اختلاف آراء القادة والموظفين بشأن التغذية الراجعة:
لا شيء مما ذُكِر آنفاً يثير الدهشة، ولكن إليك الأمر: في حين تظل رغبة الموظفين للتغذية الراجعة مرتفعة، فإنَّ رأي المسؤولين التنفيذيين تجاه غرس ثقافة التغذية الراجعة في أذهان الناس خلال الأعوام القليلة الماضية قد تراجع.
يكشف استطلاع لقادة الموارد البشرية والأعمال التجارية أنَّ نشر ثقافة التغذية الراجعة انتقل من المرتبة الثانية إلى المرتبة السادسة من حيث الأهمية؛ وذلك عندما تعلَّق الأمر بقياس صحة عملية إدارة أداء المؤسسة خلال العامين الماضيين.
كما وجد الاستطلاع فجوة أخرى بين إدارة الموارد البشرية وقادة الأعمال الذين يعمل لديهم موظفون؛ إذ إنَّ 25% من الموظفين لا يعرفون كيفية طلب التغذية الراجعة، في حين أنَّ 85% من إدارة الموارد البشرية وقادة الأعمال يظنون أنَّ موظفيهم واضحون تماماً في عمليات طلب التغذية الراجعة.
ولكن ما الذي حفَّز المسؤولين التنفيذيين على تقليل تركيزهم على التغذية الراجعة مع مرور الوقت؟ ولماذا حدث الانفصال بين القادة وموظفيهم؟
هل كانت التغذية الراجعة مجرد توجه لافت للنظر؟
مع أنَّنا ما زلنا نتحدث عن اختلاق ثقافة من التغذية الراجعة، فقد يكون ذلك مجرد كلام فقط؛ وهذا ما تشير إليه نتائج الاستطلاع في أغلب الأوقات، بأنَّه على أية حال، التركيز على التغذية الراجعة هو مجرد توجُّه مؤقت قد تم تجاوزه منذ ذلك الوقت.
بطبيعة الحال، العديد من التوجهات في مكان العمل تأتي وتذهب، ولكنَّ المشكلة على وجه الخصوص في هذا التوجه هو أنَّه لم يحقق الهدف منه في اختلاق ثقافة مفتوحة وآمنة يتعلَّم منها الموظفون كيفية النمو والتطور.
ناهيك عن أنَّ تحسين التغذية الراجعة يجب أن يكون مسعى دائماً. فمن دونها، من الصعب أن نتخيل العمال يتحسنون ويتطورون، وفي نهاية المطاف، هذا سيؤدي إلى نجاح الشركات.
إذا كنا قد تعلَّمنا أي شيء من العام الماضي، فهو ألا نأخذ أي شيء من ظاهره فحسب. فمن أجل إعطاء وتلقِّي تغذية راجعة صريحة حقاً، يجب أن يشعر الناس بالسلامة النفسية، والثقة، والشفافية. ولا يمكن أن نَعُدَّ أياً منها أمراً مسلماً به. ويتعين على المنظمات أن تلتزم وتعمل معاً بانتظام لضمان كل هذه الأمور، ولوضع الأساس للتغذية الراجعة.
ثقافة حقيقية من التغذية الراجعة:
ما يجب تغييره هو كيفية تعامل المنظمات مع التغذية الراجعة؛ فلم يعد من الكافي أن نقول إنَّنا نريد أن نغرس ثقافة التغذية الراجعة، ثم نكتفي بمجرد تعديل وتيرة التقييمات أو تغيير نظام تقدير الأداء. والمفتاح إلى ثقافة التغذية الراجعة يتلخص أولاً في بناء ثقافة الثقة، التي تنشأ عبر الشفافية المستمرة والمتابعة من خلال القيادة.
هذا الأساس من الثقة يجب أن يكون موضع التنفيذ؛ وذلك حتى يشعر الموظفون والمديرون بالأمان في أثناء المحادثات الصادقة، التي تُتبادَل من خلالها التغذية الراجعة الحقيقية والإصغاء إليها والتصرف بناءً عليها. ولكنَّ القول أسهل من الفعل؛ وهذا هو السبب الذي يجعل شركات عدة تقدِّم كلاماً فقط عن تحقيق المساعي وتفشل في تغيير السلوكات.
إحدى الطرائق للبدء هي أن تقدِّم الموارد البشرية الكوتشينغ للموظفين في كيفية طلب وتلقِّي واتخاذ الإجراءات بناءً على التغذية الراجعة. وفي الوقت نفسه، قدِّم الكوتشينغ لمديريك في كيفية تقديم التغذية الراجعة بحيث ينظر الناس إليها على أنَّها بنَّاءة، بدلاً من جعل الموظف يشعر بحاجته إلى الدفاع عن نفسه أو بالغضب.
شاهد بالفديو: كيف تقدم تغذية راجعة بناءة في مكان العمل؟
على سبيل المثال، تخيَّل أنَّك تستعد لإجراء مكالمتين منفصلتين على تطبيق "زووم" (Zoom) واحدة للموظفين والأخرى للمديرين، إنَّ هذا يسمح للمشاركين بطرح الأسئلة والإعراب عن مخاوفهم.
وبعد أن تُنشئ المنظمة بيئة شفافة تتابع الالتزامات، عندها يمكنها العمل من أجل إنشاء ثقافة التغذية الراجعة. من الهام أن نلاحظ أنَّه لا يكفي أن يقيِّم القادة ما إذا كانوا قد أنشؤوا هذه البيئة أم لا، كما يجب عليهم أن يطلبوا من الموظفين تقييم ما إذا كانت ثقافة الثقة هذه قد أُنشئَت بالفعل.
هنا يأتي دور استطلاعات الموظفين؛ ففي مكان العمل الذي قد يتضمن قوة عمل منعزلة أو شخصية، فإنَّ استطلاعات الموظفين المنتظمة هي أفضل أداة في الموارد البشرية لتقييم شعور العمال.
ومن الممارسات الجيدة على وجه الخصوص أن تُضاف مربعات للتعليق على كل سؤال للسماح للعاملين بإعطاء الاقتراحات، والتغذية الراجعة المفيدة. وهذا يفيد فِرق الموارد البشرية إفادة كبيرة، ويساعد أيضاً على جعل الموظفين يشعرون بأنَّ صوتهم مسموع، وبأنَّهم ذوو قيمة.
ومن ناحية أخرى، تؤدي القيادة دوراً محورياً من خلال تجسيدها للسلوكات والترويج لثقافة غنية بالتغذية الراجعة. إذا لم يرَ الموظفون أنَّ قادتهم يعطون ويتلقون تغذية راجعة، فلن يُجبروا هم أيضاً على المحاولة. إنَّ التحلي بالصبر هام جداً هنا.
لن يحصل الموظفون والمديرون على تغذية راجعة صحيحة في كل مرة، ولكنَّنا مدينون لأنفسنا بالاستمرار معاً في هذه الرحلة الحرِجة. نعم سنرتكب أخطاء، ولكن تلك الأخطاء هي فرص تعلُّم أساسية.
إنَّ بناء وتعزيز قوة الثقة والشفافية والتغذية الراجعة هو محور تركيز أساسي للمنظمات. دعونا نلتزم جميعاً بجعل ثقافة التغذية الراجعة واحدة من أفضل ثلاث طرائق لقياس صحة برامج الأداء. وإذا كان موظفينا هم أهم ما لدينا "وهم بالفعل كذلك" فإنَّنا ندين لهم بذلك.
أضف تعليقاً