وفي هذا السياق، شهد سوق التدريب العالمي عبر الإنترنت هذا التغيير أكثر من أي مجال آخر، ومن المتوقع أن يصل القطاع الذي بلغت قيمته 2.19 مليار دولار أمريكي في عام 2022 إلى حوالي 6.79 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2031.
يعود سبب هذا الارتفاع إلى الطلب المتزايد على خدمات التدريب الافتراضية ومنصات الكوتشينغ عبر الإنترنت، والتي أدت التطورات الرقمية مثل الذكاء الاصطناعي وأدوات التواصل المتطورة إلى توسيع نطاقها. لا يتوسع مجال الكوتشينغ عبر الإنترنت فحسب، بل يزدهر وينمو بصورة متزايدة عبر الاستفادة من الرقمنة.
الهدف من المقالة هذه هو مساعدة الكوتشز الناشئين أو حتى المتمرسين الذين يرغبون بإعادة صياغة نهجهم، على إثبات حضورهم عبر الإنترنت.
أهمية إنشاء موقع إلكتروني للكوتش
جميعنا نعلم مدى أهمية الانطباعات الأولى، فتخيل الآن أنَّ عالم الإنترنت الشاسع هو عبارة عن حدث ضخم للتواصل، ما هو الانطباع الأول الذي ترغب بتركه؟ تكمن أهمية الموقع الإلكتروني في أنَّه يُظهر للعملاء المحتملين قيمة الكوتش سواء أكان ناشئاً أم حتى كوتش متمرس. يجب أن يتسم الموقع الإلكتروني للكوتش بما يلي:
1. المصداقية والإحترافية
يمنح الموقع الإلكتروني الكوتش المصداقية فوراً، مما يساعده على تعزيز حضوره عبر الإنترنت. وفقاً لدراسة أجراها موقع "إميرالد إنسايت" (Emerald Insight)، لجودة الخدمات عبر الإنترنت، بما في ذلك تصميم الموقع بإتقان، دور محوري في بناء الثقة مع العملاء، فإذا كان عليك الاختيار بين كوتش لديه موقع إلكتروني احترافي ومُصمَّم بإتقان، وآخر لديه صفحة على منصة "فيسبوك" (Facebook) فقط، فأيهما سيكون أكثر مصداقية بالنسبة لك؟
2. استعراض المحتوى والعروض
لا تقتصر أهمية الموقع الإلكتروني على التعريف بالكوتش فقط؛ بل يُستخدَم لعرض المحتوى والإعلان، ويُعد مساحة ليستكشف العملاء الخدمات التي يقدمها الكوتش. إلى جانب أنَّه يحتوي على مدونة، ويتم فيه التسجيل لحضور ندوات عبر الإنترنت، والاشتراك في النشرات البريدية الهامة.
العناصر الأساسية لموقع إلكتروني فعال للكوتشينغ
1. التزكيات
حتى لو تحدثت عن خبرتك باستفاضة، فلن تؤثر في الناس بقدر تأثير آراء العملاء الإيجابية عن خدماتك؛ إذ تشير الأدلة إلى أنَّ التزكيات تعزز معدلات تحويل العملاء المحتملين إلى عملاء دائمين بصورة ملحوظة. تفيد التغذية الراجعة الإيجابية في طمأنة العملاء، وغالباً ما تسلط الضوء على الجوانب التي تهم العملاء المحتملين. أظهر استطلاع أُجري عام 2012 أنَّ 72% من المستهلكين يثقون بالمراجعات عبر الإنترنت بقدر ثقتهم بالتوصيات الشخصية.
2. قائمة الخدمات والأسعار
المصداقية أساس نجاح العمل. لذا، حدد الخدمات التي تقدمها بوضوح، سواء أكانت جلسات كوتشينغ فردية، أم ورش عمل جماعية، أم دورات عبر الإنترنت، واحرص على ذكر الأسعار دون أن تُتعب العملاء لمعرفتها، وإلا ستخاطر بفقدانهم.
3. وضوح العلامة التجارية وبيان الرسالة
العلامة التجارية ليست مجرد شعار جذاب أو تصميم أنيق؛ بل هو وعد تقطعه لعملائك بتقديم الأفضل لهم. حدد فلسفتك في الكوتشينغ، والتغيير الذي تستطيع أن تُحدِثه في حياة العملاء، ووضِّح بيان رسالتك وقيمك، واشرح لماذا على العميل أن يختارك من بين الكثير من الكوتشز الآخرين.
شاهد بالفيديو: بناء علامة تجارية شخصية عبر الإنترنت
4. معلومات التواصل ونظام الحجز
سهِّل على الناس التواصل معك عبر إنشاء نظام سلس وسهل الاستخدام، سواء أكان لديهم استفسار أم يريدون حجز جلسة كوتشينغ. أنشئ نظام حجز فعال يعرف من خلاله العملاء الأوقات التي تكون متاحاً فيها ومواعيد الحجز، وهكذا لن يكون هناك حاجة لتبادل الكثير من رسائل البريد الإلكتروني.
أهمية تحسين محركات البحث
لنفترض أنَّك أنشأت موقعاً إلكترونياً احترافياً؛ ولكنَّه لا يظهر في نتائج البحث على الإنترنت. تكمن هنا أهمية تحسين محركات البحث (SEO)، والذي يعزز ظهور موقعك الإلكتروني في نتائج البحث؛ ذلك لأنَّ تميُّز الكوتش بات ضرورياً لنجاحه في ظل سوق عمل يزخر بالكوتشز.
لذا، في كل مرة يبحث فيها شخص عبر محركات البحث عن كوتش حياة في مدينتك أو عن أفضل كوتش أعمال عبر الإنترنت، فإنَّ تصنيف موقعك الإلكتروني في صفحات نتائج البحث سيؤثر في عدد الزيارات المجانية، وبالتالي في استقطاب العملاء المحتملين.
3 نصائح أساسية لتحسين محركات البحث في الموقع الإلكتروني الخاص بالكوتشينغ
1. ابحث عن الكلمات المفتاحية
اكتشف الكلمات التي قد يكتبها العملاء المحتملون في محرك البحث "غوغل" (Google) عند البحث عن خدماتك، ثم استخدم هذه الكلمات المفتاحية في المحتوى الذي تنشئه.
2. أنشئ محتوى عالي الجودة وذي قيمة ويؤثر في الجمهور
يزداد احتمال ظهور المحتوى الجديد في محرك البحث "غوغل"؛ لذا أنشئ مدونة يمكنك من خلالها مشاركة الآراء أو النصائح أو قصص العملاء.
3. تأكد من أنَّ الموقع الإلكتروني متوافق مع الأجهزة المحمولة
قد يدخل عدد كبير من المستخدمين إلى موقعك الإلكتروني عبر الهواتف الذكية، وإذا لم يكن الموقع متوافق مع تلك الأجهزة، فسيغادرونه على الفور.
يستغرق تحسين محركات البحث الوقت لتستفيد من نتائجه، لكنَّه سيؤثر تأثيراً كبيراً في تعزيز ظهور موقعك الإلكتروني في نتائج البحث.
فائدة وسائل التواصل الاجتماعي في الوصول إلى جمهور واسع
يتسع نطاق وسائل التواصل الاجتماعي وتشهد تطورات باستمرار؛ فلكل منصة سمات وفرص فريدة. لذا قبل أن تركز على إنشاء المحتوى، من الهام اختيار منصة التواصل الاجتماعي التي تود إثبات حضورك فيها.
تُعد إنستغرام مثلاً من أشهر المنصات البصرية، وتضم أكثر من 2 مليار مستخدم شهرياً. إنَّها منصة رائعة لمشاركة المحتوى التعليمي والملهم، سواء عبر نشر صور أم اقتباسات أم مقاطع فيديو. معظم مستخدمي إنستغرام ينتمون إلى جيل الألفية أو الجيل زد، والذين تتراوح أعمارهم بين 16 إلى 24 عاماً، لكنَّها تحظى بشعبية كبيرة أيضاً بين البالغين الشباب وفي منتصف العمر.
تُعد "فيسبوك" (Facebook) منصة أخرى مماثلة يمكنك استخدامها، والتي لا تزال المنصة الأكثر استخداماً في العالم، حيث بلغ عدد مستخدميها حوالي 3 مليارات مستخدم. تحظى هذه المنصة بشعبية كبيرة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 25 إلى 34 عاماً. ولكن، يستخدمها أيضاً مجموعة كبيرة من البالغين في منتصف العمر.
على الجانب الآخر، تجمع منصة "لينكدإن" (LinkedIn) المهنيين من مختلف مناحي الحياة، حيث يشكِّل جيل الألفية 60% من مستخدميه. لا تحظى مقاطع الفيديو باهتمام المستخدمين هنا؛ بل المنشورات التي تتضمن محتوى تعليمي وملهِم.
الخيارات كثيرة؛ ولكنَّ القاسم المشترك بين جميع هذه المنصات هو أنَّها تشكِّل مجتمعات تربط المستخدمين معاً. لذا، اختر المنصة الإجتماعية التي تنوي إثبات حضورك فيها بحكمة، وذلك استناداً إلى الجمهور المستهدف المناسب ونوع المحتوى الذي تستمتع بإنشائه.
6 استراتيجيات لإنشاء محتوى الكوتشينغ على وسائل التواصل الاجتماعي
1. التزكيات وقصص النجاح
عندما يروي عميل سابق تجربته بالعمل معك، فلا يدل ذلك على نجاحك فحسب؛ بل يفيد في إثارة اهتمام العملاء المحتملين بك؛ فالقصص هذه أمثلة حقيقية عن مدى فاعلية منهجية الكوتشينغ التي تطبِّقها.
2. إجراء الجلسات المباشرة وجلسات الأسئلة والأجوبة
تتميز الجلسات المباشرة بعفويتها، مما ينشئ تواصلاً صادقاً بينك وبين عملائك، ويسهِّل على العملاء المحتملين التفاعل وتقييم خبرتك والاستفادة منها.
3. تقديم محتوى ذي قيمة
حدِّد عرض البيع الفريد الذي تقدمه، مثل شرح معمَّق عن الذكاء العاطفي أو استراتيجيات فعالة لتحسين المهارات القيادية، وإنشاء محتوى عن هذه الأمور. تُعد الرسوم البيانية (infographics) أو المقالات الطويلة أو مقاطع الفيديو أو حتى المدونات الصوتية أدوات فعالة، وذلك لضمان الاستمرار في تقديم قيمة للعملاء.
4. إجراء استطلاعات الرأي والاختبارات والتحديات
حاول تعزيز اندماج جمهورك؛ إذ تساعد استطلاعات الرأي في الحصول على آرائهم، وتزودهم الاختبارات بمعلومات مفيدة، وتؤدي التحديات إلى تعزيز التواصل بينهم.
5. التعاون مع كوتشز أو مؤثرين
يتيح لك ذلك الوصول إلى جماهير متنوعة والتعلم ومشاركة المنهجيات.
6. الإعلانات والعروض الترويجية المدفوعة
إذا كنت قادراً على الاستثمار، فالإعلانات المدفوعة فعالة لتحسين مشروعك. ابدأ بإعلانات وعروض بسيطة، ثم حلِّلها، وعدِّلها، وبعدها توسَّع بها، وحاول تخصيصها لتناسب جمهورك المحدد.
4 طرائق لإثبات حضورك على الإنترنت دون استخدام وسائل التواصل الاجتماعي
1. النشر في المدونات واستضافة المقالات
يطمح كل كوتش إلى إثبات خبرته في مجاله، ويُعد النشر في المدونات من أكثر الاستراتيجيات فاعلية لتحقيق ذلك؛ فهو يتيح لك التعبير عن أفكارك ومشاركة آرائك والتفاعل مع قراء متعطِّشين لخبرتك.
وفقاً لاستطلاع أجراه موقع "هبسبوت" (HubSpot)، فإنَّ 60% من مستخدمي الإنترنت يقرؤون المدونات، وهو ما يبلغ حوالي 2.8 مليار قارئ؛ فسواء اخترت إنشاء مدونتك الخاصة أم نشر مقالاتك في مدونات أخرى، يُعد ذلك طريقة رائعة لزيادة الزيارات المجانية إلى موقعك الإلكتروني واستقطاب جماهير جديدة.
شاهد بالفيديو: كيف يمكنك كتابة محتوى مميز لموقعك؟
2. تقديم الندوات وورش العمل عبر الإنترنت
في عصرنا الرقمي هذا، لم تعُد تقيدنا الحدود الجغرافية؛ لذا فإنَّ الندوات عبر الإنترنت وسيلة فعالة للتواصل مع جماهير من جميع أنحاء العالم، وبالتالي تعزيز فرص نجاح مشروعك في الكوتشينغ، وهذا ما أثبتته دراسات مثل تلك التي أجراها موقعَي "ويبينار كير" (WebinarCare) و"زيبيا" (Zippia)، والتي كشفت عن أنَّ متوسط معدلات حضور الندوات عبر الإنترنت بلغ حوالي 40%. إلى جانب ذلك، تعزز الندوات هذه اندماج العملاء وتسهم في بيع حزم كوتشينغ إضافية.
يُعد تفاعل المشاركين معاً بعد انتهاء الندوة عبر الإنترنت وجلسات الأسئلة والأجوبة والتغذية الراجعة بمثابة قمع المبيعات؛ إذ تشير الدراسات إلى دور هذه الجلسات في رفع معدلات تحويل المشاركين إلى عملاء دائمين، حيث تسهم الندوات عبر الإنترنت في تحويل 20% أو حتى 67% من الحضور إلى عملاء، وذلك اعتماداً على المحتوى وأسلوب التقديم.
3. المدونات الصوتية
المدونات الصوتية هي إحدى الاستراتيجيات التي تحظى بشعبية كبيرة في الوقت الحاضر لإثبات حضور الكوتش عبر الإنترنت. ولكن، إن لم ترغب بإنشاء مدونة صوتية، فتستطيع أن تحلَّ ضيفاً في مدونة صوتية شهيرة.
وفقاً لشركة "إي ماركيتر" (eMarketer)، فإنَّ 54% من المستمعين يشترون الخدمة بعد سماع إعلان عنها من العلامة التجارية، الكوتش في هذه الحالة هو بحد ذاته يمثِّل العلامة التجارية، وتؤكد شركة "نيلسن" (Nielsen) على هذه النقطة مشيرة إلى دور الإعلان في المدونات الصوتية في تعزيز الوعي بالعلامة التجارية.
4. التسويق عبر رسائل البريد الإلكتروني
يُعد التسويق عبر رسائل البريد الإلكتروني استراتيجية فعالة لمشاركة أفكارك مع الآخرين مباشرة. أول خطوة لتحقيق ذلك هي إنشاء قائمة بريد إلكتروني تضم الأشخاص المهتمين بمشروعك. ابدأ التسويق بتقديم شيء يثير اهتمامهم مثل حكمة أو جلسة كوتشينغ مجانية أو كتاب إلكتروني مفيد، أو ربما دعوة حصرية لحضور ندوة عبر الإنترنت، لتحصل بعدها على عنوان بريدهم الإلكتروني، وتنشئ القائمة، وتعمل على إثارة انتباههم باستمرار.
التسويق عبر البريد الإلكتروني استراتيجية فعالة لاستقطاب العملاء؛ إذ أشار موقع "هبسبوت" إلى أنَّ العائد على الاستثمار بلغ 36 دولار مقابل كل دولار يتم إنفاقه؛ إذ يكفي أن تستمر في تقديم محتوى مثير للاهتمام.
قد لا تناسب هذه الاستراتيجية الجميع؛ لذا قسِّم المشتركين إلى فئات، وهو أسلوب يؤكد 78% من المسوقين الناجحين على فاعليته. حاول تخصيص رسائل البريد الإلكتروني لتناسب المشتركين، لتعزيز تأثيرها فيهم، وقدم دائماً ميزات لهم، مثل عروض خاصة أو لمحة عن خدماتك أو خصومات حصرية.
في الختام
يمكن القول إن إثبات حضور الكوتش على الإنترنت قد يكون تحديًا، ولكن من خلال الدليل الشامل الذي تم طرحه في هذا المقال، يمكن للجميع الإستفادة من الخطوات والنصائح لتحقيق هذا الهدف بكل سهولة ويسر. فلا تتردد في تطبيق النصائح والإرشادات التي تم طرحها هنا لتحقيق نجاحك وترسيخ حضورك الإلكتروني بكفاءة عالية. إذا ما إتبعت الخطوات بدقة وتمعن، فإن استمرارك في عالم الكوتشينغ على الإنترنت سيكون مضمونا وواضحا للجميع.
أضف تعليقاً