هل تعاني من تقدير منخفض لذاتك؟ إليك الأسباب والعلاج

لماذا نرى أشخاصاً يُحققون نجاحات عظيمة، في حين أنَّ أشخاصاً آخرين لا يتمكنون من تحقيق شيء ذات قيمة، على الرغم من امتلاكهم الإمكانيات والمهارات؟ يكمن الجواب في السؤال التالي: "كيف ينظر هؤلاء لأنفسهم؟" و"هل تقديرهم لذاتهم عالٍ أو منخفض؟"



ما المقصود بـ تقدير الذات؟

تقدير الذات هو: رأي الإنسان الخاص حول نفسه؛ أي نظرته لنفسه، وأكدَت الدراسات والأبحاث الطبية والاجتماعية والنفسية أنَّ 95% من الذين يُعانون من تقدير منخفض لذواتهم، يظهر أثر ذلك جلياً على سلوكهم وصفاتهم وعلاقاتهم مع الآخرين، وغالباً ما يكونوا أكثر عُرضةً للإصابة بالاكتئاب ومتلازمات القلق والتوتر المرضيَّة.

قد يكون تقدير الذات عالٍ، ويمتلك الإنسان مشاعر إيجابية عن نفسه، من رضا عن النفس، وثقة بقدراته وإمكانياته، فلا يحكم على نفسه بالفشل إذا أخطأ؛ بل على العكس يتقبل الخطأ ويتعلم منه.

أما في حال كان تقدير الذات متدنياً، يُعاني الإنسان من المشاعر السلبية والمشكلات، فلا يشعر بالرضا عن نفسه مهما حقَّقَ وأنجز، ولا يثق بقدراته، ويشعر دائماً أنَّه غير قادر وغير مُستحق، ويحكم على نفسه بالفشل حتى قبل أن يُجرِّب.

أسباب تدنِّي تقدير الذات:

هناك أسباب عدَّة لتدنِّي تقدير الذات، من أهمها:

1. أسباب تتعلق بالطفولة:

تَحدث أمور في طفولة الإنسان يكون من نتائجها تدنِّي تقدير الذات، فيكبر الطفل وهو يُعاني من هذه المشكلة، مثل: نقص العاطفة والاهتمام من الأهل بسبب انشغالهم، وأيضاً، مقارنة الطفل مع غيره وإشعاره أنَّ غيره أفضل، وتفكُّك الأسرة في حالة الطلاق.

2. الصدمات:

يمر كل إنسان بصدمات نفسية، ولكن يختلف تفاعل كل منا معها؛ إذ يتجاوزها بعض الناس ويتعلم منها، في حين لا ينجح بعضهم الآخر في تجاوزها، والخروج من تأثيرها على ثقته بنفسه وتقديره لها.

3. ضعف الإيمان بالنفس:

من أكبر مُسببات تدنِّي تقدير الذات، ضعف إيمان الإنسان بنفسه وبقدراته، فيُسيطر عليه شعور بالعجز، وأنَّه غير قادر على تغيير أي شيء في عالمه.

4. المقارنة مع الآخرين:

تُعَدُّ مقارنة الإنسان لنفسه مع الآخرين سبباً رئيساً لتدنِّي تقدير الذات، لأنَّ مَن يُقارن نفسه بغيره وإنجازه بإنجاز غيره وما لديه بما لدى غيره، تُسيطر عليه مشاعر عدم الرضا، وأنَّ الآخرين أفضل منه، بغضِّ النظر عن ظروفه وظروفهم، مما يجعل تقديره لنفسه منخفضاً.

5. الهوس بالكمال:

يُدمِّر الهوس بالكمال تقدير الإنسان لذاته؛ إذ يعيش الشخص المهووس بالكمال مع إحساس دائم بعدم الرضا عن نفسه مهما حقَّقَ من نجاحات، ومهما كانت إنجازاته عظيمةً، ويراها غير جيدة بما فيه الكفاية، لأنَّه يُركز على الكمال والحالة المثالية التي من المستحيل الوصول إليها.

شاهد بالفيديو: 10 علامات تحذيرية تشير إلى تدني تقدير الذات وانعدام الثقة

6. إرضاء الآخرين:

يُعَدُّ السعي إلى إرضاء الآخرين أحد أهم أسباب تدنِّي تقدير الذات؛ إذ ينسى الإنسان نفسه وما يحب ويُريد، ويُركز فيما يُحب ويُريد الآخرون، ويستمر في العطاء والمنح والمبالغة في تقديرهم ومدحهم، وغالباً ما تكون النتيجة استغلاله من قِبَل الآخرين وفقدانه لإحساسه بكيانه ووجوده.

7. احتقار النفس:

يُعَدُّ احتقار النفس أحد المؤشرات الخطيرة على تدنِّي تقدير النفس؛ كأن يحتقر الشخص نفسه وينظر لها نظرةً دونية، وأنَّه شخصٌ فاشلٌ لا يمتلك المهارة والذكاء، وأنَّ غيره أفضل منه في كل شيء، ولا يُسامح نفسه حتى على أبسط الأخطاء.

8. رفض الشكل الخارجي:

يؤدي رفض أو كراهية الإنسان لشكله الخارجي إلى تقدير متدنٍّ للنفس، ويؤثر ذلك في حياته كلها وسلوكاته وعلاقاته مع الآخرين؛ إذ يتحول لشخص خجول وانطوائي، ويخشى أن يُقدِّم نفسه خوفاً من تعليقات الآخرين أو استهزائهم منه.

9. الحساسية المفرطة:

يُعاني الشخص ذو الحساسية المفرطة من تدنٍّ في تقدير الذات وقلة الثقة بالنفس، فلا يتقبل أيَّة ملاحظة، ويأخذ كل انتقاد بشكل شخصي، ويشعر بالألم والانزعاج، ويدخل في موجة من الحزن والكآبة.

10. الخوف:

يُعاني الإنسان الذي يُبالغ في خوفه، ويخشى المغامرة، ويتردد عند اتخاذ أي قرار؛ إذ يعتقد أنَّ الفشل حليفه في أيَّة خطوة يخوضها من تقدير منخفض لذاته؛ فهو لا يثق بنفسه، ويُشكِّك بقدراته، ويبقى في مكانه.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح فعّالة للتخلص من مشاعر الخوف من الفشل

11. وسائل التواصل الاجتماعي:

أثبتَت الدراسات التي تناولَت تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على مَن يستخدمها بكثرة، أنَّ لها دوراً كبيراً في نظرة الإنسان لنفسه وتقديره لها، وذلك دون أن يشعر، فمن خلال ما ينشره الآخرون من قصص نجاحات وصور لحياة مثالية، غالباً ما تكون غير واقعية، وتجعله يشعر أنَّ حياته تعيسةٌ وأنَّه أقل من الآخرين.

طرق تعزيز تقدير الذات:

ينصح خبراء الصحة النفسية ببعض الخطوات لتعزيز تقدير الذات، من أهمها:

1. تخطيط الأهداف:

من أهم خطوات تعزيز تقدير الذات، إعادة وضع الأهداف وآلية تحقيقها؛ إذ يُساعدنا ذلك في التركيز على أنفسنا، وأين نريد أن نكون، فتعود نظرتنا الإيجابية لذواتنا، ويعود حماسنا إلى العمل للوصول إلى أهدافنا.

2. تسجيل الإنجازات:

ينصح الخبراء أن يقوم الإنسان بتسجيل ما أنجز يومياً؛ إذ تُساعد هذه الطريقة في إعادة تقييم الإنسان لنفسه وإنجازاته، والشعور بالفخر والثقة بالنفس لما حقَّقَ.

3. تجنُّب المقارنة:

يجب أن يتجنب الإنسان مقارنة نفسه مع الآخرين؛ فلكلِّ منا قدراته وميزاته الخاصة، والأصح أن يقارن نفسه في الماضي مع الحاضر، ويكتشف نقاط ضعفه، ويسعى إلى تداركها وتطوير نفسه.

4. التفكير بإيجابية:

من أهم النصائح لزيادة تقدير الذات، هي التفكير بإيجابية، والنظر للنصف الممتلئ من الكأس، والتركيز على الحل وليس المشكلة، والابتعاد عن السلبية والتشاؤم، والإيمان بقدرة الإنسان على تجاوز أي أمر مهما بلغَت شدته.

5. التوقف عن لوم النفس:

كلنا نُخطئ ونفشل، فالخطأ أمرٌ طبيعيٌ وصحيٌ في الحياة؛ لذا يجب على الإنسان، أن يعي هذه الفكرة، ويتوقف عن جلد ذاته ولوم نفسه على الأخطاء، والاعتقاد أنَّه شخصٌ فاشلٌ؛ بل ينظر للخطأ على أنَّه فرصة للتعلم.

6. الانفتاح:

من أكثر الطرائق فاعليةً في رفع تقدير الذات، هو الانفتاح على الآخرين، وبناء العلاقات معهم، فكلما كان الإنسان محبوباً وناجحاً اجتماعياً، وله مكانته وقيمته بين الناس، انعكسَ ذلك إيجاباً على تقديره لنفسه، ومن الجدير بالذكر أنَّه من المفيد انتقاء الأشخاص الإيجابيين الذين يدعمونه ويُشجعونه على التطور والنجاح.

7. تقبُّل الفشل:

من الهام جداً أن يتقبل الإنسان الفشل في الحياة، ويُعيد النظر في مفهوم الفشل والنجاح، ويتفهم أنَّ التجارب السلبية جزءٌ من التجربة الإنسانية، وهي درجة في سلم النجاح.

إقرأ أيضاً: لماذا يعد تقبل الفشل أمراً مفيداً للعمل؟

8. مساعدة الآخرين:

تعود مساعدة الآخرين على مُقدِّمها بجرعة ضخمة من السعادة والثقة بالنفس والقوة الداخلية، ناتجةً من الشعور بأنَّ وجوده يُشكِّل فرقاً في حياة الآخرين.

9. الرياضة:

تُعَدُّ ممارسة الرياضة مفيدةً ليس فقط للصحة البدنية؛ وإنَّما للصحة النفسية أيضاً، حيث أثبتَت الدراسات فاعلية الرياضة في معالجة الأمراض النفسية، وتفريغ الطاقة السلبية، ورفع الطاقة الإيجابية، وتقدير الإنسان لذاته.

في الختام، تقديرك لذاتك هو السر:

إن أردتَ حياةً سعيدةً ومليئةً بالنجاحات والإنجازات، فعليك إعادة النظر في تقديرك لذاتك، وتذكَّر أنَّك كما ترى نفسك، يراك الآخرون، وأنَّك ترى ما تستحقه، تحصل عليه.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة