مكونات الذكاء العاطفي

طوَّر عالما النفس بيتر سالوفي (Peter Salovay) وجون ماير (John Mayer) نظرية الذكاء العاطفي (EI) النفسية في أواخر ثمانينات القرن الماضي؛ لكن لم ينتشر هذا المفهوم عالمياً إلا بعد نشرِ عالم النفس دانيال غولمان (Daniel Goleman) لكتاب يحمل العنوان نفسه في عام 1995 ثمَّ تأليفه لباقي السلسلة.



عرَّف كلٌّ من سالوفي (Salovay)، وماير (Mayer) الذكاء العاطفي بأنَّه: "القدرة على فهم العواطف وتقييمها وإثارتها لتساعد المرء على التفكير، وفهم العواطف والمعلومات العاطفية، وتنظيم العواطف تنظيماً مبنيَّاً على التأمُّل من أجل تعزيز النموَّين العاطفي والفكري".

ثمَّ أُجرِي تعديل على هذا التعريف وبُسِّط ليصبح: "القدرة على إدراك العاطفة وإثارتها لتسهيل التوصُّل إلى الأفكار وفهمِ العواطف وتنظيمها لتعزيز النمو الشخصي".

طرح عالم النفس روفين بارون (Reuven Bar-On) تعريفه للذكاء العاطفي الاجتماعي (ESI) في عام 1988، وكان نموذجه يتمثل بمجموعة كبيرة من الكفاءات والمهارات والعوامل المساعدة العاطفية والاجتماعية المترابطة التي تحدِّد مدى فاعلية فهمِنا لأنفسنا والتعبير عنها وفهمِ الآخرين وإيجاد رابط يربطنا بهم، والتكيف مع المتطلبات اليومية.

هناك جدل محتدم حول ماهية الذكاء العاطفي بالضبط بين سالوفي (Salovay) وماير (Mayer) من جهة، وبارون (Bar- On) من جهة ثانية؛ فقد كان مفهوم الذكاء العاطفي لكلٍّ من سالوفي (Salovay) وماير (Mayer) في الأصل يلبي معايير الذكاء الجديد على الرغم من أنَّهما وصفاه أيضاً بأنَّه نموذجٌ للقدرة؛ كما وُصِف بنموذج للسمات ونموذج مشترك، وهناك معايير نفسية لكل منها ولكن من المقبول عموماً أن يقيس كلٌّ منهما أشياء مختلفة.

هناك أيضاً جدل محتدم حول إيجابيات وسلبيات كلِّ نموذج مقارنة بنموذج سالوفي (Salovay)، وماير (Mayer) للقدرة والذي أثنى عليه الأكاديميون؛ ولكنَّه انتُقِد بسبب الافتقار إلى المظهر الواضح والمؤشرات الموثوقة في مكان العمل، ورَفض قسمٌ من الأكاديميين نموذج غولمان (Goleman) المختلط وعدُّوه "علم نفس رائج"، كما تعرَّض نموذج بارون (Bar-On) لانتقادات لكونه شاملاً جداً ومتداخلاً مع نموذجي الشخصية والكفاءة.

إقرأ أيضاً: الذكاء العقلي (IQ) والذكاء العاطفي (EQ)

يعود السبب في شعبية نموذج غولمان (Goleman) إلى سهولة فِهمه من جهة، ووصفِه لمجموعة من المهارات والقدرات الواعية المتاحة للتطوير والتحسين على أرض الواقع من جهة ثانية، ويصف غولمان (Goleman) خمس مكونات رئيسة للذكاء العاطفي وهي:

1. الوعي الذاتي:

هو القدرة على إدراك الحالة المزاجية، والعواطف، والدوافع الشخصية، وفهمها، وتأثيرها في الذات والآخرين، ويستند الوعي الذاتي إلى قدرة الفرد على مراقبة حالته العاطفية وتحديد العواطف التي يشعر بها وتسميتها بدقة.

يُعدُّ تطوير هذه القدرة أمراً ضرورياً لإجراء تقييم ذاتي واقعي وتعزيز الثقة بالنفس والقدرة على التخفيف من الجدية في التعامل.

شاهد بالفديو: 6 عادات يومية لتنمية الذكاء العاطفي

2. التنظيم الذاتي:

هو القدرة على التحكم في الانفعالات وردود الفعل العاطفية الشديدة والحالات المزاجية أو إعادة توجيهها، كما ينطوي على القدرة على تعليق الحُكم وتأخير التصرفات لإتاحة الوقت للتفكير، فمِن وجهة نظرِ علم الأعصاب، تستطيع ملاحظة وجود هذه المهارة أو عدمها باستمرار من خلال مراقبة المرات التي تَحدث فيها استجابة.

على سبيل المثال: إذا كان العميل الغاضب متحفزاً وجاهزاً للرد على كلِّ ما تقوله، فعلى الأغلب هو لا يتمعن فيما يُقال له، حيث يُظهر دوماً الذين يتمتعون بهذه القدرة المصداقية والنزاهة والأريحية إلى جانب الغموض وتقبُّل التغيير.

3. التحفيز الذاتي:

كثيراً ما نرى التحفيز الذاتي موجوداً لدى العاملين في مجال الرعاية الصحية، حيث يتعلق التحفيز الذاتي بالعمل الذي توجهه الرؤيا النابعة من داخل الإنسان لتحديد الأمور الهامة ولأجل تحقيق هذه الرؤية، كما ينطوي على الفضول ورغبة في التعلم والتطوير، وهو دافع يتجاوز المكافآت الخارجية مثل: المال أو المكانة.

غالباً ما يكون هناك دافع قوي للإنجاز، ولا بُدَّ من التفاؤل حتى لو تعرضنا للفشل وكانت التزامات العمل تقض مضجعنا، كما قد نعرِّض أنفسنا للمشكلات إن شعرنا بحاجة إلى تحقيق الكمال.

إقرأ أيضاً: كيف أحمي نفسي من الابتزاز العاطفي؟

4. التعاطف:

يتعلق التعاطف بالقدرة على فهم التكوين العاطفي للآخرين ومعاملة الناس استناداً إلى ردود أفعالهم العاطفية، كما يتضمن مهارات بناء العلاقات والحفاظ عليها مع الأشخاص الذين نتعامل بصورة دائمة.

على الرغم من كون التعاطف أحد أساسيات المهن الخدمية، إلا أنَّه يمكِن أن يكون أقل تطوراً نوعاً ما عند المنعزلين والذين تلقَّوا تدريباً علمياً مكثفاً وتنافسياً؛ فغالباً وليس دائماً ما يرتبط التعاطف بالرأفة، ولكن يمكِن تسخيره في الخير والشر.

إقرأ أيضاً: 3 ممارسات تأملية تُعزِّز التعاطف

5. المهارات الاجتماعية:

تشمل القدرة على إدارة العلاقات، وبناء الشبكات الاجتماعية، وإيجاد أرضية مشتركة، وتحقيق الوئام، وتَظهر فائدتها غالباً عند قيادة التغيير والإقناع واكتساب الخبرة وتوجيه الفِرَق نحو الأداء العالي.

صحيح أنَّ الذكاء العاطفي معقَّد ولا زال موضع خلاف؛ لكنَّه يعكس مجموعةً جوهرية من الكفاءات اللازمة للعاملين في مجال الرعاية الصحية.

ويظلُّ التعليم في هذا المجال أساسياً للنجاح المهني؛ ولكنَّه قد يكون الأداة التي تُحقِّق النجاح في ظل العالم المتسارع الذي يفرض تحديات جديدة.

شاهد: مكونات الذكاء العاطفي

المصدر




مقالات مرتبطة