ما هو التهاب الكبد الحاد؟
يعدُّ التهاب الكبد الحاد من الأمراض الفيروسية التي تصيب الكبد فتسبب انتفاخه، الأمر الذي يبطئ من قدرة الكبد على القيام بوظائفه بصورة سليمة، وعندما نقول عن التهاب إنَّه حاد فهنا نقصد سرعة حدوثه وانتهائه؛ بمعنىً آخر سرعة حصول المرض والعدوى والسرعة في إمكانية شفائه ما لم يتطور الالتهاب ليصبح مزمناً.
من ناحية أخرى، فإنَّ الحديث عن الكبد يعني الحديث عن واحد من أهم أعضاء الجسم الوظيفية، ومن ثم فإنَّ إصابته بالتهاب وإن كان طفيفاً قد يودي بحياة المريض ما لم يتم أخذ التدابير المناسبة في الوقت المناسب، وتتنوع أسباب حدوث التهاب الكبد الحاد، وأهمها هو تعاطي المخدرات والمشروبات الكحولية لحد الإدمان.
يُقيَّم المرض من خلال أخذ جرعة من دم المريض وفحصها مخبريَّاً، للكشف عن وجود فيروس التهاب الكبد، أو من خلال الخزعات التي يتم أخذها من الكبد وفحصها تحت المجهر.
الفرق بين التهاب الكبد الحاد والمزمن:
يعد التهاب الكبد المزمن من الالتهابات طويلة الأمد التي تصيب الكبد وتستمر لعدة أشهر قد تصل إلى نصف سنة أو أكثر، وطوال هذه الفترة يحدث تآكل في خلايا الكبد وانهيار وتراجع حاد في المنظومة الوظيفية التي يؤديها.
أحياناً من الممكن أن يتطور المرض ليصبح سرطان كبد وفشلاً كاملاً فيه، ومن ثم الموت في حال لم تتم زراعة كبد آخر، أما التهاب الكبد الحاد فكما ذكرنا آنفاً فهو مرض فيروسي يحدث ويتطور وينتهي بصورة سريعة في حوالي شهر تقريباً، أما فترة احتضان المرض فتكون حوالي 7 إلى 10 أيام فقط، والأعراض في التهاب الكبد الحاد أخف وأقل خطورة ويمكن علاجها والسيطرة عليها بطرائق بسيطة نوعاً ما.
أسباب التهاب الكبد الحاد:
توجد عدة أنواع لالتهاب الكبد الحاد وهي A وB وC وD وE، ويعد التهاب الكبد الفيروسي A الأكثر شيوعاً من بين جميع الأمراض التي تصيب الكبد، يليها التهاب الكبد B، وفيما يأتي سنتحدث عن أهم أسباب التهاب الكبد الحاد مع شرح مفصل لكلٍ منها.
1. العدوى الفيروسية:
تعد العدوى الفيروسية من أهم مسببات الإصابة بالتهاب الكبد الحاد، فينتقل فيروس التهاب الكبد عن طريق الطعام والشراب الملوَّثَين، أو عن طريق البراز من الشخص المصاب إلى الشخص السليم، وتكون أعراضه من خفيفة وهي الأعراض التي تشبه الإصابة بالإنفلونزا، إلى شديدة الخطورة في حال تطوَّر المرض إلى مزمن وخطير.
غالباً ما يتم إجراء تحاليل للدم من أجل الكشف المبكر عن وجود التهاب الكبد وعن نوع الفيروس المسبب للالتهاب، ومن ناحية أخرى فقد تم ابتكار لقاح يؤخذ منذ الطفولة للوقاية من التهاب الكبد، ومن أبرز أنواع فيروسات التهاب الكبد هو إبشتاين بار وباللاتينية Epstein-Barr Virus، وهذا الفيروس يسبب الإصابة بكثرة الوحيدات العدائية.
2. الأدوية والسموم:
قد تتسبب بعض الأدوية في حدوث التهاب الكبد الحاد، ويعود ذلك إلى سُمِّيَّة تركيبها عند الإدمان، ويتطور الأمر إلى حدوث تلف كامل في الكبد ومن ثم خلل في وظائفه، أو حدوث سرطان كبد يفتك به وبأعضاء أخرى من جسم المريض، وليس هذا فحسب بل إنَّ السموم التي تنتقل عن طريق إبر الوشم أو المزينات التي توضع في الأنف وصرة البطن وغيرها من الأماكن والتي تتطلب إحداث ثقب في المنطقة المراد وضع المزينات فيها باستخدام إبر خاصة، ففي حال عدم نظافة هذه الأدوات ستكون الإصابة بالتهاب الكبد وغيرها من الالتهابات والأمراض حتمية.
3. الكحول:
تعد المشروبات الكحولية بشكل عام من أهم مسببات كثير من الأمراض التي تصيب الكبد والجهاز التنفسي، ولأنَّ الكبد تتم فيه عمليات استقلاب الجسم جميعها؛ فهو أول الأعضاء المعرضة للخطر عند الإدمان على الكحول، بسبب تلف خلاياه وتخدُّرها الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى تشمُّع الكبد ومن ثم إلى الهلاك.
ليس هذا فحسب بل إنَّ الإدمان على الكحول يؤدي أيضاً إلى الإصابة بالتهابات الكبد المختلفة سواء الحادة أم المزمنة حسب درجة إدمان المريض وفترة تعاطيه ومدة الإصابة بالمرض.
4. أسباب أخرى:
بشكلٍ عام كل العادات السلبية التي يقوم بها الشخص على فترات طويلة دون وعي أو إدراك لمخاطرها، تسبب التهابات مختلفة في أماكن متنوعة من الجسم، والكبد أهم هذه الأعضاء، وهو العضو المسؤول عن أغلب عمليات الاستقلاب، ومن ثم فإنَّ أي عادة غير صحية ستؤدي إلى إصابته بأمراض مختلفة.
على سبيل المثال ممارسة الجنس بطريقة غير شرعية وغير سليمة مع أكثر من شريك قد تسبب حدوث التهاب الكبد؛ بسبب انتقال الدم الملوث من طرف إلى آخر، أو الاشتراك في استخدام الأدوات الشخصية الحساسة كشفرات الحلاقة، جميع هذه العادات تؤدي إلى الإصابة بالتهاب الكبد الحاد من النوع C.
شاهد بالفديو: 8 أمور تضر بصحة الكبد
أعراض التهاب الكبد الحاد:
تتنوع الأعراض التي يمكن من خلالها الكشف عن الإصابة بالتهاب الكبد، بعضها يظهر بعد أيام من احتضان المرض وتسمى الأعراض المبكرة، وبعضها الآخر يظهر بعد تفاقم المرض أو في ذروة المرض وتسمى الأعراض المتقدمة، وفيما يأتي سنقدم لكم شرحاً مفصلاً لكليهما:
1. الأعراض المبكرة:
في الواقع تتنوع الأعراض التي تظهر عند الإصابة بالتهاب الكبد تبعاً لنوع الفيروس المسبب للالتهاب واستجابة الشخص المريض، وقد لا تظهر الأعراض المبكرة عند بعض الأشخاص، على خلاف آخرين من أصحاب المناعة الضعيفة والتي من الممكن أن تظهر مشابهة لأعراض الإنفلونزا العادية.
بالنسبة إلى التهاب الكبد A وC، فإنَّ الأعراض تكون خفيفة جداً أو قد لا تظهر أبداً، أما التهابي الكبد B وE فأعراضهما شديدة، وتبدأ الأعراض بشكلٍ مفاجئ وسريع، وهي:
- فقدان الشهية بشكل كامل.
- التوعُّك والوهن العام.
- التقيؤ.
- ارتفاع الحرارة والارتعاش.
- ألم في مكان وجود الكبد.
- فقدان الرغبة في التدخين لدى المدخنين.
- ألم بالمفاصل.
- حكة جلدية قوية.
- يصبح لون البول أصفر غامق والبراز داكن اللون.
- اصفرار بياض العينين والجلد (اليرقان).
2. الأعراض المتقدمة:
تظهر هذه الأعراض بعد ظهور المرض وتفاقمه، ووصوله إلى درجة متقدمة، في الحقيقة هي مضاعفات قد تحدث للمريض نتيجة تطوُّر المرض، مثل فشل الكبد بشكل كامل في إنتاج البروتينات التي تساعد على تخثر الدم، الأمر الذي يجعل المريض أقل استجابة للكدمات وسرعة تخثر الدم عنده خفيفة جداً.
إضافة إلى ذلك يصبح الكبد غير قادر على التخلص من المواد السامة في الجسم، وتصل هذه السموم إلى الدماغ وتسبب أضراراً كبيرة ويحدث ما يسمى الاعتلال الدماغي الكبدي، ومن الممكن أن تتراجع وتسوء حالة المريض أكثر ويدخل في غيبوبة، وفي بعض الأحيان قد يؤدي التهاب الكبد إلى الموت وخصوصاً لدى البالغين والمسنين، فيجب في مثل هذه الحالات زراعة كبد لضمان بقاء المريض على قيد الحياة.
تشخيص التهاب الكبد الحاد:
يشخِّص الطبيب التهاب الكبد من خلال الفحوصات السريرية، والتي يكشف من خلالها الأعراض الظاهرية، أما نسبة تفاقم المرض وشدته فتُحدَّد من خلال التحاليل المخبرية المتنوعة، وفيما يأتي سنقدم لكم شرحاً وافياً لكلتا الحالتين:
1. الفحوصات الطبية:
يشخِّص الطبيب وجود التهاب الكبد من خلال الفحص السريري للأعراض بعد سؤال المريض عن مدتها وملاحظة شدتها، وفحص الطبيب للمريض سريرياً بالضغط على البطن فوق منطقة الكبد، فيشعر المريض بألم ويمكن ملاحظة انتفاخ في الكبد عند أغلب الذين يصابون بالتهاب الكبد الحاد، ولكن لا يلاحظ إلا من خلال الفحص السريري الذي يجريه الطبيب، وبعد ذلك يوجِّه الطبيب المريض لإجراء التحاليل المخبرية؛ وذلك من أجل التأكد من كفاءة عمل الكبد.
2. التحاليل المخبرية:
يطلب الطبيب إجراء تحاليل الدم للمريض لتحديد نسبة الخمائر الكبدية والمادة الصفراء في الدم، ومدى كفاءة الكبد في أداء وظائفه الاستقلابية، فتساعد هذه التحاليل الأطباء على التمييز بين الالتهاب الناجم عن إدمان الكحول من الالتهاب الفيروسي، كما تساعد على تحديد درجة الالتهاب ونوع الفيروس المسبب.
علاج التهاب الكبد الحاد:
مثل سائر الأمراض التي يصاب بها الجسم، فإنَّ التهاب الكبد من الأمراض التي تتطلب تدابير متنوعة للعلاج وتختلف حسب درجة تفاقم المرض ونسبة استجابة جسم المريض وكبده للعلاج، ومن طرائق علاج التهاب الكبد الحاد نذكر:
1. الرعاية الذاتية ونمط الحياة:
تبدأ الرعاية الذاتية من الالتزام بتعليمات الأطباء من حيث نوعية الطعام والشراب، فيحتاج المصاب بالتهاب الكبد الحاد إلى نوع محدد من الطعام، يعتمد على السكريات البسيطة فقط لتجنب إجهاد الكبد، ولا يجوز تناول الطعام الدسم أو الحار، كما يُمنَع منعاً باتَّاً من تناول الكحول أو التدخين، إضافة إلى ذلك لا يسمح للمريض بتناول أي نوع من الأدوية دون استشارة طبية، ومن المتوقع أن يتم الشفاء الكامل بين حوالي ٤ إلى ٨ أسابيع دون الحاجة إلى حالة تدابير علاج خاصة.
2. العلاجات الدوائية:
توصف أدوية خاصة بالتهاب الكبد مخصصة لفئة معينة من المرضى حسب درجة تفاقم الحالة المرضية مثل الوارفارين أو الثيولين، ولكن في أغلب الحالات يبتعد الأطباء عن الأدوية ويستمر الالتزام بالعناية السريرية، ويُستخدَم أحياناً دواء الكولسترامين، ويعد فعالاً للتخفيف من الأعراض بشكل أسرع، ويعطى عن طريق الفم، مخالفاً لباقي الأدوية التي تؤخذ على شكل حقن.
3. العلاج بالتدخل الطبي:
في الحالات المتطورة من المرض قد يكون إجراء زراعة كبد أمراً محتوماً للحفاظ على حياة المريض؛ لأنَّ فشل الكبد يسبب أضراراً تصل للدماغ وتسبب الشلل أو دخول المريض في غيبوبة وصولاً للموت، وهنا يكون التدخل الطبي ضرورياً لإجراء عملية الزراعة ومتابعة حالة المريض بعدها.
الوقاية من التهاب الكبد الحاد:
من أجل الوقاية من التهاب الكبد الحاد يجب اتخاذ تدابير مختلفة، ومنها:
1. التطعيمات:
تؤخذ تطعيمات ضد التهاب الكبد للأطفال منذ الولادة وعلى مراحل متتالية، وذلك للوقاية من التهاب الكبد الحاد في سن مبكرة، ويؤدي التطعيم إلى ظهور أعراض يرقان خفيفة لدى الرضيع ويتم الشفاء منها خلال أسبوع إلى ١٠ أيام كأقصى حد.
2. النظافة الشخصية والغذائية:
كما ذكرنا في بداية مقالنا فإنَّ الغذاء الملوث أو الشراب الملوث يؤدِّيان إلى الإصابة بفيروس التهاب الكبد، كما أنَّ قلة النظافة الشخصية من أهم عوامل حدوث المرض وتفاقمه؛ لذا يجب الامتناع عن مشاركة الأدوات الشخصية مع أحد والاهتمام الشديد بتعقيمها ونظافتها، والالتزام بالقواعد الشرعية للممارسة الجنسية والامتناع عن تعدد الشركاء في الجنس، والانتباه إلى النظافة العامة بشكل عام.
3. تجنب استخدام المواد الضارة:
مثل الكحول والمخدرات والمشروبات الروحية، والابتعاد عن الوشم دون التأكد من نظافة أدوات الرسم والتعقيم قبل الاستخدام.
في الختام:
لقد قدمنا لكم معلومات شاملة ووافية عن التهاب الكبد الفيروسي الحاد، ونتمنى أن يكون مقالنا قد قدم لكم الفائدة المطلوبة.
أضف تعليقاً