إنَّ الشخص الذي يقوم بهذه المهام والذي تحرص الكوادر التربوية على وجوده بين صفوفها يدعى الاختصاصي الاجتماعي، وهو المسؤول عن حل المشكلات الاجتماعية التي تعوق المدرسة عن أداء دورها التربوي والتعليمي، فما هي واجبات ودور الاختصاصي الاجتماعي في المدارس؟ هذا ما سنعرفه في هذا المقال.
من هو الاختصاصي الاجتماعي؟
قبل الحديث عن واجبات ودور الاختصاصي الاجتماعي في المدارس لا بد من التطرق إلى التعريف بهذه الشخصية، وعليه فإنَّ الاختصاصي الاجتماعي هو الشخص الذي يقوم بتطبيق مبادئ الخدمة الاجتماعية التي تعلَّمها أكاديمياً خلال سنوات دراسته، ولا تكفي حيازته المعلومات النظرية فقط؛ بل يجب عليه امتلاك مهارات تطبيقها على أرض الواقع وتوظيفها في تنفيذ الخدمات الاجتماعية.
إنَّ مفهوم الخدمة الاجتماعية يعني مجموع الخدمات التي يقدمها اختصاصي مؤهل للأفراد تساعدهم على التعامل مع المشكلات الاجتماعية والنفسية التي تعترض طريقهم في المساهمة بشكل فعال في الحياة وفي المجتمع، ومن ثمَّ فإنَّ الاختصاصي الاجتماعي في المدارس هو الشخص الذي يمتلك المعلومات الأكاديمية للخدمة الاجتماعية والمهارات اللازمة من أجل توظيفها في تقديم الخدمات الاستشارية للطلبة من أجل مساعدتهم على التغلب على العقبات النفسية والاجتماعية التي تحول بينهم وبين تحصيلهم العلمي الفعال.
ما هي مبادئ الخدمة الاجتماعية؟
إنَّ مبادئ الخدمة الاجتماعية هي مجموعة البنود التي يلتزم بها الاختصاصي الاجتماعي في تعامله مع أفراد المجتمع، وإنَّ هذه المبادئ ترتكز على عنصرين أساسيين هما طبيعة الإنسان الذي يتم التعامل معه، وفلسفة التغيير، ومن ثمَّ يمكن تحديد مبادئ الخدمة الاجتماعية بما يأتي:
1. التقبُّل:
يعني إظهار الاختصاصي الاجتماعي الود والارتياح للعميل دون إطلاق أيَّة أحكام عليه، ومن ثمَّ فإنَّ العميل سيرد له المشاعر بمثلها، فتُفتح بينهما قنوات التواصل الصريح الفعال والبعيد عن الدفاع والاتهام.
2. المساعدة الذاتية:
هي من أهم مبادئ الخدمة الاجتماعية، وفيها يكون العميل جزءاً من حل المشكلة والعنصر الأساسي في التغيير، فيكون عمل الاختصاصي الاجتماعي مع العميل لا من أجله.
3. حق تقرير المصير:
هو مبدأ أثار جدلاً كبيراً بين مبادئ الخدمة الاجتماعية، ويعني منح العميل المؤهل حرية اختيار مقيدة بمعايير محددة تتوافق مع المجتمع وفلسفة المؤسسة.
4. المشاركة:
يشرح هذا المبدأ من مبادئ الخدمة الاجتماعية دور الاختصاصي الاجتماعي بوصفه مشاركاً في عملية حل المشكلة عن طريق تزويدهم بمعلوماته وخبراته التي توجه الأفراد نحو فهم أنفسهم وفهم أبعاد المشكلة.
5. السرية:
هي من أهم مبادئ الخدمة الاجتماعية؛ وذلك لأنَّ عمل الاختصاصي الاجتماعي غالباً ما يكون في التفاصيل الدقيقة والخاصة من حياة الناس.
6. العلاقة المهنية:
فيها يتم توضيح الرابط بين الاختصاصي الاجتماعي والعميل، فالعلاقة بينهما مبنية من أجل تحقيق هدف محدد وتتفكك بإتمامه.
شاهد بالفيديو: كيف تبني علاقات عمل جيّدة؟
ما هي صفات الاختصاصي الاجتماعي؟
فيما يأتي صفات الاختصاصي الاجتماعي التي تساعده على أداء دوره في تقديم الخدمة الاجتماعية والتي نستطيع تقسيمها إلى صفات شخصية وصفات عقلية وأخرى مهنية.
1. صفات الاختصاصي الاجتماعي الشخصية:
إنَّ الاختصاصي الاجتماعي عموماً والاختصاصي الاجتماعي في المدارس يجب أن يتمتع بصفات شخصية مميزة؛ وذلك لأنَّه يكون قدوة للعملاء الذين يتعامل معهم، ومن أهم هذه الصفات:
- القدرات الصحية والجسدية السليمة التي تساعده على أداء واجباته بسهولة وتبعد عنه مشاعر شفقة العملاء ورثائهم.
- النضج والاتزان الانفعالي والذكاء العاطفي الذين يمكنونه من ضبط نفسه وإدراك الحقائق.
- الذكاء الاجتماعي والقدرة على التعبير والإقناع والتصوير والتشبيه، هذه الصفات التي تساعده على تحويل المعارف التي يكتسبها إلى مهارات مهنية.
2. صفات الاختصاصي الاجتماعي العقلية:
تكمن صفات الاختصاصي الاجتماعي العقلية في قدرته على إبداع حلول مناسبة للمشكلات التي تعترض طريق عملائه، والقدرة على التخيل ورسم السيناريوهات الذهنية، وتقييم القدرات العقلية والاجتماعية للعميل واستنباط نمط شخصيته، فضلاً عن سرعة البديهة.
3. صفات الاختصاصي الاجتماعي المهنية:
عن الصفات المهنية للاختصاصي الاجتماعي نذكر:
- حب الاطلاع والمعرفة بآخر المستجدات ضمن اختصاصه الذي يساهم في تطوره المهني.
- إتقان المهارات الضرورية لممارسة عمله مثل تقدير مشاعر الآخرين ومهارة استخدام الموارد ومساعدة الآخر على التعبير عن ذاته.
- الموضوعية في العمل التي تبعده عن التطرف في معالجة القضايا.
- التعلم والاستفادة من التجارب السابقة وتوظيفها بوصفها خبرات ومهارات في التعامل مع الحالات التالية.
ما هي مهارات الاختصاصي الاجتماعي في المجال المدرسي؟
إنَّ مهارات الاختصاصي الاجتماعي في المجال المدرسي هي مجموعة من المتطلبات الواجب توفرها في الشخص المقدِّم للخدمة الاجتماعية في المدرسة ليجيد تقديم الخدمة للطلبة، ومن أهم هذه المهارات:
1. مهارة الاستماع الجيد:
تعني إعطاء الطالب وقتاً في شرح مشكلته دون مقاطعة وإبداء تعابير لغة جسد تدل على الاهتمام.
2. التقبُّل والتعاطف:
من أهم مهارات الاختصاصي الاجتماعي وهي مفتاح قبوله من قِبل الطالب؛ إذ يجب على الاختصاصي الاجتماعي تفهُّم دوافع التلميذ والتعاطف معه ومع أخطائه، وهذا لا يعني الدفاع عنه فيما لو كان مخطئاً؛ إنَّما تجنُّب جلده وتأنيبه ومساعدته على التسامح مع نفسه كخطوة أولى على طريق إصلاحها.
3. مهارات التواصل الفعال:
نقصد التواصل اللفظي والجسدي الذي يُشعر الطالب بالأريحية ويدفعه إلى استكمال المهمة التي بدأ بها.
4. مهارة الصبر:
هي من أهم مهارات الاختصاصي الاجتماعي في المجال المدرسي التي يجب أن يتحلى بها وخاصةً في الحالات المعقدة التي تشهد انتكاسات عديدة وتتطلب الكثير من الوقت والجهد لحلها.
5. مهارة التنظيم وإدارة الوقت:
هي من المهارات التي تساعد الاختصاصي الاجتماعي في المجال المدرسي على التوفيق بين عملائه في المدرسة وبين مهامه الحياتية وتعينه على ترتيب أولوياته في الحياة والعمل.
6. مهارة التفكير النقدي:
هي من المهارات الضرورية لمعالجة القضايا بشكل محايد ودون تحيُّز، وتسمح للاختصاصي بتحليل المعلومات التي يحصل عليها من الطالب والاستعانة بها للوصول إلى نتيجة معينة.
7. مهارة الرعاية الذاتية:
هذه المهارة ضمن مهارات الاختصاصي الاجتماعي تُعَدُّ سر الاستدامة في العمل، وتعني تخصيصه وقت لنفسه والترويح عنه من مشكلات العمل وإرهاقه، فالاختصاصي يتعرض لاستنزاف عاطفي كبير في أثناء استماعه وتعاطفه مع العملاء والطلاب، وهذا يتطلَّب منه إعادة شحن طاقته.
8. مهارة الكفاءة الثقافية:
تعني امتلاك الاختصاصي الاجتماعي الكم الكافي من المعلومات الأكاديمية التي تؤهله للتعامل مع الطلبة بمختلف أعمارهم ومستوياتهم والتي يجب أن يحرص على تحديثها باستمرار عن طريق الاطلاع وحضور الندوات في مجاله، ودمجها إلى جانب بناء الاطلاع الكافي على بيئة الطالب وثقافته ومعتقداته وتوجهاته وحالته الفردية من أجل ابتداع حلول منطقية للمشكلات.
9. مهارة الالتزام المهني:
تعني التزام الاختصاصي الاجتماعي بالأخلاق المهنية والحفاظ على سرية معلومات الطلبة وخصوصيتهم وعدم استغلال العلاقة المهنية.
ما هي مهام الاختصاصي الاجتماعي؟
فيما يأتي قائمة مهام الاختصاصي الاجتماعي في المدارس التي تتألف من شقين رئيسَين تندرج تحت كل منهما مجموعة من المهام:
- تحقيق انسجام الطلبة مع البيئة المدرسية وواقع الحياة.
- تنظيم البرامج التي تعنى بتنمية الطالب سلوكياً واجتماعياً.
تجدر الإشارة إلى أنَّ مهام الاختصاصي الاجتماعي في المدارس تكون على كل من صعيد الفرد وصعيد الجماعة وصعيد المجتمع، فيقع على عاتقه تنفيذ ما يأتي:
- البحث في الحالات التي تتطلب مساعدات اقتصادية.
- البحث في المشكلات السلوكية والأخلاقية والتعليمية والاجتماعية والنفسية والصحية للطلبة.
- إحالة الحالات التي يستعصي حلها على الإمكانات المدرسية إلى المؤسسات المتخصصة ومتابعة هذه الحالات.
- توجيه الطلاب وتقديم النصح والإرشاد لهم في المواقف السريعة والمفاجئة.
- تقديم العون للمدرسين عن كيفية التعامل مع الطلبة.
- التخطيط لتكوين جماعات نشاط في المدرسة والإشراف على تنظيمها وتحديد الموارد المتاحة لكل منها.
- تنظيم سجلات عن نشاط كل جماعة حتى نهاية العام الدراسي.
- تدريب القائد المسؤول عن كل جماعة.
- تحديد مسؤولية كل جماعة.
- العمل على تقوية أواصر الاتصال بين الطلبة والبيت والمجتمع.
ما هي الصعوبات التي تواجه الاختصاصي الاجتماعي في المدرسة؟
توجد عدة صعوبات تواجه الاختصاصي الاجتماعي في المدرسة، ولعلَّ أبرز هذه الصعوبات هي:
- صعوبات متعلقة ببعد المدرسة عن مكان سكن الاختصاصي الاجتماعي وما يترتب على ذلك من أعباء في الوصول إلى العمل.
- صعوبات متعلقة بشخصية الاختصاصي الاجتماعي وعقده النفسية؛ لذا من الضروري التأكد من أهليته قبل مباشرة العمل.
- أسقف التوقعات المرتفعة تجاه امتلاك الاختصاصي الاجتماعي عصا سحرية قادرة على قلب أحوال الطلبة بلمسة واحدة.
- إغفال الإعلام التربوي لمهمة الحديث عن دور الاختصاصي الاجتماعي وأهميته.
- قلة وعي المجتمع تجاه مهمة الاختصاصي الاجتماعي، وهذا يجعل بعض أولياء الأمور يصدونه ويرفضون تدخلاته ومشورته.
- كثرة عدد الطلاب في المدارس، الأمر الذي يقلل من قدرة الاختصاصي الاجتماعي على الاهتمام بكل الفئات.
- حاجة الطالب إلى وقت طويل نسبياً ليثق به لأنَّه يظن بأنَّه سيشي للإدارة، وقلة تعاون أولياء الأمور واعترافهم بمعاناة أبنائهم لمشكلات في المدرسة.
- عدم تعاون المعلمين مع الاختصاصي في بعض الأحيان.
- استهلاك الزيارات الميدانية لدراسة بيئة الطالب جزءاً كبيراً من وقته، الأمر الذي يؤثر في بقية مهامه.
- عدم توفر مكتب خاص بالاختصاصي الاجتماعي، وهذا يضطره إلى الاجتماع بالطالب في غرفة المدير أو معاونه، الأمر الذي يوتر الطالب ويفقده الأريحية.
ما هو دور الاختصاصي الاجتماعي مع الطفل؟
يتمثل دور الاختصاصي الاجتماعي مع الطفل في مساعدته على الحصول على الاستفادة القصوى من الخبرة المدرسية، وذلك عبر تخليصه من جميع المشكلات التي تعترض طريق نمو شخصيته بالاتجاه السليم، وتكمن أهمية دور الاختصاصي الاجتماعي مع الطفل في قدرته على ملاحظة أعراض مشكلات الطفل التي تحول بينه وبين الاندماج مع بقية الأطفال بشكل طبيعي، وهذا ما ينقله إليه المدرس الموجود في الحجرة الصفية أو الموجه أو الطبيب المدرسي.
هنا يبرز دور الاختصاصي الاجتماعي مع الطفل؛ إذ يفنِّد حالته ويبحث في تفاصيلها بحثاً عميقاً دقيقاً، ثم يرسم له خطة العلاج التي يكون الطفل فيها فاعلاً وليس مجرد أداة للتنفيذ، ويستعين الاختصاصي بما يتوفر لديه من موارد بيئية متاحة في حال وجد حاجة إلى ذلك، ونقصد هنا العيادات النفسية ومكاتب خدمات الأسرة ورعاية الطفولة، إضافة إلى مؤسسات خدمة الجماعة.
كيف يعرِّف الاختصاصي الاجتماعي عن نفسه؟
أهم نقطة في مقابلة العميل أو الطالب مع الاختصاصي الاجتماعي هي اللحظة التي يقدم فيها الاختصاصي الاجتماعي نفسه، وإذا ما أردنا أن نعرف الجواب الصحيح لسؤال "كيف يعرِّف الاختصاصي الاجتماعي عن نفسه؟" علينا أن نتمعن في البنود الآتية:
- لا توجد طريقة وحيدة صحيحة دوماً لكيفية تعريف الاختصاصي الاجتماعي عن نفسه، فقد يختلف أسلوب المقابلة التي تتم بين الاختصاصي والجماعة عن تلك التي تتم بين الاختصاصي والفرد، حتى إنَّ طريقة تعريف الاختصاصي عن نفسه تختلف من مقابلة إلى أخرى باختلاف طبيعة الطالب أو العميل الموجود.
- على الاختصاصي أن يستقصي المعلومات المتعلقة بالطالب الذي سيجري معه المقابلة ويعرف خلفيته الثقافية والأخلاقية والأسرية والبيئية والدينية ليتحرى الطريقة المثلى لتقديم نفسه.
- على الاختصاصي الاجتماعي أن يقدِّم نفسه بطريقة تعكس ذكاءه الاجتماعي، فلا يبدو مغروراً معتداً بعلمه ونفسه فينفر منه الطالب ولا متواضعاً بسيطاً إلى درجةٍ تُفقِد الطالب احترامه له.
- على الاختصاصي الاجتماعي أن يقدِّم نفسه بصورة مريحة تبرز مهاراته في التقبل والاستماع الجيد ليرسي دعائم جو من الأريحية بينه وبين الطالب.
- الاختصاصي الاجتماعي يجب أن يقدِّم نفسه بصفته مرشداً يوضح الأمور ويبسطها لتجد طريقها إلى الحل، وبصفته دليلاً في رحلة الطالب نحو إيجاد الحل، وليس بصفته فيلسوفاً يقدِّم خطة مقولبة جاهزة تصلح لجميع الأفراد والظروف.
شاهد بالفيديو: دور الأخصائي الاجتماعي مع المرضى
في الختام:
إنَّ مهمة الاختصاصي الاجتماعي في تقديم الخدمة الاجتماعية في المدارس ليست بالبساطة أو السهولة التي تبدو عليها، فإنَّها مهمة تستنزف الوقت والطاقة والجهد، فكل حالة تحتاج إلى دراسة معمقة ودقيقة لكل معطياتها من أجل أن يخرج الاختصاصي بنتيجة مجدية، كما أنَّ الحالات التي تواجه الاختصاصي الاجتماعي حالات فردية، من الصعب أو المستحيل أن تتكرر بحذافيرها مع طالبين متمايزين.
إنَّ واجبات الاختصاصي الاجتماعي في المدارس تحتاج إلى تسليط الضوء عليها أكثر مما هو عليه الآن، كما تحتاج إلى نشر التوعية بين الناس لأهمية الدور الذي يقوم به، وذلك من أجل أن تنجح مساعيه في تذليل العقبات التي تواجه الطلبة في أثناء تحصيلهم العلمي على أكمل وجه وبأفضل صورة ممكنة.
المصادر +
- واجبات ودور الاخصائي الاجتماعي في المدارس
- مهارات الاخصائي الاجتماعي في المجال المدرسي
- مهارات الاخصائي الاجتماعي
- مبادئ الخدمة الاجتماعية
- الصفات التي يتحلى بها الاخصائي الاجتماعي
- ما هي سمات الاخصائي الاجتماعي
- دور الاخصائي الاجتماعي في حل مشاكل الاطفال
- المعوقات التي تواجه الاخصائي الاجتماعي في عمله في المدرسة
- تعريف الاخصائي الاجتماعي في المجال المدرسي
أضف تعليقاً