هل تواجه صعوبة في إدماج الموظفين؟ جرب استخدام الأسلوب التقليدي

وأخيراً هناك أخبار سعيدة بشأن إدماج الموظفين (employee-engagement)، فوفقاً لآخر استطلاع أجرته شركة "غالوب" (Gallup)، بلغت نسبة الموظفين المشاركين في العمل في الولايات المتحدة الأمريكية 34%، وهذا أعلى رقم وصلت إليه منذ عام 2000 على الأقل.



بالطبع الأخبار "السعيدة" تُعدُّ نسبية، ولم يحتج رواد الأعمال وقتاً طويلاً في العقدين المنصرمَين ليدركوا أنَّ هناك خطباً ما في عالم الأعمال الذي يعدُّ إدماج موظف واحد من بين كلِّ ثلاثة موظفين مكسباً، وبدلاً من ذلك، يجب أن يوجِّه روَّاد الأعمال أنظارهم إلى الموظفَين الآخرَين، ويسألوا لمَ هما غير مشاركَين في العمل.

كما هو واضح، الأساليب المعاصرة في التعامل مع الإدماج غير فعالة بالنسبة إلى ثلثي القوى العاملة؛ لذا علينا أن نبحث عن طريقة لتغيير ذلك.

نهج قديم بحلته الجديدة:

صدِّق أو لا تصدِّق، بدأ استخدام مصطلح "إدماج الموظف" منذ ربع قرن لا أكثر حين ظهر عام 1990 في دراسة للطبيب النفسي "ويليام كان" (William Kahn) واكتسب شهرة فورية كطريقة لدراسة التغيرات التي يلاحظها أرباب العمل في أماكن العمل.

لا يعني توقيت صياغة المصطلح أنَّ ظروف العمل قبل عام 1990 شجَّعت على الإدماج أكثر، لكنَّه يقدم تلميحات للطريقة التي يستطيع بها القادة تعزيز الإدماج اليوم؛ لذا نستعرض فيما يلي 4 استراتيجيات لتطبيق ذلك:

1. تحقيق المزيد من التفاعل المباشر:

بعد تبنِّي العمل عن بعد (telecommuting) على عجلة في بداية 2010، تراجعت شركات مثل "أيتنا" (Aetna) و"أي بي إم" (IBM) و"ياهوو" (Yahoo)، وسحبت برامجها؛ وذلك لأنَّه وعلى الرغم من التقارير التي تقول إنَّ الموظفين من جيل الألفية مستعدون لمقايضة جزء من رواتبهم مقابل جدول عمل مرن، إِلَّا أنَّ العمل عن بعد ليس مناسباً للتماسك الثقافي (وهو شبكة العلاقات الموثوقة والقيم والمعايير المشتركة بين مجموعة من الأفراد التي تسمح لهم بتحقيق المنفعة لجميع الأعضاء).

"تنبع بعض من أفضل القرارات والأفكار من النقاشات في الردهات والمقاهي، ومن مقابلة أشخاص جدد والاجتماعات العفوية لفريق العمل"، كما كتبت المديرة التنفيذية لشركة "ياهوو" (Yahoo) سابقاً، "ماريسا ماير" (Marissa Mayer) في مذكَّرة تمنع فيها العمل عن بعد، وتكمل قائلةً: "يجب أن تتحد الشركة، ويبدأ ذلك بأن نتواجد في المكان نفسه معاً".

وعلى الرغم من أنَّه لم يكن مستحباً حينها، إلا أنَّ خيار ماير كان في الغالب صحيحاً؛ فإن أعجبك الأمر أم لا، الواقع هو أنَّنا كائنات اجتماعية بالفطرة، ولا شيء يُغني عن التفاعل وجهاً لوجه عندما يتعلق الأمر بحل المشكلات وإقامة الروابط الإنسانية والعمل كفريق واحد.

يتفق "إريك روزنبرغ" (Eric Rozenberg)، مؤسِّس شركة "إيفينت بيزنيس فورميولا" (Event Business Formula) مع هذا الرأي؛ حيث جال روزنبرغ خلال عمله في تنظيم الفعاليات 50 بلداً، واكتشف أنَّه ليس هناك من بديل للأثر الذي يحدثه التواصل وجهاً لوجه.

يكتب روزنبرغ في مدونة الشركة: "خذ مثالاً عن أيِّ تحدٍ في العمل، كالتنسيق بين الناس أو تعزيز العلاقات مع العملاء أو إدماج فريقك، وما إلى ذلك"، فلا يمكن لأيِّ تحدٍ في العمل "أن يُحَلَّ دون المقابلة وجهاً لوجه"؛ فالوقت الذي تقضيه شخصياً مع أحدهم ضروري للتواصل الواضح وتكوين العلاقات الشخصية.

إقرأ أيضاً: تأسيس بيئة عمل تعزز تفاعل الموظفين

2. التأكيد على الفوائد التقليدية:

إضافة إلى الراتب، الفائدة الأخرى التي يرغب بها الموظفون ليست فرص العمل عن بعد أو الحصول على عضوية في النادي الرياضي أو تناول الوجبات الخفيفة في المكتب؛ بل هي الفوائد "المملة" التي يتحمس جميع الموظفين لأجلها؛ حيث وجدت وكالة الموارد البشرية "جست ووركس" (JustWorks) في الاستطلاع الذي أجرته، أنَّ الفوائد الصحية (45%) والإجازات المدفوعة (38%) وخطط التقاعد (37%) هي أكثر ما يهم الأشخاص الذين يبحثون عن عمل.

تتوافق هذه الدراسة مع ما توصَّل إليه غيرها في مجال الموارد البشرية؛ إذ يقول المستشار الإداري "ديفيد ليي" (David Lee)، مؤسس ومدير "هيومان نيتشر أت وورك" (HumanNature@work) في مقال نشره موقع "تي إل إن تي" (TLNT)، "فيما يتعلق بالاحتفاظ بالموظفين وإدماجهم، لا يُعوِّض توفير الأمور الممتعة ووسائل التحايل والحفلات عن خلق تجربة عمل تشبع الحاجات الإنسانية الأساسية"؛ وعلى الرغم من أنَّ الميزات المبتكرة يمكن أن تكون فعالة، لكن يجب أن يستثمر أرباب العمل قبل كل شيء في الموارد البشرية الأساسية، مثل التأمين الصحي وبرامج التقاعد.

3. توفير المزيد من الوقت للتدريب:

كان الأب المؤسِّس للولايات المتحدة "بنجامين فرانكلين" (Benjamin Franklin) محقاً حين قال في أشهر كتبه "الطريق إلى الثراء" (The Way to Wealth): "يقدم الاستثمار في المعرفة أفضل الفوائد"؛ ففي زمن فرانكلين واليوم، يجني أرباب العمل الذين يوفِّرون التعليم وفرص التدريب لأفراد فريقهم فوائدها عبر تعزيز ولاء الموظفين وإدماجهم.

لا يترك عدد الاستطلاعات الهائل المرتبط بهذا الموضوع مجالاً للشك؛ إذ وجدت دراسة أجرتها "مؤسسة التعلُّم القائم على العمل" (Institute for Work Based Learning) في "جامعة ميدلسيكس" (Middlesex University)، أنَّ 74% من العاملين في المملكة المتحدة الذين شاركوا في الاستطلاع يرغبون في المزيد من التدريب في وظيفتهم ليحققوا أقصى إمكاناتهم؛ كما وجدت دراسة أخرى أجراها المكتب الكندي "غو تو إتش آر" (Go2HR) أنَّ أربعة من كُلِّ عشر موظفين لا يتلقون تدريباً كافياً يستقيلون من وظائفهم خلال عام.

إقرأ أيضاً: التدريب (مفهوم - حاجة - أهمية)

4. عدم تفويت أيِّ فرصة لبناء الثقة:

في معادلة إدماج الموظف، الثقة هي العامل الأصعب والأهم؛ حيث وجد مكتب الأبحاث "تاورز واتسون" (Towers Watson) أنَّ 80% من الموظفين المدمجين إلى حدٍّ عالٍ يثقون بأرباب عملهم؛ ويقول تقرير من شركة "بليسينغ وايت" (BlessingWhite) إنَّ 90% من الموظفين المدمجين يثقون بمديرهم المباشر.

يقول "ويل كامبيل" (Will Campbell)، الذي يترأَّس منصة "سوب بوكس" (SoapBox): "الثقة مثل العملة النقدية في مكان العمل؛ وذلك لأنَّ قيمتها تكمن في تبادلها ومنحها وتلقِّيها؛ وكغيرها من العملات، يمكن تحويل الثقة إلى قيمة في العالم الواقعي، وذلك عبر زيادة إدماج الموظفين، الذي يؤدي إلى تعزيز الإنتاجية".

أفضل نصائح لاكتساب ثقة موظفيك هي أن تكون لطيفاً، وتكتم الأسرار، وتتحدى التوقعات وتعتذر حين يتطلَّب الموقف ذلك؛ أي أنَّ الثقة بين الموظف ورب العمل تُبنى بالطريقة نفسها كما في أيِّ علاقة من نوع آخر؛ وعلى الرغم من عدم وجود وصفة سحرية لإدماج الموظفين، إلا أنَّ هناك نقاطاً أساسية يمكنك اتباعها؛ لكن كما يحصل في المنازل والمكاتب، لا يمكنك تحقيق الإدماج بين ليلة وضحاها، وفي حين أنَّ قضاء المزيد من الوقت معاً وتوفير فرص التطور ومساعدة موظفيك في حاجات الرعاية الصحية والتقاعد قد لا تبدو ملفتة للانتباه، لكنَّها ما يبحث عنه الثلثين الباقيين من الموظفين حقاً.

 

المصدر




مقالات مرتبطة