عندما تبحث عن وسم "السيلفي" سيظهر إجمالاً 103,363,119 صورة، دون احتساب الصور الخاصة، وتوجد تقديرات برفع نحو 50,000 صورة سيلفي كل ساعتين تقريباً، ويمكن عَدُّ هذه الأرقام الهائلة دليلاً على ما يسمى "هوس السيلفي"، وفي هذا المقال سنتعرف أكثر إليه، فتابعوا معنا.
ما هو السيلفي؟
أصبح مصطلح السيلفي متغلغلاً في ثقافتنا إلى درجة أنَّه لم يُدرَج فقط رسمياً في قاموس "أكسفورد" الإنجليزي، ولكنَّ "السيلفي" كانت كلمة العام لعام 2013 في قاموس "أكسفورد" الإنجليزي تصف فعل إمساك الفرد لكاميرا أو هاتف ذكي بيديه وأخذ صورة لوجهه.
لقد تم تشجيع السيلفي من قِبل أسماء بارزة من النجم الشاب "جاستن بيبر" إلى الرئيس "أوباما"، ومع تقدم التكنولوجيا وبرامج تعديل الصور، أصبح لدينا الخيار لتصفية الصور أو تحريرها حسب رغبتنا، وتُعَدُّ وسائل التواصل الاجتماعي الشهيرة مثل "إنستغرام" و"تويتر" و"فيسبوك" و"سناب شات" من أكثر المنصات تحميلاً لصور السيلفي.
ما هو الهدف من صور السيلفي؟
في معظم الأحيان، يرغب الناس في مشاركة تجاربهم مع الأصدقاء والعائلة، ومن ناحية أخرى، قد يظهر الأشخاص الذين ينشرون كمية زائدة من السيلفي كأنَّهم يعانون من النرجسية ويسعون إلى جذب الانتباه.
على سبيل المثال، توجد فتاة انفصلت مؤخراً عن شريكها وبدأت بتحميل كثير من صور السيلفي، فيمكن الاعتقاد أنَّها ترغب في جذب الانتباه إليها بوصفها عزباء؛ وذلك لأنَّها فقدت شخصاً هاماً بالنسبة إليها.
عندما تنتهي العلاقة، نميل إلى الشعور بالضعف والحاجة إلى نوع من التأكيد والراحة، ومن المثير للاهتمام ملاحظة الظروف التي قد تدفع الناس إلى التركيز أكثر على وسائل التواصل الاجتماعي.
الآن لدينا الخيار للتحكم في الطريقة التي نرغب في أن يراها الآخرون من خلال الصور، فمن خلال حركة السيلفي، يمكننا تحويل أنفسنا إلى من نريد أن نكون، فقد أصبح الإنترنت مكاناً يمكن للناس فيه أن يصبحوا "مشاهير" على وسائل التواصل الاجتماعي.
الحقيقة المتعلقة بالسيلفيتيس:
قبل بضع سنوات، انتشر مقال يزعم أنَّ الجمعية الأمريكية للطب النفسي قد صنَّفت التقاط السيلفي بوصفه اضطراباً عقلياً جديداً، وقامت الجمعية بتعريف "السيلفيتيس" على أنَّها "الرغبة القهرية التوكولوجية في التقاط الصور الذاتية ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي بوصفها وسيلة لتعويض نقص تقدير الذات ولملء فجوة في المشاعر.
قامت الدراسة بتقسيم الاضطراب إلى ثلاثة مستويات، ومن ذلك "السيلفيتيس الحدودي" و"السيلفيتيس الحاد" و"السيلفيتيس المزمن"، ولاحظت أنَّه في حين لا يوجد علاج للسيلفيتيس، إلا أنَّ العلاج السلوكي التصحيحي كان فعالاً.
للأسف، إنَّ حقيقة نشر المقال على "ذي أدوبو كرونيكلز" - موقع هزلي معروف - لفتت انتباه كثير من الناس، ولم تقم الجمعية الأمريكية للطب النفسي بتحديد هذا التصنيف، ويتفق معظم محترفي الصحة النفسية على أنَّه لا يوجد شيء خاطئ بشكل جوهري في نشر السيلفي.
في الواقع، أظهرت دراسة حديثة استعرضت عادات التقاط السلفي لدى 276 طالباً جامعياً أنَّه لا يوجد ترابط بين النرجسية ونشر السيلفي، فقد نشر الطلاب الذين حصلوا على درجات منخفضة في قياس النرجسية عدداً مماثلاً من السيلفي كما فعل الذين حصلوا على درجات عالية، وقدَّم بعض الطلاب أسباباً نرجسية لنشر السيلفي، لكن بالنسبة إلى الآخرين، كانت وسيلة للتواصل مع الآخرين أو تعزيز تقدير الذات الخاص بهم.
هل تخبر السيلفي شيئاً عن الصحة العقلية؟
صحيح أنَّ مقال "السيلفيتيس" كان مجرد هزل، ولكنَّه قد يحتوي على بعض من الحقيقة، خاصةً بالنسبة إلى أولئك الذين يقومون بنشر عشرات الصور لأنفسهم على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي يومياً.
يعطي التقاط وتحرير السيلفي الشخص الفرصة للتحكم في كيف يتم إدراكه؛ إذ يمكنه التركيز على الملامح التي يحبها أكثر بينما يقلل أو يخفي حتى الملامح التي لا يحبها، والنتيجة النهائية تكون بعيدة عن الأصالة، وقد لا تشبه الشخص إلى حد بعيد، ولكنَّها الصورة التي يشعر بها الشخص بالراحة في مشاركتها مع العالم.
بينما لا يعني ذلك بالضرورة أنَّ الشخص المهووس بالسيلفي نرجسي، إلا أنَّ هذه الرغبة في التحكم في انطباع المشاهد هي جوهرياً نرجسية، وكما هو الحال مع معظم الاتجاهات النرجسية، قد تغطي هذه الرغبة الأمان وتترك الشخص يشعر كأنَّه لا يقاس على معاييره الخاصة.
ما هي مخاطر الهوس بالسيلفي؟
الهوس بالسيلفي هو اتجاه حديث تزايد في مجتمعنا، فقد أصبح الناس اليوم أكثر هوساً بالتقاط السيلفي من أي وقت مضى، وأدت زيادة النرجسية على وسائل التواصل الاجتماعي إلى تفرُّغ الأفراد أكثر لأنفسهم والتركيز على مظهرهم الشخصي.
قد يكون ذلك خطيراً، فقد يؤدي إلى مشكلات مثل اضطراب صورة الجسم وانخفاض تقدير الذات، إضافة إلى ذلك، قد يؤدي الهوس بالسيلفي أيضاً إلى سلوكات خطيرة، فقد يضع الناس أنفسهم في مواقف خطرة للحصول على الصورة المثالية؛ لذا من الهام أن نكون على علم بمخاطر الهوس بالسيلفي واتخاذ خطوات لتجنب أن نصبح مهووسين جداً بها.
كيفية التعامل مع إدمان السيلفي:
أدى ارتفاع النرجسية على وسائل التواصل الاجتماعي إلى زيادة في إدمان السيلفي، وبالنسبة إلى بعض الأشخاص، يُعَدُّ التقاط السيلفي وسيلة لجذب الانتباه والشعور بالشهرة، لكن بالنسبة إلى بعضهم الآخر، قد يكون ذلك علامة على اضطراب صحي نفسي يُعرَف بـ "اضطراب الشخصية النرجسية"، والأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب مهووسون بأنفسهم ومظهرهم، ويحتاجون إلى تأكيد مستمر لذلك من الآخرين، وغالباً ما يكون لديهم شعور بالمطالبة.
إذا كانت الصور تميل إلى أن تستهلكك، يمكنك اتخاذ إجراءات للتعامل مع ذلك؛ فأولاً يمكنك وضع حدود لعدد المرات التي تشارك فيها السيلفي، وثانياً يمكنك التركيز على الجوانب الإيجابية في ذاتك بدلاً من السلبيات في أي وقت معين، ويمكنك أيضاً تجربة العلاج النفسي على يد محترف إذا كان ذلك ضرورياً.
اليوم الوطني للسيلفي:
يوم 21/ 6 من كل سنة هو اليوم الوطني للسيلفي، وبالبحث السريع عن الوسم على "إنستغرام"، ستظهر مئات الآلاف من الأشخاص وهم يبتسمون ويعبسون أمام كاميراتهم.
تُلتَقط بعضها خلال عطلات مشمسة، وتُلتَقط بعضها لوجوه تتعرق في صالة الألعاب الرياضية، لكن يحاول جميع الناشرين نقل صورة إيجابية عن حياتهم، وتُلتَقط جميعها من أفضل زوايا.
إنَّها شيء قام به البشر لفترة طويلة قبل أن تكتشف الألفية الجديدة كاميرا الهاتف الذكي ذي الوجه الأمامي، كما قد يشهد أي شخص وقف أمام تمثال لإمبراطور روماني أو لوحة زيتية تصوِّر ملكاً في العصر الستيواردي.
تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة مليئة بطرائق لتحسين صورتنا الذاتية بشكل متقن، سواء كان ذلك باستخدام فلتر "إنستغرام" أو "سناب شات"، وهذا يجعل وسائل التواصل الاجتماعي أكثر خطورة بالنسبة إلى الشبان الذين يسعون إلى إثبات أنفسهم من خلال صورهم السيلفي اليوم.
توجد مشكلة مع الجيل الأكبر تقول إنَّ جيل الألفية الجديد متعجرفون أو متمركزون حول أنفسهم، لكن إنَّ أكبر مشكلة هي أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي تبعد الناس عن العالم الحقيقي، ويشعر جيل الألفية بأنَّها تحتاج إلى أن تكون مثالية.
تنشئ وسائل التواصل الاجتماعي واقعاً بديلاً؛ إذ تُظهِر الناس بشكل مختلف؛ فيمكنهم تغيير أنوفهم أو عيونهم، وهذا أمر خطير حقاً، فعندما ينظر الآخرون إليها يتساءلون لماذا لا نبدو بهذا الشكل؟ هذه الصور ليست حقيقية، لا تصدق ما تراه على "إنستغرام"، وحاول أن تعيش حياة غير مثالية.
شاهد بالفديو: كيف تلتقط صورة سيلفي بشكل احترافي
الفرق بين السيلفي الصحي وغير الصحي:
نَشرُ كثير من صور السيلفي على "فيسبوك" و"إنستغرام" ليس مرتبطاً فقط بالنرجسية؛ بل قد يتحول إلى إدمان، فبعض الذين يعانون من إدمان للسيلفي حاولوا الانتحار عند عدم قدرتهم على الحصول على السيلفي المثالي.
1. السيلفي الصحية تُلتَقط بشكل نادر:
بينما لا توجد قاعدة صارمة تحدد متى يكون الكثير كثيراً، تصبح السيلفي مشكلة بالتأكيد إذا تم نشرها بشكل متكرر جداً، فإنَّ نشر صورة سيلفي على "فيسبوك" مرة كل بضعة أشهر يختلف تماماً عن نشر صورة سيلفي جديدة كل بضع ساعات أو حتى كل بضعة أيام.
2. السيلفي الصحية غالباً ما تتضمن أشخاصاً آخرين أو حيوانات أو معالم السيلفي:
التي لا تكون كلها عن التفاخر بالذات ستشمل أشخاصاً آخرين، أو حيوانات أليفة، أو مناطق ذات اهتمام، وربما لا يكون الشخص الذي يلتقط السيلفي هو محور اللقطة.
3. السيلفي الصحية غالباً ما تكون ذات هدف:
بالنسبة إلى صاحب العمل الذي يحاول تعليم شيء مفيد أو إيجابي، قد يكون التقاط السيلفي (خاصةً سيلفي الفيديو) جزءاً من العمل، ومع ذلك، بعض الناس يديرون أعمالاً من نشر الصور على "إنستغرام" وكسب المال من متابعيهم، ونظراً لوجود بعض المشاهير على "إنستغرام" تم الكشف عنهم بوصفهم مزيفين، فمن المحتمل أن يكون من الجيد الحصول على بعض المعلومات الشخصية عن الأشخاص الذين تتابعهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
في الختام:
يتحول إدمان السيلفي إلى مشكلة خطيرة على وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ يقوم الناس بأخذ السيلفي بشكل هوسي ونشرها على الإنترنت لجلب الانتباه، وهذا يؤدي إلى النرجسية على وسائل التواصل الاجتماعي، فيصبح الناس مهووسين بصورتهم الشخصية ويتجاهلون احتياجات الآخرين.
كما قد يكون للسيلفيتيس عواقب سلبية على الصحة العقلية، فالأشخاص الذين يعانون من إدمان السيلفي غالباً ما يشعرون بالشك ويحتاجون إلى التأكيد المستمر من الآخرين، وهذا يؤدي إلى انخفاض تقدير الذات والاكتئاب.
إضافة إلى ذلك، قد يكون لإدمان السيلفي تأثيرات سلبية في العلاقات، فعندما يكون الناس مدمنين على السيلفي، غالباً ما يقضون وقتاً أكثر على وسائل التواصل الاجتماعي من الوقت الذي يقضونه مع الأشخاص الفعليين، وهذا يؤدي إلى مشكلات في العلاقات، فيبدأ الناس بالتعلق بأصدقائهم على الإنترنت أكثر من أصدقائهم في الحياة الواقعية.
أضف تعليقاً