هل يمكن لأي شخص بما فيهم ذوي الاحتياجات الخاصة أن يصبح رائد أعمال؟

يشكل ذوي الاحتياجات الخاصة حوالي 15٪ من سكان العالم، ويُقدَّر عددهم بما يزيد عن مليار شخص يحتاجون إلى المساندة والدعم، وإلى التكنولوجيا والمعدات المتخصصة لمساعدتهم في حياتهم اليومية.



يجب الاعتراف بأهمية العديد من المراكز والمدارس والمنظمات التي تعمل معهم، ومن أجلهم؛ لكنَّ الأمر الأكثر أهمية هو العمل الجماعي المستثمر في دمج هذه المجموعة الكبيرة من الناس في المجتمع وميادين العمل على حد سواء.

يوضح "خوسيه روبينجر فيلهو" (Jose Rubinger Filho)، المدير التجاري والمؤسس المشارك في شركة (Key2Enable) المتخصصة بالتقنيات المساعدة (Key2Enable Assistive Technology): "ما الذي يمكن أن يكون أكثر تمكيناً للناس من بدء أعمالهم التجارية الخاصة؟ إنَّها فرصتنا لمتابعة حلمنا القديم، وأن نكون رؤساء أنفسنا؛ كي نحقق نجاحاً مالياً ومزيداً من الرضا والسعادة".

إقرأ أيضاً: مصطلحات ريادة الأعمال تحت المجهر

تأسست شركة "Key2Enable" في الولايات المتحدة الأميركية في عام 2018 كمقر لشركة برازيلية طورت في بداياتها العديد من المشاريع المساعدة، وهي تقدم خدماتها لذوي الاحتياجات الخاصة الذين لا يستطيعون استخدام أجهزة الكمبيوتر والأجهزة المحمولة بسبب قيود الحركة أو نقص التنسيق الحركي الدقيق لديهم.

توفر هذه الشركة أدوات مبتكرة مثل لوحة المفاتيح "Key-X" التي تسهل استخدام أجهزة الكمبيوتر والتعلم والتواصل، والتي تُرفَق عادة بمنصة تعليمية تتضمن منهاجاً مدرسياً ودروساً في إعادة التأهيل والاندماج، وهي قادرة على تحسين المهارات الحركية والمعرفية للطلاب والمرضى الذين يعانون من صعوبات حركية أو ذهنية.

يقول السيد روبنجر فيلهو: "عادةً ما يُستبَعد ذوو الاحتياجات الخاصة من الحياة العامة، ولا يتلقون التعاطف والدعم اللازِمَين في العديد من الأماكن حول العالم؛ ممَّا يخلق حواجز تمنعهم من أن يصبحوا جزءاً لا يتجزأ من المجتمع؛ ولكن مع ذلك، يمكن أن تدفعهم هذه السلوكات نحو ريادة الأعمال. الدليل على ذلك هو أنَّ العديد من رواد الأعمال يُعرَفون من خلال أفكارهم الفريدة حول العالم؛ فمثلاً: يسعى عالم الكمبيوتر جليسون فيرنانديس (Gleison Fernandes) الذي وُلِد مصاباً بالشلل الدماغي، والذي توصل إلى  فكرة الجمع بين الألوان والرموز الخاصة في لوحة المفاتيح "Key-x" لتحسين قدرته على استخدام جهازه المحمول الخاص؛ إلى تطوير هذه الفكرة؛ وهو يعمل الآن في شركة (Key2Enable)".

إنَّه لمن السهل علينا التمسك بما نعرفه ونعتاد عليه، بدلاً من البحث عن حلول لما نتجاهله؛ لكن في مجال ريادة الأعمال، لا توجد حالة طبيعية أو ثابتة، حيث يتغير النظام وبيئة العمل باستمرار، ويواجه المبتدئون العقبات يوماً بعد يوم؛ بالإضافة إلى ذلك، يركز قسم من المؤسسين والمديرين التنفيذيين على تحقيق الربح وتقليل المخاطر، مع إيلاء اهتمام أقل لتأثيرهم في المجتمع.

إقرأ أيضاً: صفات رائد الأعمال الناجح، وأهم النصائح لرواد الأعمال المُبتدئين

يقول روبرتو كروسي (Roberto Croci)، المدير العام لشركة مايكروسوفت للشركات الناشئة (Microsoft for Startups) في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: "إذا واصلت الاستثمار في الشركات التي يركز مؤسسوها دوماً على حل مشكلات الناس الاعتيادية، فلن تصمد  نتائجك وعائداتك أمام التغييرات القادمة؛ ذلك لأنَّ العالم يتغير باستمرار.

نحن نهدف من خلال تنمية مجموعة من رواد الأعمال المتنوعين وفحصهم بدقة، إلى دفع الاستثمار في الشركات الناشئة ذات الإمكانات الأكبر لتحقيق العوائد والتأثير في المجتمع؛ وهذا هو التأثير الذي يموله المؤسسون الذين ينشئون شركات جديدة، حيث يروجون للتنوع وهم في مناصب قيادية".

يؤكد السيد كروسي على استعداد ميكروسوفت (Microsoft) لضمان مستويات أعلى من الشمول للأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة،  وتشاطر السيدة ميديا ​​نوسينتيني (Medea Nocentini) -المؤسسة المشاركة والرئيسة التنفيذية في مؤسسة "C3"، وهي مؤسسة اجتماعية مقرها الإمارات العربية المتحدة، والتي تساعد رواد الأعمال في الشرق الأوسط على تعزيز إمكانات نموهم وتعظيم تأثيرهم الإيجابي في المجتمع- السيد كروسي رأيه، حيث تقول: "يمكن للشركات أن تخدم ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال المنتجات والخدمات التي تقدمها، كما يمكن لهذه الشركات توظيفهم أو تضمينهم في أنشطتها؛ إذ إنَّ هنالك العديد من الطرائق المختلفة لدعم ودمج هذه الشريحة في الأنشطة التجارية والاقتصادية؛ إذ لم تَعُد الإعاقة الحركية عقبة أمام أيِّ نشاط ريادي، حيث توفر التكنولوجيا جميع أنواع الدعم، وتعزز الحلول التي تساعدهم.

نعم، يمكن أن تخلق بعض الصعوبات المعرفية تحديات لبدء أنشطة ريادة الأعمال، لكنَّها تعتمد على نوع ودرجة هذه التحديات".

إذا لم تكن ربَّ عمل، فأنت موظف؛ وإذا لم تكن كذلك، فأنت عاطل عن العمل، سواءً كان ذلك طواعيةً أم لا؛ إذ يمكن أن تتسبب الإعاقة بالبطالة غير الطوعية؛ لكن بكلِّ الأحوال، يملك الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة خيار الخوض في عالم ريادة الأعمال وبدءَ أعمالهم الخاصة.

عندما يفكر مديرو التوظيف في مرشح لوظيفة شاغرة، فإنَّ عدم سن قوانين تفرض تخصيص حصص لذوي الاحتياجات الخاصة وعدم الرغبة في توظيفهم، يمكن أن يؤثر بشكل كبير في قرارات أرباب العمل؛ فإذا لم تكن الشركة مجهزة بشكل مناسب لدعم هذه المجموعة المهمشة، أو أنَّها ببساطة لا ترغب في تغيير نهجها؛ فعادة ما يشغل المرشحون من غير ذوي الاحتياجات الخاصة هذه المناصب.

تقول السيدة "حفصة قدير" (Hafsa Qadeer)، وهي الشريك المؤسس في (Inclusive)، وهي منصة على الإنترنت توجه ذوي الاحتياجات الخاصة إلى الفرص والمناسبات التي بإمكانهم الوصول إليها: تمتلك الشركات والمؤسسات القوة الحقيقية لتعزيز التغيير كي يصبح دمج هذه الفئة سلوكاً عاماً في أماكن العمل.

إقرأ أيضاً: قصص نجاح مشاهير من ذوي الاحتياجات الخاصة ومقتطفات من حياتهم

قد نفضل العمل من المنزل خلال بعض الأيام بناءً على أنماط حياتنا الشخصية، أو نستخدم تقنيات تعليمية مختلفة، ولدينا ما يعجبنا وما نكرهه فيما يخص أنماط العمل، ونحن نطلب هذه التسهيلات مباشرة من مسؤولي التوظيف الذين يختارون ملفاتنا الشخصية. وبالمثل، يحتاج القائمون على التوظيف إلى فهم تسهيلات الوصول المطلوبة لجميع الباحثين عن عمل؛ ذلك لكي يتفوقوا في دورهم، ويخلقوا بيئة يسهل وصولهم إليها والتعامل معها.

ينشأ الاختلاف في الفرص المتاحة للباحثين عن عمل على أساس ثقافة المنظمة والشمولية والتعلم والتنمية فيها، وهناك دائماً خيار لدى كلِّ منظمة؛ إذ يجب على مسؤولي التوظيف أن يسألوا أنفسهم: هل أعرض فرصاً عادلة للجميع؟ هل يمكن اعتبار هذه الفرصة ملائمة للجميع من حيث التنقل؟ أو مراعية لمشكلات السمع لديهم؟ أو توفر مساعدات بصرية لمساعدتهم؟ وما إلى هنالك".

 

المصدر




مقالات مرتبطة