ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون "مارتن هيل" (Martin Hill)، ويُحدِّثنا فيه عن إلغاء جلسة الكوتشينغ.
لقد جاء الإلهام لكتابة هذا المقال من جلسة إشراف حدثَت معي للتو، فأنا لم أطلب إذناً من الكوتش على كتابتها فحسب؛ وإنَّما تأكدتُ أيضاً من حصولي على موافقة مسبَقة منها لنشر المحتويات؛ إذ نشأ هذا المقال من خلال محادثة مع أحد الكوتشز تَحدَّثنا فيها عن الوقت المناسب الذي يجب أن يلغي فيه الكوتش جلسة الكوتشينغ، وربما تكون فكرة إلغاء الكوتش جلسة ما أمراً مكروهاً بالنسبة إلى بعض الناس، لكن هذا أمر وارد.
تخيَّل أنَّك في طريقك إلى جلسة كوتشينغ واجهتَ أو شهدتَ أمراً محزناً أو مزعجاً، فماذا يجب أن يفعل الكوتش الأخلاقي والمهني في هذه الحالة؟ بصفتك كوتشاً أنت تحتاج إلى التأكد من أنَّك تستطيع أن تكون حاضراً تماماً في الجلسة، وهذا يعني أنَّه يجب عليك التأكد من قدرتك على إدارة الجلسة، وتجنُّب تشتت الأفكار أو العواطف والعمل بكامل طاقتك.
كشفَت هذه المناقشة أنَّ الكوتش قد فعلَت ذلك، ولكنَّها تصرَّفَت تصرُّفاً طبيعياً وسريعاً لدرجة أنَّها لم تدرك أنَّها حلَّلَت هذه العملية، فباستخدام أداة المؤلف "مايك كوب" (Mick Cope) للعمل والتوقف (Play/Pause Point tool)، التي تَحدَّث عنها في كتابه "أسرار النجاح في الكوتشينغ" (The Secrets of Success in Coaching)، والتي تشبه إعادة عرض الحادث بالحركة البطيئة لقطة بلقطة، وتقييم ما كان يحدث من الأفكار والمشاعر والأفعال، أثبتنا أنَّ الكوتش سألَت نفسها ما يأتي:
- كيف أشعر؟
- هل أنا جاهزة لبدء الجلسة بصفتي كوتشاً؟
- هل أنا متأكدة من أنَّني مستعدة؟
التركيز على الذات عند اتخاذ القرار:
ما أعجبني في الأفكار المذكورة آنفاً هو أنَّها ركَّزت على الذات أولاً، ولم تُشتِّت انتباهها الأفكار المتعلقة بمتلقِّي الكوتشينغ في البداية، ولقد أحببتُ السؤال الأخير الذي كان بمنزلة تأكيد لاستعدادها.
من الواضح أنَّ التأثير في متلقِّي الكوتشينغ يجب أن يُؤخَذ في الحسبان، ولكنَّ التفكير فيه مسبقاً قد يؤدي إلى عدم قدرة الكوتش على تقييم مشاعره وقدرته على إجراء الجلسة، وهذا بدوره يؤدي إلى الخلط بينه وبين الشعور بالذنب بسبب خذلان شخص ما.
ذكرَت الكوتش أنَّ هذا الحادث وقع معها قبل جلسة الكوتشينغ بـ (10-15) دقيقةً، وكان لديها شعور بالقلق بشأن إلغاء الجلسة قبل وقت قصير من بدايتها، ولقد طلبتُ من الكوتش أن تفكر ما الذي ستفعله إذا حدث معها خلاف ذلك، واتصل متلقِّي الكوتشينغ حينها واعتذر عن حضور الجلسة للأسباب نفسها، ثم سألتُها فيما إذا كانت بصفتها كوتشاً ستتعامل مع الموقف بنفس الإنسانية والتعاطف والمهنية.
يجب التأكد من أنَّك ستكون قادراً على إجراء الجلسة بحضور وتركيز كاملين، وإذا حدث أمر ما يحدُّ من قدرتك، فمن واجب الكوتش الأخلاقي والمهني أن يتصل بمتلقِّي الكوتشينغ ويقترح تأخير وقت الجلسة قليلاً، أو إلغاءها إلى وقت لاحق.
شاهد بالفيديو: خمسة نصائح لتقديم كوتشينغ ناجح
إظهار الحرص على العميل:
قد تقول: "حسناً، هذا أمر جيد، لكن كيف سأشرح ذلك للعميل؟"؛ أولاً، لا تنسَ أنَّه لديك الأحقِّية في الحفاظ على خصوصية الأمور التي تحدث معك، كما يفعل متلقِّي الكوتشينغ، لذلك لا توجد حاجة لشرح أسباب إلغاء الجلسة مع ذكر التفاصيل؛ بل فكر فيما تُظهِره وثائق الكوتشينغ الخاصة بك عنك.
على سبيل المثال، يجب أن تثبت لمتلقِّي الكوتشينغ أنَّك بصفتك كوتشاً ستحرص على التركيز عليه تماماً، وبأنَّك ستعمل بأفضل ما لديك من مهارات وقدرات، فهذا سيسمح لك باقتراح تحديد موعد آخر للجلسة؛ لأنَّك لا تستطيع الوفاء بها، وبأنَّك مدرك أنَّ هذا سيجعل الجلسة أقل فاعليةً.
إذاً، في الحالات النادرة التي يحدث فيها معك ظرف طارئ (مرض أو تأخر بسبب ازدحام مروري) لن يكون لمتلقِّي الكوتشينغ مشكلة مع ذلك، وسيُقدِّر الموقف، على الرغم من عدم مشاركتك للأسباب؛ وذلك لأنَّك عزَّزتَ توقعاته عنك بصفتك كوتشاً، ومن ثم عزَّزتَ الثقة والألفة فيما بينكما.
أهمية وجود اتفاق أو عقد:
تتمثل إحدى السمات المميَّزة الأساسية للكوتش الأخلاقي والمهني في أنَّه يوقِّع عقداً مع العميل للمساعدة على تحديد العناصر الأساسية للعلاقة، وأهم ميزة في أي عقد أو اتفاق هو أنَّه يحدد بوضوح وببساطة توقعات جميع الأطراف، ويضمن وجود مستوى ثابت ومشترَك من التفاهم، وفي عقود الكوتشينع، توجد أيضاً حاجة إلى التأكد من أنَّ الجوانب القانونية للعقد لا تتعدى على الإنسانية التي تتضمن بناء علاقة كوتشينغ وثيقة وفعَّالة.
لقد نص عقد الكوتش على أنَّ الكوتش ومتلقِّي الكوتشينغ لهما الحق في إلغاء الجلسة إذا أُرسِلَ إشعار بذلك قبل 48 ساعةً، وكان أحد الإجراءات التي تلت جلسة الإشراف هو أن يراجع الكوتش هذا البند في العقد لاستيعاب حقيقة أنَّه قد تحدث أمور غير متوقَّعة مع الكوتش ومتلقِّي الكوتشينغ، وقد يحتاج هذا إلى النظر في النفقات التي يتكبدها أي منهما، لكن من المحتمل حل هذا الأمر بسهولة.
في الختام:
ستوجد مواقف لن يكون فيها الأمر مناسباً فحسب؛ وإنَّما واجباً أخلاقياً ومهنياً، حتى يلغي فيها الكوتش جلسة الكوتشينغ، وتذكَّر أنَّك إنسان ويجب أن تحكم على نفسك بنفس الطريقة التي تحكم بها على متلقِّي الكوتشيغ عندما يواجه نفس الموقف، والآن، قد يكون الوقت مناسباً لمراجعة بند إلغاء جلسة الكوتشينغ الخاص بك في عقدك.
"يتطلب الأمر أحياناً الشعور بالحزن لتجربة السعادة، وضوضاء لتقدير الصمت، وغياباً لتقدير قيمة الحضور" - مجهول.
أضف تعليقاً