ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، ويخبرنا فيه عن تجربته في التفكير تفكيراً مختلفاً عن المألوف.
هذا هو النموذج الذهني الأكثر شيوعاً عندما يتعلق الأمر بالبحث عن شيء ما؛ فنحن نميل دائماً للنظر إلى الإيجابيات، لكن عندما تبحث فقط عن الإيجابيات، أنت تخاطر بالتغاضي عن السلبيات، والتي قد تكون مكلفة للغاية.
من خلال دراسة النماذج الذهنية وأساليب التفكير للمستثمرين الأمريكيين وارن بافيت (Warren Buffett) وتشارلي مانجر (Charlie Munger)، تعلَّمتُ أنَّه من الهام تغيير الأسئلة؛ إذ عليك أن تجبر نفسك على النظر إلى السلبيات أيضاً بحيث يمكنك تجنبها.
لقد استمد المستثمر تشارلي مانجر إلهامه من عالم الرياضيات كارل جاكوبي (Carl Jacobi) في القرن الـ 19، والذي قال مقولته الشهيرة: "اعكس واقلب الموقف دائماً"؛ فالفكرة هي النظر إلى الأشياء نظرة عكسية أولاً؛ إذ يقول مانجر:
"العادة الذهنية المتمثلة في التفكير العكسي تفرض الموضوعية؛ لأنَّ إحدى الطرائق التي تفكر بها في شيء ما تفكيراً عكسياً هي أن تحاول دحض افتراضاتك الأولية؛ لكن هذا ليس ما يفعله معظم الناس بافتراضاتهم الأولية؛ بل يحاولون تأكيدها، فهو ميل تلقائي في علم النفس يُطلق عليه غالباً "تحيز الاستنتاج الأول"؛ لكنَّه مجرد ميل؛ إذ يمكنك تدريب نفسك على الابتعاد عن هذا الميل لدرجةٍ كبيرة؛ وذلك عبر دحض افتراضاتك الخاصة باستمرار".
لقد ابتكر مانجر طريقة للنظر إلى الحياة مستوحاة من هذه النظرية بقوله: "كلُّ ما أريد معرفته هو أين سأموت، كي لا أذهب إلى هناك أبداً".
فطالما أنَّنا على دراية بالنتائج السيئة، يمكننا بذل الجهد لتجنبها؛ لكنَّ المشكلة هي أنَّ معظم الناس لا يدركون ذلك أبداً؛ بل يحاولون جاهدين أن ينظروا فقط إلى الجانب الإيجابي متجاهلين الجانب السلبي.
شاهد بالفديو: 10 أسئلة من شأنها تحسين نتائجك في أي مجال
تطبيق التفكير العكسي على الأسئلة الهامة:
يستغرق الأمر بعض الوقت لتدريب نفسك على تغيير الأسئلة، فبعد سنوات من ممارسة هذه التقنية، كانت فكرتي الأولى هي النظر إلى الإيجابيات في شيء ما.
إليك فيما يأتي بعض الأمثلة، وكيف يمكنك تغيير السؤال:
- السؤال: كيف يمكنني جني مزيد من المال من الأسهم؟
- السؤال العكسي: كيف أتجنب خسارة المال في سوق الأسهم؟
- السؤال: كيف يمكنني أن أصبح أكثر لياقة؟
- السؤال العكسي: كيف أتجنب الإصابات؟
- السؤال: كيف يمكنني إنجاز المزيد؟
- السؤال العكسي: هل أنا أضيع وقتي حالياً؟
- السؤال: كيف يمكننا تطوير وزيادة أعمالنا؟
- السؤال العكسي: كيف نتجنب خسارة أعمالنا؟
عندما تنظر إلى فوائد أشياء معينة، لا تنس أن تنظر إلى الجوانب السلبية المحتملة لها، وحاول ألا تتأثر في المحتوى الشائع الذي يتحدث في الغالب عن الفوائد، فمن خلال تحدي نفسك للتفكير بموضوعية في السلبيات المحتملة دون السماح للخوف بالسيطرة عليك، ترى ما يتجاهله الآخرون، ويمكنك التخطيط والعمل وفقاً لذلك.
تجنب المبالغة في البحث عن النتائج الإيجابية أو السلبية:
بعض الناس لديهم ميل طبيعي للنظر إلى الإيجابيات، بينما يميل آخرون نحو السلبيات، ولا بدَّ أنَّك تعرف شخصاً متشائماً دائماً بشأن الاقتصاد والعالم، فتراه يتحدث دائماً عن حرب نووية محتملة، وعن التضخم المفرط، والاحتباس الحراري، وما إلى ذلك، ولكي نكون صادقين، لدينا مشكلات عديدة في العالم، وليس من الصعب أن تجعلنا تلك المشكلات أشخاصاً سلبيين، لكن لا بدَّ أنَّك تعرف شخصاً إيجابياً دائماً، فهؤلاء الأشخاص يغضبون إذا لم تبتسم وتبتهج كل الوقت.
كلانا يعلم أنَّ الإفراط في التفاؤل أو التشاؤم ليس أمراً واقعياً، لكن يجب أن تتبنى مفهوم "الوسط الذهبي"؛ هذا المفهوم قديم قدم الفلسفة، فمنذ بداية الحضارة الحديثة، كان الأشخاص الأذكياء يدعون للتوازن، ونحن ببساطة نحصل على نتائج أفضل إذا كانت لدينا نظرة متوازنة للحياة، مثل أن تستمر في مراقبة صحتك حتى عندما تعيش أسلوب حياة مكتَّظة بالعمل.
لذا انظر إلى نفسك: إذا كنت تبحث دائماً عن الإيجابيات، حاول أن تغير الأسئلة التي تطرحها، وإذا كنت تبحث دائماً عن السلبيات، انظر إلى الفوائد والجوانب الإيجابية للأشياء.
في الختام:
يقول الفيلسوف اليوناني الرواقي إبكتيتوس (Epictetus) في "كتابه خطابات" (Discourses) الذي أعود إليه دائماً عندما أعيد النظر في أفكاري وآرائي: "يمكن أن تكون آراء الآخرين ومشكلاتهم مُعدية، فلا تدمِّر نفسك من خلال تبنِّي مواقف سلبية وغير منتجة عن غير قصد من خلال ارتباطاتك بالآخرين".
نحن كائنات اجتماعية وسوف نطَّلع دائماً على اعتقادات الآخرين، فعندما لا تكون متأكداً من شيء، من السهل التأثُّر في الآخرين، لكن بإمكانك التفكير وحدك وبطريقتك الخاصة، وأن تكون يقظاً دائماً، وعندما تتبنى عادة تغيير الأسئلة، يمكنك التفكير "خارج الصندوق" وأن تبقى في الطليعة دائماً.
أضف تعليقاً