مشروب المتة: كل ما تريد معرفته عنها

لكل بلد عاداته وتقاليده وموروثه الشعبي والاجتماعي، وكل منطقة تتميز بمأكولات ومشروبات وأطباق تمنحها خصوصيةً جماليةً وهويةً خاصة عن باقي المناطق الأخرى، ولعلَّ شعوب الساحل العربي عامةً والسوري خاصةً قد تميزت بمشروب غني عن التعريف ألا وهو المتة، وتُعَدُّ المتة سبباً رئيساً لكثير من الاجتماعات وجلسات السمر والأحاديث وبناء علاقات صداقة بين الأشخاص، كما تُعَدُّ رمزاً لكرم الضيافة وفن الإتيكيت الشعبي، فقديماً كانت تُستخدم لتبادل السلع التجارية وفي الطقوس الدينية.



ما هو تاريخ ظهور المتة؟

تشير الدراسات التاريخية إلى أنَّ السوريين وصلوا إلى الأرجنتين في الفترة الزمنية الممتدة ما بين 1850 و1860 ميلادية، وعندها وقع السوريون بحب المتة وأدمنوا شربها ونقلوها إلى بلادهم، ودخلت المتة في تقاليد الشعب السوري وامتزجت مع طقوسهم وعاداتهم، وتلاحقت بعدها الهجرات السكانية من سوريا ولبنان إلى أمريكا في الفترة الزمنية الممتدة ما بين الأعوام 1860 و1912 ميلادية، وقد ساهم ضعف الدولة العثمانية وتفككها وانهيارها، وتعاقب الأزمات الاقتصادية وحدوث ظاهرة الجفاف والفقر في زيادة عدد المهاجرين.

ما هي الفوائد الطبية التي تحققها المتة؟

  1. تنشط العضلة القلبية والجملة العصبية.
  2. تفيد في التخلص من آلام الصداع.
  3. تزيد من طاقة العمال والرياضيين واللاعبين على التحمل.
  4. تُحسِّن وتُسهِّل عملية هضم الغذاء.
  5. تساعد على خسارة الوزن بشكل كبير؛ وذلك لأنَّها تمنح الشعور بفقدان الشهية نحو الطعام.
  6. تعمل مدراً للبول.
  7. علاج لما يسمى بالرمال البولية أو الحصى البولية.
  8. تخفف من حدة آلام الحوض والإحساس بانتفاخ البطن في أثناء الدورة الشهرية.
  9. علاج حقيقي وفعال للإصابة بالإنفلونزا.
  10. تسهل عملية تنفس الرئتين وتخفف من الآثار الناتجة عن ضيق أو صعوبة في التنفس.
  11. علاج قوي وفعال ضد التقرحات.
  12. تساهم في نضارة وحيوية البشرة.
  13. يقلل زيت المتة من السيلوليت، ويمنع ظهور علامات تمدد وانتفاخ جلد البطن في أثناء فترة الحمل عند المرأة، كما يمنح البشرة بريقاً ونضارةً من جديد.
  14. تحد من تساقط الشعر، وتمنح الشعر بريقاً وحيويةً، وتعيد للشعر لونه الطبيعي الحيوي.
إقرأ أيضاً: 10 مشروبات تناولها قبل النوم لتتخلَّص من وزنك الزائد

ما هي الأضرار التي تسببها أو تحدثها المتة بالنسبة إلى الرجال والنساء؟

  1. إنَّ الإفراط في شرب المتة من المحتمل أن يزيد خطر إصابة المرأة أو الرجل بسرطان الرئة والمعدة والحنجرة والمثانة.
  2. يحذر الأطباء من خطر شرب المتة بشكل مفرط من قِبل المرأة الحامل أو المرأة المرضع؛ لأنَّه يؤثر تأثيراً سلبياً ومباشراً في صحة ونمو الجنين خلال فترة الحمل عند المرأة. ذكر الطب الحديث أنَّ مصدر الخطر هو أنَّ الكافيين الموجود في المتة يعبر غشاء المشيمة ويصل إلى دم الجنين، وزيادة الكافيين تؤدي إلى زيادة العبور وتظهر عند الجنين أعراض سحب الكافيين بعد الولادة، كما أنَّ زيادة نسبة الكافيين الناتج عن تناول المتة يزيد من خطر تعرض المرأة الحامل لحدوث الولادة المبكرة أو لخطر الإجهاض أو ولادة طفل خفيف الوزن.
  3. إنَّ شرب المتة بشكل مفرط ومبالغ فيه يزيد من خطر إصابة النساء بهشاشة العظام.
  4. إنَّ الإكثار من شرب المتة الغنية بالكافيين يزيد من الأرق وفقدان القدرة على النوم والتوتر العصبي، ويؤدي إلى الشعور بالغثيان والحاجة إلى التقيؤ، ويزيد من معدل نبضات القلب ومعدل التنفس لدى الإنسان، وقد يؤدي إلى حدوث ارتفاع في ضغط الدم، ونوبات الصداع المتكرر، كما يسبب طنيناً مزعجاً في الأذن قد يؤثر في السمع.

شاهد بالفيديو: 6 نصائح للتخلص من سيطرة الكافيين على جسدك

كيف تُصنع المتة؟

في الحقيقة، تباع المتة في البرازيل ضمن أكياس كالشاي مثلاً، ويتم بيعها ووضعها بالشكل الطليق؛ أي جافة دون أكياس حافظة، ويتم تقديمها في المقاهي بنكهةٍ محلية إما حارة أو مجمدة ممزوجة مع عصير الفاكهة اللذيذ أو مع شراب الحليب المفيد والغني جداً.

وتُباع المتة في الأرجنتين والأورغواي أيضاً ضمن أكياس كالشاي، ويتم شربها بطريقة مماثلة للشاي تماماً، أما في الباراغواي فتشرب كشراب بارد.

أما في بلادنا؛ فتُعَدُّ المتة من المشروبات الحارة جداً، ويتم وضع ثلاث ملاعق أو أربعة من المتة الجافة ضمن ما يسمى الجوزة أو الكأس، ويتم غسلها بالماء البارد وتسمى هذه بعملية النقع، وتوضع بعدها كمية من السكر حسب ذوق ورغبة الشخص، ثم يُسكب الماء الساخن بعناية وحذر فوق الجوزة أو الكأس، ولا يجوز أن ترتفع درجة حرارة الماء الساخن عن الحرارة 85 درجة مئوية؛ لأنَّه في حال ارتفعت، تفسد المتة من أول مرة وتصبح غير صالحة للشرب، ثم يُغمس الرأس المثقب أو ما يسمى المصاصة في قاع الجوزة أو الكأس بشرط أن يخترق المتة دون أن يحركها، ثم يبدأ الشخص بالشرب، وبعد عدَّة مرات من الشرب وتذوق المتة يختفي طعم ومذاق المتة الذي كان قوياً في البداية، فيشعر الشخص وكأنَّه يشرب ماء مع نكهة خفيفة.

حين تبدأ مناسبة جماعية أو ما يسمى بحفلات المتة يتناوب ثلاثة أشخاص أو أكثر على الشرب من جوزة واحدة أو كأس واحدة باستخدام مصاصة واحدة كما هو الحال في جبل العرب، أو يمكن أن يكون لكل شخص جوزة ومصاصة أو كأس ومصاصة خاصتان به كما يحدث في أغلب المناطق السورية واللبنانية، لكن في أغلب مناطقنا تمت الاستعاضة عن الجوزة بكأس يشبه كأس الشاي الصغير.

إقرأ أيضاً: 10 فوائد صحية تجعل المتّة أفضل من القهوة

نصائح لكيفية شرب المتة والاستمتاع بمذاقها وطعمها:

  1. سخِّن الماء بشكل تدريجي وعلى نار هادئة قليلاً حتى تبلغ درجة الحرارة 75 درجة مئوية، وفي حال كان الماء ساخناً بدرجة كبيرة، عندها ستفسد المتة وينقلب طعمها إلى مر قابض قبيح المذاق وغير مستساغ، وقد تصبح بلا طعم وهذا دليل على أنَّ وريقات نبات المتة تم حرقها بالكامل وبحاجة إلى تغيير من جديد.
  2. لا تغمر كل أوراق المتة في الماء دفعةً واحدةً، فعندما يتصاعد ركام أو جبل المتة نحو سطح الماء في الكأس فإنَّه يستمر بتغذية الأوراق الجديدة لفترة أطول.
  3. حافظ على درجة حرارة الماء عند صب المتة، حتى لا تفقد المتة خواصها وطعمها ومذاقها ومدى قابليتها للشرب؛ لذا ينبغي أن نستمر بتسخين الماء على نار هادئة بعض الشيء.
  4. لا تكثر من تحريك المصاصة حتى لا تغمر أوراق المتة بالكامل ضمن الكأس؛ وهذا يؤدي إلى اختفاء طعم المتة من جديد.
  5. استخدم كأساً ذات سطح واسع وعميق يتسع لأكبر عدد ممكن من الأوراق التي تطفو فوق سطح الماء.
إقرأ أيضاً: 5 مشروبات طبيعيّة تساعد على التخلص من مشكلة عسر الهضم

ما هو سر انتشار المتة؟

لقد جذبت المتة الملايين من البشر وجمعتهم على جلساتٍ اجتماعية لشرب هذا المشروب اللذيذ، فمنظر الماء وهو يراقص وريقات المتة المتجمعة ضمن الكأس الصغير، وكيفية تشكل الرغوة الخضراء على سطح الكأس في أثناء سكب الماء المغلي، هذا الأمر وحده مشهد يريح النفس ويبعث على البهجة والحيوية واستقبال نهار جديد بابتسامة وطاقة جديدة.

لقد دلت الإحصاءات والدراسات والأبحاث العالمية على وجود علاقة حب عاطفية نفسية بين المستهلك والمتة عند أول رشفة أو أول مرة يتم فيها تذوق مشروب المتة، كما عدَّ السكان الأصليون لأمريكا اللاتينية شجرة نبات المتة ذات النوع المعمر؛ أي التي تعيش عمراً طويلاً ودائم الخضرة والاخضرار على أنَّه هدية إلهية ونعمة من السماء.

استُخدم نبات المتة في العصور القديمة في التبادلات التجارية، وكان يمتزج مع طقوس الدين والعبادة والصلاة وتقديم التضحيات أو ما يسمى بالقرابين، وكان سكان أمريكا الأصليون يحملون أوراق نبات المتة في رحلاتهم وسفرهم سواء لمضغ الأوراق أم لشرب منقوعها، وقد تم التوصل لهذه المعلومات أو الأفكار الهامة وفقاً لمؤسسة المتة الوطنية الأرجنتينية.

كما يجدر بنا أن نذكر أنَّ الغزاة من أصل أوروبي كانوا قد تعلموا حب شرب المتة عند وصولهم إلى قارة أمريكا اللاتينية في بداية القرن السادس عشر الميلادي، وهذا ما فعله السكان المهاجرون لقارة أمريكا؛ إذ انتقل إليهم حب شراب المتة والإقبال على تناولها بشكل كبير.

في الختام:

تبقى المتة العنصر اللطيف الذي يجمل حياتنا ويدخل في تركيب مجتمعاتنا ويمتِّن علاقاتنا الأخوية والعاطفية والاجتماعية، ويجمع العشاق على جلسات الحب والسهر وتبادل الأشواق، وعلى الرغم من الأضرار التي تُحدثها المتة بالنسبة إلى الرجال أو النساء تبقى عنصراً جذاباً والإقبال عليها يتزايد يوماً بعد يوم؛ نظراً لأنَّها اكتسبت شعبية كبيرةً وزاد انتشارها في العالم.

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة