هل يجب فرض إجازات العمل المدفوعة؟
إنَّ الأعياد مرهِقة في أفضل الأوقات، فما بالك في أثناء تفشي جائحة عالمية؟ فلا عجب أنَّ الإرهاق يتفشى بين صفوف القوى العاملة عن بُعد؛ إذ وجد استطلاع حديث أجرته شركة "إيمبليفاي" (Emplify) شمل 1000 موظف بدؤوا حديثاً العمل عن بُعد، أنَّ نحو 60% منهم يشعرون أنَّه يجب أن يكونوا متاحين أكثر خارج ساعات العمل منذ تحولهم إلى العمل عن بُعد.
وبالإضافة إلى ذلك، أفاد أكثر من نصف المشاركين أنَّهم أخذوا إجازات مدفوعة أقل منذ بداية الجائحة، مع أنَّ أخذ إجازة للراحة واستعادة النشاط هو أحد أفضل الطرائق لمكافحة الإرهاق. ومع ذلك، فإنَّ طلب إجازة لقضاء العطلات ما زال يُسبب إزعاجاً للناس لسنوات طويلة.
وجد استطلاع أجرته شركة "ويست مونور بارتنرز" (West Monroe Partners) الاستشارية أنَّ 51% من الموظفين شعروا بعدم الارتياح عند طلب إجازات مدفوعة من مديرهم خلال العطلات، وهناك أسباب عدة وراء عزوف الموظفين عن أخذ إجازة هذا العالم خاصة، قد تشمل:
1. هناك كمٌّ هائل من العمل الذي يتعين القيام به.
2. الشعور بالذنب الناجم عن حقيقة أنَّ هناك 10.7 مليون عاطل عن العمل.
3. خطط السفر التي تكون معلقة لديهم؛ لذا فإنَّ أخذ إجازة يعني بقاءهم في المنزل.
ولكنَّ المفاجأة الحقيقية هي أنَّ السبب لا يهم؛ وذلك لأنَّ النتيجة واحدة، وهي سخرية المرء من وظيفته، وضعف الإنتاجية، وانخفاض الأداء، وازدياد الإرهاق العقلي والعاطفي؛ لذلك، إذا احتاج الناس إلى الراحة ولكنَّهم ليسوا مستعدين لطلب ذلك بمحض إرادتهم، فقد يكون إلغاء حرية الاختيار تماماً هو الحل الوحيد؛ أي الإجازات المدفوعة الإلزامية (Mandatory PTO) هي الحل.
شاهد: 6 نصائح لطلب إجازة في العمل والحصول عليها
إليك كيف طبَّقت شركة "إيمبليفاي" الإجازات الإلزامية؛ فقد جرَّبَت هذا النهج في وقت سابق من هذا العام؛ فبعد أن كشفت بيانات تفاعل الموظفين أنَّهم مرهَقون ويحتاجون إلى استراحة، لكنَّهم لم يشعروا أنَّهم يستطيعون أخذ إجازة دون تفويت الاجتماعات والتخلف عن العمل؛ قررت الشركة أنَّ الاجتماعات يمكن أن تُعقَد فقط من أيام الاثنين إلى الخميس، ومُنِحَ جميع الموظفين عطلة في أيام الجمعة لمدة شهر.
لقد تبيَّن أنَّ هذا النهج، على عكس مطالبة الأشخاص بأخذ عدد معين من أيام الإجازة في أوقات فراغهم، وقد حقق الهدف الأساسي من الإجازات المدفوعة بشكل أفضل، واتَّضح أنَّه من الأسهل كثيراً أن تظل بعيداً عن بريدك الوارد إذا كنت تعلم أنَّ رب العمل لن يرسل لك بريداً إلكترونياً أيضاً.
لقد كانت التغذية الراجعة الإيجابية التي تلقَّتها الشركة من الموظفين واضحة جداً، لكنَّ البيانات التي جُمِعَت في نهاية التجربة أعطت أيضاً دليلاً قوياً على أنَّ أيام الجمعة - العطلة الإلزامية - حققت ما كانت تهدف إليه؛ إذ عاد الناس إلى العمل بكامل نشاطهم، وزادت الصداقة الحميمة وولاء الموظفين لهدف الشركة.
3 خطوات لفرض الإجازات المدفوعة:
إذا كنت تفكر في فرض إجازات إلزامية في فترة الأعياد، فإليك ثلاث خطوات لضمان نجاحها:
1. إرغام الجميع على أخذ الإجازات في الوقت نفسه:
يمكن للموظفين أن يقاوموا بسهولة أكبر إغراء للعمل في يوم العطلة إذا لم يكن غيرهم يعمل في ذلك اليوم؛ إذ تقلل الإجازات الإلزامية الجماعية أيضاً من الصداع الناتج عن محاولة جدولة الاجتماعات عندما يكون الجميع في إجازات في أيام مختلفة.
عادة ما تكون عشية الأعياد وأيام الأعياد من أيام إجازات الشركة؛ لذا ضع في حسبانك إغلاق المكتب طوال أيام الأعياد، كما أنَّ منح الموظفين ثلاثة أيام إضافية قبل أو بعد العيد يعني أسبوعاً كاملاً من الراحة، خالياً من ضغوطات العمل.
2. توضيح الأثر الإيجابي للراحة في أداء العمل:
إذا كنت على دراية تامة بما يجعل الموظفين ملتزمين، فلا بد أنَّك تعلم مقدار أهمية الراحة في تعزيز المشاركة، لكن لسوء الحظ، ما تزال المعتقدات الخاطئة ووصمة العار بشأن أخذ إجازة، مستمرة في بعض الشركات.
لذلك، عندما تقرر فرض الإجازات المدفوعة لقضاء الأعياد، عليك توضيح السبب؛ فهناك مجموعة متزايدة من الأدلة على أنَّ أخذ الإجازة يؤدي إلى إنتاجية أعلى وضغط أقل وتحسُّن في الصحة العقلية، ويمكنك التأكد من ذلك كله ببحث قصير في "غوغل" (Google).
بالنسبة إلى الرياضيين، فإنَّ أخذ قسط من الراحة واستعادة الطاقة لا يقل أهمية عن التدريبات والتمرينات؛ لذا يجب أن تفكر في العمل بالطريقة نفسها.
3. وضع التوقعات ومساءلة الموظفين:
نظراً لأنَّ الهدف الحقيقي من فرض الإجازات المدفوعة هو ضمان راحة الموظفين؛ فكن واضحاً في أنَّك تتوقع منهم أن يستريحوا ويعودوا بكامل طاقتهم، حتى لو كان ذلك يعني تعطيل إشعارات البريد الإلكتروني وضبط المجيب الآلي على وضع "خارج المكتب".
قد يكون من المفيد حتى التواصل مع العملاء لإخبارهم بأنَّه سيُتعامَل مع استفساراتهم في الرابع من شهر كانون الثاني/ يناير أو بعد ذلك. ولمساءلة الأشخاص عن إجازاتهم، فكِّر في عقد اجتماع تسمح فيه للموظفين مشاركة ما أنجزوه في إجازاتهم المدفوعة، حتى لو كان الأمر سهلاً جداً مثل قراءة كتاب جيد أو الخبز مع الأطفال.
في نهاية المطاف، الإجازة الإلزامية المدفوعة هي حل قصير الأمد لمشكلة طويلة الأمد؛ فلقد أُنهِك الناس قبل الجائحة، ومن المحتمل أنَّهم سيظلون كذلك بعد عودة الحياة إلى المسار الطبيعي الذي كانت عليه قبل الجائحة؛ فالطريق إلى التعافي من الإرهاق هو طريق طويل؛ لذا ينبغي على قادة الموارد البشرية أن يخططوا الآن للتغيرات الثقافية التي سيتطلبها الأمر للاحتفاظ بأفضل موظفيهم في عالم ما بعد الجائحة.
ستساعد العطلة الإلزامية الموظفين على إنهاء العام بضغوطات أقل ووقت أطول للراحة، وهذا ما يهم في الوقت الحالي.