يقول الكاتب زياد ريس في كتابه "تجربتي لحياة أفضل": إنَّ تحقيق هذه الغاية هو مسؤوليَّة جماعيَّة وليست مقتصرةً على جهةٍ دون أخرى، ولذا لا بُد من تضافُر جهود كبيرة من جميع مُكونات وفعاليَّات المجتمع المدني الرَّسمي والأُسري والهيئات التربويَّة بمختلف أشكالها في تحقيق هذه الغاية النبيلة.
تكريس السلوك الإيجابي:
إنَّ الذي أودُّ التركيز عليه هنا هو ضرورة أن نَصِل إلى آليَّة يصبح فيها السلوك الإيجابي عادةً ومَلَكَةً عند الطِّفل والشَّاب والفتاة، ومِن الطرائق الهامَّة لتكريس هذه العادات: تفعيل برامج العمل الجماعي المستمر والحياة الجماعيَّة المُبرْمَجَة على بثِّ هذه القِيَم والمبادئ في السلوكات اليوميَّة.
من ذلك - على سبيل المثال لا الحصر - إقامة المخيمات التربويَّة والترفيهيَّة؛ بحيث تتوفر لدى إدارة هذه المخيَّمات رؤىً واستراتيجيَّات تعمل من خلالها على بثِّ روح الإيثار والعطاء، وبث جوٍّ من التَّفاؤل والأمل، والتَّربية على العزيمة والمثابرة والإصرار، وتكريس فكرة الصبر واحتمال الآخرين، إضافة إلى غَرْس قيمة توجيه الشُّكر للآخرين، والتَّحلي بالصِّدق والأمانة والإخلاص، والعمل الجماعي واستيعاب الآخرين.
شاهد بالفديو: أحاديث الرسول محمد ﷺ عن الأخلاق
إلى ما هنالك من قِيَم وأفكار أخرى؛ بحيث تصبح عادةً لدى المشارك تظهر في سلوكاته، وأيضاً من خلال رَبْط تلك القِيَم الأخلاقيَّة والمبادئ بشكلٍ غير مباشر بالتَّعليمات والتوجيهات الدِّينيَّة السَّامية التي يحملها الطفل بين جَوانحه الغضَّة.
لكنْ من الأفضل أن يَتأتَّى ذلك من حيث الاستنتاج وليس التَّلقين، والأهم في الأمر أن تَترسَّخ هذه القِيَم لتُصبِح سلوكاً عملياً، وأن تكون رد فِعْل تلقائي أو مُبَادَرَة لاشعوريَّة؛ بحيث تتعمَّق عنده القِيَم الأخلاقيَّة من خلال مراجعاته الذَّاتيَّة لاحقاً من خلال ربطها بالتَّوجيهات الدِّينيَّة.
في النهاية يمكن من خلال الاطِّلاع على المجتمعات المتقدِّمة أن نرى أنَّ لديها عاملاً مشتركاً بدأ في الظُّهور خلال العقود الأخيرة، ألَا وهو تَدَنِّي وقلَّة مدَّة التَّدريس التقليدي التلقيني ضِمْن الصُّفوف المدرسيَّة، في مقابل ارتفاع المشاركات الجماعيَّة الخارجيَّة في نشاطات مُتعدِّدة، لا تخلو هذه النشاطات المُتنوِّعة ممَّا هو علمي أو استكشافي أو بحثي أو اجتماعي تحت مُراقَبَة دقيقة من كادر التَّعليم.
أضف تعليقاً