدى شعورنا بالانتماء وما إلى ذلك.
3. نظام النقل:
يشكل هذا النظام علاقتنا مع وسائل النقل الخاصة، وكيف ننتقل ضمن المسافات البعيدة والقصيرة.
4. نظام إدارة المخلفات:
يؤثر في مفهومنا في التخلص من القمامة ومخلفاتنا، وكيف ندير مصادر الطاقة، وكيف نتعامل مع الطبيعة من حولنا وما إلى ذلك.
5. النظام الصحي:
يشكل هذا النظام مفهومنا عن الصحة الجسدية والنفسية العامة، وما مدى الأولوية التي نعطيها لصحتنا، وما هي طريقة التعامل مع الأمراض ضمن المجتمع.
تخيَّل الآن لو أُعيدَ تصميم هذه الأنظمة لتحقق الاستدامة البيئية، ولإعطائك فكرة عن كيف سيبدو الأمر، نقدم لك السيناريوهين الآتيين:
نظام النقل: يُمنع استخدام السيارات وتُستَبدَل بوسائل نقل عام رخيصة، ويمكن الاعتماد عليها، ويسهل الوصول إليها وذات شبكة مرتبطة بشكل جيد مع بعضها، بالإضافة إلى إنشاء مسار دراجات هوائية مريح، وتُنظَّم القطارات لتصبح بديلاً عن الطائرات، أو تُستَخدَم الطائرات الكهربائية مثلاً.
النظام الصحي: تُؤخذ إجراءات وقائية مثل توفير الطعام العضوي والمياه التي تُقنَّن وفقاً لمعايير معيَّنة، وتُشجَّع النشاطات الخارجية في أماكن العمل وفي المدارس لتحسين علاقتنا بالطبيعة ولنحصل على المزيد من الهواء النقي، كما تُستَخدَم مصادر الطاقة المتجددة في المستشفيات.
أضف تعليقاً