هل ملصقات الحبوب الكاملة مربكة للغاية وتدفع الناس لخيارات أقل صحة؟
قد تكون الحبوب الكاملة أفضل لصحتك، ولكنَّ معرفة المنتجات الأكثر صحة من خلال الاعتماد على ملصقات "الحبوب الكاملة" يمكن في الواقع أن يصعِّب عليك اتخاذ خيارات صحية.
لقد وجدت دراسة جديدة أنَّ هذه الملصقات على الحبوب والخبز والمقرمشات يمكن أن تكون مربكة للأشخاص الذين يحاولون اتخاذ خيارات طعام أكثر ذكاء، حيث نشر تقرير في مجلة "بَبلك هيلث نيوتريشن" (Public Health Nutrition) بالتفصيل مسحاً شمل 1030 من البالغين في الولايات المتحدة، والذي عُرِض فيه على المشاركين صور لمنتجات حقيقية وافتراضية مع ملصقات غذائية، وطُلِب منهم تحديد الخيارات الصحية للمنتجات الافتراضية أو تقييم محتوى الحبوب الكاملة للمنتجات الحقيقية، وقد أجاب عدد كبير من المشاركين إجابات خاطئة عند محاولة اختيارهم المنتج الأكثر صحة.
يقول "بارك وايلد" (Parke Wilde) -مؤلف الدراسة والأستاذ في جامعة تافتس- في تصريح له حول الموضوع: "تُظهِر نتائج دراستنا أنَّ العديد من المستهلكين لا يمكنهم تحديد كمية الحبوب الكاملة على نحو صحيح أو اختيار منتج من الحبوب الكاملة الصحية".
لقد أراد المؤلفون معرفة ما إذا كانت توجد حجة قانونية تثبت كون ملصقات الحبوب الكاملة مضللة، وإن كان يمكن لذلك أن يدعم تحركاً يهدف إلى زيادة متطلبات الملصقات التجارية، حيث علَّقت المؤلفة المشاركة والأستاذة المساعدة لسياسة وإدارة الصحة العامة بجامعة نيويورك "جينيفر إل بوميرانز" (Jennifer L. Pomeranz) قائلة: "عندما يتعلق الأمر بالتسميات المخادعة، فإنَّ مزاعم "الحبوب الكاملة" هي الأسوأ"، كما قالت الدكتورة إيمي بوركهارت (Amy Burkhart)، أخصائية التغذية والطب التكاملي المسجلة في نابا - كاليفورنيا: "كان وضع ملصقات الحبوب الكاملة مصدراً للارتباك والخداع لفترة طويلة، حيث تستخدم كثير من العلامات التجارية مصطلح الحبوب الكاملة وغيره من المصطلحات للتأثير في قرارات الشراء لدى العميل من خلال إظهار أنَّ المنتج صحي؛ لكن تبدأ الضبابية هنا، فلكي يُسمَّى المنتج "منتج حبوب كاملة"، يجب أن يحتوي على 51% من مكونات الحبوب الكاملة فقط؛ فعلى سبيل المثال: يمكن أن يُكتَب على الملصق "حبوب كاملة" بينما يكون 49% من الحبوب مُعالَج".
أساسيات الحبوب:
تقول فيكي شانتا ريتلني (Vicki Shanta Retelny) المستشارة في مستشفى نورث ويسترن ميموريال في شيكاغو: "توجد حبوب كاملة وحبوب مكررة، وبينما تحتوي الحبوب الكاملة على ثلاثة طبقات هي: النخالة والبذرة والسويداء، تُجرَّد الحبوب المكررة من طبقات النخالة والبذرة، وتكون خالية تقريباً من الألياف والحديد وفيتامينات (ب) والأحماض الدهنية ومضادات الأكسدة الموجودة في الحبوب الكاملة السليمة؛ كما تحتوي الحبوب الكاملة التي أساسها القمح على الغلوتين، بينما لا تحتوي الحبوب التي تخلو من القمح على الغلوتين ما لم يكن هناك تلوث متبادل عند معالجة الحبوب".
وفقاً للإرشادات الغذائية لأعوام 2015-2020 الصادرة عن وزارة الصحة والخدمات الإنسانية (U.S. Department of Health and Human Services) ووزارة الزراعة الأميركية (U.S. Department of Agriculture)، يجب أن تكون نصف الحبوب المستهلكة حبوباً كاملة، وقد رُبِط تناول ما يكفي منها بانخفاض مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسرطان والسكري من النمط الثاني.
تقول بوركهارت: "تشمل الأنواع الأكثر شيوعاً من الحبوب الكاملة التي تحتوي على الغلوتين كلَّاً من القمح والشعير والشيلم والحنطة، في حين تشمل الحبوب الكاملة الخالية من الغلوتين الذرة والأرز البني والشوفان والكينوا والحنطة السوداء والذرة الرفيعة والدخن والتيف (من أنواع الذرة البيضاء)؛ ولا يعني هذا بالضرورة أنَّها مغذية بدرجة أكبر، ولكنَّها تتطلب كمية أقل من المبيدات الحشرية والمياه لتنمو، وهو ما يعود بالنفع على الكوكب".
شاهد بالفديو: 7 نصائح لتغذية صحية سليمة
تقييم الحبوب الكاملة:
كجزء من الدراسة الاستقصائية، لم يكن لحزم المنتجات الافتراضية ملصق حبوب بالكامل في المقدمة أو كانت تحمل علامة "متعدد الحبوب"، أو "مصنوعة من حبوب كاملة"، أو ختم حبوب كاملة؛ في حين تعرض الملصقات الموجودة على المنتجات الحقيقية محتويات المنتج الفعلية.
عند النظر إلى المنتجات الافتراضية، كان على الناس الإجابة عمَّا إذا كانوا يعتقدون أنَّ المنتج أكثر صحة؛ أمَّا بالنسبة إلى المنتجات الحقيقية، فقد طُلِب منهم تقييم محتوى الحبوب الكاملة فيها.
لقد حدد المشاركون في الدراسة 29 إلى 47 بالمئة من بين المنتجات الافتراضية العنصر الأكثر صحة بصورة خاطئة، وكان 43 إلى 51 بالمئة من المستجيبين قد بالغوا في محتوى الحبوب الكاملة في المنتجات الحقيقية التي لم تتكون في الغالب من الحبوب الكاملة.
شراء أفضل:
في حين يجد الخبراء أنَّ معايير وضع الملصقات من قِبَل إدارة الغذاء والدواء مربكة إلى حد ما، مارست مجموعات أخرى ضغوطاً من أجل مزيد من الشفافية؛ فقد أنشأ "مجلس هول غرينس" (Whole Grains Council) -مجموعة غير ربحية لحماية المستهلك- ثلاثة أختام لتوجيه المستهلكين، ولكنَّها لم تُوضَع على جميع المنتجات.
يجب على الشركات التقدم لاستخدام الختم؛ حيث يشمل ختم 100% المنتجات التي تكون جميع الحبوب فيها حبوباً كاملة، ويحتوي المنتج على 16 غراماً على الأقل من الحبوب الكاملة لكل حصة؛ بينما يعني ختم 50% أنَّ 50% أو أكثر من الحبوب في المنتج كاملة، وأنَّ المنتج يحتوي على 8 غرامات على الأقل من الحبوب الكاملة لكل حصة.
تقول "إيمي غورين" (Amy Gorin)، اختصاصية تغذية مسجلة في نيوجرسي في الولايات المتحدة: "عندما تشتري منتجاً من الحبوب الكاملة كالخبز أو البسكويت، ابحث عن المكون الأول، واحرص على أن يكون مكوِّناً من مكونات الحبوب الكاملة مثل دقيق الحبوب الكاملة أو دقيق القمح الكامل؛ حيث تحتوي العديد من منتجات الحبوب الكاملة على الحبوب الكاملة، ولكنَّها لا تحتوي عليها كمكون أساسي؛ إذ لا يعني مجرد كون الخبز بنياً أنَّه مصنوع من الحبوب الكاملة".