من أجل البقاء والازدهار أنت بحاجة إلى تبني عقلية النمو

إنَّ أي مبدأ شعبيٍّ للقيادة والسيطرة الشخصية؛ عُرضَة لإساءة التفسير، وقد لقيَت عقلية النمو ترحيباً بصفتها أحد مبادئ القيادة المحددة للشركات الدولية الكبرى، ويُعتَقد أنَّها واحدة من المهارات الأساسية التي تضمن أن يكون مستقبل الفرد مستقراً في الأوقات المضطربة. وعلى الرغم من شعبية عقلية النمو وأهميتها؛ لا تزال العديد من الشركات تعتقد أنَّها تدور حول فلكِ نمو أرباح الشركات التجارية؛ وإذا كنت لا تعرف ماذا تعني وما طريقة استخدامها، فلن تنمو أنت ولا عملك مطلقاً.



تتلخص عقلية النمو في الإيمان بالقدرات:

أظهرت الدراسات التي أُجرِيت في معهد القيادة العصبية (NLI: NeuroLeadership) أنَّ العديد من الشركات لا تزال تؤمن أنَّ امتلاك عقلية النمو يعني التركيز على الأرباح، والسعي إلى تحقيق نمو الأعمال التجارية.

إذاً عقلية النمو أكبر بكثير من الهدف المتمثل في زيادة الأرباح، وذلك على الرغم من أنَّ تطبيقها يجعل الشخص أكثر مرونة وانخراطاً في أوقات التغيير، والتي لا يمكن أن تؤدي إلَّا إلى تحسين الأرباح عموماً.
لقد كشفت دراسة أخرى أُنجِزت في المعهد أنَّ هناك خمسة أسباب تجعل الشركات تطبق عقلية النمو لتحقيق النجاح في العمل، وهي:

1. التغيير الرقمي:

السبب الأكثر انتشاراً هو الحفاظ على المرونة في مواجهة الغموض التقني، إذ تواصل التقنيات الرقمية عرقلة الطريقة التي نُنجِزُ بها أعمالنا وتقدَّم عقلية النمو؛ كأولوية لضمان ازدهار الأعمال خلال فترات الاختلال الرقمي.

2. تحسين الأعمال:

تشجع عقلية النمو التغذية الراجعة والتحسين المستمر، وتتطلع العديد من الشركات إلى ترسيخ هذه الفكرة حين تبسيط سير العمل، وعند الفِرَق والعمليات التجارية.

إقرأ أيضاً: 8 طرق كفيلة بتحسين أداءك في العمل

3. التجديد:

عندما تحقق المؤسسات التوازن، فإنَّها تستخدم عقلية النمو في نهجها لتجديد ثقافتها ونموذج العمل وتحديات القيادة؛ فمبدأ عقلية النمو المتمثل في رؤية التحديات فرصاً وليس تهديدات، له تأثير في هذه الحال.

4. النمو:

في محاولة لتوسيع نطاق الأعمال التجارية، ترى المؤسسات فائدة تطبيق عقلية النمو لتجاوز التحديات والاضطرابات التي ترافق النمو.

5. تغيير إدارة الأداء:

تقوم بعض الشركات بإجراء مقابلات وتقديم المكافأة لمن يقوم بتبني عقلية النمو؛ هذا يعني أنَّهم يُقدِّرُون التحسين مع مرور الوقت ويعدونه أولويةً، ومن الواضح أنَّ عقلية النمو تحقق نجاحاً في الأعمال التجارية ضمن صميم قيمتها المضافة إلى العديد من المؤسسات، إذ تساعد الشركاتِ على أن تكون أكثر مرونة وانخراطاً في أثناء التغيير، ولكن كيف تعمل؟ وكيف يمكن تنميتها؟

عندما نواجه تحدياً فإنَّنا نتعامل معه مباشرة على أمل الحصول على نتائج إيجابية، أو أن نتجنبه ونشعر بالنقص وعدم الأهلية.
يحدث هذا في الدماغ بسبب طريقة نظرتنا إلى التحدي؛ فإذا اعتبرنا الأمر أنَّه تهديد، فإنَّ أجسامنا تتفاعل بطريقة الإجبار (التوتر السلبي)، فلا نعطي الأولوية لأفضل الأفكار، بل نفضل البقاء على حالنا بدلاً من ذلك؛ ولكن إذا اعتبرنا الأمر أنَّه فرصة، فإنَّ أجسامنا تتجاوب مع الأمر (التوتر الإيجابي) ونشعر بالحيوية، ويمكن لأجسامنا تحديد أولوياتٍ لأفضل طريقة تفكير، ويمكن تصنيف هذا النوع من السلوك إلى مجموعتين: عقلية النمو والعقلية الثابتة.

درس علماء النفس هذه السمات السلوكية؛ ووجدوا أنَّ الأفراد الذين يؤمنون بقدراتهم على النجاح، يُنظَر إليهم على أنَّهم يتمتعون بعقلية نمو، بينما يُنظَر إلى الأشخاص الذين يستسلمون على الفور، أو يُصِرُّون -باستمرار- على الجوانب السلبية للموقف بأنَّهم يتمتعون بعقلية ثابتة؛ لذلك، لا ترى العقلية الثابتة أي مجال للتحسين، وفي المقابل تُقلِّل من قدرتها على الأداء.

ترتبط العقلية الثابتة بالإيمان بأنَّ قدراتنا ثابتة، وأنَّ عقلية النمو مرتبطة بالإيمان بأنَّ قدراتنا يمكن أن تنمو، ولكنَّ الاكتشاف المفاجئ هنا؛ هو أنَّ طريقة تفكيرنا الافتراضية مرتبطة بعقلية ثابتة.

شاهد بالفيديو: 5 نصائح لتحقيق التطور المهني

اكتساب عقلية النمو:

وجد الباحثون أنَّه لإدراج عقلية النمو في المنظمات، يجب على القادة التركيز على بعض العوامل مثل: الشفافية، والتمكين، والتنمية، والتطوير؛ ففي ظل العصر الرقمي الذي نعيشه حالياً؛ ومن أجل أن نتأقلم معه يومياً، تحتاج المؤسسات إلى تجديد الأداء، وتحسينه، وإدارته باستمرار؛ وذلك استناداً إلى التغييرات الرقمية. ولكي تؤسس الإدارة عقلية النمو في المنظمات، تحتاج إلى قيادة العملية الشاملة، وبالتالي؛ يجب أن تكون هناك لغة مشتركة، ولضمان وجودها؛ يجب على المديرين تشجيع الموظفين على بناء السلوكات الصحيحة، وأن يكون لديهم أنظمة وعمليات موضع التنفيذ، تعزز عقلية النمو في جميع أنحاء المنظمة.

يمكن القيام بذلك عن طريق:

  • تقييم التقدم، والمكافأة عليه لدى الآخرين.
  • التركيز وتسليط الضوء على الدروس المستفادة من الأخطاء والتحديات.
  • جعل هذا السلوك قدوةً يحتذي بها الآخرون.

لقد أظهر الباحثون أنَّ عقلية النمو يمكن أن تقيس الفائدة، والمصلحة في المؤسسات؛ إذ أظهر استطلاع داخلي في شركة تقنية: أنَّ 92٪ من الموظفين يوافقون على أنَّ التعلم ممارسة دائمة، وأنَّ 82٪ من المديرين أظهروا تصرفات عقلية النمو، وتعزز عقلية النمو جودة المنظمة؛ وذلك من أجل المصلحة العامة للموظفين الحاليين والمستقبليين؛ فعندما تقع الكوارث في المؤسسات، فإنَّ عقلية النمو تساعد في رؤية التغيير فرصةً للتحسين وليس للتهديد؛ وذلك بناءً على عقلية إيجابية.

الابتعاد عن نهج العقلية الثابتة:

تعيق العقلية الثابتة التقدم، ولكي تزدهر الشركات؛ يجب أن يكون هناك موقف من التعلم المستمر، حتى عند حدوث الإخفاق؛ وهناك أمور معينة يمكن للمرء القيام بها لتغيير عقليته الثابتة إلى عقلية النمو، وهي:
 أولاً: تخلص من أية أفكار تُشعرك بالنقص وانعدام الأهلية، فطريقة تفكيرك تحدد أفعالك، لذلك حوِّل تفكيرك إلى نموذج "يمكنني القيام بذلك"، فأنت بحاجة إلى التعرف إلى إمكاناتك وفهم قدراتك، وأنَّه يمكنك تحسينها، ويجب أن تعرف أنَّ المواقف العصيبة فرص للتعلم والنمو وليست تهديداً.

ثانياً: في اللحظة التي تجد فيها نفسك تفكر في عقلية ثابتة مع أفكار سلبية، تحدث مع نفسك لتتذكر قدراتك، وحاول استبدال تلك الأفكار السلبية بأفكار إيجابية كأن تقول: "أعلم أنَّني لست ممتازاً في هذا المجال، لكنَّني سأتعلم كيف أتحسن وأعود أقوى من ذي قبل".

إقرأ أيضاً: ما هي العقلية الثابتة؟ وهل يمكن تغييرها؟

عقلية النمو ظاهرة يجب أن تفكر فيها باستمرار وتغرسها في حياتك اليومية، سواءٌ على الصعيد الشخصي أم العملي، لرؤية نتائج إيجابية؛ فتذكَّر أنَّك في دوامة لا تنتهي من التعلم.

 

المصدر




مقالات مرتبطة