ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "جاستن براون" (Justin Brown)، والذي يُحدِّثنا فيه عن تجربته مع العزل الذَّاتي في ظلِّ جائحة كورونا.
إذا كُنتَ قلقاً من تأثيرِ تفشِّي جائحة فيروس كورونا في العالم، أقترحُ عليكَ أن تعود إلى ما كان يقولهُ "بيل غيتس" (Bill Gates) حول ذلك؛ فقد تحدَّثَ في عدّةِ مُناسباتٍ حول أنَّ جائحةً -مثل التي تحدثُ الآن- من أكبر التهديدات التي يُمكن أن يُواجهها العالم؛ لكنَّهُ كان في المُقابل يبعثُ رسالةَ أملٍ في أثناء خطابِه، حيثُ قال أنَّنا يُمكنُ أن نتجاوز هذه الأزمةَ من خلال عملياتِ إغلاقٍ مؤقتة، شريطةَ تمكَّن الدول من القيام بذلك بالشكلِ الصحيح.
لن أخبركَ في هذه المقالةِ عمَّا يتوجَّبُ عليكَ أن تُفكِّر فيه أو تفعله، لكنَّني أشاركها معكَ على أملِ أن تُلهمكَ كيفَ تتصرَّفُ خلال التباعدِ الاجتماعي الحاصلِ حالياً.
سأشاركُ أدناه ثلاثةَ أمورٍ أساسيةً يُمكنَك استغلالها، ثُمَّ سأشاركُكم بعض التأمُّلات التي أعيشُها في هذه الاوقات.
1. الصحة ودعم المناعة ومُمارسة الرياضة:
لقد كُنت مُسافراً مع أخي؛ لذا فأنا أقضي الحجرَ الصحيَّ معه حالياً، وقد قرَّرنا القيام بثلاثِ جولاتٍ من التمرينات الرياضية كُلَّ يوم وهي: تمرينات الكارديو (التمرينات الهوائية)، وتمرينات القوة واليوغا؛ وقد وجدنا بعض مقاطع الفيديو التعليمية الرائعة على اليوتيوب كي تُساعدنا في ذلك.
نحنُ نعتمدُ في تغذيتنا على الكثير من الخُضارِ والفواكه، ونتناول بعض الفيتامينات المُتعددة، ومُكملات فيتامين سي؛ بالإضافة إلى تناول الزنجبيل يومياً.
نحنُ محظوظان، فقد حظينا بدعمٍ من مُجتمعِ ملبورن لمساعدتنا في تلبيةِ احتياجاتنا من الخارج؛ لكنَّنا قرَّرنا عدم الإفراط في تخزين الطعام، والاكتفاء بما يغطي احتياجاتنا لبضعةِ أيامٍ فقط، كيلا نُشاركَ في التسابق نحو الشراءِ بدافعِ الهلع.
أنا لستُ خبيراً صحياً، وإنَّما أتلقى توصياتٍ من بعض أصدقائي الخُبراء في هذا المجال.
2. التعلُّم من المنزل:
هُناكَ الكثير من الكُتبِ والدورات عبر الإنترنت التي لطالما رغبتُ في الاطلاع عليها؛ ومن الرائعِ أنَّكَ تستطيعُ وأنتَ في العزلِ الذَّاتي أن تصلَ إلى أكثر الموارد قيمةً عن طريق جهازك المحمول.
إنَّ أهمَّ ورشةِ عملٍ قُمتُ بها عبر الإنترنت في فترةِ العزل الذَّاتي ورشةٌ اسمها "خارج الصندوق" (Out of the Box)، حيثُ تأخذكَ هذه الورشةُ في رحلةٍ عميقةٍ من التحوِّلِ الشخصي؛ لكن قد تكون هذه الورشةُ غير مناسبةٍ للجميع، فقد يجدها بعضهم مُواجهةً سهلة، لكنَّها صُمِّمت بهذه الطريقة كي تكون التغيُّرات التي تختبرها عميقة، دونَ أن تبتعدَ عن الحياةِ التي تعيشها في الواقع. كما يوجد عددٌ كبيرٌ من الورشاتِ المُشابهة على شبكةِ الإنترنت، في حال أردتَ الاطلاع عليها.
نحنُ نعيشُ وقتاً استثنائياً في هذه الأيام، حيثُ ستتغيَّرُ أمورٌ كثيرةٌ في العالم من حولنا؛ وهذه فُرصةٌ قد لا تتكرَّرُ كي تستفيدَ من هذا الوقت لتغييرِ نفسك نحو الأفضل.
3. تكثيف مُمارسة التأمُّل:
لقد قرَّرتُ أخيراً زيادة مُمارسةِ التامُّل، فقد كُنت أعتقدُ أنَّني غيرُ قادرٍ على القيام بذلك؛ لكن عندما تعلَّمتُ ذلك، وجدتُ الأمرَ غايةً في السهولة.
يعتمدُ نهج التأمُّلِ الذي أتَّبعهُ على التركيز على التنفس، حيثُ هناكَ العديد من تمرينات التأمل التي تعتمدُ هذا النهج، وأنا متأكدٌ من أنَّها تصلحُ لكثيرٍ من الناس.
يُبرز توجيهُ التركيزِ على شيءٍ ما بالنسبةِ إليّ، سِمةَ الناقدِ التي أمتلكها؛ فقد كُنت أطلقُ الأحكام على نفسي، وأتساءلُ إن كُنتُ أفعل ذلكَ بالشكلِ الصحيح، وأحاولُ أن أتيقَّن من كوني قد وصلتُ إلى حالةِ التأمُّل.
لذا قرَّرتُ أن أتبعَ نهجاً مُعاكساً، وهو أن أحاول الإصغاء إلى كُلِّ ما يجري من حولي دون تحديد هذه الأصوات، وأن أربطها لتُشكِّلَ "لحنَ الأغنيةِ التي أُحب".
بالإضافةِ إلى ذلك، كُنتُ أفعلُ الشيءَ ذاتهُ مع جسدي، وأستشعرُ ما يحدثُ في أجزائهِ المُختلفة، دون أن أحدِّد مشاعري تجاهها أو أُطلِقَ الأحكامَ عليها؛ كما كُنتُ أفعلُ الشيءَ ذاته مع تنفُّسي، وعندها لاحظتُ أنَّه لم يتوقَّف للحظة، رغمَ أنَّني لم أركِّز عليه.
أنا أستخدمُ هذه التقنية كي أسمحَ لأفكاري بالتدفُّق دون أن أُركِّز عليها، فأنا فقط أُراقبُ ما يدورُ في رأسي من أفكارٍ دونَ توقُّف؛ لكنَّني أتصرَّفُ حيالها كُمراقبٍ خارجيٍّ فقط، دون التدخُّل في مُحتواها.
أنتَ كائنٌ سيادي:
إنَّ الأزمةَ التي نمرُّ بها حالياً سيئةٌ للغاية بالنسبةِ إلى الكثير من الناس حول العالم، لكنَّ هذه الجائحةَ فُرصةٌ لتذكيرنا بأنَّنا كائناتٌ ذاتُ سيادة، فقد تعلَّمنا بسرعةٍ قياسيةٍ كيفَ نختبئُ في "حصوننا"، وكيفَ نبتعدُ عن بعضنا وننسحب من المُجتمع.
وعلى الرغم من أنَّ هذا سيأخذُ وقتاً، لكنَّنا قد بدأنا الانسحاب من الهيكلية الاجتماعية التي لطالما تحكَّمَت في طريقةِ تفكيرنا وتصرُّفاتنا وكياننا كَبشر.
عليكَ أن تسألَ نفسكَ وأنت معزولٌ عن بقيةِ العالم: ما الذي اكتشفتهُ في نفسك؟ وما العلاقاتُ التي تعني لكَ الكثير؟ وما الذي سيبقى لكَ عندما يختفي كلُّ شيءٍ من حولك؟
تجعلنا المواقعُ الالكترونية -خاصةً مواقعُ التواصل الاجتماعي- نُسخاً مُتطابقةً عن بعضنا، حيثُ يجري التلاعب بنا وبأفكارنا من قبلِ فاعلينَ أقوياء في هذا المُجتمعِ الافتراضي، ونجدُ أنفسنا مُسخَّرين لخدمةِ أجنداتٍ لا تمتُّ لنا بصلة.
لقد حانَ الوقتُ الآنَ لاستعادةِ قوَّتنا، ويجبُ أن نستفيدَ من سيادتنا على هذا الكوكب بكلِّ الطرائقِ المُمكنة.
أنا أقترحُ عليكَ أن تبحثَ عن مصادرِ إلهامك وتتبنَّاها في هذه الأوقاتِ العصيبة، كي تكونَ سيِّدَ نفسك، مهما اختلفَت السُّبلُ إلى ذلك.
أضف تعليقاً