ما هو الكذب؟
- الكذب هو التعمّد في تزييف الحقائق بشكل جزئي أو كلّي، وقد يقوم الكاذب بخلق روايات وأحداث جديدة لم تحدث بقصد خداع من حوله لتحقيق هدف معين قد يكون ماديًا، أو نفسيًا، أو اجتماعيًا.
- الكذب عكس الصدق قد يكون الكذب في بعض الأحيان بسيطًا لكن طالما أنه يشوّه الحقيقة يبقى عمل مكروه من المجتمع والدين.
أسباب الكذب:
هناك العديد من الأسباب التي تدفع الشخص للكذب وتلفيق الحقائق، من أهم أسباب الكذب:
-
حماية النفس:
في الكثير من الأحيان يقوم الشخص بالكذب وتشويه لحقائق لتجنب العقاب فلو كشف الحقيقة قد يتعرّض للنقد وربما النبذ من محيطه الاجتماعي، والأطفال هم أكثر من يكذب لحماية أنفسهم.
-
تجنّب خيبة الظن:
خجل الشخص من أن تحبط أماله يدفعه أحيانًا للكذب، كما أنّه قد يكذب لتجنّب خيبة ظنّ الآخرين به فهو لا يتحمّل نظراتهم وعتابهم ولا يريد أن يتسبّب لهم الحزن، لذلك يلجئ إلى اختلاق الأكاذيب.
-
الانتقام:
الشخص الحقود الذي يرفض مسامحة من حوله يتعمّد الكذب على الناس الذين أساؤوا له وذلك للانتقام منهم، كما أنّ البعض يكذب بهدف ألحاق الأذية بهم وربما توريطهم في قضايا خطيرة.
-
لفت الانتباه:
قد يقوم الشخص بالكذب بدافع الحصول على انتباه من حوله، كما أنّه يكذب ويخترع القصص والروايات عن بطولاته حتى يثبت لمن حوله بأنه أفضل منهم ويتميّز عنهم، والكثير من الأطفال يكذبون بغية الحصول على اهتمام أبويهم.
-
الفضول:
أحيانًا يكون سبب الكذب دافع الفضول، فقد يكذب الشخص لمجرد مشاهدة ردة فعل الطرف الآخر على كلامه فهذا يرضي فضوله ويشعره بالمتعة دون أن يدركوا مدى التأثير السلبي للكذبة على الآخرين.
-
سوء التربية:
التربية القاسية التي تعتمد على الحرمان، والعقاب الشديد، والضرب تتسبّب في إجبار الطفل على الكذب فتكبر وتنمو معه هذه الخصلة، وعند الكبر يستمر في الكذب، واختلاق القصص، وتزوير الحقائق.
اقرأ أيضاً: الكذب عند الأطفال – أسبابه – أهم النصائح للتعامل معه
علامات تدل على أن الشخص يكذب:
تظهر على الشخص الكاذب مجموعة من العلامات الجسدية والنفسية تُظهر بأن الشخص لا يقول الحقيقة، أبرز هذه العلامات:
- زيغ البصر: العيون مرآة القلوب، والشخص الكاذب يدرك هذا الأمر تمامًا لذلك يحاول ألا ينظر إلى عيون الآخرين أثناء الحديث.
- استخدام كلمات قليلة: الشخص الكاذب يدرك أن الكلام الطويل والمفصّل قد يوقعه في ثغرات تكشف كذبه، لذلك يستخدم أقل عدد ممكن من الكلمات لكن في بعض الأحيان قد يكثر الكاذب من الكلمات ويشعّب الأحداث ليربك المستمع وليثبت أنه صادق.
- التكلف العصبي: توحي الشخصية الجدية بالصدق، لذلك يميل الكاذب إلى تكلّف منظر الجاد لاسيما في تعابير وجهه، وحركات جسده، لكن أحيانًا يكشف عن نفسه ببعض الحركات اللاإرادية كمسح النظارة، ولمس الوجه.
- التكرار: يقوم الشخص الكاذب بتكرار الجمل واستخدام نفس الكلمات مرات متتالية دون أن يشعر، كما أنّه يحاول أن يسند حديثه بمجموعة من المُبرّرات لكي يثبت لمن حوله بأنه صادق.
- التعميم: من العلامات الواضحة التي تدلذ على أنّ الشخص يكذب استخدامه أسلوب التعميم، فهو يحاول أن يقحم الأشخاص بحديثه بهدف تجنّب المسؤولية، وللتهرّب من تحمل نتيجة أفعاله.
- تجنب الإشارة إلى الذات: يلاحظ على الشخص الكاذب أنه لا يستخدم كلمة (انا) ويقول بدلًا منها (نحن، الناس، معظم) فهو بذلك يحاول أن يتنصّل من كذبه، ويرميه على الآخرين.
- إطلاق كلمات الاستخفاف بالأخرين: الشخص الكاذب لا يمتلك أخلاق عالية، لذلك يتعمّد أن ينسب للآخرين تصرفات وأقوال رديئة خصوصًا رذيلة الكذب، الشخص الكاذب سريع النسيان وقد يفضح نفسه بنفسه من كثرة أكاذيبه.
اقرأ أيضاً: أهم التصرفات التي يقوم بها الشخص الكاذب
أضرار الكذب على حياة الفرد والمجتمع:
في الحقيقة إن الكذب آفة اجتماعية خطيرة فهي تلحق أضرار كثيرة في حياة الفرد والمجتمع، يمكن حصر هذه الأضرار في:
- السمعة السيئة: الشخص الكاذب يفقد احترامه وسط الناس فلا أحد يصدق ما يقوله حتى ولو كان ينطق بالحق، كما وتصبح شهادته غير مقبولة لأنه دائم الكذب.
- الوقوع في مواقف محرجة: الشخص الكاذب يتعمّد اختلاق الأكاذيب طوال الوقت ويتشعّب في ذكر تفاصيل الأحداث والقصص، وبعد قليل ينسى ما قاله فيقع في مواقف محرجة ويصبح مثار سخرية الناس.
- فقدان ثقة الناس: استمرار الشخص في اختلاق الأكاذيب وعدم الوفاء بكلامه وعهوده يفقده ثقة الناس به، فلا يؤمنّون عليه، ولا يعتمدون عليه في أي شيء.
- تضييع الجهد والتشتت: الشخص الكاذب يمضي ساعات طويلة وهو يفكّر بحيله وقصصه الوهمية، وهذا ما يبدّد جهده ويشتته، ويضيّع وقته دون أي فائدة.
- الاستهتار بحقوق الناس: في كثير من الأحيان يكون الكذب سببًا في إيقاع الظلم بالناس البريئين، فطمس الحقائق والإدلاء بشهادات الزور قد يودي بهم إلى السجن والعقاب الشديد.
- انعدام الضمير: الشخص الكاذب مستعد أن يبيع ضميره في سبيل تحقيق مصلحته الشخصية فيموت قلبه، ويقوى الشر بداخله فلا يخاف من خالقه، ويحرم من طعم الإيمان والراحة.
- الاضطرابات النفسية: يؤثر الكذب على الحالة النفسية للشخص لأنه يبقى خائف ومتوتر من أن يفتضح أمره، وهذا ما يعرّضه أيضًا لارتفاع ضغط الدم والسكري، والصداع المزمن، والأرق.
- نشوء العداوات: الشخص الكاذب يورّط الناس بمكائد، وينشر الفتن والإشاعات الخاطئة، وهذا ما يؤدي إلى نشوء العداوات والكراهية بين الناس.
- إفساد المجتمع: يلعب الشخص الكاذب دورًا كبيرًا في إفساد المجتمع فكثرة الكذب يؤدي إلى إخفاء الحقائق، وتضليل العدالة، ونشر الظلم.
معلومات عن الكذب المرضي:
- أكّد الأطبّاء والباحثين بعد العديد من الدراسات العلمية أنّ الكذب قد ينجم عن مرض نفسي، فالكذب هنا يكون عبارة عن سلوك قهري يكون فيه الفرد مدركًا بأنه يقوم بفعل خاطئ عندما يلفق الأكاذيب لكنه يستمر به، كما أنّه لا يتردّد في الاعتراف بأنها كذب عند مواجهته بذلك.
- أما في الحالات المزمنة يكون الميل عنده للكذب دون وجود ظرف يستدعيه لإخفاء الحقائق فلا يعيش تحت ضغط اجتماعي لا يقدر عليه، ولن يتعرّض لأي عقاب إذا أفصح بالحقيقة.
- الكذب المرضي قليل الانتشار لكن هناك دراسة علمية تؤكّد أن هناك ما يقرب 1 من كل 1000 من المراهقين المخالفين للقانون يعاني منها، وجدت الدراسة أنّ متوسط عمر البداية بالكذب فيهم هو 16 عامًا، وأن 30% منهم عاشوا في بيئة منزلية مضطربة، أو أنّ أحد الوالدين مصابًا باضطراب عقلي، و40% من الحالات مصاب بأحد اختلالات الجهاز العصبي المركزي، أو تعرّض مسبقًا لإصابات في الرأس.
رأي الديانات السماوية بالكذب:
حثّت الديانات السماوية اليهودية، والمسيحية، والإسلامية على الالتزام بالأخلاق الحميدة ونبذ الكذب بكل أشكاله فهو من المُحرّمات حيث يذكر العهد القديم "لاَ تَسْرِقْ، وَلاَ تَكْذِبْ، وَلاَ تَغْدُرْ بِصَاحِبِكَ" "وَهَذَا مَا عَلَيْكُمْ أَنْ تَفْعَلُوهُ: لاَ تَكْذِبُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَاحْكُمُوا فِي سَاحَاتِ قَضَائِكُمْ بِالْعَدْلِ وَأَحْكَامِ السَّلاَمِ"، وقد ورد في القرآن الكريم في سورة غافر "إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب"، وورد الكذب في سورة الحج "وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ".
كيف تتعامل مع الشخص الكاذب؟
الشخص الكاذب قد يكون زوج، أو زوجة، أو ابن، أو ابنة، أو أخ، أو أخت، أو جار، أو صديق، أو زميل، وهذا ما يجعل التعامل معه أصعب فأنت غير قادر على تجاهله أو أن تتجنبه، لذلك كان لا بد من التعامل معه وفق وسائل معينة سنتعرف عليها فيما يلي:
- قد يدفعك الشخص الكاذب أحيانًا إلى فقدان أعصابك وإدخالك في موجة غضب هنا نطلب منك أن تتحلّى برباطة الجأش، وأن تصبر عليه فهناك أسباب خفيّة وراء تحريفه للحقائق، لذا حاول أن توضح له بصورة غير مباشرة أن الصدق والشفافية ستصحّح الأمور، وستوطدّ علاقاته مع الناس، أما الكذب سيهدم كل مشاعر الحب والاحترام معهم.
- حتى تنجح في التعامل مع الشخص الكاذب عليك أن تكون مثال أعلى في الصدق لذا احذر من أن تكذب عليه أو أن تخفي الحقائق عنه، تعامل معه بصدق في القول والفعل، وأوفي بعهودك، وأعطي الأمانات لأصحابها، سلوكك الحسن سيقنعه بضرورة التخلي عن صفة الكذب بشكل نهائي.
- لا تحقد على الشخص الكاذب، وتجنّب إحراجه، أو فضحه أمام الناس بل تعامل معه بكل احترام، وابحث عن أعذار له فهناك أسباب عديدة حول انغماسه بعادة الكذب، حاول أن تشعره بالأمان وأخبره بأنك ستقف إلى جانبه مهما يحدث، سيشجّعه هذا على قول الحقيقة، وتجنّب الكذب في المرات اللاحقة.
- عندما يتعمّد الشخص الكاذب الاستمرار في اختلاق الأكاذيب، ويتمسّك في رفضه الاعتراف بالحقيقة قم بمواجهته، وقدّم له كل الأدلة والبراهين التي تثبت صدق كلامك، وزيف كلامه، بالتأكيد سيتراجع عن موقفه، وسيتجنّب الكذب في المرات اللاحقة.
- هناك أمر يجب أن تعرفه عندما تبدأ في التعامل مع الشخص الكاذب، أنّ الكذب صفة وعادة متأصّلة فيه، وعملية تغييرها تتطلّب وقت طويل، لذا لا تيأس في البداية، ولا تنتظر نتائج سريعة بل اصبر، واجتهد، صدّقني مع الوقت سيتغيّر كل شيء، وستنجح في تخليصه من الكذب ليحلّ الصدق والشفافية مكانه.
- في حال جرّبت كل الطرق السابقة ولم تجد أي نتيجة هنا لا بد من استشارة الطبيب المخّتص فقد يكون الكذب ناتج عن مرض نفسي، لذا انصح الشخص في زيارة عيادة الطبيب ليشخص حالته ويصف له العلاجات السلوكية المناسبة، سيساعده هذا على التخلص من الكذب بشكل نهائي.
اقرأ أيضاً: 4 طرق فعّالة للتعامل مع الشخص الكاذب
أقوال عن الكذب:
- "الكاذب لا يصدق حتى ولو قال صدقًا" شيشرون
- "تستطيع أنّ تخدع كل الناس بعض الوقت أو بعض الناس كل وقت ولكنك لا تستطيع أنّ تخدع كل الناس كل الوقت" إبراهام لنكولن
- "الموت مع الصدق خير من الحياة مع الكذب" أرسطو
- "يكره الناس من يضطرونهم إلى الكذب عليهم" فيكتور هيغو
- "ليست عقوبة الكذب أنّ الناس لا يصدقونه بل أنهُ هو لا يستطيع أن يصدق الناس" جورج برناد شو
- "إنّ هناك لحظة في الحياة نكره فيها الكذب أشد الكرة أنها اللحظة التي يكذب فيها علينا أحدهم" أندرية روسان
- " لست منزعجًا لأنك كذبت علي، لكنني منزعج لأنني لن أصدقك بعد هذه المرة". نيتشه
الكذب آفة لا بد من القضاء عليها حتى يعيش الفرد حياة خالية من المتاعب كما ويجب أن يتحلّى بالصدق في الكلام، والصدق في الأفعال، بذلك سيكسب السمعة الحسنة وسط الناس.
المصادر:
أضف تعليقاً